سامّة ومهلوسة وتنبت بسهولة.. نبتة "الداتورا" الخطرة تنتشر في العراق.. كيف؟ ومن يزرعها؟ وما هي مخاطر انتشارها؟
انفوبلس..
نبتة خطرة تحتوي مواد سامة ومهلوسة، تُستخدم في تصنيع المواد المخدرة وتنبت في بعض الأحيان من تلقاء نفسها، منتشرة في العراق منذ زمن بعيد لكن إدراك مدى خطورتها واستثمارها من قبل تجار الممنوعات ومصنّعيها جرى في السنوات الأخيرة، فكيف انتشرت نبتة الداتورا في العراق؟ ومن يزرعها؟ وما مخاطر انتشارها؟
يوم الأحد الماضي، تفاجأ مزارع من محافظة صلاح الدين بقيام القوات الأمنية بإلقاء القبض عليه بسبب وجود نبتة الداتورا في أرضه، ليؤكد بأنه لم يزرعها وأنها تظهر من تلقاء نفسها.
مصدر محلي أفاد بأن "مزارعي جنوب صلاح الدين في الضلوعية وجوارها يشعرون بالحيرة والقلق، خاصة بعد أن اعتقلت القوات الأمنية مزارعاً للتحقيق معه على خلفية ظهور نبتة الداتورا المخدرة في بستانه. ويقول مزارعو المنطقة، إنهم يعرفون هذه النبتة منذ عقود، وتسمى شعبياً "التيتونة" ولم يكن أحد على علم باستخداماتها أو خطورتها، وكانت تُعامل مثل بقية الأدغال والأعشاب الضارة التي يجري التخلص منها، وهي تظهر على امتداد نحو 100 كم على ضفتي دجلة من أقصى سامراء إلى جنوب صلاح الدين، ويطلب المزارعون من السلطات عدم إساءة الظن بمن تظهر الداتورا في بستانه، فهم يؤكدون أنها تظهر من تلقاء نفسها، ويريدون المساعدة في القضاء عليها بعد أن اكتشفوا أنها تدخل ضمن استعمالات المخدرات".
والداتورا "سترامونيوم" ذات الثمار قنفذية الشكل، من النباتات الحولية التي تعيش لعام أو أكثر بين المزروعات، وهي كثيرة الانتشار في المناطق الزراعية بقضاء الضلوعية، وتحديداً منطقة الحويجة على مقتربات الأنهر، وتتميز بأوراقها المشابهة لأوراق الباذنجان وأزهارها مزمارية الشكل بيضاء اللون، لكنها تحولت مؤخراً إلى حديث أهالي المنطقة بسبب شكوك حكومية بأنها تدخل في إنتاج المواد المخدرة، لاسيما بعد مداهمة قوات أمنية لمزارع بعض الفلاحين وأخذ عينات منها، وتوثيق مناطق انتشارها.
مدير زراعة الضلوعية أحمد محمد قال، إن "النبتة المشتبه بها هي “الداتورا” إحدى النباتات البرية، التي فيها محاذير من استخدامها في المواد المخدرة، وتستخدم في البلدان النامية في صناعة العقاقير الطبية المسكنة، وتنتشر في معظم مناطق صلاح الدين ومنها الضلوعية دون تدخل الإنسان".
وأضاف، إن "هناك عدم دراية من الأهالي بمخاطر هذه النبتة، حتى إن أحد الفلاحين قد تم الاشتباه به بزراعة هذه النبتة، رغم أنها منتشرة أيضاً في المناطق الصحراوية والرملية والقريبة من المياه، وتنتشر هذه النبتة عادةً بعد انتهاء موسم حصاد المحاصيل، في مناطق بشيكان والعظيم وبراري الضلوعية ومقاطعة 35".
إلى ذلك، كشف أحد أهالي المنطقة أن "هذه النبتة قديمة وتعيش على ضفاف النهر في منطقة الحويجة وهناك العديد من النباتات العشبية المماثلة ولا نعرف مخاطرها وكبارنا كانوا يسمونها "التيتونة"، وتفاجأنا بمداهمة قوة أمنية لمزرعة شقيقي وأخذ عينات من هذه النبتة، وقالو إنها مادة مخدرة، وأوضح لهم أنه لم يتدخل في زراعتها، ونطالب الجهات المعنية في وزارتي الزراعة والبيئة بمكافحتها وتخليص المنطقة منها".
أما أحد الفلاحين، فقد قال إن "الجهات الحكومية المعنية لم تحذرنا من مخاطر هذه النباتات ولم يقولوا لنا إنها مخدرات، أما اليوم فقد باتت تشكل خطراً على الأهالي".
وأشار إلى أن "هذه النبتة موجودة منذ عدة قرون على ضفاف الأنهر من سامراء وحتى بغداد، وزاد وجودها مع وفرة المياه وتكرار الحراثة في بساتين الضلوعية، وحتى الحيوانات لا تقترب منها، ونحن نجهل استخداماتها لأننا فلاحون بسطاء".
وفي التاسع من آب الماضي، أعلن جهاز الأمن الوطني، ضبط مزرعة بمساحة 7 دوانم مزروعة بداخلها نبتة الداتورا المخدرة في المدائن.
وقال المتحدث باسم جهاز الأمن الوطني أرشد الحاكم، إنه "وفقاً لمعلومات تلقاها جهاز الأمن الوطني تفيد بوجود نبات الداتورا المخدرة، شرعت مفارز الجهاز وبالتنسيق مع الجهات المختصة بواجب كشف وإتلاف النبتة أعلاه".
وأشار الى أنه "تم العثور على نبتة الداتورا في مناطق متفرقة من منطقة اللج، وتم ضبط وإتلاف مساحة تقدر بنحو (8) دوانم وفق محضر أصولي".
وفي حزيران من عام 2022، عثرت مفارز مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، على نبات (الداتورا) المخدر، في ناحية المنصورية ضمن محافظة ديالى.
وأبلغ مصدر في الشرطة، أن "دوريات شرطة ديالى ومفارز مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، اشتركت في إتلاف نبات (الداتورا) المخدرة التي لها تأثيرات سلبية على القلب والأعصاب في حال تناولها".
وأضاف المصدر، أن "خبير المخدرات أكد أنه نبات طبيعي ينشط في الأجواء الحارة والجافة في فصل الصيف، وتم اكتشافه في ناحية المنصورية 45 كم شمال بعقوبة، وتم اتلاف المساحات التي ينشط فيها هذا النبات كونها تصنف ضمن النباتات شديدة السم".
يشار إلى إنه في آذار من عام 2020، قام مدير دائرة الصحة في جانب الكرخ من بغداد، الدكتور جاسب لطيف، بتصوير مقطع قصير عبر الهاتف بالقرب من سياج مستشفى الفرات، غربي العاصمة، المخصص لحجر المصابين بفيروس كورونا، متحدثاً عن أن سياج المستشفى مزروع بنبتة الداتورا.
وقال لطيف: "اليوم جئنا إلى مستشفى الفرات لزيارة المرضى، لفت انتباهي وجود هذا النبات الذي يستعمل كمخدرات في العراق واسمه الداتورا"، موضحاً أن ثمرته مملوءة بالحبوب المخدرة. وناشد الجهات المختصة متابعة الشارع المؤدي إلى مستشفى الفرات، مبيناً أن هذه النبتة ستتكاثر في حال عدم معالجتها.
وفي تفاعل مع الفيديو، قال عضو منظمة وعي، المهتمة بمكافحة الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية، علي السالم إن تكرار رصد هذه النبتة تحديداً يدعو للقلق، مضيفا أنه "قبل أشهر تم العثور على مزرعة كاملة في بلدة الخالص، شرق بغداد، ومن بعدها عثر على أخرى مماثلة بحديقة منزل في حي من أحياء العاصمة، وقامت الشرطة بحرقها واعتقال مشتبه بهم، وقبل مدة تحدث أحد السياسيين عن أن سبب دخول النبتة كان خطأ من مسؤولين بأمانة العاصمة استوردوا حبوبا لأزهار وكانت من بينها حبوب زهرة الداتورا المخدرة".
وأكد أن "النبتة يمكن بعد تجفيفها أن تتحول لمادة مخدرة تذهب العقل، والحكومة في هذا الجانب ضعيفة جداً"، مشيرا إلى أنّ ظروف الطقس في العراق بدت مناسبة للزهرة التي تعتبر مناطق شرق إيران وأجزاء من أفغانستان موطناً رئيسياً لها.
وعبّر عراقيون عن مخاوفهم من إمكانية تحول العراق إلى منتج بعد أن كان في السابق معبّراً، ومن ثم تحوله لدولة مستهلكة.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، حظي الموضوع باهتمام العراقيين، وقال أحد المدونين: "كشف مدير صحة الكرخ وهو في طريقه إلى مستشفى الفرات العام المخصص لحجر المصابين بكورونا وفحصهم كمية كبيرة من نبتة الداتورا المخدرة على بعد أمتار من المستشفى داعياً إلى اقتلاعها ومكافحتها بسرعة".
وتابع "بعد البحث والتقصي اكتشفت أن الداتورا دخلت إلى العراق بعد 2003 على أنها نبات زينة شأنها شأن زهرتي النيل والشنبلان"، متسائلاً عن اتهامات سابقة لمسؤول في أمانة بغداد بالقول "ألا يوجد خبير نباتات وأزهار في أمانة بغداد التي تورطت بزراعة الداتورا وشقائق النعمان كونها للزينة؟".
ويذكر أن النائب السابق عن محافظة ديالى مضر معن الكروي، كان قد دعا في تموز من عام 2019، الى التحقيق العاجل في العثور على النبتة المخدرة في أحد البساتين المهجورة شمال بعقوبة.
وقال الكروي، إنه "تابع خبر ضبط قوة من الامن الوطني على نبته الداتورا المخدرة في أحد البساتين المهجورة بقضاء الخالص (15كم شمال بعقوبة)"، لافتا الى أن "بعض الصور تدل بأن النبتة جرى زراعتها وهذا أمر خطير جدا".
وأضاف، إن "ديالى لم تشهد يوما زراعة أي نبته مخدرة وما تم العثور عليه في أحد بساتين الكوبات يستدعي فتح تحقيق موسع"، معربا عن "خشيته في ان تكون بداية لزراعة المخدرات وهذا أمر نعتبره يوازي في مخاطره الإرهاب".
كما أكد على "ضرورة تكريم قوى الامن الوطني التي نجحت في ضبط نبتة الداتورا في الخالص لأنها أحبطت جريمة بحق كل أهل ديالى دون استثناء من خلال محاولة زراعة النباتات المخدرة".