حرب "فيسبوكية" بين الحكومة ومنتقديها.. هل يملك السوداني جيوشا الكترونية؟ وما قصة الـ650 مليون شهريا لـ"البيجات"؟
انفوبلس/ تقارير
ضجة واسعة أحدثتها زيارة السوداني إلى محافظة البصرة يوم أمس، فالانتقادات التي وُجهت للزيارة من بعض نواب المحافظة قوبلت بردة فعل وُصفت بالعنيفة من قبل حسابات مختلفة وصفحات موثقة تابعة للحكومة، ما دفع هؤلاء النواب وفي مقدمتهم مصطفى سند إلى اتهام السوداني بامتلاك جيوش الكترونية أسماهم بـ"الذباب" بغية الرد وتسقيط كل من ينتقد الحكومة، لكن اللافت أن سند قال إن الحكومة تصرف "المليارات" على هؤلاء في حين قال آخرون إن هناك ميزانية خاصة لـ"شراء الأقلام" المدافعة عن السوداني وحكومته. فهل يمتلك السوداني جيوشا الكترونية؟ وما قصة الـ650 مليون شهريا إلى صفحات الفيس بوك؟
*اتهامات نيابية للسوداني بامتلاك جيوش الكترونية
يلعب المال السياسي دورا كبيرا في العراق حيث نجح هذا المال في تجنيد بعض وسائل الإعلام المؤثرة لتنفيذ أجندته، ولم تكن الحكومة بعيدة عن هذه الممارسات. إذ اتُهم رئيسها محمد شياع السوداني بامتلاكه جيوشا الكترونية هدفها تلميع صورة الحكومة وغض النظر عن سلبياتها، وكان آخر حديث بهذا الشأن هو ما تحدث به النائب مصطفى سند بأن الحكومة تصرف المليارات لهذا الغرض.
حديث سند جاء بعد تعرضه لهجمة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي إثر انتقاده لزيارة السوداني إلى البصرة وتسببها بزحامات خانقة نتيجة الرتل الكبير الذي رافقه وقطع الشوارع.
وبهذا الصدد، نشر سند مجموعة من "السكرينات" المهاجمة له ورفعها في قناته على منصة التلغرام ثم أرفقها بالقول، "خاف بعض الشباب يمكن مستغرب من هكذا نشر، لكن لم يستغرب من تصرفات الحكومة بهكذا مستوى وصرفها مليارات لهذه الأشياء واتعمد اخليكم بالصورة".
*حسابات وهمية
أما في فيسبوك، فقد شخّص سند أن تلك الحسابات ليست حقيقية، بل هي وهمية وغالبيتها تابع إلى نساء غامزا إلى السوداني بالقول، ""وديلنا زلم تواجه أو بالأحرى خلي الزلم تنزع أنوثتها".
ثم نشر سند تغريدة للنائب عن محافظة البصرة عدي عواد ينتقد فيها الزيارة أيضا، وعلّق عليها، "هسة فرضاً انا عندي مشكلة شخصية مع الحكومة، الأخ عدي عواد من كتلة تعتبر عمود هذه الحكومة، بس انطو مجال للانتقاد وكونوا منصفين"، في إشارة إلى الجيوش الالكترونية التي هاجمته.
كما نشر سند تغريدة للخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أيضا ينتقد فيها زيارة السوداني وعلّق عليها، "الاستاذ القدير الدكتور نبيل المرسومي، لو هم گولوا عنده مشكلة شخصية".
لم يكتف سند بذلك، بل نشر أيضا صورة للسوداني تجمعه بالمحاضرين المتظاهرين وعلّق عليها، "رئيس الوزراء يلتقي ممثلي المحاضرين والمهندسين المتظاهرين، زين الانتقاد يجيب نتيجة، چا شبيهم ربع الحكومة ما يقبلون ننتقد".
*"ذباب الكتروني"
تواصلت الهجمة على سند وتواصل هو الآخر بكشف ما وصفها بالجيوش الالكترونية التي تهاجمه، إذ قال في تدوينة له، "مجلس کونگرس الذباب الإلكتروني يصوت بالأغلبية على ضرب أراضي مصطفى سند عن طريق الكليبات الممولة وفلاتر تشويهية واستخدام مصطلح (الابتزاز) أثناء العمليات في الفيسبوك والانستا والتيكتوك".
وأضاف، "ستبدأ تلك العمليات مساء اليوم، وبدورنا جهزنا عددا كبيرا من المنشورات المسيرة المفخخة، ستضرب معقلهم ورئيس الكونكرس والعائلة الحاكمة"، في إشارة إلى السوداني وحكومته.
*سند يتحدى الحكومة
كما انتقد سند زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الاخيرة الى محافظة البصرة .
وقال سند في تدوينة له، ”اتحدى الحكومة المركزية تسد فرع من تزور أربيل وأتحداها تخفض أعداد الموظفين بالإقليم مثل ما ردت على محاضرين البصرة وأتحداها تضرب بزونة هناك، واتحداها تفتح معمل مفتوح سابقاً".
وأضاف، ”افتهمنا جلالة الملك جاي للبصرة الطيبة، بس مو تأذون العالم بتقطيع الشوارع علمود يمر جلالته ".
وتابع، "شو بالممول مال (واحد قصر) و(واحد حكومة) – صفحات على فيس بوك تابعة للسوداني – والتيك توك مطلعينة يمشي وحده بسيارته وراح وداها للغسل بينما حالياً الملامح بالشوارع ملامح حرب!".
*650 مليون شهريا إلى صفحات الفيس بوك
رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني هو أكثر رئيس وزراء في تاريخ العراق يحب الظهور الإعلامي والشو الإعلامي و"الطشة الإعلامية" ويدفع من المال العام 650 مليون دينار عراقي شهرياً الى صفحات الفيسبوك حتى "تصبغ به" وذلك بحسب نواب ومدونين وإعلاميين.
ويؤكد هؤلاء، أن مهمة هذه الصفحات المدافعة عن السوداني ونشر نشاطاته بصورة مستمرة والرد على كل من يحاول انتقاده، وفق قولهم.
*5 ملايين شهريا للوكالات والقنوات "المُلمّعة"
لم يقف الأمر عن الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وصل الحال إلى تخصيص الحكومة ميزانية خاصة لشراء الأقلام المأجورة وفق ما كشفته مصادر مطلعة.
وبهذا الصدد، كشف مصدر حكومي رفيع، طريقة تلميع أعمال ونشاطات السوداني، في وسائل الإعلام، فيما حدد المبلغ الذي ترسله الحكومة للقنوات الإعلامية والوكالات الصحفية.
وقال المصدر، إن "المكتب الإعلامي الخاص برئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، يتعامل مع العديد من وسائل الإعلام المحلية، كالقنوات والوكالات الصحفية، من أجل غاية واحدة، وهي تلميع أداء الحكومة وتجميل صورتها أمام الرأي العام ".
وأضاف، إن "المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء يقوم بإرسال الفيديوهات والاخبار وكل ما يتعلق بالنشاطات الحكومية، بشكل خاص لهذه القنوات، لغرض نشرها"، لافتاً الى أن "هذا التعامل لا يحدث دون مقابل".
وأوضح المصدر (الذي فضل عدم كشف اسمه)، إن "القنوات التلفزيونية، والوكالات الصحفية، ومن خلال نشر نشاطات السوداني، فإنها تحصل على مبلغ مادي قدره 5 ملايين دينار شهريا".
وبين، إن " القنوات والوكالات المشمولة بمكرمة المكتب الإعلامي تقوم بإخفاء أي تلكؤ أو تأخير، أو غض النظر، عن الأداء الحكومي، مقابل هذه المبالغ وهو ما يعاكس أسس العمل الإعلامي، ونزاهته".
*سخط استطلاعات الرأي المؤيِّدة
كما أن استطلاعات الرأي هي الأخرى جاءت نتائجها مطابقة لما تريده الحكومة ما أثار استهجانا في البلاد، ففي سبتمبر الماضي أثار استطلاع للرأي أجرته هيئة المستشارين التابعة لرئاسة الوزراء العراقية لقياس مدى رضا الناس عن الأداء الحكومي والإنجازات المحققة موجة تهكم واسعة على مواقع التواصل ، وقال معلقون “الآن على الأقل عرفنا شنو عمل هيئة المستشارين”، وتساءل آخرون “ليش نسبة التأييد ضعيفة، ليش ما تسووها 99.99 في المئة؟".
وخلص استطلاع الرأي الذي نشرته الهيئة الحكومية إلى أن 78 في المئة من الشعب العراقي يثقون بحكومة محمد شياع السوداني، وإن بشكل متفاوت.
وذكر الاستطلاع أن “38 في المئة من العراقيين يثقون تماما بالأداء السياسي والخدمي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فيما أجاب 40 في المئة أنهم يثقون بأدائه إلى حد ما، مقابل 22 في المئة أجابوا بـ"لا أثق".
واعتبر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أن الهدف من الاستطلاع تلميع صورة حكومة السوداني مع اقتراب إتمام عامها الأول، متسائلين عن الإنجازات التي تحققت للعراق منذ تسلم هذه الحكومة لمهامها في أكتوبر الماضي.
وقام عدد من رواد مواقع التواصل بإنشاء استبيانات على صفحاتهم عبر منصة إكس لاستطلاع أراء العراقيين بشأن الأداء السياسي والخدماتي لحكومة السوداني، وعمّا إذا كانت تتوافق وصحة الأرقام التي عرضتها هيئة المستشارين.
واعتبروا أنه من الجيد أن يهتم الفريق الحكومي بالرأي العام، ولكن هذا ليس رأيا عاما وإنما هو رأي خاص منحاز.