حملة كبرى لتدقيق المعاملات التقاعدية في الانبار.. ما تفاصيلها؟ وهل تقود لإرهابيين جُدد يتقاضون رواتب؟
انفوبلس/ تقارير
كثيرة هي حالات التزوير والتلاعب التي كُشفت في المعاملات التقاعدية لضحايا الإرهاب بمحافظة الانبار، ولعلّ أبرزها الفضيحة التي كشفها الأمن الوطني مطلع العام الجاري والتي نتج عنها الإطاحة بأكبر وأخطر شبكة من الفاسدين المتورطين بهذا الملف في ثلاث محافظات تتصدرها الأنبار، فضلا عن عمليات أخرى وحملات كانت آخرها ما أعلنته مؤسسة الشهداء اليوم عن تدقيق 2000 معاملة في الأنبار وتوعدها المتلاعبين والمزورين بالملاحقة. فما هي آخر تطورات هذا الملف؟ وهل سيقود استمرار عمليات التدقيق إلى فضيحة جديدة بعد الفضيحة التي كشفها الأمن الوطني؟ إليك عدد الإرهابيين الذين يتقاضون رواتب في المحافظة.
*تمهيد عن الفساد في تقاعد الانبار
قبل الشروع في حملة مؤسسة الشهداء التي تم إطلاقها اليوم لتدقيق المعاملات التقاعدية في الانبار، لابد من التذكير بالفساد المكتشف مؤخرا في هذه الهيئة، حيث أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة في 11 كانون الثاني الماضي صدور قرار حكمٍ حضوريٍ بالحبس الشديد على مدير تقاعد الأنبار السابق، وتسديد مبلغٍ ماليٍّ يناهز ثلاثين مليار دينارٍ للخزينة العامَّـة.
وبالحديث عن تفاصيل القضية، فقد أكدت النزاهة، أنَّ القرار تضمَّن إلزام المُدان بردّ قيمة الكسب غير المشروع البالغة (14,934,257,000) مليار دينار، بعد حسم مبلغ (4,998,700) مليون دولارٍ أمريكيٍّ، مُبيّنة أنَّ المبلغ المذكور يمثل قيمة المبلغ المُسدَّد سابقاً من قبل المحكوم، إضافة إلى مبلغ (380,000) ألف دولارٍ أمريكيٍّ عن قيمة سيَّارتين نوع (كاديلاك وجي كلاس) تمَّ ضبطهما، إذ قرَّرت المحكمة مصادرتهما وإيداعهما لدى هيئة النزاهة، للتصرُّف بهما وفق القانون.
أما في الـ 28 من تموز الماضي فقد قالت هيئة النزاهة، إنّها اكتشفت آلاف الوثائق تثبت عمليات تزوير وتلاعب وهدر أموال في دائرة هيئة التقاعد بمحافظة الأنبار.
هذا جزء من الفساد المكتشف رسميا في هيئة تقاعد محافظة الانبار، وقد نشرت انفوبلس سلسلة من التقارير حول ذلك في الأيام السابقة، لكنها حرصت على التذكير بملخص بسيط قبل الشروع في التفاصيل.
*حملة مؤسسة الشهداء
وبالحديث عن حملة اليوم، فقد أعلنت مؤسسة الشهداء، تدقيق 2000 معاملة في محافظة الأنبار.
وقال رئيس المؤسسة عبد الإله النائلي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "المؤسسة دققت ما يقارب 2000 معاملة في الأنبار كمرحلة أولى، والأعداد النهائية لا يمكن إحصاؤها لأن هناك لجاناً طبية لا تزال تعمل".
وأضاف النائلي، إن "هناك 400 إضبارة في الوقت الحالي تم تدقيقها ومطابقة البيانات، وهناك معاملات كثيرة للشهداء والمصابين في الأنبار سوف تطلق قريباً".
*مصير المزورين والمتلاعبين
أما بخصوص المتلاعبين والمزورين، فقد أكد رئيس مؤسسة الشهداء أنهم سيكونون أمام القضاء، وتحصيل الديون الحكومية أمام هيئة التقاعد، فضلاً عن إجراءات قانونية بحق المتلاعبين".
وأوضح، إن "مؤسسة الشهداء تعمل بكل إمكانياتها لإنهاء ملف الأنبار بالكامل، مع العمل على تبسيط الإجراءات في فرع المؤسسة بالمحافظة، بجانب متابعة من قبلنا".
*قرابة الـ 3 آلاف معاملة محط شكّ
خلال الأيام الماضية، كشفت الهيئة، عن ضبط 2935 معاملة مودعة في دائرة التقاعد "غير مسجلة في الدائرة"، مبينة أنّ المعاملات "لا تحتوي على كتاب إحالة صادر عن مؤسسة الشهداء".
كما كشفت عن ضبط "98 رقمًا تقاعديًا يتم صرف الرواتب التقاعدية بموجبها دون وجود أي إضبارة لها أو أوليات، أي معاملات وهمية".
وقالت الهيئة أيضًا، إنّ "عمليات التدقيق التي قام بها الفريق أفضَت إلى ضبط 16 إضبارة تقاعدية مزورة، وبودرة حاسبة في مكتب أحد الموظفين تتضمن 5 أرقام تقاعدية يمكن استغلالها بتنظيم معاملات تقاعدية مقابل مبالغ ماليَّة تتراوح من (3000 - 3500) دولار لكل معاملة".
وأضافت، إنّ "العمليَّة أسفرت أيضًا عن ضبط 7 كتب صادرة عن مؤسسة الشهداء للأعوام (2020 -2021) متوقفة عليها 317 معاملة تقاعديّة مستوفية الشروط ولم يتم إطلاق المبالغ لمستحقيها، حيث تم إيداعها لدى مدير التقاعد".
وبيّنت، إنّ "الفريق عثر على 3 أجهزة هاتف مخفيَّة في إحدى ساحات الدائرة تبيَّن احتواءها على محادثات ومراسلات؛ لتمرير معاملات تقاعديَّة مقابل مبالغ ماليَّة، وصور لمعاملات ووثائق وغيرها".
*هل ستقود حملة اليوم إلى فضيحة جديدة؟
وبعد إطلاق مؤسسة الشهداء حملة التدقيق اليوم بمرحلتها الأولى، توقع مراقبون أن تقود هذه الحملة إلى فضيحة جديدة في الانبار لا تقل شأن عن فضيحة مدير التقاعد السابق أنس العلواني أو تلك الفضيحة التي اكتشفها جهاز الأمن الوطني.
وقال مراقبون بهذا الشأن، أن هناك آلاف الأشخاص الأحياء في محافظة الأنبار يتقاضون رواتب "شهيد" بالاتفاق مع شبكات نافذة داخل هيئة تقاعد المحافظة تسهل لهم ذلك عبر مبالغ مالية تتجاوز الملايين، مؤكدين أن التدقيق الذي شرعت به مؤسسة الشهداء سيساهم كثيرا في كشف هؤلاء وسيطيح بأسماء وشبكات جديدة.
وأضافوا، أن "عصابات التزوير تقوم ايضا بترويج معاملات لأطفال وكبار سن ونساء توفوا قبل احداث داعش وعدهم شهداء يتقاضون واسرهم رواتب وامتيازات مالية، مطالبين مؤسسة الشهداء وهيئة النزاهة بكشفهم جميعا واطلاق حملات كبرى مشابهة لحملة التدقيق التي انطلقت اليوم".
*18 ألف إرهابي ومطلوب وغير مستحق يتقاضون رواتب في الانبار
في السابع والعشرين من شباط الماضي، أكدت دائرة هيئة النزاهة، شمول عددٍ كبيرٍ من الإرهابيّين والمطلوبين أو ممَّن عليهم مُؤشّرات أمنيَّة وتزوير في معاملاتهم من بين (54,000) شخصٍ مشمول بقانون مُؤسَّسة الشهداء في مُحافظة الأنبار، لافتاً إلى عدم مراجعة (18,000) منهم لهيئة التقاعد؛ بالرغم من إيقاف رواتبهم؛ ممَّا يدلُّ على حصول مُخالفاتٍ وتزويرٍ في ملفاتهم، مُنبّهاً إلى أنَّ أعضاء اللجان الفرعيَّة في المحافظات هم من المحافظة نفسها، وأغلبهم مُوظَّفون مُنسَّبون للعمل في اللجان؛ الأمر الذي يجعلهم عرضةً للضغوط، وفقا للبيان.
ودقَّقت اللجان التدقيقيَّة المُؤلَّفة في مُؤسَّسة الشهداء (8127) معاملةً في المُحافظة تمَّ الكشف خلالها عن وجود (736) شخصاً لم يتم تدقيق معلوماتهم الأمنيَّة، منهم (69) صدرت بحقّهم مُذكّرة قبضٍ، و (657) تُوجَدُ ضدَّهم معلوماتٌ أمنيَّة، و(1280) حالة تزوير شهادات وفاةٍ وتقارير طبيَّة ومعلوماتٍ، فضلاً عن (3628) كتب صحَّة صدورٍ بدون إجاباتٍ، أمَّا تقارير ديوان الرقابة الماليَّة بخصوص تدقيق (35,149) معاملةً تقاعديَّةً في المُحافظة لغاية العام 2022، فقد أثبتت وجود (17,380) قراراً باطلاً تمَّ التلاعب فيه، و(17,088) قراراً مُزوَّراً تمَّ إيقـافه، مُشدّداً على حدوث حالات تزويرٍ جديدةٍ خلال العام 2023، ووجود (5,694) معاملةً مُزوَّرةً، و(5,496) قيداً مُزوَّراً تمَّ إدخالها بنظام الباركود عبر مُوظَّفي مُؤسَّسة الشهداء المُخوَّلين، وفقا للتقرير.