"جريمة أم انتحار؟": وفاة الطبيبة بان زياد طارق تفجر جدلاً في البصرة.. "آثار تعذيب" تثير الشكوك

انفوبلس/ تقرير
فُجعت الأوساط الطبية والمجتمعية في محافظة البصرة بوفاة الطبيبة بان زياد طارق، اختصاصية الأمراض النفسية والعقلية، في ظروف لا تزال غامضة. ورغم أن الرواية الأولية تشير إلى الانتحار، إلا أن شبهات جنائية ظهرت بقوة، مما أثار موجة من الجدل ودعوات إلى تحقيق شفاف وشامل.
وبان زياد طارق هي طبيبة عراقية، اختصاصية في الأمراض النفسية والعقلية، وتعمل في دائرة صحة محافظة البصرة.
*معلومات رسمية: الصحة تنعى والشرطة تحقق
نعت وزارة الصحة العراقية، اليوم الثلاثاء، إحدى ملاكاتها في دائرة صحة البصرة، الدكتورة بان زياد طارق، اختصاصية الأمراض النفسية والعقلية، التي وافتها المنية في ظروف غامضة. وجاء في بيان النعي: "تنعى وزارة الصحة إحدى ملاكاتها في دائرة صحة البصرة، الدكتورة بان زياد طارق، اختصاص الأمراض النفسية والعقلية، سائلين المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته، ويلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون".
كما باشرت قيادة شرطة محافظة البصرة، بالتنسيق مع الجهات التحقيقية المختصة، إجراءات التحقيق في حادثة وفاة الطبيبة بان زياد طارق، اختصاصية الأمراض النفسية. ووفقًا لبيان صادر عن إعلام شرطة المحافظة، اليوم الثلاثاء (5 آب 2025)، فإن "إفادة ذوي المتوفاة أشارت إلى أن الحادث انتحار ناتج عن معاناتها من اضطرابات نفسية، مع تأكيدهم على عدم تقديم شكوى رسمية".
وأوضحت القيادة، أنه "تم تنفيذ كشف فني دقيق على مسرح الحادث من قبل مفارز الأدلة الجنائية، شمل جمع الأدلة المادية وتحريز الأداة المستخدمة لمعرفة الأسباب الحقيقية للوفاة"، مضيفًا أنه "جرى نقل الجثة إلى دائرة الطبابة العدلية لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة".
وأكدت شرطة البصرة أنه "في حال اكتمال التحقيقات، سيتم إعلان نتائجها للرأي العام وفقًا للإجراءات القانونية المعتمدة".
بينما كشفت اللجنة الأمنية في مجلس البصرة، عن أن سبب وفاة الطبيبة بان زياد طارق في حي الخليج يعود، بحسب التحقيقات الأولية، إلى الانتحار. إذ أكد رئيس اللجنة عقيل الفريجي أن "الأجهزة الأمنية باشرت إجراءاتها لمتابعة القضية وجمع البيانات وتحليل جميع المعطيات للوصول إلى الحقيقة الكاملة".
وأوضح الفريجي، أن الطبيبة تعمل اختصاصية في مجال الطب النفسي في مستشفى البصرة التعليمي، وهو اختصاص يتعامل مع حالات الاضطرابات النفسية. وأشار إلى أن التحقيق يشمل "مراجعة المحيط والمتغيرات التي سبقت الحادثة لأيام للتأكد من جميع الملابسات".
وأوضح، أن الطبيبة الشابة كانت تعمل في مستشفى البصرة التعليمي، وهي مختصة في معالجة الأمراض النفسية، وتسكن في حي الخليج. وأضاف: "هي شابة تعمل في قطاع حساس ومهم، وتقدم خدمات علاجية لفئة تعاني من ظروف معقدة، لكن لكل إنسان خصوصيته، وهناك أسرار قد لا يعرفها أحد حتى أقرب المقربين، وربما تكون تلك التفاصيل وراء ما جرى".
أما المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة، فقد أعلنت عن متابعتها لملابسات حادثتي وفاة منفصلتين شهدتهما المحافظة مؤخرًا، إحداهما تتعلق بوفاة متهم أثناء مطاردته في قضية مخدرات، والأخرى بالطبيبة التي قيل إنها انتحرت.
كما قال مدير مكتب المفوضية مهدي التميمي، إن "المكتب يتابع بقلق بالغ حادثتي الوفاة، لما تنطويان عليه من مؤشرات خطيرة قد تمسّ مبادئ حقوق الإنسان". وأضاف أن "وفاة المتهم بملف المخدرات جرت أثناء ملاحقته من قبل الجهات الأمنية، وقد تخللتها عملية إطلاق نار، ما يستوجب التحقيق في مدى التناسب في استخدام القوة".
أما بخصوص وفاة الطبيبة بان زياد طارق، فأشار التميمي إلى أن "حساسية الموقف وأهميته المجتمعية يتطلبان تحقيقًا موسعًا لكشف الحقيقة وتبديد الشكوك إن وجدت، بما يحفظ كرامة الضحية ويطمئن ذويها". وأوضح التميمي أن "المكتب يطالب وزارة الداخلية وقيادة شرطة البصرة بالإسراع في إنجاز التحقيقات لكلا الحالتين، والإعلان عن نتائجها بشفافية، التزامًا بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، وحفاظًا على ثقة المواطنين بالمؤسسات الأمنية والقضائية".
وقد نعت نقابة الأطباء في البصرة الفقيدة ببيان رسمي، قال فيه رئيس فرع النقابة، الدكتور وسام الرديني: "رحيل الطبيبة بان زياد خسارة مؤلمة للوسط الطبي.. كانت من الكفاءات المشهود لها إنسانيًا ومهنيًا".
وكان مصدر أمني أفاد، مساء الاثنين، بانتحار طبيبة وسط محافظة البصرة. لكن الحادثة اثارت الجدل خصوصا بعد أن تم نشر مزاعم عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود اثار ضربات وكدمات على جثة الطبيبة.
انفوبلس تتقصى
في مشهد صادم ومؤلم، استقبلت طوارئ مستشفى الجمهوري في البصرة، اليوم الثلاثاء، جثة الطبيبة بان زياد طارق، اختصاصية الأمراض النفسية والعقلية. ووفقًا لشهود عيان ومصادر طبية، كانت الجثة "تحمل آثار تعذيب واضحة"، ما يثير شبهات قوية حول جريمة قتل.
لقد بدا "القتل جليًّا"، وسط ذهول الكوادر الطبية وشحوب الوجوه، حيث لا يعرف أحد حتى اللحظة من ارتكب هذه الجريمة، أو ما هي دوافعها. يضع هذا التطور علامات استفهام كبيرة حول الرواية الأولية التي أشارت إلى الانتحار، ويدعم الدعوات المتزايدة لإجراء تحقيق شامل وشفاف لكشف ملابسات هذه الوفاة المفاجئة.
وفي الوقت نفسه، أفادت مصادر طبية في محافظة البصرة لشبكة "انفوبلس"، ان مشاهدات من داخل المستشفى كشفت وجود آثار تعذيب واضحة على جسدها، ما يثير الشكوك حول تعرضها لعملية قتل مدبرة. وأكد شهود عيان أن ملامح الوفاة لا توحي بحالة انتحار طبيعية، ما دفع العديد من المواطنين والناشطين إلى المطالبة بتحقيق عاجل وشفاف لكشف ملابسات الحادث، ومحاسبة المتورطين إن ثبت وجود شبهة جنائية.
بان زياد طارق هي طبيبة عراقية، اختصاصية في الأمراض النفسية والعقلية، وولدت في العراق وتخرجت من كلية الطب بجامعة البصرة. وكانت تعمل اختصاصية في مجال الطب النفسي، وهو مجال يتطلب فهمًا عميقًا للحالة الإنسانية والاضطرابات النفسية.
فبينما تُشير روايات إلى أنها "قتلت نفسها"، يكشف أصدقاؤها عن وجود شبهة جنائية قوية، مؤكدين أن "قاتلاً أنهى حياتها وهي داخل منزلها ليلًا وأوهم أهلها بأن ابنتهم أنهت حياتها بنفسها بعد تقطيع شرايينها".
وتُعدّ هذه القضية محط اهتمام كبير للمراقبين، الذين يتساءلون عن مدى معقولية أن تُنهي طبيبة في الثلاثينيات من عمرها، ومن أهل البصرة، حياتها بهذه الطريقة، خاصةً بعد أن أظهرت تقارير طبية وجود آثار تعذيب وكدمات على جسدها.
ووفقًا لمصادر أمنية تحدثت لشبكة "انفوبلس"، فقد "عُثر عليها وقد تعرضت لقطع في شرايين معصميها باستخدام أداة حادة".
*وثائق متداولة
تداول زملاء الدكتورة بان زياد طارق، اختصاصية الأمراض النفسية والعقلية في محافظة البصرة، وثائق وصورًا تُظهر تقرير "المشاهدة الأولية للجثة"، في خطوة فجّرت القضية وأثارت شكوكًا كبيرة حول رواية الانتحار الرسمية.
كشفت الوثيقة الطبية المسربة عن تفاصيل صادمة حول حالة الجثة، حيث أشارت إلى:
-وصول المتوفاة "بدون نبض أو تنفس".
-وجود "جروح قطعية في كلا الذراعين مع بروز للعضلات والعظام".؟
-وجود "كدمات في الوجه وحول الرقبة".
-وجود "دماء على الملابس".
هذه التفاصيل تتناقض بشكل مباشر مع فكرة الانتحار، وتدعم بقوة شبهة الجريمة، وهو ما أكده أحد الأطباء المقربين من الراحلة الذي كتب معلقًا: "هيج جروح وكدمات يدل على القتل وليس الانتـحار.. تعبنا من تكميم السالفة بدون عقاب للفاعل".
كما نشر أحد زملائها صورة من محاضرة كانت الراحلة قد نشرتها في "ستوري" على حسابها الشخصي قبل ساعات فقط من وفاتها، ما أثار شكوكًا حول حالتها النفسية في تلك اللحظات، ونافياً للرواية التي تدّعي أنها كانت تعاني من اضطرابات نفسية شديدة أدت إلى الانتحار.
تمت إحالة الجثمان إلى الطب العدلي لتحديد سبب الوفاة بدقة، في حين تطالب الأسرة والوسط الطبي بتحقيق نزيه وشفاف يكشف الحقيقة الكاملة. وأكد زملاء الراحلة أنهم ينقلون هذه المعلومات "من باب التوثيق الإعلامي ونقل ما يتداوله الزملاء عبر منصاتهم"، لضمان عدم إخفاء أي تفاصيل قد تُسهم في كشف الحقيقة.
كما كشفت الدكتورة رسل هاشم، وهي إحدى صديقات الطبيبة الراحلة بان زياد طارق، عن "معلومات خطيرة" متعلقة بوفاة زميلتها. وفي منشور عبر خاصية "الستوري" على حسابها الشخصي، أشارت هاشم إلى "وجود آثار تعذيب على جسد الطبيبة بان"، مؤكدة أن زميلتها "وصلت إلى مستشفى الجمهوري وهي مقتولة".
وأصدرت مجموعة من الأطباء بياناً عبّروا فيه عن "قلق بالغ" إزاء ملابسات وفاة زميلتهم، الدكتورة "بان"، داعين إلى تحقيق "نزيه وشفاف" لكشف الحقيقة كاملة.
وتحت عنوان "رسالة مفتوحة"، أشار الأطباء إلى أنهم اطلعوا على "التقرير الجنائي الأولي" وشاهدوا "صورًا مروعة"، مؤكدين أن الإصابات التي تعرضت لها الضحية، ومنها "حز اليدين حتى العظم"، لا يمكن أن تكون نتيجة فعل ذاتي.
وقال البيان: "نحن لا ندّعي معرفة الحقيقة الكاملة، لكننا نطالب برواية تحترم عقولنا. كيف يمكن لشخص أن يقطع كلتا يديه بنفسه؟!". واعتبر البيان أن "الجريمة الأكبر ليست أن يُقتل الإنسان، بل أن يُحمّل جريمة مقتله"، في إشارة واضحة إلى رفضهم لأي رواية قد تحاول تضليل الحقائق.
وقد ناشد الأطباء الجهات المسؤولة بضرورة "فتح تحقيق نزيه وشفاف، يحفظ كرامة الضحية، ويطمئن المجتمع الطبي، ويضع حداً لأي محاولات للتضليل أو التغطية" في هذه القضية. ويأتي هذا النداء وسط مطالبات متزايدة من مختلف الأوساط بضرورة تسليط الضوء على هذه الحادثة والكشف عن الجناة الحقيقيين.
هذا وتبقى الحادثة محط اهتمام واسع في البصرة، بالنظر إلى طبيعة المتوفاة وموقعها الوظيفي، وسط دعوات مجتمعية لتوفير مزيد من الدعم النفسي للعاملين في القطاعات الطبية، لا سيما في الاختصاصات ذات الطابع الإنساني والعاطفي العميق.