جماعة القربان تطلّ مجددا في ذي قار وانفوبلس تتقصى: 4 أبعاد وراء ظهورهم وهذا سرّ نشاطهم في "سوق الشيوخ"
انفوبلس/ تقارير
ظهرت في ذي قار وتواصل نشاطها لغاية يوم أمس، أعضاؤها يرون الانتحار "عبادة" ويجرون قرعة للإقدام عليه وهم عُراة، يستغلون الشعائر الحسينية ويحاولون تصدير خرافاتهم للعالم، حيث يدّعون أنهم يعبدون الإمام علي عليه السلام، رغم أن تأليه الإمام علي أمراً مرفوضا في المذهب الجعفري خصوصا والإسلام عموماً.. فمَن هم "جماعة القربان" الذين أطلّوا مجددا في ذي قار وحاول عضوان منهما الانتحار بقضاء سوق الشيوخ تزامنا مع الزيارة الأربعينية؟".
*مَن هم "جماعة القربان"؟
تنشط هذه الجماعة في قضاء سوق الشيوخ جنوبي محافظة ذي قار، وأثارت خلال الأيام الماضية الرُّعب بصفوف المجتمع المحلي بعدما أقدم أحد أفرادها على الانتحار شنقاً مؤخراً بواسطة حبل داخل أحد المواكب الحسينية في القضاء المذكور.
يزعم أفراد هذه الجماعة، إنهم يعبدون الإمام علي (عليه السلام)، وأنهم بين الحين والآخر يُجرون قرعة فيما بينهم، ومن يظهر اسمه يذهب قرباناً للإمام". ووفق وسائل إعلام، فإنه "لغاية الآن تم تسجيل 3 حالات انتحار في ذات المكان، والموكب الحسيني يقع جنوبي الناصرية".
تسببت هذه الجماعة بحالة من الصدمة في قضاء سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار، حيث يمارس أفرادها الانتحار الجماعي عبر القُرعة، في حين لم تعلّق الجهات الرسمية والحكومة المحلية بعد على الأنباء حول حالات الانتحار تلك، وكذلك على المجموعة التي لا يزال يلفّها الغموض.
*حالات انتحار جديدة
وفي آخر نشاطات ما تسمى "جماعة القربان"، أفاد مصدر امني بمحافظة ذي قار، أمس الجمعة، بتسجيل حالتي انتحار بقضاء سوق الشيوخ جنوبي مدينة الناصرية مركز المحافظة.
وقال المصدر، إن “قضاء سوق الشيوخ جنوبي محافظة ذي قار، شهد تسجيل حالتي انتحار، أحدهما لم تحقق مبتغاها، فيما انتهت الثانية بصاحبها وسط نهر الفرات بسبب سوء حالته الصحية".
وبين المصدر، أن “الحالة التي فشلت بتحقيق مسعاها في الانتحار شنقاً هي لشاب عشريني يشتبه بانتماء صاحبها لجماعة القربان، التي اشتهرت في الآونة الأخيرة بتقديم القرابين أثناء المناسبات الدينية”.
*صناعة مخابراتية لتشويه العقائد
وبهذا الصدد، يقول الباحث في التراث الإسلامي محمد البخاري، إن هذه الحركات والجماعات "المنحرفة" عن الخط الاجتماعي السائد تمثّل "حالة مَرضية" لها أسبابها الداخلية والخارجية، وتؤدي إلى "سلوك شاذ" في فهم الحقائق و"ربما يكون بعضها ضحية صناعة مخابراتية لتشويه فكرة عقائدية وكسر قدسيتها في المجتمع المستهدف".
وعن جذور هذه الحركات، يقول البخاري، إن هذه الجماعات تعود إلى عقود مضت، وقد أعلن جميع المراجع الدينية في الحوزات العلمية بالنجف براءتها منها.
ويشير البخاري إلى أن هذه الجماعة ظهرت أولا إبّان حياة المرجع الديني الراحل محمد محمد صادق الصدر، وقد تبرأ منهم في حينها، ولكنهم عاودوا الظهور مؤخرا.
ووفق الباحث، فإن "القربان" وجماعات أخرى عادت للظهور، الفترة التي تلت سقوط نظام صدام حسين بسنين قليلة، لكنها عادت بصور متنوعة إلى أن وصلت إلى اعتناق أفكار كالانتحار، في حالة تشبه بعض الجماعات في المجتمع الغربي، "وبالتالي فإن الأفكار التي تحملها تلك الجماعات دخيلة على المجتمع العراقي".
*امتداد وجذور
ويتفق الأستاذ في الحوزة العلمية بالنجف الشيخ منتصر الطائي على أن ظهور هذه الحركات التي وصفها بـ "المنحرفة" ليس وليد المرحلة، بل له امتدادات تاريخية. ويذكر أنه في التاريخ الإسلامي مثلا "نقف على الكثير من الحركات المنحرفة التي ادّعت النبوّة، وهناك من كان انتماؤه شيعيًّا هذا على المستوى المذهبي" ويضرب مثلا بـ "الكيسانية" و"الإسماعيلية" و"الأفطحية" من الفرق الشيعية.
ويعزو الطائي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، أسباب ظهور تلك الحركات والجماعات إلى أبعاد:
ـ إما "عقائدية ضالة مضلة" ناتجة عن فهم خاطئ للدين.
ـ أو أن لها أبعادا سياسية.
ـ أو تريد تحقيق مكاسب دنيوية كالاستحواذ على المال بغير وجه حق.
ـ أو تجمع تلك الحركات بين الوجه العقائدي "الضال" وبين الوجه السياسي في حركة واحدة.
ويضيف الطائي أن الجهل الذي يعيشه الكثير من الشباب وحالة التردي الكبير في الوعي يفقدهما بصيرتهم، خاصة مع الاندفاع والحماس الذي يجعلهم أكثر تفاعلا وتأثرا بمثل هذه الحركات، لاسيما وأن كثيرا منهم متأثرون بشكل أو بآخر بمفهوم "خالف تُعرف" أو "كل ممنوع مرغوب".
ويشير الطائي أيضا إلى ضعف الخطاب الديني الواعي الذي يناسب المرحلة ومتطلباتها ويقدم أجوبة مقنعة لما يدور في خلد الشباب من شبهات و"كل هذه الأمور مجتمعة هي أرض خصبة تشجع على ظهور مثل هذه الحركات وتدفع بالشباب إلى الانخراط فيها من حيث لا يعلمون".
*دوافع سياسية بغطاء ديني
أما الباحث في الشأن السياسي واثق الجابري، فيقول إن غالبية الجماعات المتطرفة ظهرت بعد عام 2003، مستغلة فسحة الحرية، وإن كانت تستند إلى بعض العقائد المنحرفة وسلوك طرق التشدد.
ويشير الجابري إلى أن هذه الجماعات "عادة ما تثير الفرقة والضغينة بين المجتمع العراقي والعزف على وتر الطائفية، من خلال استغلال شريحة من الشباب ممن يعانون من ظروف اقتصادية صعبة".
ولا يستبعد الجابري أن "تكون لها دوافع سياسية بغطاء ديني من خلال تحريف بعض الفتاوى الدينية، واستخدام عناوين مختلفة مثل (جماعة القربان) أو (أصحاب الحق) أو (جند السماء) وما شابه من العقائد المنحرفة والمرفوضة مجتمعيا ودينيا وسياسيا وقانونيا".
*سرّ النشاط في سوق الشيوخ
وبشان تكرار حالات انتحار هذه الجماعة في سوق الشيوخ بمدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، يؤكد مراقبون للشأن المحلي، أن تلك الجماعات تنشأ عادةً في بيئات فقيرة عانى سكانها من التهميش والإهمال وهذا ما ينطبق على سوق الشيوخ الذي ورغم احتضانه العديد من القامات الفنية والعلمية والأدبية إلا أنه يفتقر إلى دعم حقيقي ومراكز توعية لتذكر بعض شبابه بما هم عليه.