جليل صبيح يترجّل عن صهوة الشعر.. انفرد بكل شيء وغدر به "العضال".. إليك ما لا تعرفه عن صديق جسر الجمهورية
انفوبلس/ تقارير
جاء موته ملبّداً بقوافي الشعر الأسود، ومضمخاً بأوجاع الشعراء المجايلين له، باعتبار أنه لم يكن شاعراً شعبياً ثمانينياً فحسب، بل كان شجرة حب عراقية وارفةً أيضا، اجتمع تحت ظلالها الشعراء المُتعبون، والفقراء، والمحرومون، والعشاق. فكان عنواناً للوفاء، والمحبة. رحلَ جليل صبيح اليوم، الشاعر الذي كتبَ عن الإنسان البسيط والمعذب والتحق بجيله المميز الذي تتصدر قائمته أسماء سمير صبيح ورحيم المالكي وعماد مكي.
*مَن هو جليل صبيح؟
شاعر عراقي وطني صديق الجميع وصديق جسر الجمهورية، ولد في مدينة الصدر ويُعد أحد أبرز شعراء جيل الثمانينيات، واكب العديد من كبار الشعراء أمثال كاظم إسماعيل الكاطع وسمير صبيح وعريان السيد خلف ومحمد الغريب. وكتب عن الإنسان البسيط والمعذب. كما يُعد صبيح صحفيا ومُعِدَّ برامج وله قصائد رائعة يتغنى بها الجمهور إلى الآن.
*مواقفه الوطنية
لقد كان جليل صبيح شاعرا وطنيا صدح صوته وقلمه بحب العراق، وكان من آخر أعماله الوطنية، إنجازه لأغنية بصراويَّة رائعة حملت عنوان "أحيا وأموت عالبصرة " وذلك إبّان بطولة كأس الخليج التي استضافتها المحافظة في مطلع العام الحالي.
كما كتب جليل، أوبريتا شعريا مؤلفا من 8 مقاطع، يرحب بجميع الوفود المشاركة، لحَّنه الفنان ضياء الدين ووزعه الفنان أحمد الجوزي وقام بغنائه مجموعة من الفنانين بينهم قاسم السلطان ووليد الهاجري وصلاح البحر وآخرون.
*دوره في كأس الخليج بمحافظة البصرة
كان للراحل دور كبير في إنجاح بطولة كأس الخليج بمحافظة البصرة، حيث أطلق مجموعة من شعراء المحافظة وبقية محافظات العراق وبالتعاون مع الشاعر والإعلامي جليل صبيح مبادرة (مربد خليجي) من خلال إقامة مهرجان يسبق مواجهتي نصف النهائي والمباراة الختامية لخليجي 25.
وواصل وقتئذ الشاعر جليل صبيح حضوره الإعلامي والشعري المتميزين من خلال القصائد الترحيبية بالوفود المشاركة في بطولة الخليج العربي وبالتعاون مع كريم جسر رئيس رابطة مبدعي المدينة والشاعر قاسم الجيزاني من البصرة، وقد تُوِّجت تلك الجهود بإقامة مربد خليجي مصغَّر تم تخصصيه لإلقاء القصائد الرياضية والوطنية، احتفاءً بضيوف العراق من أهل الخليج الذين قَدِموا إلى الفيحاء لمؤازرة منتخبات بلادهم والتعرّف على الملامح العمرانية والثقافية لهذه المحافظة المعروفة بكرمها وطيبة ناسها.
*موت جليل صبيح
توفي جليل صبيح اليوم 27/9/2023 بإحدى مستشفيات بغداد مع صراع مرير مع مرض العضال.
وكان صبيح، قد أجرى في وقت سابق عملية جراحية تدهورت حالته الصحية على إثرها.
*حزن ونعي
ونعى العديد من الشعراء والإعلاميين على منصات التواصل الاجتماعي الشاعر جليل صبيح، إذا قال المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد، "أيها الأصدقاء.. مات جليل صبيح، حان الوقت لنخبرك بأننا كذبنا عليك جميعنا عندما أخبرناك بأنك بخير، فقد كنا خلفك نتهامس بدموعنا بأن الخبيث الحقير كان في مرحلة نهائية، وكانت التقارير اللعينة تقول إنك لا تعيش سوى أيام، فعشناها معك بألم ممزوج بالحب الذي يجمعنا، كنت تضحك كأنك تعيش للأبد".
من جانبه، قال الإعلامي في شبكة الإعلام العراقي علي الخالدي، "جليل صبيح شقيق اللاعب الاسطورة ليث حسين، وكما يردد جلاوي: هو تشابه أسماء لا أكثر !؟ ..يدسّ أنفه ويتدخل لحل أي مشكلة أو عرقلة حتى لو كانت بمرتبة الخلاف بين روسيا وأمريكا مستنداً ومدّعياً أن ابن عمه "عريف" (مشمور بعرعر) الحدودية!؟ ".
ويكمل الخالدي، "لا تستغرب حينما تكلفه بكتابة ثلاث حلقات، ويأتي بعد ساعتين جاهزاً مُجهزاً مع ابتسامة خجل تُخرب معالم وجهه وكتفين متقدمين عن صدره وتشبيك اليدين من فرط الثقة وسرعة الإنجاز، مخالفاً دلالات لغة الجسد ومعانيها !؟ ".
ويضيف، "ذات مرة كُلف بكتابة أغانٍ لكل نادٍ عراقي وعددهم 20 فريقاً بداية من الزوراء وصولاً الى الهابطين لدوري الأتربة والحجارة، وجاءهم بعد يوم واحد فقط بكل الأغاني !؟ مع ابتسامة مخلوطة بمسحة فخر تسعينية".
*شغف ومجالات جليل صبيح
ويؤكد الخالدي، "كنتُ أُراقب هذا الأنسان منذ أكثر من ربع قرن كزميل، وأحسده على طاقته المعشقة بالشغف، وانتقده في سرّي لأنه شتّت هذه الطاقة الإبداعية بين كتابة المسرحيات والشعر وإعداد البرامج والأفلام الوثائقية والتسجيلية واللقاءات الصحفية والتحقيقات في مجال الفن والرياضة والاجتماع... الخ ، فضلا عن قصص الطرفة والنكتة !؟ ولو كان قد تخصص بمجال واحد لتربّع على قمةٍ لن يصلها غيره؛ لفرط الطاقة الإنتاجية، حتى جاءت لحظة توديعه لزملائه، معلناً التقاعد إجباراً بعد الستين، وكنت أظنه تخميناً من أبناء الأربعينيات ربيعاً، مع أنه مزق عشرات البدلات العسكرية والخوذ الفولاذية وبساطيل ساحات العرضات وملاحم الحجابات! ".
ويتابع، "في هذا الوقت تلمست ضعف قرار التقاعد الحكومي في تمام الستين من العمر والموصوف بالقرار غير المدروس والمتسرع، وتوقعت الانتكاسة الصحية والنفسية له ولمبدعين آخرين، لأن هكذا فصيلة لا يليق بها الجلوس في البيوت والمقاهي، وليس له علاقة بالراحة والاستجمام، ولا صلة له بهكذا محطات، فهو كالقلب الذي لن يتوقف يوماً إلا وتوقف الجسد كاملاً معه".
*بصمة إبهام شعري لن يتكرر
ويقول الصحفي طالب الدراجي، "مُذ عرفته يتأبّط دفتره الشعري في منتدى الشعراء الشباب في مدينة الصدر، كان خطه الجميل وقصائده المختلفة توحي بتفرده وشاعريته الفذّة، جليل صبيح ذلك الفتى المعجون بسمرة الجنوب والفارع الطول كأعواد القصب والزان، كتب بروحه الوطنية أروع القصائد عن الإنسان وعن الأرض وحتى جسور بغداد التي شاركها الإحساس والشعور في جسر الجمهورية تلك القصيدة التي أدخلتنا ـ ولا أبالغ إذا قلت إلى الشعر العالمي ـ حيث الأشياء جميعا تتكلم وتعبر عن ذواتها بأروع بيان".
ويكمل، "جليل صبيح أبرز أبناء الجيل الثمانيني الذي لا تختلط بصماتهم الشعرية فيما بينهم والذين كان لهم الدور الكبير في ولادة أجيال جديدة تتبنى المشهد الشعري بإخلاص وحب عظيم، من ثم هو ذلك الإعلامي البارز والمُعِد للبرامج الشعرية المميزة كما حصل في شاعر العراقية الذي حذَت حذوه برامج أخرى أخذت من تلك الروح وذلك العطاء الجذوة والقيمة الفنية الناجحة".