سرقة جديدة في نينوى تفوق سرقة القرن.. 4.5 مليار دولار "تتبخر".. وانفوبلس تكشف جميع التفاصيل
انفوبلس/ تقارير
يبدو أن العام الحالي هو عام الاكتشافات والمليارات، فبعد الاكتشاف المدوّي لسرقة القرن، وما أعقبها من اكتشاف عمليات التلاعب بأراضي الانبار، ظهر للعلن اكتشاف جديد يفوق سابقَيه، بعد الإعلان عن وجود سرقة تُقدر بـ 6 تريليونات دينار في نينوى أي نحو 4.5 مليار دولار!. انفوبلس سلطت الضوء على الموضوع وستفصّل أبرز المشاريع الوهمية في المحافظة وكيف جرى اتهام المحافظ نجم الجبوري واستقدام معاونه من قبل النزاهة، وكيف أيضا ساهمت مشاريع المنظمات الدولية بالتغطية على سرقة المال العام مع توضيح مصير صندوق إعمار المحافظات المحررة وكيف دخل نفق السياسة واستحوذت عليه الأحزاب.
*اختفاء 4.5 مليار دولار
بهذا الصدد، كشف النائب خالد العبيدي، عن اختفاء نحو 4.5 مليار دولار من نينوى.
وقال العبيدي في بيان، إن "نينوى هي أكبر محافظة عراقية تعرضت للدمار والتخريب على يد عصابات داعش الإجرامية، وبدلا من أن تكون مسؤولية الإدارة فيها بحجم معاناتها نجد أنها تعاني من الفوضى وسوء التخطيط في تنفيذ أولويات أهالي المحافظة".
وأضاف، أن "ما عرضته وثائق حكومية عن المبالغ المصروفة لمشاريع نينوى تشير إلى أنه تم صرف أكثر من 6 تريليونات و128 مليار دينار أي ما يعادل نحو 4.5 مليار دولار، عدا عن أموال كبيرة أخرى خصصتها دول ومنظمات أممية لإعمار المحافظة، ومع ذلك، لا يزال الجانب الأيمن من مدينة الموصل ومعه أقضية ونواحي نينوى يعاني من مستويات مروعة من الدمار وبعضها من ضعف أو غياب شبه كامل في البنية التحتية".
وتابع، أن "أي مقارنة منصفة للمبالغ المصروفة والوارد ذكرها في الوثائق الحكومية مع واقع المشاريع في نينوى يشير إلى وجود هدر كبير في صرف الأموال، لأسباب قد تتعلق بالفساد المالي والإداري وحتى السياسي، أو سوء في التخطيط وفوضى في تحديد الأولويات، أو عدم الشفافية في الإجراءات المالية نتيجة غياب الرقابة الكافية، أو بسبب بعض أو كل ما ذُكر أعلاه".
*مشاريع وهمية بأكثر من 9 مليارات دينار
ووفق سياسيين ونواب عن نينوى، فإن جزءا كبيرا من الـ4.5 مليار دولار المختفية في نينوى سُرِقت مقابل إنجاز مشاريع وهمية، إذ يؤكد النائب عن المحافظة أحمد الجبوري، أن حكومة نينوى قامت بإدراج أربعة مشاريع “وهمية” في خطة سنة ٢٠١٧، تتجاوز مبالغها أكثر من تسعة مليارات دينار، فضلا عن أنها تم إنجازها بنسبة ١٠٠٪ في عام ٢٠١٦”.
وأضاف الجبوري، أن “هذه المشاريع هي شراء سلّات غذائية ومبردات للنازحين (في فصل الشتاء)، وشراء أكياس وحاويات نفايات وتأهيل الناجيات من عصابات داعش الإرهابية.
*شبهات الفساد تطارد المشاريع
من جانبه، يقول الناشط محمد عباس، إن "كثيرا ما نسمع من نواب ومسؤولين في مؤسسات بنينوى يتحدثون عن أرقام إلا أن هناك تقاطعا أو اختلافا في الأرقام المعلنة ولاشك أن غياب الرقابة والشفافية يجعلنا ندرك أن هناك شبهات فساد تلاحق مشاريع الإعمار في نينوى، ولو كانت الأمور تسير في سياقها الصحيح وفق أمانة ونزاهة لما وجدنا هذا التكتّم".
وتابع عباس: "الأمر الذي يثير الشكوك هو الأموال الكبيرة التي خُصصت لنينوى لا تتناسب حسب رأي كثير من المختصين مع حجم المنجز على الأرض، هناك منجز حقيقي لاشك واضح للعيان في القطاع البلدي تحديدا لكن هناك تقصير في أغلب القطاعات الأخرى".
وأردف: "تضارب التصريحات عن الأموال المخصصة هدفها سياسي ونلاحظ أن كثيرا منها لا تنطلق من مصلحة المواطنين بشكل حقيقي بقدر ما هي مناكفات وصراعات سياسية بين هذه الشخصية أو تلك وتحاول كل جهة أن تعلن عن أرقام كي تؤثر على حجم ونفوذ جهة أخرى وتحاول أن تصدّر نفسها على أنها حامية لمصالح المواطنين خصوصا مع قرب الانتخابات".
*مشاريع المنظمات الدولية تغطي على سرقة المال العام
لقد نفذت المنظمات الدولية، العديد من المشاريع الخدمية في المحافظات المحررة وعلى رأسها نينوى، ورغم إيجابية هذه الخطوة إلا أنها ساهمت في التغطية على فساد الحكومات المحلية لهذه المحافظات والتغطية أيضا على سرّاق المال العام.
ففي العام الماضي، تحدثت منظمة دولية معنية بالإغاثة عن قيامها بتنفيذ ثمانية مشاريع خدمية في نينوى، مؤكدة أن الحملة شملت محطتين لضخ الماء وساحات عامة ومدرستين، لافتة إلى أن ذلك حصل في أقضية الموصل وتلعفر وسنجار.
وذكرت منظمة (آكتيد) الدولية للإغاثة الإنسانية في تقرير لها تابعته شبكة انفوبلس، أنها "ولأجل تعزيز أوضاع الخدمات الأساسية وإعادة بنائها، قامت بتنفيذ ثمانية مشاريع خلال عام 2022 ممولة من قبلها عبر مناطق مختلفة من محافظة نينوى".
وأوضح التقرير، أن "الحملة شملت سنجار وتلعفر وأحياء مختلفة من مدينة الموصل"، وعدّ المشاريع بأنها "ذات تأثير مباشر عبر صيغة النقد المالي مقابل العمل".
وأكد، أن "المشاريع المنفذة في هذه المناطق من محافظة نينوى تراوحت ما بين مشاريع خدمات عامة مثل طرق وساحات عامة ومحطات مياه ومدارس".
ولفت، إلى "تنفيذ قسم من هذه المشاريع ذات التأثير السريع المباشر عبر منفذ التسديد النقدي مقابل العمل الذي يوفر دخلا نقديا قصير الأجل تنتج عنه فرص عمل لأكثر من 260 عائلة".
ونوه، إلى أن "المنظمة اقترحت المساهمة في تحسين أوضاع محافظة نينوى من خلال مشاريع التأثير المباشر لسد الفجوة ما بين المساعدة الإنسانية وتوفير دعم للمناطق التي تشهد زيادة بأعداد العائدين من النازحين الذين يعيشون ظروفا صعبة".*نجم الجبوري بدائرة الاتهامات
في العام الماضي، كشفت مصادر صحفية، عن اعتقال نجل محافظ نينوى نجم الجبوري في واشنطن بتهمة تهريب مليوني دولار من العراق .
وقالت المصادر، إن "نجم الجبوري مثّل أمام القضاء وتم التحقيق معه بقضايا فساد وخرج بكفالة".
وأضافت، أن "سلطات كردستان اعتقلت شقيق محافظ نينوى بأربيل بتهم فساد "
بدوره، قال النائب خالد العبيدي، إن محافظ نينوى نجم الجبوري حاول التستر على ملفات الفساد في المحافظة.
وذكر العبيدي في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إنه "خلال برنامج تلفزيوني بث بتاريخ 10 تموز 2023، دعانا محافظ نينوى إلى الاهتمام بملفات بغداد وترك ملفات الفساد في نينوى بحجة أننا نمثل إحدى الدوائر الانتخابية للعاصمة الحبيبة (بغداد)، ولسنا من نواب نينوى (بحسب قوله)".
وأضاف: "وبدلا من أن يعلن المحافظ بشكل واضح عن استعداده لفتح أبواب المحافظة ودوائرها أمام اللجان والدوائر المختصة للإجابة عن كل الأسئلة التي وجهناها للمحافظة من خلال البرلمان وهيئة النزاهة، وجدناه يتحدث بطريقة تنمّ عن جهل بالدستور وعدم فهم لواجبات ومهام النائب في العراق في محاولة منه للتستر على ما يجري في المحافظة من فساد وتبديد لأموال المحافظة".
*الإعمار في نينوى.. خرافة أم حقيقة؟
وبشأن حقيقة وجود إعمار في نينوى، وجه حزب متحدون السياسي، تساؤلاً يخص حجم الإعمار في المحافظة مقارنة بالأموال المخصصة لها، مؤكدا وجود مشاريع "عبثية".
ويؤكد القيادي بالحزب، خالد الدوبني، في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، أن "هناك مشاريع أُنجزت في محافظة نينوى، لكن هذه المشاريع والحملات سواء كانت منجزة أم لا، مقارنةً بالمبالغ المالية المصروفة من قبل الحكومة الاتحادية للمحافظة طيلة السنوات السبع الماضية.. هل تقارن بحجمها؟".
ويضيف، أن "المحافظة خُصصت لها أموال ليست فقط من قبل المركز بل مِنح عديدة من الدول بالإضافة الى صندوق الإعمار وكذلك قانون الأمن الغذائي"، لافتا الى أن "هناك مشاريع عبثية وخللاً في أسس إعادة إعمار المحافظة".
ويوضح القيادي بحزب متحدون، أن "هناك الكثير من مشاريع البنى التحتية كالماء والكهرباء والمدارس تم إنجازها من قبل منظمات دولية كالأمم المتحدة"، مكرراً تساؤله "هذه المبالغ الضخمة هل توازي المشاريع الموجودة في الموصل تحديداً؟".
*ما قصة شقيق الكاظمي وسرقة الـ800 مليار من نينوى؟
ويؤكد النائب السابق عن محافظة نينوى مختار الموسوي، أن "هناك مجموعة مسيطرة على مقدرات المحافظة التي تستحوذ بقوة على الأموال الداخلة من أجل إعمارها لاسيما مدينة الموصل بدءا من نواب إقليم كردستان والمسؤولين السياسيين في الانبار والمتمثل برئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وخميس الخنجر وأحمد أبو مازن من صلاح الدين".
وقال الموسوي، إن "مدير اللجنة المكلَّفة بإعمار محافظة نينوى برئاسة صباح المشتت شقيق رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، استولى على منحة الحكومة المالية والتي تبلغ 800 مليار دينار بعد تعيينه من قبل شقيقه الكاظمي (المجرم)" بحسب وصفه.
*فساد صندوق إعمار المناطق المتضررة
وبالحديث عن استحواذ بعض الأطراف على أموال المناطق المحررة اتهم النائب المستقل باسم خشان، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وحليفه خميس الخنجر بالاستحواذ على أموال صندوق إعمار العراق كافة وتوزيع الصفقات لنوابهما المقربين، مبينا أن رئيس صندوق إعمار المناطق المحررة محمد العاني أبرز المتهمين بصفقة السجائر بالاشتراك مع الحلبوسي.
بدوره، رأى عضو مجلس النواب عن محافظة نينوى ماجد شنكالي، أن الفساد في صندوق إعمار المناطق المحررة "ازكم الانوف"، مشيداً بقرار الحكومة إعفاء مدير الصندوق.
وكتب النائب ماجد شنكالي في تغريدة بموقع تويتر، إن "إعفاء رئيس صندوق إعمار المناطق المحررة أمر مهم جداً، والأهم أن يتبعه إعفاء مسؤولين آخرين لا يختلفون عمّن تم إعفاؤه اليوم كثيراً".
*خلاصة
مسألة إعمار الموصل مازالت تشكل أزمة كبيرة بالمحافظة، ولاسيما أن الدمار الذي طال المدينة 100%، باعتبار السبب الرئيسي لتأخير إعمار المحافظة هو صراع القوى السياسية المتنفذة على المحافظة للاستحواذ على المشاريع لأجل سرقة أموالها المخصصة.