حج المجاملة يشهد فوضى عارمة.. طائفية السفارة السعودية وفساد شركات السياحة المحتكرة وغياب متابعة الحكومة وراء الأزمة.. تعرّف على التفاصيل
انفوبلس..
خلافاً لكل عام، شهد حج المجاملة لهذا الموسم فوضى عارمة وأوضاعاً غير إنسانية عاشها نحو 500 حاج عراقي من المشمولين بهذا النوع من الحج، حيث وقعوا ضحية طائفية السفارة السعودية ببغداد من جهة وفساد وقلة خبرة الشركات المسؤولة عن تفويجهم من جهة ثانية وفشل الحكومة بإدارة هذا الملف من جهة ثالثة.
مصدر مطلع كشف لـ"انفوبلس" تفاصيل ما جرى ويجري مع الحجاج العراقيين، وقال إن "حج المجاملة هذا العام شهد فوضى منقطعة النظير كان ضحيتها الحاج العراقي بسبب القرارات السلبية من السفارة السعودية ببغداد وأسلوبها الطائفي في التعاقد مع شركات سياحة فاشلة فقط لأنها "سُنية".
وأضاف، إن "السفارة السعودية ببغداد منحت عددا غير معروف من مقاعد الحج للحكومة العراقية، لكنها وبعد استلامها الأسماء المرفوعة من رئاسة الوزراء للمتقدمين للحج لم تمنح أكثر من نصفهم تأشيرة الحج بعد أسبوعين من الضغط النفسي والتلاعب". مؤكداً، إن ذلك "وبرغم دفع المتقدمين للحج 9 ملايين دينار للمقعد الواحد إلا أن جزء كبير منهم يعاني الآن من عدم حصوله على التأشيرة وعدم استعادته لأمواله".
وأشار إلى أن "السفارة السعودية تعاقدت مع شركات سياحية فاشلة وغير مكتملة الأدوات ولا تمتلك تجربة مهمة، وجاء ذلك التعاقد للقيام بالخطوات الروتينية كالتقدم للتأشيرة عبر موقع نسك، وحجز المسار ومتابعة تنفيذه في الفنادق والنقل والطعام، وتوفير المتعهد والمرشد والتفويج"، مشيراً إلى أن "هذه الشركات الفاشلة هي شركتا "مسار التقوى" و"ضيوف أم القرى"، وقد بدأت الفوضى مبكرة، فضاعت جوازات الحجاج ولم يحصل نصفهم على التأشيرة، وحدثت العديد من الحالات الإنسانية حيث باتت الأم العاجزة وحيدة من دون زوجها أو ابنها، والأب الكبير والطاعن في السن من دون معين، وكل ذلك بسبب سوء إدارة الشركات والسفارة السعودية للملف".
وتابع: "أما وقد ذهب الحجاج في حج المجاملة إلى مطار بغداد ومن ثم إلى مطار جدة فقد بدأت معاناة من نوع آخر، وبات الوضع سيئاً، حيث تم حجز بعض الحجاج لأسباب طائفية أكثر من 4 ساعات في المطار، ثم غاب المتعهد عنهم ولم يجدوا سكناً أو طعاماً، والأمر مستمر حتى الآن".
أحد ضحايا الفساد والإرباك الحاصل بهذا الملف، أكد لـ"انفوبلس"، إنه "خلافاً للمتوقع ولما يُشاع فقد دفع 500 عراقي 9 ملايين دينار لقاء الحصول على مقعد "المجاملة" من مكتب رئيس الوزراء لأداء مناسك الحج لهذا العام، بينما نفس المقعد تحتسبه هيئة الحج بسعر 6.300 مليون دينار".
وأضاف: "تم حصر إصدار الفيزا بشركتين هما: مسار التقوى، ضيوف أم القرى، ولم تمنح السفارة السعودية 200 متقدم من الأسماء التي أرسلها مكتب رئيس الوزراء". مؤكدا، إن "الحجاج الذين توافدوا عبر رحلات بدأت من يوم الثلاثاء الماضي تفاجأوا بفوضى عارمة وجدوا أنفسهم وسطها تحت رحمة المتعهد الذي لم يوفّر أبسط الخدمات للحجاج".
وتابع: "ساعات من التأخير في المطارات، واختفاء المتعهدين عن القافلة، وانعدام التنظيم، وعدم توفير السكن والأكل، وكان مستوى الخدمات تحت الصفر رغم دفع مبلغ عال جدا قياسا بأسعار هيئة الحج". مشيراً إلى، أن "مئات الحجاج يعيشون فوضى وحيرة منذ أيام في ظل تركهم من قبل مكتب رئيس الوزراء تحت رحمة أصحاب الشركتين ومديريها ومتعهديها".
وتساءل: "هل يُعقل أن يدفع الإنسان 9 ملايين دينار لشركة ولا يعرف الخدمات التي ستُقدم له والتي تُليق برحلة مقدسة كأداء فريضة الحج؟". مضيفاً، إن "الناس دفعوا هذه المبالغ وقيل لهم إن تفويجكم سيكون vip نظرا للمبلغ المدفوع، وإنكم ضمن حصة رئيس الوزراء، لكن المفاجأة أن الخدمات كانت أسوأ مما يتلقاها الحجاج من أفريقيا أو آسيا". منوهاً إلى، أن "الشركتان قامتا بسرقة فارق سعر التصريف إذ لم تمنح التذاكر إلا بوقت متأخر مما حرمهم من الحصول على الدولار. وهو ما يشكل ربحا إضافيا للشركة بقيمة ٥٠٠ ألف دينار عن الحاج الواحد".
ويُعرف "حج مجاملة" بأنه منحة تقدمها السفارة السعودية لبعض السياسيين وغيرهم من البرلمانيين والمؤثرين في الوسط السياسي، ويُمنح في بعض الأعوام بحسب مقررات وأعداد تقدمها السفارة السعودية.
وعن طريق حصة "حج المجاملة" يحصل شخصيات محددة على تأشيرة حج خارج الحصة المقررة لكل دولة من قبل المملكة السعودية، وهذه التأشيرات يتم تحديد حامليها عن طريق السفير السعودي في الدولة التي تُخصص لها حصة من تأشيرات "حج المجاملة".
ومن المفترض أن تتميز هذه الفئة من حاملي تأشيرات الحج، بمرونة أكبر في التوقيت، كما تُقدم له خدمات مميزة من قبل الشركات السياحية المنظمة لـ"حج المجاملة" تشمل الإقامة والمواصلات والرعاية الصحية والتأمين وغيرها، إضافة الى إمكانية الحاج اختيار المرافقين بحرية ومن خارج الحصة الرسمية.
وتُمنح هذه المقاعد خارج إطار عمل هيئة الحج والعمرة العراقية، ولا تخضع إلى رقابة وتدقيق الهيئة العليا، وتتم عبر شركات معينة من خلال المسار الإلكتروني.
وعن هذا الجانب في الحج، أشار رئيس هيئة الحج والعمرة الشيخ سامي المسعودي، الى أن حصة "حج المجاملة" تُمنح الى مؤسسات في الحكومة وشخصيات سياسية، وتكون خارج مظلمة الهيئة".
وقال المسعودي، في مؤتمر صحفي، عقده في وقت سابق، إنه "هنالك حج يسمى "حج المجاملة"، والتأشيرات الخاصة بحج المجاملة لا تُعطى لهيئة الحج والعمرة، ولكن تُمنح الى مؤسسات حكومية، وشخصيات سياسية، وتكون خارج مظلمة الهيئة".
وأضاف، إنه "طالبنا أن يكون هذا النوع من الحج (حج المجاملة) الذي هو ليس تحت تصرفنا، أن يكون تحت مظلة هيئة الحج والعمرة، خاصة في الخدمة والتفويج على أقل تقدير، لأنهم بالنتيجة هم عراقيون ويسعون لأداء مناسك الحج".
وتابع المسعودي، إن "الهيئة قدمت دعما كبيرا للحجاج، كما أنها تعمل بدعم رئيس مجلس الوزراء، وأن الهيئة وفّرت أرباحا بلغت 39 مليار دينار عراقي، عبر أرباح الشركات الخاصة بهيئة الحج والعمرة، وحقق العراق في العام الماضي أقل تكلفة وأحسن جودة في نوع الخدمة قياساً في الدول الأخرى".
ونوه المسعودي، الى أن "الشركات التجارية التي تنقل الحجاج الذين شملتهم حصة "حج المجاملة"، وصلت الى مبالغ 15,000 دولار للحاج الواحد، وهذا رقم كبير بالنسبة للحاج العراقي، خاصة أن السكن أقل من مواصفات السكن الذي توفره هيئة الحج والعمرة للحجاج الآخرين".