رغم تخصيص المليارات.. ملف إعمار المناطق المحررة في العراق مركون على رفوف الحكومات
انفوبلس/..
بعد مرور أكثر من 5 أعوام على تحرير مدينة الموصل ومحافظة الأنبار من سيطرة تنظيم "داعش" الارهابي لا يزال ملف إعادة إعمار المناطق المحررة مركونًا على رفوف الحكومات المتعاقبة منذ العام 2017، رغم التخصيصات المالية التي أعلن عنها بعد أشهر من تحرير المناطق.
في 10 تموز/يوليو 2017، أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي رسميًا استعادة مدينة الموصل من تنظيم "داعش"، بعد سيطرته عليها قبل ثلاث سنوات، في خطاب أعلن فيه تحرير كامل للأراضي من سيطرة الإرهاب الذي اجتاح العديد من المناطق في العراق.
وشهدت المدن المحررة في الأنبار وصلاح الدين وبعض مناطق كركوك وخصوصًا مدينة الموصل في نينوى دمارًا في البنى التحتية جراء العمليات العسكرية، على خلفية اتخاذ تنظيم داعش الارهابي للمنازل والمحال درعًا لهم، ما دعا الحكومة والقوى السياسية والشعبية على إطلاق نداء استغاثة للدول للمشاركة والمساهمة في إعادة إعمار المناطق المحررة.
وأسفرت هذه الدعوات عن إقامة مؤتمر الكويت الدولي عام 2017، لإعادة إعمار العراق بعد شهرين من انتهاء الحرب على "داعش" الارهابي، في حين وصلت تعهدات الدول المانحة (المشاركة في المؤتمر)، إلى نحو 30 مليار دولار، على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات تقدم للعراق من أجل إعادة بناء البنى التحتية.
أين هي الأموال؟
وبعد مرور كل تلك السنوات لا يزال الوضع كما هو عليه في أغلب المدن التي تحررت من سيطرة تنظيم داعش، إذ قال عضو مجلس محافظة نينوى السابق محمد البياتي، إن "الموصل لم تشهد إعمارًا حقيقيًا على مدى السنوات الماضية، وإنما الإعمار كان عبارة عن تبليط شوارع وزرع أشجار".
و أوضح البياتي، أن "هناك العديد من التخصيصات المالية التي كانت مخصصة لإعمار مدينة الموصل، لكن لا يعرف أحد أين ذهبت".
واستطرد المسؤول الحكومي السابق بالقول، إن "الساحل الأيمن لمدينة الموصل وهو الأكثر تضررًا بالعمليات العسكرية إبان تحرير المدينة من قبضة الإرهابيين لا يزال عبارة عن أكوام من الحطام والمشهد يبدو مخيفًا إلى الآن".
وبشأن الأموال التي حصل عليها العراق في مؤتمر الكويت لإعمار المناطق المحررة، أشار البياتي، إلى أن "المحافظة لم تتسلم أي مبلغ من الدول المانحة إلى غاية الآن، ورغم مرور 5 سنوات تقريبًا على المؤتمر".
وتشير التقديرات إلى أن 30% من سكان الموصل نازحون جراء هدم منازلهم وعدم إعمارها إلى الآن، رغم مرور سنوات على تحرير مناطقهم، خصوصًا في مناطق سهل نينوى، ذات الغالبية المسيحية.
حلول ترقيعية
مواطنون من مدينة الموصل قالوا، إن "ما حصل ما بعد العام 2017 لم يكن سوى (ترقيع)، وليس إعمارًا حقيقيًا حيث لا تزال البنى التحتية للمدينة تعاني فالقطاع الصحي في حالة انهيار مع تراجع كبير في قطاع التعليم على مستوى المدارس".
رغم مرور أكثر من 5 أعوام إلا أن المحافظة إلى الآن تعتبر غير صالحة للعيش - والحديث لأحد المواطنين - الذي أشار إلى أن "ما فعلته الحكومات المتعاقبة سواء المحلية أو المركزية لم يكن سوى رفع الأنقاض وصبغ الجدران مع تبليط الشوارع بمادة الأسفلت لا أكثر ولا أقل، وكل ما يحدث الآن هو جهد أهالي مدنية الموصل وحدهم".
في حين، يقول أحد المواطنين من محافظة الأنبار، إن "المحافظة شهدت حركة إعمارية ملحوظة بعد انتهاء عمليات التحرير ضد تنظيم داعش، على مستوى البليط والاهتمام بالشوارع الرئيسة بالفلوجة والرمادي، لكن البنى التحتية لا تزال متهالكة".
وأشار خلال حديثه إلى أن "المحافظة تعاني الآن من انقطاعات كبيرة في الطاقة الكهربائية، وعانت من هطول الأمطار العام الماضي والحرارة المرتفعة جردت المشاريع الترقيعية في الشوارع حيث أن أغلبها خسف فيها الأسفلت".
لجنة عليا!
إلى ذلك، شكت اللجنة العليا لإعادة إعمار مدينة الموصل، قبل أكثر من شهر، بحجة تعرض المدينة إلى الغبن في صرف التعويضات المخصصة لإعادة إعمارها من قبل الحكومة الاتحادية.
وقال المدير التنفيذي للجنة عبد القادر الدخيل، إن "الموصل غُبنت كثيرًا في صرف التعويضات المالية من قبل بغداد، وبعض ما خصصته اللجان لم يكن كافيًا لرفع أنقاض المنازل المتضررة".
وأضاف الدخيل، أن ملف إعادة إعمار الموصل لن ينتهي إلا بصرف المخصصات المالية دفعة واحدة لإنهاء معاناة الناس".
يؤكد خبراء اقتصاديون على ضرورة منح العراق الاستثمارات للدول بدل القروض
"ملف إعمار محافظة نينوى وخصوصًا مدينة الموصل بحاجة إلى تشكيل لجنة تضم خبراء حكوميين ومختصين من القطاعين الخاص والعام تحت مسمى مجلس الإعمار والتنمية من أجل دراسة كل مشروع قبيل تنفيذه"، هذا ما يراه الخبير الاقتصادي عامر الجواهري لحل أزمة هذا الملف.
ويستطرد الخبير الاقتصادي، قائلًا إن "مؤتمر الكويت لم يوفر أموالًا إلى العراق من أجل إعادة الإعمار، وإنما كانت هناك تعهدات بتوفير بعض التخصيصات المالية، وليس هناك أي التزام إجباري من قبل الدول التي شاركت بالمؤتمر".
ويضيف الجواهري في حديث صحفي أن "العراق بحاجة إلى التوجه نحو منح الاستثمارات والحصول على منح مالية من الدول، وليس قروضًا من أجل النهوض بواقع البنى التحتية سواءً في المدن المحررة أو المدن الأخرى".
وتأسس صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة وفقًا للمادة (28) من قانون الموازنة لعام 2015، ليكون جهازًا ينسق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات إعادة الإعمار، إلا أنه لم يتمكن إلى الآن من تحقيق أي خطوة إيجابية، بل اعتبر حلقة زائدة تشوبها المحاصصة، وفقًا لمراقبين.