حساب طالوت الشروگي.. مقرّب للخزعلي وسجال "طويل" مع العراقي: ماذا عن أطروحة "البلد الطيب"
انفوبلس/ تقرير
قد يجهل الكثيرون قصة الحساب المقرّب من زعيم عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، "طالوت الشروگي" الذي بدأ منذ 8 سنوات على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، بنشر البيانات والتصريحات وأطروحته الأخيرة بعنوان "نظرية البلد الطيب"، وهو ما ستنعرّف عليه في هذا التقرير.
*بداية الحساب
في بداية شهر آذار، من العام ٢٠١٥، ظهرت صفحة على منصات التواصل باسم "طالوت الشروكي"، ليتغير اسمها مرّات عدّة ودُمِجت مع صفحات أخرى، أسماء مثل: (طالوت الشروگي رجال)، (رجال الدولة Statesmen I)، (المقاومة العالمية)، (المقاومة)، لتستقر في النهاية إلى (طالوت الشروكَي).
وبما فيهم زعيم عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، فإن هناك 10 أشخاص من داخل العراق، يُديرون صفحة "طالوت الشروكي".
وفي الحقيقة هناك قصة طويلة، سياسية وشخصية وتكاد تكون "عدائية" بين صالح محمد العراقي الصفحة الالكترونية التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، التي أُسِّست عام 2016، وبين "طالوت الشروكي" الصفحة الأخرى الناطقة باسم زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.
*سِجال طالوت وصالح
لا يختلف اثنان على أن هناك خلافا شخصيا ومبدأيا، بين الصدر والخزعلي، فالأخير كان يد الأول اليمنى بعد عام 2003، ومرافق الشهيد محمد محمد صادق الصدر، المرجع الذي قُتل بطريقة "وحشية" مع اثنين من أولاده وسط محافظة النجف، لكن الأمور تغيرت كلها بعد أعوام من مقاومة الاحتلال، فعصائب أهل الحق تزعّمها قيس الخزعلي، وصعد رصيدها الشعبي أيام الحرب على تنظيم "داعش الإرهابي"، ليصعد رصيدها من مقعد وحيد لحسن سالم، إلى 19 مقعداً في انتخابات عام 2018.
لهذا، فإن هناك نوعا من المواجهة غير المعلنة التي أرادها الخزعلي بردّه على صفحة صالح محمد العراقي بإطلاقه صفحة "طالوت الشروكي".
المواجهة التي كبرت واتضحت، خلال منتصف شهر أيار عام 2019، حين نقلت صفحة صالح محمد العراقي، عن الصدر قوله إنه "يشعر بالخيبة من الخزعلي كونه لم يتخذ اجراءً ضد السياسيين المُسيئين للصدر"، جاء ذلك على إثر تسريب محادثات (واتس آب)، لسياسيين ينتمون إلى عصائب أهل الحق، أساؤوا فيها لزعيم التيار الصدري.
كما جاء من ضمن كلام الصدر، وصفه للخزعلي بأنه "يعشق السياسة والدنيا، وقد بدّل مرجعه الشهيد محمد محمد صادق الصدر، وأنه زعيم "للمصايب"، وأن المنتمين للعصائب أكثرهم بلا ورع". وقتها أرفق صالح محمد العراقي منشوره بصورة تحمل دلالات "مُقلقة" بشأن محاولة اغتيال زعيم التيار الصدري.
انبرى الخزعلي وقتها غاضباً، حينها ليردّ عليه في منشور عبر صفحة "طالوت الشروكي"، ذكر فيه أنه "لم يبدّل مرجعه الصدر، لكنه لا يعود لأبناء المراجع في مستحدثات الأمور، كما أنه عرّض نفسه للموت أكثر من مرّة وهو يواجه إرهاب "داعش".
وكذلك ردّ عبر طالوت الشروكي، بأن "اتهام العصائب بأن أكثرهم بلا ورع، فهذا اتهام مجانب للصواب وفيه ظلم كبير لأن أكثر العصائب كما يعلم الجميع مجاهدون حملوا أسلحتهم على أكتفاهم وقاتلوا الاحتلال الأمريكي ومن ثم دافعوا عن مرقد العقيلة (ع) ومن ثم تصدّوا لـ"داعش".
وحول تلميح الصدر، بوجود مخطط لاغتياله، ردّ الشروكي قائلاً، "اتهام فصيل مقاوم يقف ضد محور الشرّ الأمريكي الإسرائيلي السعودي بأنه ربما يخطّط لقتله هو خلاف الحِكمة ولا يصبّ في مصلحة العراق ولا التشيّع".
وفي إحدى لقاءاته التلفزيونية، أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بشكل مُعلَن عائدية صفحة صالح محمد العراقي له، وأنه كان يُديرها بنفسه، قبل أن يمنحها لآخرين يديرونها تحت رقابته. وحول الشخصية التي تنشر التغريدات والصور، وكل الدعوات والأوامر التي رافقت تظاهرات تشرين عام 2019، أشار الصدر إلى أن "مَن يديرها هو شخص شعبوثي وأنه لا ينصح باللقاءات معه".
أما، طالوت الشروكي، فلم يتحدث عنها الشيخ الخزعلي في لقاءاته وتصريحاته الصحفية، ولم يتعرض لأي سؤال يخصّها، منذ لحظة انطلاقها في مواقع التواصل الاجتماعي وحتى اليوم، لكنها وبحسب تحرّينا تُدار من قبل زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، الذي اتخذ من القائد التاريخي "طالوت" عنواناً لصفحته، ليجد المتابعون أنفسهم بين ما يكتبه قائد ميداني وزعيم فصيل في الحشد الشعبي وكتلة سياسية، وبين ما يحرّره "شاب شعبوثي".
وتراجعت صفحة "طالوت الشروكي"، في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ، خصوصاً بعد العقوبات الأمريكية التي طالت زعيم عصائب أهل الحق، وحجب اسمه من الظهور في أي منشور يتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتسميتها الحديثة "ميتا".
*المقصود من نظرية "البلد الطيب" لـ "طالوت الشروگي"
قدّم حساب "طالوت الشروگي"، في وقت سابق أطروحة بعنوان "نظرية البلد الطيب"
نصّ الاطروحة:
"دليلنا الأساسي في هذه النظرية هو القرآن الكريم حيث سنستدلّ بأكثر من آية قرآنية من أجل إثبات هذه النظرية، والآية الرئيسية قوله تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) ولابد أن نُشير وبشكل واضح أننا بمجرد أن تكلمنا عن الأرض وخصوصيتها فلابد أن تكون هناك خصوصية لما ينبت منها بناءً على هذه الآية الكريمة، وهنا السؤال المهم (ماذا يشمل النبات في هذه الآية الكريمة؟) هل يشمل فقط الزرع والشجر أم يشمل الإنسان والحيوان؟
الجواب: إن كل ما تقدّم يصدق عليه أنه نبات الأرض لأن عملية الإنبات هي النمو، فكل ما على الأرض من زرع وشجر وإنسان وحيوان إنما يكون نموّه من مكونات هذه الأرض فهو يشرب من ماءها ويتغذّى من عناصرها ويتنفّس من هواءها، والدليل القرآني على أن مفهوم النبات يشمل كل ما ذكرناه هو الآتي:
*الزرع نبات (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا)
*الشجر نبات (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا)
*الإنسان نبات (والله أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً. ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً) وآية ثانية تتكلم بشكل صريح عن مريم عليها السلام (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا)
وقوله تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّىٰ)
إذن.. صفات أرض وماء وهواء أي بلد سواء كانت إيجابية أو سلبية فإنها ستؤثر وتنتقل إلى الإنسان وتشكل عنده مجموعة قابليات واستعدات سلبية أو إيجابية كما تنتقل إلى سائر ما يخرج من هذه الأرض وينمو عليها.
وبما أن أرض العراق طيّبة كما اتضح من الروايات التي تقدّمت (في المقالات السابقة) إذن الإنسان العراقي تشكلت عنده قابليات واستعدادات طيبة جعلته مؤهلا لاكتساب الخصوصية عند الإمام المهدي (عج) من دون باقي بني البشر كما أن زرعه وشجره ودوابّه كذلك.
وبعد ذلك وردت بعض الإشكالات حول هذه الأطروحة أجابَ حساب "طالوت الشروگي" كالآتي:
أطروحة (البلد الطيب) التي قدّمناها في مقال سابق وردت إلينا حولها بعض الإشكالات التي سنردّ عليها في مقالنا هذا وهي:
الإشكال الأول: صحيح أنَ أرض العراق ممدوحة ولكن العراقيين مذمومون في الروايات إذن لا توجد ملازمة بين الأرضِ والإنسان الذي ينشأ منها.
وقد أجبنا عن هذا الإشكال في مقال سابق بعنوان (العراقيون أصل التشيّع) نتمنى منْ الإخوة الاستفادة منه.
الإشكال الثاني: مكة المكرمة أرض طيبة والدليل ولادة رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وجملة من بني هاشم فيها وكذلك المدينة المنورة محل ولادة أغلب الأئمة عليهم السلام, ولا نجد أن أهلها بمستوى الطيبة الذي نتوقعه بمقتضى الأطروحة المُدعاة.
ورداً على هذا الإشكال نقول:
ما نقصده من أنَ الإنسان يكونُ طيباً إذا كانت أرضهُ طيبة هو المواصفات والاستعدادات والقابليات أيْ بمنزلةِ (القوة) ويبقى (الفعل) مشروطاً بكون هذا الإنسان على مستوى الاعتقاد الصحيحِ وهذا يحتاج إلى شروط إضافية أخرى، مع التأكيد على أننا عندما نقول أن الأرض الطيبة تعطي المواصفاتِ والقابلياتِ فقط ولا تعطي النتائج ، فهذا لا يعني أنَ تلكَ المواصفاتِ والقابلياتِ شيء ثانوي، بلْ هيَ شيءٌ أساسي ومهمٌ للغاية وبدونهِ لن تحصل النتيجة مطلقا لأنها تعدُ (القوة) ومهما بذلنا من جهدٍ لتحقيقِ الشروط المطلوبة الأخرى للوصول إلى الفعلِ فلن نصلَ لأنَ القوةَ غيرُ موجودة، بخلاف الإنسان الذي لديهِ تلكَ القابليات والاستعدادات فإنهُ يحتاج إلى جهد بسيط ليصلَ إلى النتيجة المطلوبة .
إذن نحن لا نقصد أن الأرضَ بمفردها هيَ عِلّةٌ كاملةٌ للنتيجة والثمرةِ النهائية وهي الإنسان المؤهلُ للقيامِ بواجبهِ الرسالي وأداء تكليفهِ الإلهيِ، وإنما نعتقد إنَ الأرض مؤثرة في تحقيقِ هذهِ النتيجةِ وتأثيرها كبير ولكنها كما يعبرون في الفلسفةِ جزء منْ علة وليسَ علة كاملة، العلةُ الكاملة مثلُ الشمسِ ونتيجتها الضوء، فالشمس علة كاملة لوجودِ الضوء ولا تحتاج إلى سبب آخرَ لإعطاء الضوء، وأما مثال العلة الناقصة فهو النار، ض ونتيجتهُ الإحراق فوجود النارِ بمفردها لا يعتبر علة كاملة لتحقق الإحراق،
نعم النار تعتبرُ المقتضي لتحقق الإحراقَ ولكنْ لا بدَ من وجودِ مسألتين أُخريتين هما تحقق الشرط، وهوَ تقريب النارِ منْ الشيء الذي يرادُ إحراقه وارتفاع المانع وهوَ عدمُ وجودِ بللٍ عليهِ يمنعه منْ الاحتراق.
إذن عندما نتكلم عنْ تأثيرِ الأرضِ على نباتها سواء كانَ زرعاً أوْ شجرا أوْ حيواناً أوْ إنسانا فليسَ مقصدُنا أنَ الأرض لوحدها كافية لتحقيق ذلك، نعم هي شرط أساسي ومهم جدا ولكنْ لا بدَ منْ وجودِ شروط أخرى.
كما نشر الحساب توضيح آخر عن الأطروحة كالآتي:
تحدّثنا سابقاً عن نظرية البلد الطيب وأثبتناها قرآنياً وروائياً بالأدلة، وسنقوم بهذه العُجالة ببيان أمرين مهمين هما :
أولاً: الروايات الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام في بيان خصوصية أهل العراق، وكما يلي :
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو يقول: (يا أهل الكوفة إنكم من أكرم المسلمين، وأقصدهم تقويماً، وأعدلهم سُنّة، وأفضلهم سهماً في الإسلام، وأجودهم في العرب مركباً ونصابا، أنتم أشد العرب ودّاً للنبي وآله وأهل بيته، وإنما جئتكم ثقةً بعد الله بكم)
كما ورد عنه (عليه السلام) مخاطبا أهل الكوفة أيضاً:( أنتم الأنصار على الحق والأخوان في الدين والجنن يوم البأس والباطنة دون الناس بكم أضرب المدبر وأرجو طاعة المقبل)
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (أما إنه ليس من بلد من البلدان أكثر محبّةً لنا من أهل الكوفة ثم هذه العصابة خاصة، إن الله هداكم لأمر جهله الناس، أحببتمونا وأبغضنا الناس، وصدّقتمونا وكذبنا الناس، واتبعتمونا وخالفنا الناس، فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا)
وما ذكرناه جزءا يسيرا جدا مما ورد عن أهل البيت عليهم السلام بحق العراقيين مما يثبت طيبهم وتميزهم.
ثانياً: الأدلة الواقعية التي تدل على طيب كل ما ينبت في أرض العراق من نبات أو شجر أو إنسان أو حيوان والتي لا يوجد مثيل لمواصفاتها في الأرض كلها، وكما يأتي :
*النبات: نأخذ مثلاً رز العنبر (تمن العنبر) فهو أرقى الأنواع الموجودة في العالم ولا يوجد له شبيه، وكذلك الأشجار فبرتقال كربلاء وديالى أو تمر البصرة وبابل، بل كل أنواعها، لا يوجد ما يضاهيها في الطعم.
*الإنسان: أبسط وأوضح دليل يمكننا أن نقدمه لتمييز كرم الإنسان العراقي هو ما يقدّمه أهل المواكب الحسينية لزوار أبي عبدالله الحسين عليه السلام في زيارة الأربعين والذين تصل أعدادهم لأكثر من عشرين مليون زائر في كل عام، فضلاً عن الزيارات الأخرى التي تحصل خلال العام نفسه، والعالم أجمعه مُنبهر من هذا الكرم والطيب المنقطع النظير، وإذا أردنا أن نذكر مثالا للشجاعة والإيمان فلن نذهب بعيداً عمّا جرى من بطولات وقصص فريدة في فترة تصدي مجاهدي الحشد الشعبي المقدس للهجمة الداعشية، وحتى الحيوانات فهو أطيب وألذّ وأزكى رائحة من كل لحوم العالم مثل لحوم الأغنام والطيور العراقية (كالخضيري وغيرها)
ومن المعروف أن حتى الأغنام المستوردة لا يمكن أكلها إلا بعد أن تتغذى على الأعلاف العراقية لمدّة أربعين يوماً حتى يتغير طعمها ويصبح لحمها (مشابهاً) للحم الأغنام العراقية (وليس مثله طبعاً).
هذا ما استطعنا إيراده كأدلّة واقعية لإثبات خصوصية العراق وتميّزه عن باقي البلدان، وبالتالي خصوصية وتميُّز كل ما ينبت فيه من نبات وشجر وإنسان وحيوان.