دراسة فرنسية: سكان وادي الرافدين أول من قام بتهجين الحيوانات
انفوبلاس/..
لعبت الخيول دورًا رئيسيًا في تطور الحرب عبر التاريخ، و على الرغم من أنّ الخيول لم تظهر في الهلال الخصيب إلا قبل حوالي 4000 عام، حيث يشاع بين أوساط الآثاريين أنها قدمت من موطنها الأول، وهو ما يعرف جغرافيًا اليوم ببلاد القوقاز، لكن المنحوتات المصورة والنصوص المسمارية السومرية تؤكد أن السومريين كانوا يستخدمون ولعدة قرون عربات حربية ذات أربع عجلات تجرها حيوانات تشبه الخيول أثناء معاركهم.
تقول الدراسة الفرنسية الحديثة إنّ السومريين أول من هجنوا الحيوانات واستخدموا الأنواع الهجينة التي تجمع بين صفات الوالدين لإنتاج نسل أقوى وأسرع من الحمير
وقد ظهرت هذه الحيوانات في واحدة من أهم المنحوتات الشهيرة والمعروفة باسم "راية أور" وهي لوح من الفسيفساء عمره 4500 عام، ومحفوظ في متحف لندن، وتم استخراجه من المقبرة الملكية في أور، ويصوّر هذا اللوح الفريد على جانبيه شكل الحياة بمدينة أور في حالتي الحرب والسلم.
وبالإضافة إلى راية أور ، صوّر فيه النحات السومري أحد الحيوانات الذي يشبه الخيول ويجر عربة أثناء الحرب، وفضلًا عن ذلك، فإنّ الرقم الطينية المسمارية العائدة لهذه الفترة أيضًا (فترة سلالة أور الثالثة 2111 ق.م إلى 2006 ق.م) تقر بذلك، حيث يذكر أحد الألواح الذي يعود إلى عهد الملك شولكي ـ ملك أور في سلالتها الثالثة ـ نفقات الشعير المخصّص كعلف لهذه الحيوانات.
الآثاريون والمتخصصون بعلم الحيوان عرفوا هذا الحيوان باسم (كونغا Kunga) وهو من فصيلة الخيليات (وهي تصنيف خاص بفصيلة من الأحصنة والحيوانات ذات الصلة، والتي تتضمن الأحصنة "الخيول" والحمير وحمير الزرد والعديد من أنواع أُخرى) والكونغا كانت ذات قيمة سوقية عالية في المجتمع السومري.
لفترات طويلة ظل الجدل بين العلماء لتحديد طبيعة هذا الحيوان وكيف ظهر، لكن الجهود الطويلة كانت دون جدوى تذكر حتى ظهرت مؤخرًا دراسة علمية حديثة قام فريق من علماء الوراثة في معهد جاك مونو الفرنسي التابع إلى جامعة باريس ونشرتها العديد من المجلات العلمية المتخصصة، واستطاعت وضع تفسير علمي دقيق على طبيعة ذلك الحيوان من خلال دراسة الجينوم الخاص ببقايا حيوان كونغا، والمستخرج من مجمع الدفن الأميري في موقع تل (أم مرة) الأثري الواقع في شمال سوريا والذي يعود إلى فترة 4500 عام قبل الميلاد.
وعلى أساس معايير علم التشكل (المورفولوجيا Morphology) وعلم الآثار، جاءت نتيجة الدراسة، أنّ "كونغا المدفونة في تل أم مرة هي الجيل الأول من الهجين الناتج عن زواج أنثى الحمار المحلي وذكر حمار (hemione الهيميون)والذي يعرف بالأخدر أو الأحقب، وهو نوع من الحمير البرية الشائعة في المنطقة التي يتم أسرها -كما جاء تصويرها في نقش آشوري من نينوى - لغرض التزاوج وإنتاج الهجين.
ولفتت الدراسة بوضوح إلى أنه "بدلاً من تدجين الخيول البرية التي سكنت المنطقة، كان السومريون أول من هجنوا الحيوانات واستخدموا الأنواع الهجينة التي تجمع بين صفات الوالدين لإنتاج نسل أقوى وأسرع من الحمير".