سيطرة الرستمية تنتقل أخيراً إلى اللِّج.. سنوات من التعذيب والابتزاز وأهالي بسماية الأكثر فرحاً
انفوبلس/..
بشكل مفاجئ، جرى الإعلان يوم أمس عن قرار لاقى ترحيباً واسعاً من سكان العاصمة بغداد ومجمع بسماية السكني بشكل خاص، تمثَّل في رفع سيطرة الرستمية ونقلها إلى اللِّج؛ وذلك للتخفيف عن كاهل مواطني المناطق المحيطة.
*تفاصيل القرار
وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، بإنشاء موقع اللِّج ورفع سيطرة الرستمية.
وقال فريق التواصل الإلكتروني في بيان: إن "ملاكات شركة حمورابي التابعة إلى وزارة الإعمار والإسكان بالتعاون مع الجهد الخدمي والهندسي باشرت بإنشاء موقع اللِّج لتكون بديلا عن سيطرة الرستمية (جسر ديالى) الجديد، وذلك للتخفيف عن كاهل مواطني المناطق المحيطة وخاصة سكان مجمع مدينة بسماية".
وأضاف، إن "ذلك جاء بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وبمتابعة من فريق التواصل الإلكتروني إثر تلقيه العديد من المناشدات"، مشيرا الى أنه "من المؤمل إنجاز أعمال السيطرة خلال 45 يوما".
*مطلب برلماني
وقبل نحو 5 أشهر، دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، قائد عمليات بغداد الى رفع سيطرة بغداد- واسط.
وقال المكتب الإعلامي للمندلاوي في بيان، إن "النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي دعا الى رفع السيطرة الأمنية (بغداد – واسط) بسبب الازدحام المروري الناجم عن موقعها الحالي".
جاء ذلك في كتاب وجَّهه المندلاوي لقائد عمليات بغداد بشأن رفع سيطرة (بغداد – واسط) ونقلها لسيطرة (اللِّج) على حدود قضاء الوحدة، بشكل يُساهم في إنهاء المعاناة اليومية لأهالي بسماية والوحدة.
*سنوات من المعاناة
جاء هذا القرار بعد سنوات طوال من معاناة المواطنين مع هذه السيطرة التي وُصِفت ممارساتها بأنها "عملية تعذيب للمواطنين"، كما كانت تمارس شتى أساليب الابتزاز بحق سائقي عجلات الحمل.
ويشكو سكان مجمع بسماية وقضاء المدائن وناحية الوحدة وحي التأميم وغيرها من مناطق جنوبي العاصمة بغداد، من معاناة يومية بسبب سيطرة الرستمية أو ما تُعرف بـ"سيطرة بغداد - واسط"، أو ما يُطلق عليها "سيطرة جسر ديالى الجديد"، وتتسبب بشلل وازدحام يومي يستمر منذ ساعات الفجر الأولى وحتى المساء.
وأطلق أهالي تلك المناطق بشكل متكرر، حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ناشدوا فيها القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني، فضلا عن وزير الداخلية وقائد عمليات بغداد بالتدخل ونقل موقعها.
وكتب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي من سكان تلك المناطق، في وقت سابق، إن سيطرة الرستمية، والتي من المفترض أن تكون بوابة لدخول العاصمة، تقع داخل بغداد بـ50 كيلومترا قرب منطقة الرستمية، وهو موقع "غير قانوني" و"غير مناسب"، موضحين أنها تتسبب بازدحامات متواصلة بشكل يومي من الساعة 5 فجراً وحتى أوقات المساء.
ويقول السكان أيضا، إن مجموعة أوامر رسمية وكتب نقل صدرت إزاء هذه السيطرة في عهد الحكومات السابقة دون أن يتم تنفيذ أي أمر. لافتين إلى أن موقعها القانوني والموجود ضمن الهيكلية هو سيطرة اللِّج (نحو 30 كم عن الموقع الحالي)، لافتين الى أن مئات الآلاف من سكان بسماية والمدائن وناحية الوحدة وحي التأميم يعانون بسببها، فضلا عن المواطنين القادمين من المحافظات الجنوبية.
ويقول ناشطون مطلعون، "سبق وأن خرجت لجنة من قيادة عمليات بغداد ومحافظ بغداد وقائممقام قضاء المدائن ومدير ناحية الوحدة وقدمت الخرائط الخاصة بحدود محافظة بغداد على أن حدودها تبدأ من منطقة (اللِّج) بعد حدود محافظة واسط، وأن تكون السيطرة في ذلك المكان ضمن الرقعة الجغرافية لحدود بغداد مع واسط، مضيفين "بعدها لا نعلم ما الذي حدث".
وأطلق سكان تلك المناطق حملة مطالبة الى رئيس الوزراء، جاء فيها "نطالبكم برفع سيطرة جسر ديالى أسوةً ببقية السيطرات الأخيرة التي تم رفعها بتوجيه منكم، أو تحويلها إلى منطقة اللِّج"، لافتين الى أن "الأمر بنقلها الى منطقة اللِّج قد صدر سنة 2018، أي قبل 5 سنوات ولم يُنفذ دون معرفة الأسباب".
وأشارت المناشدة التي نُشِرت في مواقع التواصل إلى أن "معاناة سكان مدينة بسماية والمناطق المجاورة من هذه السيطرة فاقت حدود الصبر والتحمّل كونها تساهم بضياع ساعات لعبورها، عدا السيارات القادمة من محافظات الجنوب والحمل بأنواعها مما سبّب أثرا سلبيا في نفوس المواطنين وأثّرت على وظائفهم وأعمالهم اليومية ومصادر رزقهم".
*ابتزاز
في عام 2018، دعت دائرة الوقاية في هيئة النزاهة، كلاً من محافظة وأمانة بغداد إلى إعادة النظر في الموقع الحالي لسيطرة بغداد – جسر ديالى (سيطرة الرستمية)، واختيار موقعٍ يحول دون حصول زخم مروري.
كما دعت الى اتخاذ الإجراءات العاجلة؛ لتبليط الطريق الترابيِّ الذي تمرُّ عبره سيَّارات (الحمل) وصولاً إلى (سونارات) السيطرة كحلٍّ آنيٍّ؛ الأمر الذي سيُسهم في امتصاص الزخم الحاصل، وتيسير دخول المركبات عبر ممرَّين.
وأوصت الدائرة، في تقريرٍ أعدَّته حول الزيارة التي قام بها فريق عملٍ مشتركٍ من الدائرة ومكتب المُفتِّش العامِّ في وزارة الداخليَّة إلى سيطرة بغداد – جسر ديالى على الطريق الرابط بين محافظتي بغداد وواسط، واللقاء بالعميد آمر السيطرة وعددٍ من الضُّبَّاط، فضلاً عن عددٍ من سائقي الشاحنات في السيطرة؛ "للتحقُّق من مدى صحَّة المعلومات، التي وردت في تقرير إحدى القنوات الفضائيَّة ورصده المركز الإعلاميّ لهيئة النزاهة".
وأوصت أيضا بـ"تعزيز السيطرة بأجهزة سونار؛ لغرض امتصاص الزخم الحاصل فيها، وإدامتها بصورةٍ مُستمرَّةٍ بهدف المحافظة عليها من العطل؛ كون عطلها يُؤدِّي إلى تأخُّر تفتيش السيَّارات ويُعرقل حركة السير، مع التأكيد على ضرورة مراعاة حصول أعمال الصيانة في غير أوقات الذروة".
ودعا التقرير، وزارة الداخليَّة لـ"اتِّخاذ الإجراءات اللازمة بحقِّ الجهات التي تخالف التعليمات والضوابط في إدخال سيَّارات وشاحنات السكراب عبر السيطرات، ورصد وتصوير حالات الاستغلال لموافقاتها في إدخال مواد أخرى، واتِّخاذ ما يلزم بحقِّ مرتكبيها، فضلاً عن إجراء التدوير المُستمرِّ لمنتسبي السيطرات، ووضع أسبقيَّةٍ لسيَّارات (الحمل) من حيث نوع المواد التي لا تتحمَّل التأخير، عبر تخصيص طريقٍ خاصٍّ بها؛ للحيلولة دون حصول حوادث طرقٍ أو تلف المواد الغذائيَّة".
ورصد "تقرير الهيئة عدداً من الحالات السلبيَّة تمثَّلت في تعرُّض سائقي السيَّارات للابتزاز من قبل منتسبي المرور الموجودين في السيطرة؛ لتنظيم دخولها، وذلك بالسماح لهم بالمرور مباشرةً دون الدخول في الطريق الترابيِّ لقاء مبالغ ماليَّة، وتذبذب ساعات التشغيل لأجهزة السونار وتوقُّفها، وانتظار السيَّارات في طوابير طويلةٍ، حيث أشار الضابط المسؤول إلى أنَّ هذا التذبذب يحصل اعتماداً على زخم السيطرة والتوجيهات والنداءات التي تردهم بخصوصها، الأمر الذي يجعل من هذا التذبذب منفذاً لابتزاز سائقي سيَّارات الحمل عبر دفع مبالغ ماليَّةٍ؛ للخروج من الطابور والمرور مباشرةً إلى السيطرة".
وبحسب الهيئة فان فريقها لاحظ "عدم وجود منتسبي (مكتب المُفتِّش العام لوزارة الداخليَّة) ومُوظَّفي (الهيئة العامة للكمارك) في السيطرة، حيث أشار مسؤول السيطرة إلى سحبهم من السيطرات بتاريخ 12/9/2017، إضافةً إلى عدم تعاون القوَّة الماسكة للأرض معهم عند الحاجة إليهم أو في موضوع تنظيم السير، وحصول تداخلٍ في عملها؛ بسبب خضوعها إلى توجيهات (قيادة عمليات بغداد)".
وأكد التقرير "قيام بعض الجهات بمخالفة التعليمات والضوابط، وإدخال سيَّارات (حمل) عبر السيطرات دون وقوفها في طوابير الشاحنات، حيث شاهد فريق العمل مرور سيَّارات ليس لديها موافقات كمركية بالمواد المُحمَّلة، كما لوحظ وجود سيَّارات مُحمَّلة بالسكراب مُتوقِّفة قبل مدخل السيطرة، تتطلب استحصال موافقات خاصة لدخولها، يتم استغلال الموافقة الخاصة بدخولها في إدخال سيَّارات حمل كثيرة دون أن يتمكَّن أحدٌ من منعها".
*معالجة الاختناقات المرورية
وفي الثاني من شهر كانون الثاني، أصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، توجيهاً عاجلاً الى وزارة الداخلية ومديرية المرور العامة الاختناقات المرورية داخل العاصمة بغداد.
وجاء في وثيقة رسمية موقَّعة من السكرتير العسكري للسوداني، أن "رئيس مجلــس الــوزراء - القائـد العـام للقـوات المسلحة وجه بتكثيف الجهود لمعالجة الاختناقات المرورية في مدينة بغداد والسيطرات الخارجية لمـداخل العاصمة وإيجاد حلول عملية وسريعة تتحاكى مع هموم المواطن في تعطيل أعماله والتزاماته وإعلامنا الآليات التي ستعمل بها دوائركم بهذا الصدد والمباشرة بفتح الاختناقات والطرق المغلقة الرئيسية والداخلية وتأمين انسيابية حركة سيارات الحمل في مداخل محافظة بغداد وعدم تكديسها في أرتال طويلة تأخذ مسافة من الشوارع الرئيسية".