حوادث تسرب الكلور تتكرر في العراق فأين الخلل؟.. حادثة الولداية تُسبب قلقا كبيرا ونسبة تسمم عالية في مكان يفتقر لمستشفى
قنابل موقوتة
حوادث تسرب الكلور تتكرر في العراق فأين الخلل؟.. حادثة الولداية تُسبب قلقا كبيرا ونسبة تسمم عالية في مكان يفتقر لمستشفى
انفوبلس/..
تتكرر حوادث تسرب غاز الكلور في العاصمة بغداد ومحافظات عراقية أخرى، في واقعة خطيرة تهدد حياة الكثيرين، خاصة بعد نسبة الإصابات العالية التي شهدتها أطراف العاصمة وفي قضاء يفتقر لمستشفى يوفر أبسط المستلزمات المطلوبة للتعامل مع مثل هكذا حالات.
*أولي
عصر يوم أمس السبت، أفاد مصدر أمني، باختناق 3 أشخاص نتيجة تسرب غاز "كلور" من اسطوانة شرقي العاصمة بغداد.
وقال المصدر، إنه "أُصيب 3 اشخاص بحالة اختناق نتيجة تسرب كلور من اسطوانة ضمن قضاء الزوراء شرقي العاصمة بغداد".
وأضاف، إن "الانفجار لم تُعرف أسبابه"، مشيرا الى أن "سيارات الإسعاف هرعت الى مكان الحادث لإسعاف المصابين".
*حصيلة مرتفعة
بعد ذلك، أفاد مصدر أمني، بارتفاع حصيلة المصابين بالاختناق والتسمم نتيجة تسرب غاز "الكلور" الى 15 شخصاً شرقي بغداد.
وقال المصدر، إن "عدد المصابين بالاختناق والتسمم نتيجة تسرب غاز الكلور ارتفع الى 15 شخصاً"، مشيرا الى ان "التسرب حصل داخل معمل للصهر".
*توضيح رسمي
وفي أول تعليق رسمي، أصدرت قيادة عمليات بغداد، توضيحا حول تسرب مادة الكلور شرقي العاصمة.
وقالت القيادة في بيان: إن "بعض منصات مواقع التواصل الاجتماعي تداولت خبراً مفاده حدوث انفجار قناني غاز سامة وقاتلة ناتجة عن مادة ( الكلور ) وسيارات الإسعاف تنقل المصابين للمستشفيات في قضاء الزوراء شرقي العاصمة".
وأوضحت، إنه "بالساعة ١٨٠٠ وردت معلومات عن وجود حالات اختناق في منطقة الولداية تحديداً بستان سامي شرقي العاصمة بغداد، وعلى الفور شرعت قوة من الفرقة الخامسة شرطة اتحادية إلى مكان الحادث وتبين "تسرب غاز سام في المنطقة وبعد البحث والتحري اتضح أن السبب هو تسرب مادة "الكلور" من (مصهر للمعادن/ كورة) مما ادى إلى اختناق عدد من المواطنين من أهالي المنطقة أعلاه وتم نقلهم إلى مستشفيي (الإمام علي والصدر) وحالتهم مستقرة".
وأضافت، إنه "ما زال البحث جاريا عن صاحب "الكورة" لإلقاء القبض عليه واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه".
*تظاهرات
وخرجت تظاهرات في قضاء الزوراء شرقي بغداد وقام المتظاهرون بحرق الإطارات، تعبيراً عن غضبهم لحادثة تسرب غاز الكلور من معامل غير مرخصة موجودة هناك، مطالبين الأجهزة الأمنية بالتقصي عن هذه المعامل وإغلاق المخالف منها.
*ماذا يعني هذا التسرب؟
حسب منظمة الصحة العالمية، فإن الكلور أو الكلورين هو غاز أصفر مخضر له رائحة مميزة تشبه رائحة المادة المبيضة، وهو أثقل من الهواء بثلاثة أضعاف تقريبا، وبالتالي فهو يتجمع في المناطق المنخفضة، وهو غير قابل للانفجار، إلا أنه قد يعزز الانفجار لمواد أخرى.
ووفق مركز السيطرة على الأمراض الأميركي "سي دي سي"، غاز الكلور هو "مادة كيميائية تستخدم في المصانع والمختبرات وفي بعض المنتجات المنزلية"، وعندما يختلط مع الهواء يتحول إلى غاز.
ويشير إلى أنه "غاز سام، وقد يموت الإنسان إذا تنفسه"، إذ قد يتسبب بحرقة في الأنف والحنجرة والعين، وتقرحات في الجلد. وقد تترافق الأعراض مع سعال وصعوبة في التنفس وغثيان.
وإذا تعرض لغاز الكلور، عليك خلع ملابس وغسل جسمك ووجهك بالماء والصابون، والذهاب إلى أقرب منشأة طبية لتلقي الرعاية الصحية.
*حوادث سابقة
فتحت هذه الأحداث النقاش مجددا على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، حول أسباب تكرار حصول مثل هذه الحوادث المتعلقة بتسرب لغاز الكلور السام، في محطات المياه وبعض المصانع والمعامل بمختلف المناطق.
وفي مايو/ أيار من 2023، أعلنت مديرية الدفاع المدني العامة في العراق، أن فرقها سيطرت على تسرب غاز الكلور في محطة ماء حي الحسن العسكري بمحافظة ميسان جنوب شرقي البلاد، من دون تسجيل إصابات بشرية.
جاء ذلك بعد أقل من أسبوع من وقوع حادثة مماثلة في محافظة بابل وسط البلاد، على وقع تسرب غاز الكلور الخانق من اسطوانة داخل مشروع ماء الدولاب بالمحافظة، وفق الدفاع المدني العراقي.
أما أكبر هذه الحوادث كان التسرب الذي حدث في يوليو/ تموز 2023 في محطة مياه بلدة قلعة سكر شمال مدينة الناصرية، وهي مركز محافظة ذي قار الجنوبية، ونجم عنه آنذاك اختناق أكثر من 310 أشخاص.
*قنابل موقوتة
وانتقد معلقون ضعف إجراءات السلامة والوقاية في مثل هذه المحطات، وعدم وجود صيانة دورية أو تجديد لمنظومات تنقية المياه ولأسطوانات الكلور الصدئة، مما ينجم عنه تآكلها واحتمال تسرب الغاز منها.
وتجعل هذه الظروف الأسطوانات بمثابة قنابل موقوتة، بالنظر لخطورة غاز الكلور المميت عند التعرض له مباشرة وبتركيزات عالية، كما يشرح الخبير البيئي وعضو الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أيمن قدوري، قائلا: "غاز الكلورين يستخدم غالبا في محطات تنقية المياه، ويكون بشكل مضغوط في أسطوانات".
ويضيف: "المواصفات العامة لغاز الكلور: لونه أصفر قريب جدا من الأخضر الباهت، ورائحته مميزة وكثافته عالية مقارنة بالهواء، تصل إلى 3.22 غرام للتر، وهو أثقل من الهواء بمقدار مرتين ونصف".
ويشير الى انه ""بسبب كثافته وثقل وزنه مقارنة بالهواء، يشكل خطرا كبيرا في حال تسربه بسبب انتشاره في مناطق قريبة من سطح الأرض"، لافتا الى ان "أضرار تعرض البشر للكلورين بهيئته الغازية وبشكل مباشر كبيرة قد تصل لحد الوفاة".
اما الأعراض المتتابعة الناتجة عن التعرض للغاز عن طريق الاستنشاق، "تشمل ضرر وتخدش الأغشية المخاطية، وسيلان الأنف بصورة كبيرة"، وفق قدوري الذي بين قائلا: "بعدها تبدأ مرحلة التأثير على الرئة، وأبرز مظاهرها السعال وضيق التنفس وتخدش الحبال الصوتية مسببة خشونة الصوت، وقد تتطور الحالة لظهور أعراض الغثيان والقيء، وقد تستفحل مضاعفات الإضرار بالرئة بعد أقل من 20 ساعة من التعرض للكلورين، لتصل إلى درجة حدوث التهابات رئوية وأضرار قلبية قد تسبب الوفاة".
واكمل: "الضرر القلبي يكون في مثل هذه الحالات ناتجا عن نقص حاد في الأوكسجين، بسبب تشبع الرئة بالكلورين"، مؤكدا انه "يعتمد حجم الضرر الناتج عن التعرض للكلورين على نسبة تركيزه، فكلما تركيزه عاليا كانت أضراره أكبر".
*استعمالات أخرى
ويقول قدوري إن "هناك استعمالات أخرى محرمة دوليا لغاز الكلورين، من بينها إدخاله في صناعة قنابل تفريق الحشود (القنابل المسيلة للدموع)"، و"فيهذه الحالة يؤثر الغاز على العين مسببا تهيجها وحرقتها ويمكن أن تصل الآثار لحد التسبب بالتهاب قرنية العين، في حال كان التركيز عاليا".
أما إذا كان التعرض عن طريق لمس الغاز المتسرب من اسطوانات الضغط، فيسبب تجمد الجزء الملامس للغاز، وقد يؤدي لتلف الأوعية الدموية وأعصاب هذا الجزء.