شحة بالتجهيز واختلاسات بالمليارات.. فساد الكهرباء يغضب العراقيين بعد الوعود كاذبة!
انفوبلس/..
بالتزامن مع تفاقم أزمة تجهيز الكهرباء في مختلف المحافظات العراقية، وهي أزمة مزمنة لم تحلها كل الحكومات منذ الإحتلال الامريكي، تم الكشف مؤخراً عن فضيحة مدوية لاختلاس بعشرات المليارات في وزارة الكهرباء.
وانقطع التيار الكهربائي بشكل تام في عدد من المحافظات خلال شهر آب/أغسطس المنصرم، تحت درجة حرارة تجاوزت 50 درجة مئوية، دون أن تتمكن وزارة الكهرباء من السيطرة على الوضع، وسط مخاوف من انهيار تام للمنظومة الكهربائية.
وشهدت مناطق عديدة في محافظتي بغداد وديالى توقفاً تاماً للتجهيز، أما ميسان وذي قار والبصرة فقد توقف التجهيز فيها بشكل كامل، فيما انخفضت ساعات التجهيز في محافظات أخرى إلى أدنى مستوياتها، حيث لم تتجاوز الساعتين في اليوم الواحد.
وألقت الوزارة في بيان لها باللائمة على المواطنين وحرارة الجو بقولها، إن “الإطفاء التام بالجنوب، جاء بسبب انفصال الخط الرئيس في محافظة واسط جنوبي البلاد نتيجة الأحمال الزائدة وارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق”، مضيفة أنّه “جرت المباشرة بإعادة الخطوط والوحدات التوليدية التي فصلت”.
إستمرار القطع
ورغم ذلك أكد فرع توزيع الكهرباء في محافظة ذي قار، إن القطع التام ما زال مستمراً، ليس في ذي قار وحدها بل في عدد من المحافظات الجنوبية. وأصدر الفرع بياناً حول ذلك جاء فيه، أن المحافظات الجنوبية تعرضت وللمرة الثانية لإطفاء تام، وأن الفرع لم يتوصل بعد لمعرفة الأسباب”. وعلى الأثر، علقت المحافظة الدوام الرسمي ثلاثة أيام “بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانهيار المنظومة الكهربائية،” وأصدر محافظ ذي قار “محمد الغزي” بياناً جاء فيه، أن قرار تعليق الدوام تستثنى منه المؤسسات الأمنية والصحية والأقسام البلدية وفرق الصيانة الخاصة بدوائر الماء والكهرباء، والطلبة الذين يؤدون الإمتحانات النهائية”.
من جهة اخرى خرجت أربع وحدات توليدية عن الخدمة في محافظة واسط، حيث تعرضت محطة الزبيدية الحرارية إلى إطفاء شمل المحافظة بالكامل، باستثناء قضاء الصويرة التابع لها.
ومن ذي قار وواسط إلى محافظة صلاح الدين، حيث أعلن رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب “خالد السامرائي” في تصريح صحفي، إن انقطاع التيار الكهربائي عن المحافظة جاء “بسبب خروج المحطة الحرارية في سامراء عن الخدمة قبل ثلاثة أيام، وأنها تحتاج أسبوعاً كاملاً لإعادتها إلى العمل”.
وحدث هذا الإنهيار بالمنظومة الكهربائية بعد ساعات من إعلان الوزارة على لسان المتحدث باسمها “أحمد موسى،” إن “هناك استقراراً كبيراً في المنظومة، وهناك زيادة في حجم الإنتاج مقارنة بالعام الماضي تصل إلى 22%، وأن الوزارة ماضية بزيادة الطاقات الإنتاجية وتدعيم قطاع التوزيع”.
إختلاسات كبيرة
ولا يستبعد مراقبون وجود علاقة بين الفساد المستشري في الوزارة وبين عجزها عن إيجاد حل للأزمة المزمنة منذ عشرين عاماً، حتى وصلت الشهر الماضي إلى هذه السلسلة من الإنقطاعات.
وكشف مكتب النائب “هادي السلامي” عن وثائق أصدرتها هيئة النزاهة الإتحادية، تؤكد تورط مسؤولين بالوزارة باختلاسات بعشرات المليارات من الدنانير.
وأُعلن عن هذه الوثائق التي تشير إلى اختلاس (63) مليار دينار في وزارة الكهرباء، بعد تحريك شكوى لدى جهاز الإدعاء العام وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، وبعد متابعة وتحرٍ استمر شهراً كاملاً.
وفي تعليقها على الموضوع، إدعت وزارة الكهرباء أن هذا المبلغ خصص لنصب عدادات ذكية لتحديد استهلاك الطاقة. ففي معرض رده على اتهامات النائب هادي السلامي، قال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، إن “الوزارة انتهت من إعداد دراسة كاملة لتحقيق هذا الهدف قبل أن تخرج هذه المطالبات للتحول الإلكتروني والجباية الإلكترونية، والآن المشروع في مجلس الوزراء وننتظر أن يصوت عليه للمضي به، وسيكون بعد إقراره مشروعاً متكاملاً لتأهيل شبكات التوزيع وتحويلها تحت الأرض ونصب العدادات الذكية لتحديد الإستهلاك في المنازل وتعظيم موارد الجباية والحد من الضياعات”.
فساد وترقيع
من جانبه، نوه الخبير في مجال الطاقة، حمزة الجواهري،، إلى "عدم وجود سبب في نقص الطاقة طيلة السنوات الماضية غير آفة الفساد الموجودة في الوزارة، والتي لم تتمكن من إصلاح المنظومة طيلة هذه الفترة".
الجواهري، أشار أيضاً إلى أن "الوزارة قامت بصرف أكثر من 60 مليار دولار من غير التشغيلية"، وأن كل مليار دولار من هذا المبلغ يفترض أن يمنح 1000 ميغاواط، وبالتالي فانه يجب ان يكون هناك 60 ألف ميغاواط، في حين أن ما موجود في أحسن الأحوال هو 20 ألف ميغاواط فقط، وهو ما يؤشر على وجود فساد كبير في مشاريع الوزارة".
ورأى الخبير في مجال الطاقة، أن "الوزارة لا تقوم بمنح المشاريع لشركات كبيرة لإحياء المنظومة وإنما يمنحوها لشركات صغيرة لكي يكونوا قادرين على مساومتها وأخذ حصتهم من المشروع، وبالتالي فان جميع المشاريع التي تقوم بها هذه الشركات هي ترقيعية فقط".
وتشير وقائع الأزمة إلى أن كل من تولى حقيبة الكهرباء لم يستطع أن يضع حلولاً لها، على الرغم من الموازنات الكبيرة التي خصصت وتجاوزات مئات المليارات من الدولارات، لكن النتيجة واحدة، "المولدات الأهلية" حل أساسي لدى المواطن لتعويض النقص الكبير في الطاقة، رغم أن هذا الحل استنزف جيوب الموظفين والكسبة على حد سواء.
تجدد التظاهرات
ولم تقنع تبريرات الوزارة المواطنين الذين خرجوا في تظاهرات صاخبة ضد فساد الوزارة، حيث انتهى بهم لقطع كامل للتجهيز الكهربائي. وخرج العديد من أهالي بلدة سيد دخيل في محافظة ذي قار في تظاهرات غاضبة، كما شهدت قرى خرنابات والعبارة في محافظة ديالى احتجاجات مماثلة، قطع المتظاهرون خلالها عدداً من الطرق، مطالبين بوضع حد للفساد وإنهاء ملف الكهرباء المزمن.
وأعادت تظاهرات الكهرباء إلى الأذهان تظاهرات عام 2015، ألتي رفع فيها المتظاهرون أجهزة السخانات العاطلة، للسخرية من حديث وزير الكهرباء الأسبق “قاسم الفهداوي”، ألذي طالب بترشيد استهلاك الكهرباء من خلال إطفاء السخانات الكهربائية.
يذكر أن وزارة الكهرباء أصدرت مؤخراً بياناً يتضمن دعوة للمواطنين مشابهة لدعوة الفهداوي، طالبتهم بها بترشيد استهلاك الطاقة خلال الأيام المقبلة، رغم أن حجم الإنتاج إرتفع بنسبة تصل إلى 22% مقارنة بالعام الماضي، بحسب تصريح المتحدث باسم الوزارة.