رماد برائحة الدم والعطور.. الحرائق تعانق الفساد بـ"مؤامرة مدمرة" تطارد الاقتصاد
انفوبلس/..
تهدد بيئة غير آمنة تجارا ومستثمرين عراقيين وتحيطهم بأعمدة دخان كثيرا ما تلاحق مشاريعهم في بغداد والمحافظات، وبعيدا عن مصادر النيران والجهات التي توقدها في المتاجر والأسواق فإن تكرارها يضع مصير أموال ضخمة في مكامن خطر محتمل يبعث بتلك الكوارث نحو دمار السوق التي تعاني مرضا جسديا مزمنا، ورغم التطمينات التي تحاول امتصاص الازمات الاقتصادية لكن أصحاب رؤوس الأموال يعتقدون أن زج أموالهم في سوق يحاصرها لهيب الحرائق مثل الذي يمسك بيديه خيطا متفحما.
واخترقت النيران مجمعا تجاريا في الوزيرية وسط بغداد في حادثة تتكرر بين فترة وأخرى في المكان الذي تحول الى سوق تجارية فضلا عن أحداث متشابهة في العاصمة وبقية المحافظات ولم تبتعد عنها المزارع التي تطالها مصادر النيران مع بدء موسم الحصاد سنويا.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى نشوب أكثر من 10 آلاف حريق في عموم مدن البلاد منذ مطلع العام الجاري، ويعود هذا الرقم الكبير بعدد الحرائق إلى أسباب في صدارتها ضعف الإجراءات الوقائية وتهالك البنى التحتية وإهمال معايير السلامة، وترافق تلك الإجراءات أعمال تخريبية مفتعلة عادة ما تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة.
ويذهب مراقبون للمشهد أن العمليات التي تستهدف نسف المتاجر تقف خلفها جهات تستخدم من خلال أذرعها لغة التهديد لاستحصال الأموال من التجار فيما يتم اللجوء الى تكبيد أصحاب المشاريع خسائر ضخمة حال الامتناع عن دفع ما يشبه الأتاوة تحت ضغط التهديد والوعيد،
ويقول شهود عيان إن أغلب التجار غالبا ما يعرفون مسببات الحوادث لكنهم قد يسجلونها تحت مسميات التماس الكهربائي أو عوامل السلامة الأخرى هربا من غول مطاردة المتنفذين في السوق، فضلا عن مضاربات بين التجار أنفسهم تفضي الى تدمير تاجر بعينه، مشيرين الى أن الامر يحتاج الى متابعة دقيقة ومراقبة لحماية الاقتصاد الذي تلاحقه آفات كثيرة.
ومثل جمرة خامدة تحت الرماد، سرعان ما تتصاعد أعمدة اللهب مستهدفة مفاصل اقتصادية في أغلب المدن، فيما يشير مدونون على مواقع التواصل التي يرونها لا تختلف في تأثيرها عن غول الفساد الذي ينهش بحياة العراقيين سيما أن تكرار الحوادث يولد فوضى مستمرة قد تستفيد منها شركات تحتكر السوق والاستيراد وتمنع نفوذ آخرين.
ويذهب الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل العلي باتجاه عوامل فنية وإهمال يدفع التاجر إزاء تكرار وقوع الكوارث.
ويقول العلي، إن “إهمال التاجر لأبسط مقومات الحماية وبأثمان بخسة قد تنتهي معه الى كوارث الحرائق التي تستنزف أموالا طائلة ،فيما يستبعد العلي التكهنات التي تشير الى خفايا الاستهداف المبرمج والمضاربات بين التجار في تكرار مأساة الحرائق”.
ونسفت النيران على مدى أعوام متاجر كبيرة وأسوقا ومولات تجارية يعتبرها مواطنون حربا تستهدف عوامل النهوض الاقتصادي الذي يعاني التراجع إزاء سيطرة جهات بعينها على محركات السوق التي قد لا ينفذ من خلالها آخرون يحاولون استثمار أموال ضخمة في الداخل.
وأجبرت التهديدات وفرض الأتاوات العديد من أصحاب رؤوس الأموال على الهجرة خارج البلاد للاستقرار في بيئة أكثر أمنا، في الوقت الذي يعول فيه العراقيون على حركة حكومية تبشر بإنهاء هذا الملف المعقد وفسح مساحة مطمئنة لتنشيط السوق وإعادة الروح فيها بعد انكسارات متتالية رافقتها خلال أعوام.