جدل بعد شبهات الغش الجماعي في صلاح الدين.. التربية صامتة ووزيرها يعبث دون رقابة نيابية
انفوبلس/ تقارير
ليست المرة الأولى التي تثير المحافظات السنية بشكل عام وصلاح الدين بشكل خاص، الجدل بشأن نتائج السادس الإعدادي، فشبهات الغش الجماعي كانت ضيفا دائما على هذه المحافظة وثبت ذلك منذ عام 2014 وتكرر الآن، فما حدث يوم أمس من تأشير ذات الشبهات في صلاح الدين أثار العديد من التساؤلات عن مدى تورط وزارة التربية بذلك وممارسات وزيرها إبراهيم نامس الجبوري الذي لا يعلم أحد كيف فلت من قبضة البرلمان العام الماضي بعد جمع أكثر من 100 توقيع لاستجوابه، فهل فعلاً الوزارة ونامسها متورطان؟ وما الذي يحاول فعله الوزير الذي لم يحظَ بمقبولية كبيرة لغاية الآن؟
شبهات غش جماعي
يوم أمس، وبعد إعلان نتائج السادس الإعدادي، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع مصورة وأخبار تفيد بوجود حالات غش جماعي في محافظة صلاح الدين.
وأظهرت جداول النتائج، أن العديد من مدارس تكريت، أشّر على طلابها الرسوب بالغش الجماعي، فيما تصدرت مدرسة الأمل هذه الحالات بعد رسوب كل طالباتها تقريبا بهذا الغش، وهو ما أثار موجة استياء عارمة، وتضارب في الاتهامات بين الطلاب والوزارة.
مدير تربية صلاح الدين ينفي
رغم أن كل شيء واضح، لقد كشفت الجداول حالات الغش الجماعي بما لا يقبل الشك، إلا أن المدير العام لتربية صلاح الدين سلطان سعيد فاضل نفى خلال مؤتمر صحفي وجود حالات غش جماعي لطلبة السادس العلمي في المحافظة، مؤكدًا أن الامتحانات جرت وفق المعايير والقوانين المعمول بها، مشددًا على التزام المديرية بضمان نزاهة العملية التعليمية، وفق قوله.
وقال فاضل في المؤتمر الذي تابعته شبكة انفوبلس، "لا يوجد غش جماعي إطلاقا، لا غش جماعيا ولا حجبا، وإنما هنالك حالات غش فردية وهذا أمر طبيعي جدا ولا توجد مراكز مصفَّرة بالكامل او حجب بالكامل".
لقد خالف مدير تربية صلاح الدين الواقع، وفنَّد حالات الغش رغم أنها معلنة بجداول رسمية، وأصرّ على محاولة تبرأة وزارة التربية وأنها لم تتورط في ذلك بغية إنجاح المحافظات التي ينتمي إليها الوزير.
وأكمل فاضل حديثه بالقول، "ننتظر تعليمات وزارة التربية حول آلية الاعتراض، فمرجعنا هو الوزارة وستنزل لنا تعليمات عن استمارة او رابط للاعتراضات، ونحن ايضا بدورنا سنوصل هذا الموضوع إلى مركز الفحص واللجنة الدائمة".
لقد طالب مدير تربية صلاح الدين خلال المؤتمر الصحفي، بـ"الدقة في نقل المعلومات" لكنه سقط في التضليل، ونفى وجود حالات الغش رغم أنها مرئية ولا غبار عليها.
وختم فاضل حديثه، "المؤجِّل ما ممكن أن نكتب عنه غش أبدا ولا يوجد أبدا تصفير ونرجو أن يكون نقل المعلومة دقيقة، نحن إطلاقا لا يوجد لدينا حجب للمراكز ولا يوجد غش جماعي إطلاقا، هناك حالات فردية وهذه ممكن أن يحدث".
أبرز حوادث الغش الجماعي
تزامنا مع الجدل الدائر، تقصت شبكة انفوبلس عن أبرز حوادث الغش الجماعي التي شهدتها المحافظات السنية خلال السنوات السابقة، وكانت النتيجة كالآتي:
آب 2021: تم رصد حالات غش إلكتروني خلال امتحانات السادس الإعدادي في كل من كركوك وصلاح الدين، حيث تم اعتقال أشخاص "روّجوا" لهذه الأجهزة.
حزيران 2022: ألغت وزارة التربية نتائج طلاب الصف السادس الإعدادي في مدرسة "الجيل الذهبي" بمنطقة حي الضباط في تكريت، وذلك بعد ثبوت تورطهم في الغش الجماعي.
تموز 2022: تظاهر طلاب في محافظة صلاح الدين أمام مبنى مديرية تربية قضاء بلد، احتجاجاً على قرار وزارة التربية القاضي باعتبار نتيجتهم الامتحانية للدور الثاني "غشّاً" بعد رصد حالات نسخ جماعية.
هل الوزارة ونامسها متورطان؟
تشير مصادر رفيعة إلى تورط مسؤولين في وزارة التربية، بتسهيل عملية الغش داخل قاعات الامتحانات في بعض مدارس سامراء، وذلك بتسريب أسئلة الامتحانات مسبقًا، وتغاضيهم عن عمليات الغش خلال الامتحانات.
وأثارت هذه الاتهامات غضبًا واسعًا في أوساط الطلاب وأولياء الأمور، الذين عبّروا عن استيائهم من هذه الظاهرة التي تُهدد مستقبل التعليم في العراق.
وطالب العديد من النشطاء والسياسيين بفتح تحقيق عاجل في هذه الاتهامات، ومحاسبة المتورطين، لاسيما وأن الحديث يدور عن وجود إمكانية لتورط الوزير أيضا بهذا الأمر.
نامس والعبث المستمر.. كيف فلت من قبضة البرلمان؟
في أواخر أيار من العام الماضي، تسلم رئيس مجلس النواب آنذاك محمد الحلبوسي طلباً مقدماً من النائب أكرم العساف وبتأييد 116 نائباً لاستجواب وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري لارتكابه مخالفات مالية وإدارية وهدر بالمال العام.
بعد ذلك، وجه الحلبوسي باستجواب النامس، لكن نفوذ الأخير حال دون تحقيق ذلك إلى يومنا هذا، وهو ما فسّر عجز البرلمان في التصدي لعبث الوزير.
بالمقابل، اتهم النائب يحيى العيثاوي،، وزير التربية، بإقصاء الكوادر التدريسية الكفوءة وتعويضهم بأشخاص ليس لديهم خبرة في مجال التدريس، مبينا أن إجراءات الوزير تندرج ضمن الأطر “الحزبية والسياسية".
وقال العيثاوي، إن “الملاحظات التي تم تسجيلها على وزير التربية، لاسيما في الآونة الاخيرة، تؤشر الى إقصاء وتهميش الكوادر التدريسية الكفوءة والتي تتمتع بخبرة طويلة، وتغييرهم بآخرين ووضعهم في مناصب لا يستحقونها”، مبينا ان “الاشخاص الذين جاء بهم الوزير لا يملكون وصفا وظيفيا او خبرات في التدريس والادارة تؤهلهم لهذا الامر، انما لأغراض سياسية وحزبية".
واضاف، إن “وزارة التربية من الوزارات المهمة ولا يمكن التلاعب بها او استغلالها، كونها الجهة المسؤولة عن تربية وانشاء واعداد الاجيال، وتعتمد بالدرجة الاساس على الكوادر التدريسية والمدراء ونوعية المدارس والصفوف وكيفية التعامل مع الطلبة، ولا يمكن التعامل معها بصورة غير صحيحة".
ودعا العيثاوي أن “يعمل وزير التربية – أياً كان- بشكل متوازن، وعدم الانجرار الى الكتل والاحزاب التي جاءت به للمنصب، وان يكون مهنيا بعمله”، لافتا الى انه “لا يمكن السماح للوزير بإرضاء اطراف سياسية واستخدام الوزارة لأغراض من هذا النوع".