تلكؤ مُزمن وأزمات متلاحقة.. فشل الإدارة القطرية لمستشفى ذي قار التركي يفتح ملف مستشفيات البلاد.. تعرف على التفاصيل

انفوبلس..
تواجه الإدارات الاستثمارية للمستشفيات في البلاد انتقادات عنيفة خلال هذه الفترة بسبب تراكم التلكؤ في هذا الملف الذي يمثل فجوة بين طموحات المواطنين وتصريحات المسؤولين وحقيقته على أرض الواقع.
وخلال الأيام الأخيرة، تصدّر المستشفى التركي في ذي قار أخبار صفحات التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية بسبب تعطّل منظومة التبريد فيه، فضلا عن العديد من النقوصات التي يعاني منها، الأمر الذي فتح ملف المستشفى والشركة المديرة له وتحدث مواطنين بأنها شركة قطرية لها علاقة بجهات "صهيونية"، فما حقيقة الأمر، وما تفاصيل الملف بالكامل؟
مستشفى ذي قار التركي
الناشط عماد خلف من محافظة ذي قار نشر على صفحته في فيسبوك، وقال: "منذ ايام تعطلت منظومة التبريد في مستشفى الناصرية التعليمي (التركي) ولا زالت المشكلة مستمرة والمرضى ماتوا من الحر وليس من المرض، علما ان ادارة المستشفى تم تسليمهالشركة قطرية بعقد قيمته 82 مليون دولار لمدة سنتين وكلفة بناء المستشفى 150 مليون دولار".
وأضاف إن هنالك "حديث عن شبهات فساد كبيرة جداً، فضلاً عن تمويل شركات قطرية لها علاقات مع الكيان الصهيوني وتمول اجندات في المنطقة تستهدف محور المقاومة ووسائل اعلامية تسعى لتدمير البلاد بينما يعاني الشباب العراقي من البطالة. كان ممكن استثمار هذه الاموال لتشغيل شركات عراقية تستقطب أكبر عدد من العاطلين عن العمل وبتكاليف اقل، على السيد رئيس الوزراء التدخل فوراً والتحري عن هذا الموضوع ومن يقف وراء هذه الصفقة".
وعلى خلفية تدهور الوضع الصحي في مستشفيات المحافظة والأحداث الأخيرة التي شهدها المستشفى التركي، عقد مجلس محافظة ذي قار اجتماعاً استضاف فيه مدير دائرة الصحة ومدير المستشفى التركي للوقوف على الأسباب.
وأعلن مجلس محافظة ذي قار، في مؤتمر صحفي عقده في ساعة متأخرة من ليل الخميس الماضي، تشكيل ثلاث لجان متخصصة لمتابعة أزمة تشغيل منظومة التبريد في مستشفى الناصرية التعليمي (المعروف بالمستشفى التركي)، إلى جانب التحقيق في بنود عقد الشركة القطرية المشغلة ومتابعة ملف التخصيصات المالية لدائرة الصحة.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس، أحمد سليم، خلال المؤتمر إن الاجتماع الطارئ شهد حضور أعضاء المجلس واستضافة مدير عام صحة ذي قار الدكتور راشد الخالدي، إضافة إلى ممثل شركة “أبيكس هيلث” القطرية، بلال غزيري، لمناقشة أزمة المستشفى.
وأوضح سليم أنه تم الاتفاق على تشكيل ثلاثة لجان الاولى برئاسة اللجنة الصحية لمتابعة الواقع الصحي في عموم المحافظة والثانية لجنة قانونية لدراسة بنود العقد المبرم مع الشركة القطرية وتقديم توصيات بشأن تعديل فقراته والثالثة مسؤولية رئاسة المجلس لمتابعة إطلاق التخصيصات المالية عبر التنسيق مع وزارتي الصحة والمالية.
وأشار سليم إلى أن دائرة الصحة أعلنت بدء تشغيل منظومة التبريد داخل المستشفى بشكل تدريجي، مؤكدا أن الواقع الصحي في المحافظة يعاني من تراجع ملحوظ، وقد تم تشخيص هذه المشكلة بشكل واضح من قبل أعضاء المجلس.
ويوم أمس، قررت دائرة صحة ذي قار، إعفاء إدارة مستشفى التركي في المحافظة.
ووفقا لوثائق متداولة وصادرة من دائرة صحة ذي قار، فأنه "تقرر إعفاء إدارة مستشفى التركي، حيث تم رفع طلب رسمي لإلغاء عقد الشركة القطرية المشرفة على التشغيل".
وأضافت ان "ذلك جاء بسبب عدم الالتزام ببنود العقد وتردي الخدمات".
بدوره، هاجم نائب رئيس مجلس محافظة ذي قار، مرتضى السعيدي، إدارة العمل في مستشفى الناصرية التعليمي (المستشفى التركي)، وفيما أعلن عن تسجيل عدد من الملاحظات المهمة، كشف عن تلكؤ الشركة القطرية المتعاقد معها للإدارة والتشغيل والصيانة الشهرية للمستشفى وبمبلغ (60 مليارا سنوياً).
وأكد السعيدي في بيان أن "الشركة التي تدير العمل في المستشفى رفضت تسليم احدالأجنحة المهمة بالمستشفى لقسم الحروق مما أدى لنقل المصابين لمستشفى آخر في محافظة المثنى، وخروج منظومة التبريد عن الخدمة بشكل نهائي، بسبب عدم صيانتها من قبل الشركة، إضافة إلى ضعف إجراءات وزارة الصحة بحق الشركة القطرية التي لم تلتزم ببنود العقد مع صحة ذي قار".
وتابع أن "الحكومة المركزية ووزارة الصحة تتحملان مسؤولية ما يحدث في مستشفى الناصرية التعليمي من فوضى ادارية واهمال كبير لارواح المواطنين"، مؤكدا أن "حياة المواطن الذي قاري اصبحت أسيرة بيد فساد اداري غير مسبوق في مستشفى الناصرية، قد يؤدي لكوارث كبيرة بحق اهلنا في ذي قار".
وطالب نائب رئيس مجلس محافظة ذي قار بـ"اتخاذ اجراءات صارمة بحق الشركة المتعاقد معها، والمقصرين جميعاً"، مشيرا إلى أن "مستشفى الناصرية التعليمي يجب ان يكون نموذجاً، لكونه مهم جدا لابناء محافظة ذي قار".
أزمة مرتقبة في المحافظة
ويوم الخميس الماضي، كشف مصدر مطلع بديوان محافظة ذي قار، عن أزمة مرتقبة تحيط بالواقع الصحي بالمحافظة، وذلك عبر إغلاق كامل لمستشفى فيما لم يكتمل العمل بالآخر، وهذا يتزامن مع افتتاح طوارئ في مستشفى أهلي (قطاع خاص).
وقال المصدر إن "مستشفى الحسين التعليمي سيتم إغلاقه بشكل كلي ربما خلال الأيام المقبلة وذلك لغرض الصيانة بكلفة تقارب الـ15 مليار دينار عراقي، حيث ستتضمن أعمال الصيانة هدم بعض البنايات داخل المشفى وإعادة بنائها".
وأضاف أن "هناك محاولات لثني قرار الإغلاق الكلي، والإبقاء على ردهة الطوارئ، لكن الشركة ترفض ذلك بحجة أنها ستقطع المياه عن كافة مرافق المستشفى".
ونبه المصدر، إلى أن "إغلاق مستشفى الحسين التعليمي وخاصة ردهة الطوارئ بالكامل، يأتي بالتزامن مع افتتاح احد المشافي الأهلية في المحافظة والتي تحتوي على ردهة طوارئ مجهزة بأحدث التجهيزات فضلا عن سيارات إسعاف خاصة بها".
وتابع المصدر، أن "الشركة القطرية التي تعمل على إدارة المستشفى التركي في الناصرية، فشلت لغاية الآن بأعمال الصيانة ولم تقم بتشغيل التبريد المركزي فيه بحسب التقارير الفنية التي ترد لديوان المحافظة، بحجة أنها تستمد تعليماتها العليا من العاصمة بغداد".
ملفات أخرى
وفتح ملف المستشفى التركي ملفات لمستشفيات أخرى في البلاد تعاني من أزمات متلاحقة وتلكؤ سواء في عملها أو إدارتها أو إنشائها.
ففي شباط الماضي، أكد النائب مضر الكروي، أن قرار سحب مشروع بناء أكبر مستشفى في شرق العراق جاء بعد تلكؤ استمر 15 عامًا من قبل الشركة المنفذة.
وقال الكروي إن "مجلس الوزراء قرر سحب يد الشركة الأسترالية المنفذة لمشروع بناء مستشفى بسعة 400 سرير مع أقسام ومراكز طبية حديثة وسط مدينة بعقوبة، وذلك بسبب تأخرها في إنجاز مراحل المشروع الاستراتيجي لمدة 15 عامًا".
وأضاف أن "المشروع لم تتجاوز نسبة إنجازه رغم مرور هذه السنوات 30% فقط، ما دفعنا إلى تقديم طلبات متكررة لرئاسة الوزراء لسحب يد الشركة وحل الإشكاليات المرتبطة بهذا المشروع الذي يُعد الأكبر على مستوى شرق العراق"، مبينًا أن "المستشفى سيشكل إضافة نوعية ومهمة للخدمات العلاجية في محافظة ديالى، التي لم تشهد بناء مستشفيات مركزية منذ أكثر من 30 عامًا".
وأشار الكروي إلى أن "المستشفى سيساهم في تخفيف الضغط عن المستشفيات المركزية في المحافظة بنسبة تصل إلى 50% على الأقل"، لافتًا إلى أن "رئاسة الوزراء ستعتمد خطة جديدة لاختيار الشركات المنفذة، وفق معايير حيوية وضوابط دقيقة، لضمان إنجاز المشروع الاستراتيجي الذي ينتظره أهالي ديالى منذ سنوات طويلة".
يُذكر أن الشركة الأسترالية كانت قد تسلّمت مهام تنفيذ المشروع منذ نحو 15 عامًا، لكنها تلكأت في إنجازه لفترات طويلة، ما دفع الحكومة إلى سحب يدها تمهيدًا لإحالته إلى شركات أخرى.
تصريحات "الحبر على الورق"
في أواخر عام 2021، اعلنت وزارة التخطيط، أن عام 2022 سيشهد انهاء ملف المستشفيات المتوقفة والمتلكئة وادخالها الى الخدمة.
وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي إن "أكثر من 50 مستشفى في البلاد وبسعات مختلفة ما بين 400 الى 100 سرير كان العمل فيها متوقفا منذ سنوات، وقد تمكنت اللجنة الخاصة المتكونة من وزارات التخطيط والمالية والصحة وديوان الرقابة المالية بمعالجة ملف المستشفيات المتلكئة والمتوقفة".
واضاف، أن "المستشفيات الكبيرة من سعة 400 سرير في محافظات كربلاء والنجف وذي قار والبصرة وواسط والمثنى وبابل، والمستشفيات ذات السعات المتوسطة في محافظتي الانبار وصلاح الدين"، فإن "النسبة الاكبر منها اصبحت جاهزة لاستئناف العمل فيها، فضلا عن انجاز بعضها ودخولها مرحلة التسليم والتشغيل".
واشار الهنداوي الى أن ""عام 2022 سيشهد دخول المستشفيات المتلكئة والمتوقفة الى الخدمة، وانهاء ملفها بشكل كامل، الامر الذي سيحسن من مستوى الخدمات الصحية والطبية المقدمة للمواطنين، لاسيما مع وجود مراكز متطورة لمعالجة الامراض السرطانية، ملحقة بهذه المستشفيات"، مبينا ان "العمل مستمر لمعالجة جميع الملفات المتعلقة بهذا القطاع المهم والحيوي".
دور الفساد بالملف
في عام 2021، كشف عضو مجلس النواب، باسم خشان، عن اسباب تأخر افتتاح المستشفيات التركية والألمانية في مختلف المحافظات العراقية.
وقال خشان، إن "الأسباب الحقيقية وراء تأخير افتتاح المستشفيات التركية والالمانية والتي يوجد واحد منها على اقل تقدير في كل محافظة، هو الصفقات الفاسدة التي ابرمتها وزارة الصحة مع الشركات المنفذة لهذه المشاريع".
وأضاف أنه "يجب محاسبة الشركات المسؤولة عن تنفيذ انجاز المستشفيات وفرض غرامات مالية عليها بسبب تأخير الإنجاز"، مشيراً إلى أنه "إلى الآن لم يتم محاسبة هذه الشركات مما يعني تورط جهات حكومية في صفقات فساد على حساب ارواح المواطنين".
وأوضح خشان أن "سبب عدم وجود تحرك نيابي للضغط على الحكومة بافتتاح المستشفيات، هو أن البعض من أعضاء مجلس النواب مشاركون في صفقات الفساد حيث، أصبح البعض منهم يمتلك ملايين الدولارات في ظرف زمني قصير جداً".
وتابع، أن "الحل الوحيد هو تغيير نظام الدولة وإقالة كل شخص تسلم منصباً مهماً في الدولة عن طريق المحاصصة الطائفية"، لافتاً إلى أن "كثيرا من اصحاب المناصب الحساسة في الدولة ليس لديهم شهادات ولا كفاءة ويمتلكون صلاحيات واسعة تمكنهم من إصدار واتخاذ قرارات مصيرية".