ذوو الإحتياجات الخاصة في العراق.. أعداد متزايدة وقوانين لا تلبي الطموح
انفوبلس/..
يحظى ذوو الإحتياجات الخاصة في مختلف المجتمعات برعاية حكومية تتناسب مع حجم المعاناة التي يعيشونها، وتصدر من أجلهم قوانين وتشريعات تضمن لهم حياة كريمة دون الحاجة إلى الآخرين.
وخصصت منظمة اليونسكو يوم الثالث من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام يوماً دولياً للإحتفاء بذوي الإحتياجات الخاصة حول العالم، حيث تُقام فعاليات مختلفة لتشجيع المجتمعات على التعامل بشكل إيجابي معهم، وحث الحكومات على إصدار وتنفيذ القوانين التي تضمن حقوقهم المادية والمعنوية.
وفي العراق الذي خاض على مدى عقود من الزمن، حروباً وصراعات داخلية وخارجية، تزايدت أعداد ذوي الإحتياجات الخاصة بشكل كبير، مما يتطلب أن تصدرلأجلهم قوانين تأخذ بنظر الإعتبار هذه الأعداد، وأن تكون الجهات الموكلة بتنفيذ هذه القوانين قادرة على تنفيذها دون تمييز، لكون الأمر يتعلق بحالة إنسانية، ولا يجوز أن تفرق بين من ولد مع عوق جسدي، أو أصيب بهذه الحرب أو تلك التظاهرة. ويرى الناشط الحقوقي “حامد الهنداوي” أن هناك تفاوتاً كبيراً في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة من قبل الحكومة، خلافاً لمضامين الإتفاقية الدولية الخاصة بذوي الإحتياجات الخاصة التي تهدف لدمجهم اجتماعياً، والتي انضم إليها العراق.
القانون “ولد معوقاً”
ويرى متابعون لهذا الشأن أن “قانون رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة والإحتياجات الخاصة رقم (38) لسنة 2013” هو نفسه (ولد معوقاً) بسبب الثغرات الموجودة فيه. ويعتقد الهنداوي، أن القانون “يحط من قيمة المعاق ويحول دون تحقيق الإدماج والمساواة، وذلك لاتباعه إسلوب الرعاية وإعادة التأهيل، بدلاً من التركيز على مسألة تعزيز الحقوق وتبديد المخاوف المتعلقة بعدم القدرة على الإستقلالية”.
وباعتراف المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، فإن القانون لم يتضمن عبارات تعزيز الحقوق، بل جاء بصيغة رعائية لا تنسجم وأحكام الإتفاقية الدولية. ولا ترتبط المشكلة بإصدار القانون، بل بتحويله من الورق إلى الشارع حيث يتواجد الناس، وأشارت المفوضية أيضاً إلى أن البنية التحتية في العراق تفتقر إلى وجود مرافق تسهل اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة العامة. ولا تشتمل غالبية المدن العراقية على بنى تحتية خاصة بالمعوقين، أما العاصمة بغداد فليس فيها إلا عدد قليل من المنحدرات غير النظامية، لا تلائم المعايير الصحية الخاصة بمختلف الحالات، وهذا يشمل كل المباني الحكومية من مدارس ودور عبادة ومراكز رياضية وغيرها، كما أن وسائل النقل العام (رغم ندرتها) لا تلائم التكوين الجسماني لذوي الإحتياجات الخاصة.
إستحداث بنى تحتية خاصة
وبحسب الكاتب الصحفي “أحمد الحاج”، فإن هناك “ندرة في المصانع المتخصصة بصناعة الأطراف الصناعية والكراسي المتحركة والمساند التقويمية والأدوات المساعدة، مع وجود شح كبير في المراكز التأهيلية المخصصة لذوي الإحتياجات الخاصة، في البلاد التي تعاني من قلة الطواقم الخبيرة والمؤهلة لإعانتهم ورعايتهم ومساعدتهم على التعافي المستدام وتحسين القدرة على التكيف المجتمعي”.
ويعبر الكاتب في مقال له عن اعتقاده بأن “ثلاثة أرباع هؤلاء عاطلون عن العمل والإنتاج، وحالتهم المادية والنفسية من سيء إلى أسوأ”، ويرجع سبب ذلك إلى أن “آلاف الشباب والخريجين وحملة الشهادات وأصحاب الخبرات والكفاءات الأصحاء يعانون من البطالة، فمابالك بشريحة ذوي الإحتياجات الخاصة؟”
ويرى الحاج أن حل مشكلة البطالة بالنسبة لهذه الشريحة، لا يكمن بدفعهم إلى الأرصفة كباعة متجولين، “فالقضاء على البطالة وتحجيمها لايقاس بعدد باعة الأرصفة والمقتربات، وإنما بعدد من ينتجون ويقدمون خدمة حقيقية للبلاد والعباد، ويكفون أنفسهم وأهليهم دون الحاجة إلى المساعدات، ويتركون شيئاً لمن بعدهم في حال أصيبوا بعرض أو مكروه ما، وأن لايفقد أحدهم مصدر رزقه اليومي تماماً ليموت جوعاً في حال المرض أو حظر التجوال أو اندلاع التظاهرات الغاضبة، أو انتشار الأوبئة، أو تعطيل المصالح بذريعة المناسبات الدينية والوطنية” حسب تعبير الكاتب، ألذي طالب ب “العمل الجاد المثمر على دمجهم في المجتمع وتأهيل ذوي الإعاقة نفسياً وبدنياً، مادياً ومعنوياً، وعلاجهم في المستشفيات والمستوصفات الحكومية مجاناً، وتوفير فرص عمل شريفة لهم، وتطوير مهاراتهم واكتشاف وتنمية مواهبهم، وتخصيص ممرات وطرق خاصة آمنة لهم”، كما طالب ب “صرف مرتبات شهرية مجزية وثابتة لهم وللمعين المتفرغ لرعايتهم، وتخصيص مقاعد دراسية لجميع المراحل لهم، وأخرى في وسائل النقل العامة والخاصة، واستحداث مرافق صحية خاصة بهم في المطارات والمرافئ والمحطات والمتنزهات واﻷماكن العامة، كما هو معمول به في جميع أنحاء العالم”
أرقام المنظمات الدولية
وتشير تقارير الأمم المتحدة، إلى أن العراق من بين الدول التي تضم أكبر التجمعات البشرية لذوي الإحتياجات الخاصة في العالم.
وبحسب منظمة الصليب الأحمر الدولية، فإن 15% من العراقيين يعانون من نوع من أنواع الإعاقة، ويحتاج 600 ألف عراقي إلى تأهيل بدني، فيما يحتاج 200 ألف إلى طرف صناعي أو مسند تقويمي. وتقول المنظمة الدولية إن هناك 8 ملايين عراقي يعيشون في مناطق تحتوي على مخلفات حربية وصناعية، مما قد يتسبب بارتفاع هذه الأعداد.
أما أرقام وزارة التخطيط فتشير إلى أن عدد المعاقين بلغ عام 2017 مليوناً و375 ألفاً، ولا تدخل ضمن هذا الرقم أعداد كبيرة من العراقيين الذين انضموا لقوائم الإحتياجات الخاصة منذ إنتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019 وما بعدها، حيث استهدفتهم الميليشيات والقوات الحكومية بالرصاص الحي وقنابل الغاز، فقتلت منهم من قتلت، وأصابت بالعوق من أصابت.