تضاهي حفلات الخطوبة والزواج!.. ماذا تعرف عن حفلات الطلاق في العراق؟
انفوبلس/..
انتشرت في الآونة الأخيرة حفلات الطلاق في العراق، وهي ظاهرة قد تبدو جديدة في المجتمع العربي والعراقي على وجه الخصوص، إلا أنها أصبحت ركنًا يضاهي حفلات الخطوبة والزواج تقريبًا، إذ يجتمع أهل المطلقة وصديقاتها برفقة الموسيقى مع توزيع الحلوى والأطعمة على الحضور بمناسبة الطلاق.
سجل العراق خلال شهر واحد من العام 2022 ما يقرب على 5 آلاف حالة طلاق
ويشهد العراق، خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاعًا لمعدلات الطلاق، فيما تعددت الأسباب بين الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وفقًا لمراقبين تحدثوا عن خطورة الظاهرة، خصوصًا مع استمرار زواج القاصرات الذي يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان.
وسجل العراق خلال شهر تموز/يوليو الماضي 4827 حالة طلاق، وهي أرقام صادمة تكشف عن وجود 160 حالة طلاق في اليوم وأكثر من 6 حالات في الساعة الواحدة، مقابل 20949 حالة زواج في الشهر نفسه.
قصة حفل طلاق
وتقول إحدى الفتيات التي أقامت حفلة بمناسبة طلاقها، إنّ الحياة التي كانت تعيشها "صعبة جدًا"، مشيرة إلى أنها كانت تعنف من قبل زواجها بشكل مستمر؛ مما سبب لها أزمة نفسية حادة جراء الحياة الزوجية هذه وأنها كانت تفضل الانفصال بأسرع وقت ممكن.
وتشير الفتاة وهي من سكنة العاصمة بغداد، إلى أنها رفعت دعوى قضائية ضد زوجها "خلع"، لكنّ المحاكم رفضت قبولها رغم وجود العديد من التقارير الطبية التي تؤكد إصابة جسمها بكدمات ناتجة عن تعنيف زوجها.
وتابعت الفتاة، التي رفضت الكشف عن اسمها لأسباب اجتماعية، أنّ "زوجها وافق على الطلاق بشروط أبرزها التنازل عن مؤخرها وترك كافة المجوهرات التي اشتراها لها خلال فترة الخطوبة، مبينةً "قبلت جميع هذه الشروط من أجل الخلاص من العذاب".
وبالتالي، أنّ إقامة أي حفل بهذه المناسبة يمثل انتهاءً للمعاناة التي كنت أعيشها، والكلام للفتاة البالغة من العمر 25 عامًا، مستطردة بالقول إنّ "القانون العراقي يفتقر إلى قانون التعنيف الأسري الذي يعد أبرز أسباب الطلاق في العراق".
المادة 41 من قانون العقوبات العراقي، تتحدث عن التعنيف الأسري بالقول إنّ "لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالًا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالًا للحق، تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين، ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعًا أو قانونًا أو عرفًا".
أسباب ازدياد الظاهرة
ولا يزال المجتمع العراقي ينظر إلى المرأة المطلقة نظرة مختلفة، لكن تغير الأمر نسبيًا لوجود مطلقات أكثر من ذي قبل، خصوصًا مع ارتفاع ظاهرة الطلاق بشكل صادم خلال السنوات الماضية، بحسب مراقبين ومختصين اجتماعيين.
وتقول الباحثة الاجتماعية شهرزاد العبدلي، في حديث صحفي، إنّ "هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء ازدياد حالات الطلاق في العراق أبرزها الحروب التي ولدت أزمات اقتصادية اكتسحت البلاد على مدار سنوات طوال منذ ثمانينيات القرن الماضي".
وبحسب العبدلي، فإنّ "ظاهرة حفلات الطلاق تكون في الطبقات الراقية من المجتمع وهي تدخل ضمن التقاليد المكتسبة حديثًا جراء التطور التكنولوجي والتأثر في المجتمع الغربي على وجه التحديد".
وتضيف الباحثة الاجتماعية، أنّ "المطلقة تحاول إثبات عدم الاكتراث لمسألة الطلاق من خلال إقامة هذه الحفلات، وبهدف كسر الحالة المجتمعية التي تنظر إلى المطلقة بصورة مختلفة عما كانت مع زوجها، وهذه الحفلات تدخل ضمن التحدي للكسر الذي تعانيه النساء المطلقات عمومًا".
وتختم العبدلي، حديثها بالقول إنّ "الحكومة مطالبة بمعالجة قضية الطلاق بأسرع وقت ممكن، كون أن أبرز الأسباب تأتي بسبب الحالة الاقتصادية التي تعاني منها العائلة، من خلال توفير سكن للمتزوجين الجدد والقضاء على البطالة بالنسبة للخريجين".
"ترند الحفلات"
إلى ذلك، ترى بسمة عادل، وهي تتحدث عن حفلة طلاق إقامتها صديقتها في العاصمة بغداد أيضًا، أنّ "الأخيرة أقامت الحفل بسبب انتشار الظاهرة كترند، وهي لم تعاني من تعنيف أو مشكلات عائلية كبيرة مع زوجها قبل الانفصال".
وتقول بسمة، خلال حديثها، إنّ "هذه الحفلات تأتي تحديًا للمجتمع العراقي الذي يرى المرأة المطلقة بنظرة معيبة أو غير مقبولة، رغم أن الطلاق ظاهرة طبيعية ومنتشرة في جميع بلدان العالم، وحتى الدين لم يحرمه".
وتشجع بسمة على انتشار حفلات الطلاق في العراق كونها الطريقة الوحيدة لإجبار المجتمع على تقبل المطلقة بشكل طبيعي، فيما تؤكد أنّ "هذه الحفلات يجب أن لا تخرج عن التقاليد المجتمعية كي لا تصبح ظاهرة غير إيجابية قد تؤثر سلبًا على النساء".
رأى باحثون أنّ حفلات الطلاق تهدف إلى كسر الحالة المجتمعية التي تنظر إلى المطلقة بصورة مختلفة عما كانت مع زوجها
في حين يرفض العديد من العائلات إقامة هذه الحفلات، بحجة أنها "ظاهرة سلبية وتنافي العادات والتقاليد العراقية تحديدًا"، معتبرين أنها ظاهرة مكتسبة من "المجتمع الغربي".
ويقول محمد سمير، وهو مطلق، إنّ "هذه الحفلات تحمل إساءة مباشرة للطرفين، وتعتبر إهانة لمؤسسة الزواج"، مضيفًا أنّ "هذه الظاهرة الدخيلة ليس لها أي فوائد على صعيد المجتمع، وإنما تشجع على الطلاق ولا تحارب الطلاق نفسه الذي بات ينتشر في العراق بشكل كبير".