زاد نشاطهن في زمن الكاظمي.. صراع محتدم وحرب مستعرة بين "الفاشنستات" هَز المؤسسة الأمنية ووصل إلى مستوى حرب العصابات.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس..
شبكة متداخلة وعلاقات غامضة، وشخصيات تظهر من العدم بسلطة وكثير من المال وعلاقات واسعة ووطيدة بشخصيات كبيرة في الدولة، لدرجة أصبح العراق يُدعى في بعض المواقع الصحفية بـ"دولة الفاشنستات" لما تمتلكه تلك الفئة من نفوذ تظهر ملامحه بين الحين والآخر لدرجة أنه أطاح برؤوس كبيرة في المؤسسة الأمنية، فضلا عن دخوله مرحلة "حرب العصابات" حيث عمليات الابتزاز والتهديد والاختطاف، وحتى القتل، تسيطر بشكل كبير على هذا العالم، ولعل قضية الصراع المحتدم الذي اشتعل مؤخراً بين داليا نعيم وأم فهد يُعد مثالاً بارزاً لما يوجد في هذا المجتمع الهجين والجديد على المجتمع العراقي.
اختطاف داليا نعيم
يوم أمس الأحد، أفاد مصدر أمني، بتقديم الإعلامية والبلوكر داليا نعيم شكوى رسمية في مكتب مكافحة إجرام المنصور ضد المدعوة "أم فهد".
وقال المصدر، إن "داليا نعيم نُقلت الى مستشفى اليرموك التعليمي مصابة بكدمات وضربات بآلات جارحة في مختلف أنحاء جسمها”، مبينا أنها “تقدمت بشكوى رسمية لدى ضابط دوريات النجدة ضد أم فهد بتهمة الخطف والاعتداء عليها".
وأضاف، إن "الأوراق التحقيقية نُقلت الى مكتب مكافحة إجرام المنصور لاستكمال إجراءات التحقيق".
كما كشف مصدر آخر عن تفاصيل مثيرة، عما تعرضت له داليا نعيم، وملابسات حادثة اختطافها.
وقال المصدر، إن "البلوكر داليا نعيم تقدمت بشكوى رسمية في مركز الشرطة ضد المشهورة بمواقع التواصل الاجتماعي أم فهد، بتهمة خطفها والاعتداء بالضرب مما تتسبب بحدوث كدمات عديدة في جسدها".
وأوضح، إن "الدعوى حاليا بمكتب مكافحة إجرام المنصور، وهنالك شخص آخر بالإضافة الى أم فهد تم إدراجه بالشكوى".
وأشار الى، أن "الضحية داليا نعيم، جاءت الى المستشفى وهي متعرضة للتعذيب وإدخال شيش حديد في أحد أجزاء جسدها".
بداية المشكلة
قصة الصراع بين هاتين الشخصيتين، بدأت في الثامن عشر من شهر آذار الماضي، حيث بدأ بإحراج كبير تعرض له المستشار السابق في وزارة الداخلية اللواء سعد معن؛ وذلك بعدما ذُكر اسمه في مشاجرة كان طرفاها الإعلامية داليا نعيم والـ"بلوكر" أم فهد على مواقع التواصل الاجتماعي من الـ"سناب جات" وصولاً إلى "فيسبوك".
القصة بدأت عندما تهجمت داليا نعيم على أم فهد وقالت "بيتها إيجار وذهبها برازيلي (ذات النوعية الرديئة)"، لترد الأخيرة وتقول: "هسة آني بيتي إيجار وذهبي برازيلي انتي شعليج!".
بعدها قامت أم فهد بنشر صورة داليا نعيم، وإرفاقها بتعليق "تشاكي العراق".
و"تشاكي" هو شخصية خيالية والشرير من سلسلة أفلام لعبة طفل. يصور تشاكي كقاتل متسلسل سيئ السمعة تسكن روحه دمية "الرجل الطيب" وتحاول باستمرار نقل روحه من الدمية إلى جسم إنسان.
وأخذت هذه الأزمة تتمدد لتصل إلى شجار حي على أرض الواقع، إذ أظهر مقطع مصور، داليا نعيم، وهي تهاجم أم فهد في مركز حلاقة نسائية (صالون) وتصفها بـ"الغدارة" بينما تصرخ الأخيرة وتقول: "داليا هدّت علية بالصالون وتتجاوز رغم آني لا أعرفها ولا تعرفني".
وظهرت أم فهد بعدها في مقطع مصور، وهي تقول: "هسة انتن محد بحالجن انتهى زمنكم كاعدات بالتواصل الاجتماعي وتراقبون شنو هالغيرة"، مدعيةً أن "داليا نعيم قامت بعمل حسابات وهمية لمتابعة حساباتها (أم فهد) على التواصل الاجتماعي".
وفي تطور خطر في سياق القضية، خرجت أم فهد تتحدث بغضب وتقول (في رسالة إلى داليا نعيم): "زماطج على روحج.. تزامطين بسعد معن خلي يوكفلج وعندي دليل على كعداتج وياه بس ما أريد أنشر الفيديو وأسوي مشكلة وأخرب عالولد فاحترمي نفسج وكفي من عندي".
ثم ظهرت أم فهد لاحقاً تبرر كلامها الذي ذكرت خلاله اللواء سعد معن، وقالت: "صار يومين تتداول صفحات التواصل فيديو ذكرت خلاله سعد معن.. هذا الفيديو قديم ومستقطعينه وميخص الشخص المتعاركة وياه".
ودفعت هذه المشاحنات والاشتباكات بين أم فهد وداليا نعيم، الأخيرة إلى إعلان اعتزالها للوسط الفني.
وقالت نعيم في منشور لها على "سناب جات"، جاء في نص مضمونه: "أعلن اعتزالي تماما الوسط الفني وممنونة للوسط المحترم جداً وأحبكم وسطي".
وأضافت، "السوشيال ميديا خصوصا بسبب قرفها جدا اني بعيدة بس راح أبتعد بصورة كبيرة جدا وسوف أقوم بحذف حساباتي وجعلها خاصة شكرا لمتابعتكم وشكرا لكل شيء".
وفي أيار الماضي، أفرجت السلطات الأمنية، عن البلوغر "أم فهد"؛ التي جرى اعتقالها بتهمة "المحتوى الهابط"، بعد انقضاء مدة محكوميتها.
وحُكم على "أم فهد"، بالسجن 100 يوم بتهمة "المحتوى الهابط"، بعد إطلاق وزارة الداخلية حملة طالت العديد من "البلوغرات" و"اليوتيوبرية"، وصُناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي العراقية.
لكن مع ذلك يبدو أن هذه الحملة لم تضع حداً لمحتويات الـ"بلوغرات" الهابطة والتي وصلت إلى حد تصوير المشاجرات والمشاحنات والاشتباكات فيما بينهم وربطها بقادة وضباط أمنيين، وسط دعوات للقضاء العراقي بالتحرك واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد هذه الفئة.
الإطاحة بشبكة الابتزاز
وبعد تلك المشاجرة بـ3 أيام فقط، حدثت ضجة كبيرة هزّت المؤسسة العسكرية بدأت بإعلان الناطق باسم قائد القوات المسلحة في العراق يحيى رسول، باكتشاف شبكة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية تعمل على ابتزاز الضباط والجنود عبر صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال رسول في بيان: "بحسب توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، وبعد تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة وزير الداخلية وعضوية رئيس جهاز الأمن الوطني والمفتش العسكري لوزارة الدفاع، فقد توصلت التحقيقات إلى تحديد عناصر شبكة داخل المؤسسة تعمل على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي صفحات بأسماء مستعارة لابتزاز المؤسسة الأمنية والإساءة إلى رموزها، فضلا عن ابتزاز الضباط والمنتسبين ومساومتهم".
وأكد، إن "اللجنة قررت إحالة الضباط المتورطين بهذا الفعل غير القانوني إلى الإمرة، واستمرار الإجراءات القانونية اللازمة وإكمال التحقيقات بحقهم".
ودعا جميع العاملين في المفاصل والتشكيلات العسكرية والأمنية إلى الابتعاد عن هكذا أفعال تُسيء إلى العمل في هذه المؤسسات العريقة، وإلى تاريخهم وعوائلهم، وعدم الانجرار بتصرفات وأفعال بعيدة كل البُعد عن جوهر عمل القوات الأمنية وواجباتها التي أُوكلت إليها.
وقالت مصادر مطلعة، إن من بين الضباط الكبار، كان سعد معن، المستشار الأمني لوزير الداخلية، والفريق سعد العلاق، مدير الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس جامعة الدفاع.
وضمت القائمة كذلك 14 ضابطا برتب نقيب ومقدم وعقيد ولواء، من وزارتيّ الداخلية والدفاع، من شبكة كبرى تشمل نحو 40 ضابطا من وزارة الداخلية فقط.
وبحسب المصادر، فإن الشبكة كانت تدير عددا من الصفحات من بينها (العميد الكاظمي – شبح الدفاع – يوميات ضابط دمج – المستشار العسكري) وكذلك كروب على الفيسبوك باسم (العميد الكاظمي)، لافتةً إلى أن عملية التعقب تمت على حساب "الآدمن" وهو (نصير سالم عبيد الفتلاوي) ويسكن في النجف وكذلك "آدمن" آخر باسم زياد عبد النبي محمد يسكن في لندن ويستخدم رقم هاتف بريطاني، وبعد القبض على المتهمين اعترفوا بارتباطهم بكل من سعد معن الذي كان يدير مجموعة واتساب مع المدعو زياد يتم عبرها وضع عمليات الابتزاز لكل شخصية يُراد الإيقاع بها من قادة عمليات وقادة فرق عسكرية.
وأضافت، إن المتهمين بصفحة العميد الكاظمي هم كل من: نصير سالم عبيد (تم القبض عليه)، وزياد عبد الغني محمد (لم يُقبض عليه لغاية الآن)، وكانت الصفحة بدعم وإشراف وإسناد سعد معن، وأما المتهمون بصفحة شبح الدفاع فهم كل من: مثنى علي عبد السادة (موقوف)، ورسول عبد الهادي (موقوف)، وكانت بدعم وإشراف وإسناد وتوجيه من قبل سعد العلاق.
نشاط الفاشنستات بزمن الكاظمي
"الفاشنيستا" و"البلوكر" هي شخصيات مشهورة ومعروفة على الصعيد الاجتماعي ولها متابعون ومعجبون على مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي فإن تأثيرها نسبيا قد يمتد الى العشرات من هؤلاء الذين يشاهدون حياتهم اليومية والتي تشاركها معهم في الانستغرام او الفيس بوك او السناب شات وبالتالي هنا تكمن خطورة هذه الشخصية خاصة وأن بعض هذه الشخصيات لها متابعين بمئات الآلاف.
وارتبطت هذه الشخصيات بعلاقات واسعة مع بعض رجال الاعمال او الامن وحتى دول خارجية والتي جنّدت بعضا من هذه الشخصيات المؤثرة اجتماعيا بأعمال تجسسية لصالح جهة معينة ولتحقيق غايات خفية ناهيك عن عمليات الابتزاز التي مارستها الفاشينستات ضد بعض رجال الدولة او غيرهم من اجل الكسب غير المشروع للمال او الحصول على معلومات معينة حتى وصل الامر الى ارتباط بعض اسماء الفاشينستات بجهاز المخابرات في زمن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وعلى انه قام بتوظيفهن للعمل لصالحه وجمع المعلومات له.
ويرى الكاتب والإعلامي مازن الزيدي، أن "ملف استخدام المشاهير والفاشينستات بالتحديد ومحتواهن الذي يُقدَّم على الساحة العراقية من خلال متابعيهن الكثر وتأثيرهن على المراهقين حيث تم استقطابهن من قبل شخصية مهمة في جهاز مهم ودعمهن ومنحهن جوازات سفر ومزايا خاصة بالدخول والخروج من والى العراق".
ويضيف "هذا جزء من محاولات تسويق حكومة الكاظمي على اعتبار انها تدعم شرائح مهمة وتسويق استتباب الامن وربطه بالكاظمي" مشيرا الى وجود "دائرة معينة بقيادة الكاظمي تشرف على دعم الفاشينستات والبلوكر واستخدامهن في مجالات عدة وهذا اصبح منظور من قبل جهات مختصة".
ويتابع الزيدي "الكاظمي لم يكن له اي انجازات وحاول من خلال الفاشينستات والجيوش الالكترونية التسويق له ولإنجازاته الوهمية التي لا وجود لها".
ويرى مراقبون انه منذ مجيء رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى رئاسة المخابرات في حزيران يونيو 2016 تكثف نشاط المشهورات المقيمات منهن داخل البلاد أو خارجه، وفتحت امامهن الساحة على مصراعيها، وازدهرت أعمالهن الإعلانية والتجارية في الفضاء العام العراقي.
الى ذلك يوضح الخبير الامني هيثم الخزعلي ان "معظم الشخصيات القريبة من الكاظمي ومستشاريه استغلوا هذه الاجهزة الحساسة من اجل كسب مصالح ومغانم شخصية وتوجد ملفات وصفحات وهمية لهذه الأجهزة تهاجم القوى الوطنية او لتأجيج الفتنة وابتزاز السياسيين عبر هذه الاجهزة وعبر لجنة ابو رغيف".
ويكمل الخزعلي، "هذه النسوة (الفاشينستات) فإنها مدعومة من بعض الاجهزة التي يشرف عليها الكاظمي وبالتالي الامر يحتاج الى تحقيق ويجب ان تكون هناك معالجات قانونية للموضوع".