تركيا تقتل أهوار العراق.. مخرجات الاتفاقية المائية خارج التنفيذ وتحذيرات من كوارث بيئية
دعوات لإجراءات مشددة
تركيا تقتل أهوار العراق.. مخرجات الاتفاقية المائية خارج التنفيذ وتحذيرات من كوارث بيئية
انفوبلس/..
على الرغم من توقيع العراق، اتفاقية مائية مع تركيا، إلا أن الأخيرة لا تزال تُضيّق الخناق المائي على بلاد الرافدين حتى وصل الحال إلى جفاف أهوار البلاد خاصة مع الارتفاع المتزايد بدرجات الحرارة وقلّة الأمطار بالنسبة للسنوات السابقة، الأمر الذي فاقم الأزمة.
*كارثة بيئية
يحذر النائب عن محافظة ذي قار عادل الركابي، من كارثة بيئية قد تُصيب أهوار العراق في المحافظة بسبب قلة الإطلاقات المائية وبسبب السدود التي تُنشئها تركيا.
وقال الركابي في حديث صحافي، إن “محافظات الوسط والجنوب تعاني من شح المياه بسبب إقامة السدود التركية على نهري دجلة والفرات”.
وأضاف، إن “أشد المحافظات تضرراً من هذه السدود هي محافظة ذي قار، خصوصا الأهوار، التي دخلت على لائحة التراث العالمي”، مشيرا إلى أن “مناطق الأهوار دخلت مرحلة حرجة بسبب قلة الإطلاقات المائية“.
وأشار إلى، أن “محافظة ذي قار مهددة بكارثة في حال بقاء الوضع على ما هو عليه”، مطالبا الحكومة بـ”الإسراع بحل ملف المياه مع تركيا وإطلاق حصص العراق المائية”.
*تركيا لم تطبق الاتفاقية
وكانت لجنة المياه والأهوار البرلمانية، قد كشفت في 12 مايو/ أيار الماضي، عن عدم تطبيق تركيا الاتفاقية بشأن الحصص المائية العادلة، داعية الحكومة إلى استغلال الحكومة مقررات القمة العربية التي عُقدت في المنامة لضمان حصوله على حقوقه المائية من تركيا.
وشدد البيان الختامي للقمة العربية التي عُقدت في العاصمة البحرينية المنامة، في 16 أيار مايو الماضي، على أن الأمن المائي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، خاصة لكل من جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، والتشديد على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل، وكذلك بالنسبة للجمهورية العربية السورية، وجمهورية العراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، والتضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها إلحاق ضرر بمصالحهم المائية.
*الاتفاقية المائية
وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 نيسان أبريل الماضي، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الاولى منذ 13 عاما، فيما وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زيارة اردوغان الى العراق، بأنها “ليست زيارة عابرة”، وستتضمن لأول مرة وضع الحلول بدلا من ترحيل الأزمات، فيما وقّع العراق مع تركيا 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات مختلفة أبرزها اتفاقية إدارة الموارد المائية.
ورغم الترحيب الرسمي، فقد أثارت الاتفاقية غضب خبراء المياه لعدم إنهائها الخلاف حول “محلية” أم “دولية” نهري دجلة والفرات، وعدم الوضوح في تحديد كميات المياه التي سيتم إطلاقها إلى العراق، حيث تعتبر أنقرة نهري دجلة والفرات نهرين محليين تركيين، وليسا نهرين دوليين.
وحذر تقرير صادر عن منظمة اليونسكو، في 1 إبريل نيسان الماضي، بأن يكون العراق مقبل على حرب مياه بحلول العام 2050.
ويوفر العراق نسبة 70 بالمئة من إيراداته المائية من خارج الحدود، حيث تسعى الحكومة إلى التنسيق مع دول أعالي الأنهار بشأن الإيرادات.
ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.
وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع وبالأخص تركيا.
*"ضبابية"
خبير الحدود والمياه الدولية جمال الحلبوسي وصف مذكرة التفاهم المتعلقة بالمياه بين تركيا والعراق بأنها "غير واضحة المعالم وفيها ضبابية كبيرة".
وقد كتبت الاتفاقية- كما يقول الحلبوسي- لتكون :"متناسبة مع ما يسعى إليه الجانب التركي للتهرب من اتفاقية الأنهار والمجاري غير الملاحية، استمرارا منه بأسلوب التعامل الذي اتبعه مع العراق في مسألة المياه منذ العام 2003 ".
ويشير إلى افتقاد الاتفاقية إلى نقطة مهمة، وهي "تحديد نسبة أو كمية المياه التي يتم إطلاقها إلى العراق باعتبار تركيا بلد منبع، والعراق بلد مصب، وكلاهما بحاجة إلى أن تكون هناك شراكة فعلية".
الشراكة التي يتحدث عنها الحلبوسي لا تقتصر على المياه التي يتم إطلاقها إلى العراق بل تتضمن" التباحث بشأن إقامة السدود في تركيا والتي تم أغلبها دون إبلاغ العراق أو استشارته أو قياس تأثير إقامتها على البلد".
ويضيف الحلبوسي: "بموجب الاتفاقية فإن البلدين اتفقا على أن تكون هناك قاعدة بيانات بين الطرفين ولجان للعمل".
ويرى أن العراق "لن يكون قادراً على مناقشة الجانب التركي الذي يمتلك جميع البيانات الخاصة باستخدامات المياه في العراق، ويتحدث عن وجود إسراف عراقي وإساءة استخدام المياه. بالإضافة إلى معلومات غير صحيحة عن وجود مياه عذبة تذهب باتجاه البحر".
وفي معرض إجابته عن سؤال يتعلق بمعنى "الحصة العادلة من المياه" التي جاءت في الاتفاقية، قال الحلبوسي: "ما يحصل على أرض الواقع هو قيام العراق بإرسال احتياجاته من المياه وخطته الزراعية إلى تركيا، وعند ذلك يتم إرسال كميات من المياه عبر نهري دجلة والفرات بحسب قناعة دولة المصب".
وبشكل عام، كما يقول، "يحتاج العراق سنويا ما بين 42-50 مليار متر مكعب لدعم الخطة الزراعية مع الأخذ بنظر الاعتبار التصحر والتبخر وقلة المياه الجوفية التي تستهلك الكثير من تلك الكميات سنوياً".
ويضيف الحلبوسي: "لا يمتلك العراق قوة يمكن أن نلزم من خلالها الأتراك لتكون ورقة ضغط لإنهاء ملف المياه بين البلدين، خصوصاً وأن الاتفاقية غير ملزمة لتحديد حصة معينة، وهو ما لم نتمكن خلال عقود من تحقيقه".