تعرّف على تاريخه ومواقفه.. عبد الملك السعدي يهاجم الكسنزانية والأخيرة تصفه بـ"المعتوه" والسبب: محرم الحرام
انفوبلس..
مع بداية شهر محرم الحرام، وكما جرت العادة من كل عام، تخرج العديد من أصوات النشاز التي تحاول الانتقاص من حرمة هذا الشهر الفضيل، وهذه المرة أعاد رجل الدين السُني المتطرف، عبد الملك السعدي، نشر فتاواه الخاصة بمحرم الحرام والتي تُجرده من أي ميزة وتنتقص من طقوسه والقائمين بها ليستفز ذلك أتباع الطريقة الصوفية الكسنزانية التي وصفه بالمعتوه ليرد ببيان يصفها بجماعة منحرفة ويحذر الناس منها، فكيف بدأ الخلاف؟ وما هو تاريخ السعدي؟
بداية الخلاف
في سلسلة منشورات على صفحته في موقع "فيسبوك"، نشر عبد الملك السعدي "بعض الفتاوى حول شهر محرم الحرام وما يقترن به من عادات وأمور عبادية"، وفي أحدها ذكر وجوب صيام يومي التاسع والعاشر منه، واعتبر صيام سواها "بدعة" ليستفز ذلك الكسنزانية التي صام أتباعها اليوم الأول من شهر محرم الحرام.
ويوم الخميس الماضي، اصدرت الطريقة العلية القادرية الكسنزانية، بيانا غاضبا وبَّخت فيه عبد الملك السعدي بعد أن تحدث بطريقة مسيئة بشأن صيام الكسنزانية الأول من شهر محرم الحرام.
وذكرت الكسنزانية في بيان، أنه "ظهر في الفيسبوك على صفحة المعتوه محمد عبد الملك السعدي ازدراء وإنكار على صيام مُريدي الطريقة العلية القادرية الكسنزانية يوم الأول من شهر محرم الحرام، ووصف ذلك بأنه تمزيق للدين وابتداع شنيع، وما عَلِمَ المسكين أنه قد فضح نفسه بنفسه، وأظهر سوأته وجهله أمام الناس في مسلّماتِ الأمور الدينية، والمعلوم منها بالضرورة".
وأضافت، "إن عموم الأدلة تدل على مشروعية صيام الأول من شهر محرم الحرام، فقذ ثبت عن النبيّ صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم الترغيب في الإكثار من صوم المحرم حيث قالَ صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم: (أفضل الصيام بعد الفريضة شهرُ الله الذي تُسمّونه المحرم) أخرجه مسلم في صحيحه؛ وكذلكَ جاءَ عن النبيّ صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم أنه: (كانَ يصوم ثلاثة أيام من أول كل شهر، فكان يصوم السبت والأحد والإثنين من شهر، والثلاثاء والأربعاء والخميس من شهر) رواهُ الترمذي، وقالَ حديث حسن، فمن صامً أول المحرم على هذا الوجه فهذا فِعل حسن. ويُضاف إلى ما تقدّم أنّ صيامَ يوم الأول من شهر المحرم أمرنا به سماحة الإمام السلطان الخليفة محمد المحمد الكسنزان الحسيني (قدست أسراره) في تسعينياتِ القرن الماضي وحال صيام هذا اليوم في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية كحال بقية الأورادٍ والأذكار والواجبات في منهج الطريقة الواجبة على المريدين ومَعلومٌ أنّ الأوراد في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية هي خلاصة وثمرة وزبدة مُجاهدات مشايخ الطريقة (قدست أسرارهم) التي يَمنحُها الله سبحانه وتعالى أولياءَهُ العارفين الكاملينَ وهي من اللطائف والمَواهب التي يَهِبها الله إِيَاهُم ويندرج هذا تحت علم المَدد الذي حَباهُمْ الله سبحانه وتعالى، وعلم المدد هو أعلى درجات التلقي، وهو نور يقدح في القلب شعاعه ويَنكشِفُ به عن القلب قناعه".
وتابعت: "لذا نهيب بِكُلّ أبناء الطريقة العلية القادرية الكسنزانية من خلفاء ومُرشدين ومريدين ومحبين وأتباع أنْ لا يلتفتوا إلى مُسَوقي هذه التُرّهاتِ الصادرة منْ أناس مَلأ الغيظ والحقدُ وَالحَسَدُ قلوبهم إذ وصفَهُم الله سبحانه وتعالى بقوله: (وإذا لقُوكُمْ قالوا آمَنَا وإذا خلوا عَضُوا عَليْكُمُ الأنامل مِنَ الغيْظِ قل مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إنَّ الله عَلِيمٌ بذات الصُدُور)".
بيان السعدي
وبعد أن أصدرت الطريقة العلية القادرية الكسنزانية، بيانها الغاضب من السعدي، حذر الاخير، أهل الأنبار والمحافظات الشمالية من "جماعة منحرفة" دخلت المساجد، على حد قوله.
وقال السعدي في بيانه: "أوجه ندائي إلى أبناء محافظتي ومحافظات الوسط والشمال وفي مقدمتهم علماء الدين وشيوخ العشائر والسياسيين، بالتمسك بالمنهج الأصيل العريق الذي كنتم عليه قبل احتلال العراق وعلى مدى قرون من الزمن، وهو منهجُ علمائكم الذين نهلتم منهم والذي ورثوه بالسند المتواتر جيلا بعد جيل من لدن القرون الهجرية الخيرية الأولى وإلى يومنا هذا، وهو منهج السنة الذي حُفظ ونُقل بواسطة المذاهب السنية الأربعة فقها وعقيدةً وسلوكا.
وقد حاول الاحتلال الانكليزي في حينه تغيير هذا المنهج؛ لأنهم يعلمون جيدا أنه هو الإسلام الصحيح؛ لكن سرعان ما عاد العراقيون إلى الأصل والحمد لله، وها هو التاريخ يعيد نفسه بجهود أكبر؛ حيث جاء الاحتلال الأمريكي وأتى معه كل شر؛ ليغير على العراقيين عراقهم وهويتهم، وأهمها تغيير الدين؛ فجعل البلد ساحةً مفتوحةً تتلاطم فيه أمواج الأفكار المنحرفة دون رقيب وحسيب، من إلحاد، وعلمانية، وغيرهما.
ومن ذلك: جماعات التكفير والتبديع والتضليل التي تتستر بستار السنة والسلف.
ومنها: طرق منحرفة تدعي التصوف ولا تمت إلى التصوف بصلة، وتتستر بستار التصوف أو اتباع آل البيت، وتتخذ من ذلك وسيلة لكسب المال والجاه، ومنها ما تقوم بأعمال غير شرعية كالضرب بالسيخ وغيره، والاختلاط والتراقص في الذكر أو الاحتفالات، وابتداع عبادات خاصة كصوم يوم بعينه وقيام ليلة بعينها وترتيب فضل خاص بخصوصه دون تخصيص من الشرع، وغير ذلك.
ومن ذلك: جماعات متطرفة تعادي أهل السنة بذريعة نصرة آل البيت والانتقام لهم، وتسب وتلعن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وللأسف صارت هذه الجماعات بينكم وفي مساجدكم، وانتشارها بهذا التفرق والاختلاف سينفر بعض الناس إلى الإلحاد أو العلمانية، وهذا الذي يُراد لنا، فهم مسنودون مدعومون ماديا ومعنويا من قبل بعض السياسيين وأتباعهم، أو من غيرهم.
وأما أصحاب المنهج الأصيل العريق فلا بواكي لهم، وصاروا مستضعفين يريدون طمسهم، لكن نقول هيهات، سيعود أهل هذا المنهج بقوة من الله؛ بالجهاد بالعلم والقلم والدعوة وبكلمة الحق بإذن الله.
لذا: أحذركم من الاصغاء لهم ومجاملتهم والانجرار والالتحاق بهم وتكثير سوادهم، فتحملون وزركم ووزر من لحق بكم.
وسيأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقائق ثم لا ينفع الندم.
فاصبروا وصابروا وجاهدوا في سبيل الله بكلمة الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا تخافوا في الله لومة لائم، فبصبركم وثباتكم هذا أنتم في جهاد بإذن الله.
وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ) رواه الترمذي.
وأقول لهذه الجماعات: إنه لا مكان لأفكاركم بيننا، فلا مرحبا بها، وعودوا بها من حيث أتت، أو عودوا إلى رشدكم والتحقوا بأهلكم على ما كانوا عليه".
تاريخ الشيخ المتطرف
وُلد عبد الملك السعدي عام 1937 في مدينة هيت بمحافظة الأنبار، لعائلة دينية وقد نذره والده لدراسة الشريعة منذ ولادته، وعندما أتم الثامنة عشر من عمره انتقل إلى الفلوجة لإكمال دراسته الدينية في مدرسة الآصفية المُقامة في الجامع الكبير في المدينة.
في عام 1967 التحق بكلية الإمام الأعظم في بغداد وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، ثم التحق بقسم الدين في كلية الآداب في جامعة بغداد لإكمال مرحلة الماجستير، وعُيِّنَ بعدها مُحاضِراً في كلية الامام الأعظم، وكان من أبرز طلابه خلال فترة تدريسه هو الشيخ المتطرف حارث الضاري.
شقيقه الشيخ عبد الرزاق السعدي المشهور بمدحه لصدام حسين بعد 2003 وتصريحاته بأنه "قد يدخل الجنة لأنه مات مسلماً بفعل القصاص، وإن إعدامه طهره من جرائمه وآثامه"، كما اعترف بلقاء متلفز بأنه حج بيت الله الحرام نيابة عن صدام حسين، وكانت عائلة السعدي مقربة بدرجة معينة من السلطة في العراق قبل 2003.
في عام 2001 انتقل عبد الملك السعدي إلى الأردن وتوارى عن الأنظار حتى عام 2013، حيث استحوذ على الزعامة الدينية في مناطق السنة مع بداية تظاهرات الأنبار التي كانت بداية لدخول داعش إلى العراق، وكانت له العديد من المواقف التحريضية في حينها.
وفي أواخر أيام 2013، دعا السعدي الحكومة الاتحادية إلى الانسحاب فورا من ساحات الاعتصام، وقال في بيان له: "أُوَجِّه ندائي إلى الحكومة الطائفية، التي تريد سحق وإبادةَ أهلِ السنة في بلدهم؛ في هجومها اليوم على ساحة العزة والكرامة أكبر دليل على نواياها السيئة، وإلاَّ فلماذا لم تصبر إلى اتضاح ما يتمخَّض عنه اجتماع العلماء ورؤساء العشائر بالأمس؟".
ودعا السعدي أبناء الأنبار الى "الصبر والدافع عن أنفسهم بكل ما يستطيعون وببسالة وشجاعة؛ كما دعا وزير الدفاع والحكومات المحلية في المحافظات الست وأعضاء البرلمان والوزراء السنة الاستقالة من مناصبهم ومقاطعة العملية السياسية والوقوف مع أهلهم".
وفي حزيران من عام 2014، عزا السعدي السبب في وجود تنظيمات مثل داعش إلى ظلم بعض الحُكَّام واستئثارهم بالسّلطة والتمييز بين طبقات شعوبهم وحصول ظلم عليهم أو تهميش للبعض.
وقال "لو تعامل الحكَام مع الشعوب بالعدل والمساواة بين شعوبهم لما حصل ما يحصل الآن في العالم العربي. ولو التزموا بتعاليم دينهم لرأينا الأمن والاستقرار يستتب في ربوع بلادهم".
وأضاف، أن "صفة الإرهاب بدأت تطلق على من يدافع عن دينه وعرضه وماله، ويغض النظر عن إرهاب المليشيات المتمثلة في قوات سوات وعصائب أهل الحق وجيش المختار"، على حد قوله.
وفي العام ذاته، اعتبر السعدي فتوى الجهاد الكفائي بأنها "فتوى طائفية تهدف لقتل السنة، وقال في بيان له ان "السيستاني صمت عن الاحتلال الاميركي للعراق لكنه يفتي الان بقتل السنة".
ودعا السعدي شيعة العراق "أن لا ينساقوا مع أكاذيب الحكومة بأنها تقاتل الإرهابيين وهم على ثقة أنهم يقاتلون السنة بهذه الذريعة".
وأضاف، "مرَّ أكثر من عام وأهل السنة يُطالبون بحقوقهم التي حُرِموا منها في بلدهم نتيجة التهميش الطائفي ويُطالبون برفع الظلم عنهم من إعدامات واعتقالات ومُداهمات غير قانونية وهتك للأعراض وسلب للأموال وهدم للمساجد والمنازل وحرق لها، وبقينا نناشد السُلطة بالإجابة لمطالبهم بأسلوب حكيم ومسالم وننصح المتظاهرين بسلمية التظاهرات وعدم التجاوز على المؤسسات الرسمية والممتلكات العامة والخاصة وقد استجابوا لذلك وهم أهل له، ولم نسمع من المرجعيات أيَّ تأييد لهم أو فتوى بإعطائهم حقوقهم ورفع الحيف عنهم، بل صمت وسكوتٌ مِمَّا يُبرهن على أنَّ ما يقع من الحكومة الطائفية هم عنه راضون وهذا مِمَّا لا شكَّ فيه، وقد تغافلنا عن مثل هذا الصمت حرصا على سلامة البلد وأهله من الفتنة".
وتابع: "بعد أن سلط المالكي ميليشياته على المناطق الست بالحرب والقذف بالصواريخ والراجمات ثم بالبراميل المُتفجِّرة تحت ذريعة مقاتلة ما يُسمَّونه بـ(القاعدة وداعش) وعلى فرض وجودهم لا يستوجب ذلك قتل الأبرياء وتهجير الأطفال والنساء وتشريد العوائل لم تصدر فتاوى من المرجعيات تُحرِّم ذلك أو تنصح الحكومة بالكف عن ذلك".
واشار الى انه "بناء على ذلك انطلقت ثورة شعبية من العشائر العراقية لتدافع عن نفسها ضد اعتداء الحكومة لا ضد الشيعة ولا ضد أي طائفة أو مكوِّن مًعيَّن بل لرفع الظلم والحيف عن الشعب العراقي من أقصاه إلى أقصاه".
تجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس إنقاذ الأنبار حميد الهايس، كان قد كشف في عام 2015، أن نجل عبد الملك السعدي أحد قادة عصابات "داعش" في قضاء الفلوجة بمحافظة الأنبار.
وقال الهايس بحديث متلفز، إن "نجل رجل الدين عبد الملك السعدي هو أحد قادة تنظيم داعش في قضاء الفلوجة"، موجها تحديا للسعدي أن يتكلم بسوء عن أبو بكر البغدادي زعيم عصابات داعش آنذاك.
وأضاف، أن "السعدي لم يصدر حتى الآن أية دعوة أو فتوى لقتال تنظيم "داعش" وإخراجه من محافظة الأنبار".