تعرف على القصة الكاملة.. تفاصيل مقتل الصحفي ليث محمد رضا بمشاجرة في العرصات.. هل السلاح المرخص منفلت أيضاً؟

انفوبلس..
بالتزامن مع وقت إفطار يوم أمس، أفاد مصدر أمني، بمقتل الصحفي "ليث محمد رضا" برصاص سلاح مسدس وسط العاصمة لينتشر بعد ذلك مقطع فيديو صادم للمشاجرة التي أدت للحادثة التي رافقتها انتقادات واسعة لانتشار السلاح بيد فئات غير مؤهلة لحمله، فما القصة الكاملة؟
تفاصيل الحادثة
وأبلغ المصدر، أن "مشاجرة بين الصحفي ليث محمد رضا الذي يعمل في شبكة الإعلام العراقي مع شخص آخر تطورت إلى إطلاق النار على رضا ومقتله على الفور في منطقة العرصات ببغداد".
وأضاف، أنه "في الساعة السادسة من مساء الأربعاء، قام المدعو (علاء وليد مالك التميمي) بالمشاجرة وإطلاق النار على الصحفي (ليث محمد رضا كاظم) الذي يعمل موظفًا بقناة العراقية، في العرصات بمنطقة الكرادة وسط بغداد"، مشيرًا الى أن "طرفي المشاجرة يسكنان ضمن المنطقة".
وأشار إلى أن "القاتل يعتقد أنه من حماية أحد نواب حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي".
وأضاف، أنه "تم نقل الصحفي إلى مستشفى الشيخ زايد حيث فارق الحياة هناك، فيما لاذَ الجاني بالفرار الى جهة مجهولة وهو يستقل مركبة نوع (جي كلاس) سوداء اللون".
عمل ليث محمد رضا في الصحافة لأكثر من عقد، وكان محرراً اقتصادياً في صحف مثل "طريق الشعب" و"العالم"، كما التحق بـشبكة الإعلام العراقي منذ عام 2013.
عُرف ليث في الوسط الصحفي بكونه "الولد المؤدب" الذي لا يقاطع أحداً، ويحترم الجميع، إذ كان يخاطب الكبير والصغير بكلمة "أستاذ".
وفي مساء أمس، أكد قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد خليفة التميمي، المباشرة بإجراءات ملاحقة قاتل الصحفي الزميل ليث محمد رضا بواسطة فريق أمني
الشبكة وقبيلة السواعد
وفي صباح اليوم، أعلن رئيس شبكة الإعلام العراقي كريم حمادي أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني متابع شخصياً لحادثة استشهاد الزميل ليث محمد رضا، وقال خلال مراسيم التشييع: "نعزي أنفسنا وعائلة الفقيد وقبيلته الكريمة باستشهاد الصحفي ليث محمد رضا"، مبيناً أن "الشهيد ليث محمد رضا هو الأخ والزميل والصديق الهادئ الوديع والنقي والطيب الذي استشهد صائماً بنهار رمضان".
وأضاف: "كل التقدير والاحترام لقبيلة السواعد وموقفها الهادئ الذي يتزن بضوابط الدولة العراقية"، لافتاً الى أن "شبكة الإعلام العراقي استنفرت كل قواها وتواصلت مع جميع الجهات المعنية التي أصدرت بيانات التعازي والاستنكار بالحادث".
وأكد أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مهتم شخصياً بهذا الحادث واتصل بالشبكة عن طريق مدير مكتبه الإعلامي، وتعهد باتخاذ جميع الإجراءات القانونية بحق القاتل وألا يضيع دم الشهيد ليث محمد رضا".
فيما قال أحد وجهاء قبيلة السواعد يوسف الساعدي: "باسمي واسم قبيلة السواعد، نتقدم بالشكر لشبكة الإعلام العراقي وعلى رأسها رئيس الشبكة كريم حمادي والموظفين في الشبكة"، مبيناً أن "الشهيد ليث محمد رضا هو ابن شبكة الإعلام العراقي".
وأضاف أن "قبيلة السواعد ملتزمة، ولم تتخذ أي تصرف عشائري، وننتظر الإجراءات القانونية"، داعياً "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزير الداخلية عبد الأمير الشمري بالتدخل شخصياً بشأن قاتل الصحفي ليث محمد رضا".
وذكر أن "قبيلة السواعد منحت هدنة للساعة 12 ليلاً بعد منتصف ليلة اليوم لتسليم القاتل"، لافتاً الى أن "هناك أنباءً عن محاولات لتهريب القاتل خارج العراق".
شهادة من ذوي الضحية
وكشف ذوو المغدور أن القاتل حتى الآن لم يتم إلقاء القبض عليه، وقال أحدهم إن الخلاف لم ينشب مع القاتل بشكل مباشر وإنما مع شباب من جيرانه يستقلون دراجة نارية ويقومون بعملية "التفحيط" أمام دار المجني عليه والذي طلب منهم المغدور ليث عدم إزعاج الجيران.
وأضاف، إن "صاحب الجي كلاس" الجاني، قام بالاعتراض على ليث والغلط عليه مما أصبحت مشاجرة وصاحب سيارة "الجي كلاس" كان ماراً بالطريق ولم تكن المشكلة معه.
وأوضح، أن القاتل يبدو متمرسا وقام بالإصرار على قتله ورافق العملية إزالة أرقام السيارة من قبل أحد الأشخاص المتواجدين في الحادث، مبينا أن القاتل موجود في منطقة زيونة والمنطقة محاصرة ولكن لم يُلقَ القبض عليه الى الآن.
السبب الطبي للوفاة
كشف مدير قسم فحص الأموات في دائرة الطب العدلي، الدكتور عبد الوهاب عصام، عن تفاصيل تشريح جثة الصحفي المغدور.
وقال عصام، إن "السبب الرئيسي للوفاة هي الإطلاقة التي اخترقت الكتف الأيمن للمجنى عليه باتجاه القلب".
وأضاف، إن "الإطلاقة مزّقت كل الأعضاء التي كانت في طريقها "البنكرياس والرئتين والقلب"، مشيرا الى أنه "لا توجد أي إطلاقات في الرأس، والدم الذي خرج من أنف الضحية هو حالة طبيعية".
وتابع، إن "هناك أيضاً إطلاقة اخترقت عظم الساق للمجنى عليه مما تسببت بانقسام العظم".
توضيح من الشرطة
كما أصدرت قيادة شرطة بغداد الرصافة، توضيحا بشأن الحادثة، وقالت في بيان إن "بعض مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أنباء بشأن عملية اغتيال طالت أحد العاملين في وكالة الأنباء العراقية بمنطقة الكرادة في العاصمة بغداد".
وأضافت، إنه "في الوقت الذي نعزي فيه ذوي ومحبّي الفقيد، نبين أن الحادث ليس عملية اغتيال إنما كان بسبب مشاجرة حصلت بين المجني عليه الصحفي (ليث محمد رضا) وجيرانه".
وأكدت، أنها "تجري الآن عملية بحث وتفتيش لإلقاء القبض على الجاني"، داعية الى "توخي الدقة في نقل المعلومات ومعرفة الأخبار من مصادرها الرسمية حصرا".
دائرة واسعة لإجازات السلاح
ووفقا لتحليل مراقبين، فإن حادثة مقتل الصحفي والباحث الاقتصادي ليث محمد رضا، لم تكن كغيرها من الحوادث اليومية المشابهة التي يكون للسلاح فيها الصوت الأعلى، فالضحية هو ابن الأسرة الصحفية، وكانت الأخبار التي تُكتب عنه من قبل الصحفيين، تخرج من أنامل وأذهان وقلوب تعرف الضحية جيدًا، ودماثة خلقه وتميزه وانفراده بمجاله كصحفي اقتصادي ومتحدث فصيح اللسان وطالب يعمل على أطروحته للدكتوراه، لذلك لم يكن مجرد خبر تتم تغطيته بمشاعر مجردة.
وأضافوا، إنه ليس على الصعيد العاطفي فحسب، بل فتحت حادثة مقتل رضا، النقاش والتفكير عن ثنائية السلاح المتاح للجميع ولاسيما الفئات والشخصيات التي غالبًا ما تكون غير متعلمة ومنغمسة بنشوة الشعور بالسلطة والأموال، بالمقابل، لا يكون السلاح حصة المتعلمين والمثقفين والشخصيات الفريدة التي يكون فقدانها خسارة من نوع ما للمجتمع ولأهله وللبلد حتى، لذلك دائما ما تكون هذه الشخصيات هي ضحية هذا السلاح، الذي قامت وزارة الداخلية بتوسيع الفئات المسموح لها بحمل أو حيازة السلاح، ابتداءً من إضافة 4 فئات جديدة يحق لها حمل السلاح، وليس انتهاءً بتسجيل الأسلحة والسماح لكل منزل بحيازة سلاح خفيف "مسدس أو كلاشنكوف"، دون مراعاة لمدى أهلية حائزي وحاملي السلاح وإمكانية تمتعهم بما يعرف بـ"ضبط النار".
رافقت عملية مقتل أو "استشهاد" ليث محمد رضا، لكونه قتل أثناء دفاعه عن نفسه، الكثير من المعلومات المتضاربة والمتداخلة، بين اغتيال ومشاجرة، وآخرون تحدثوا عن صلة القاتل بشخصيات سياسية، لكن عمومًا فإن المعلومات شبه النهائية، تؤكد أن رضا دخل بمشاجرة مع شخص آخر يسكن في نفس الزقاق نتيجة مروره بالزقاق مسرعاً في عجلته الـ"جي كلاس" ولا تحمل أوراقا مرورية، ودخلوا بنقاش، كما يُظهر مقطع الفيديو الذي وثّق الحادثة.
بعد ذلك، تحولت عملية الملاسنة التي بدأت بين الطرفين أثناء الحديث، ليقوم الجاني بمد يده وضرب الضحية بوجهه، ما دفع الضحية ليث للرد وأقدم على لَكْمِ الجاني بوجهه، ليذهب الآخر ويخرج السلاح "مسدس" من عجلته ويلاحق الضحية الذي تمكن من الاشتباك معه مرة أخرى ومحاولته سحب المسدس من يد الجاني، إلا أن العملية انتهت بإطلاق النار لعدة مرات قبل أن يصيبه بالمرة الأخيرة بينما كان يحاول الضحية الاحتماء بالجدار أو الهرب بعيدا عن "جنون الرصاصات" التي لا تعرف شجاعة.
وتقول المعلومات، إن القاتل هو نجل عائلة ثرية، ووالده تاجر "انتيكات" كبير ومعروف ببغداد، لكنه لديه علاقات واسعة مع شخصيات وقوى سياسية مختلفة، بالرغم من خروج تصريحات عن كونه "مستشارا للحلبوسي" وآخرون قالوا إنه مقرب من أحد الفصائل، إلا أن لا معلومات موثقة عن طبيعة الصلة التي تربط والد القاتل بالسياسة، سوى أنه صديق للعديد من الشخصيات السياسية.