شركتا آسياسيل وكورك متهمتان بتفشي السرطان والضمور في ديالى.. التحقيقات لم تتوصل لدليل والأهالي "غاضبون"
انفوبلس/ تقرير
بسبب إشعاعات أبراج الاتصالات التابعة شركتي آسياسيل وكورك، بات السرطان يفجع كل عائلة في منطقة الخويلص بمحافظة ديالى لتسجل أكثر من 40 إصابة، و20 إصابة أخرى بمرض الضمور، الأمر الذي أدى الى انطلاق تظاهرات احتجاجية ورفع شكاوى وتشكيل لجنة حكومية رباعية للتحقيق ومعرفة الحقيقة.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على قصة تفشي مرض السرطان والضمور في محافظة ديالى ونتائج التحقيق في ذلك
*احتجاج الأهالي
خرج أهالي "الخويلص" بمحافظة ديالى، خلال الايام الماضية في عدة وقفات احتجاجية من أجل المطالبة بكشف أسباب الأمراض السرطانية وإبعاد أبراج الاتصالات التابعة لشركتي آسياسيل وكورك عن منازلهم لتفادي لتسجيل المزيد من الاصابات في المستقبل.
وحصلت "انفوبلس"، على وثيقة تشكّي لأهالي منطقة "الخويلص" بمحافظة ديالى، مقدَّمة إلى قائممقامية الخالص، تشير إلى تسجيل 40 إصابة ووفاة بالأمراض السرطانية، وتسجيل 20 حالة إصابة بمرض الضمور، حيث وجهوا أصابع الاتهام الى أبراج الاتصالات المنتشرة في محيط قريتهم.
ويعاني مرضى السرطان في العراق، (57 بالمئة منهم نساء)، من نقص كبير في الأجهزة والأدوية والخدمات الطبية والمراكز التخصصية لعلاجهم ويشكون الإهمال الحكومي المتكرر منذ الحكومات السابقة.
الى ذلك، كشف قائممقام قضاء الخالص (20كم شمال بعقوبة) في محافظة ديالى عدي الخدران مؤخراً، عن تشكيل لجنة رباعية بشأن أبراج منطقة الخويلص شرق الخالص بديالى، بعد الوقفات الاحتجاجية.
إذ قال الخدران في تصريح تابعته "انفوبلس"، إن "محافظ ديالى وكالة وافق وبشكل رسمي على تشكيل لجنة رباعية تتألف من ممثلين عن (الصحة- البيئة- الاتصالات-جامعة ديالى) لإجراء تحقيق شفاف في أسباب انتشار الأمراض السرطانية في منطقة الخويلص شرق الخالص بعد تسجيل أكثر من 40 حالة حتى الآن".
وأضاف، إن "الأهالي يوجهون أصابع الاتهام الى أبراج الاتصالات القريبة من الدور السكنية بأنها وراء الفاجعة التي يعانون منها"، مؤكدا بأن "اللجنة أخذت على عاتقها إجراء دراسة معمقة مع وجود أجهزة متطورة في رصد الترددات لجميع الأبراج للخروج بتقرير يبين أسباب الأمراض السرطانية مع الحلول".
وأشار إلى، أن "تسجيل هكذا عدد من الاصابات في منطقة جغرافية محددة يثير القلق ويستدعي طمأنة الاهالي من خلال تحقيق شفاف يُجيب عن كافة التساؤلات وهذا ما نرغب بالوصول إليه الآن".
ويُعد السرطان أحد مسببات الوفيات العشر الأولى في العراق، وكذلك في الشرق الأوسط، بحسب متحدث وزارة الصحة سيف البدر، الذي أكد في تصريح سابق، أن السرطان مشكلة عالمية، ونسب الإصابة به في العراق دون 80 حالة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد، وهي ضمن المعدل العالمي، لكنه يشير إلى أن أكثر الحالات تُكتشف متأخرة من المرحلة الثالثة والرابعة من المرض بعد أن يكون قد انتشر إلى أعضاء الجسم ويكون علاجه أكثر صعوبة وتعقيدا.
وعلى الرغم من عدم وجود تقارير علمية مؤكدة تثبت العلاقة بين حالات السرطان وأبراج الاتصال، فإن الحكومة العراقية قررت عام 2019 إلزام شركات الاتصال بعدم نصب أي أبراج لشبكاتها داخل الأحياء السكنية، غير أن كثيراً من الشركات تحايلت على القرار، في سبيل المنافسة بينها على تقوية بثّها داخل المدن.
*التحقيقات لم تتوصل لدليل
لكن اليوم الخميس 9 مايو/أيار 2024، خرج عدي الخدران قائممقام قضاء الخالص نفسه، وكشف عن نتائج التحقيق الحكومية في وجود أبراج مسرطنة في منطقة "الخويلص" بمحافظة ديالى.
وقال الخدران، إنه "تلبيةً لوقفات احتجاجية أقامها أهالي قرية الخويلص حول شكوكهم بأن أبراج الاتصالات وراء تسجيل أكثر من 40 إصابة بالأمراض السرطانية وقرابة 25 إصابة أخرى بالضمور في أزقة القرية تمت مفاتحة حكومة ديالى بكتاب رسمي لفتح تحقيق".
وأشار الى، أن "دائرة بيئة ديالى أرسلت بالفعل لجنة مختصة مع أجهزة لقياس الترددات وإعداد تقرير موضوعي". لافتا الى، أن "اللجنة خرجت بنقاط عدة أبرزها بأن ترددات الأبراج ضمن المسموح بها وليس هناك تلوث تسببه تلك الأبراج وفق تقريرها العام".
*تشكيل لجنة أوسع
وأضاف، إن "الأهالي لم يتفاعلوا مع النتائج وطالبوا بكشف سر الإصابات السرطانية ما دفعنا الى مطالبة حكومة ديالى بتشكيل لجنة أوسع لطمأنة الأهالي"، مؤكدا أن "الاستجابة كانت من خلال تشكيل لجنة مشتركة تضم الاتصالات والبيئة وصحة ديالى وفريق من الأكاديميين في جامعة ديالى من أجل تحرّي أسباب التلوث والإجابة عن تساؤلات الأهالي".
ولفت الى، أن "قائممقامية الخالص تدرك هواجس الاهالي وهي تتعامل مع الملف وفق مبدأ قانوني وحرصها على تشكيل أكثر من لجنة من اجل بيان اسباب الاصابات السرطانية سواء أكان بسبب ترددات الأبراج او غيرها".
وكانت محافظة ديالى قد شهدت احتجاجات شعبية متكررة، مطالبةً بإخراج أبراج شركات الاتصالات من داخل المناطق السكنية، حيث يعزو السكان ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان إلى تلك الأبراج التي يقولون إنها قريبة جداً من منازلهم.
وكان رئيس منظمة "صحيح"، محمد رويد الذهبي، الذي يقيم في ديالى، أكد في تصريح سابق أن "المحافظة تفتقر لأي جهاز لعلاج أو تحليل مرضى السرطان وهناك مركز للأمراض السرطانية به عشرة أسرّة فقط ولا يوجد به تحليل PCR ولا جهاز الـPET SCAN أو جهاز إشعاع، ولدينا ثماني إلى تسع حالات داخل المنظمة من محافظة ديالى يتلقون علاجهم في بغداد".
وترتفع كلفة العلاج داخل المستشفيات الحكومية على قلّتها، ويلجأ كثير من المصابين إلى السفر للعلاج في الهند وتركيا والأردن وإيران، بسبب توفر مراكز حديثة لعلاج المرض ورخص الأسعار نسبياً مقارنةً مع العراق.
وكانت وزارة البيئة، قد أفادت بوجود ما يقرب من 300 موقع ملوث في عموم العراق، من بينها 63 موقعا عسكرياً في بغداد والموصل وعدد من المحافظات الجنوبية، اعتبرت التلوث البيئي والإشعاعي وتلوث المياه والحروب، من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الزيادة بأعداد مرضى السرطان.
*تقارير الإصابات بالسرطان في العراق
راجعت شبكة "انفوبلس، تقارير الإصابات بالسرطان في العراق، حيث يتم تقسيم الاحصائيات الى نوعين، عدد الإصابات التي تسجلها المحافظات، وكذلك "معدل الإصابات لكل 100 ألف نسمة".
ويُعد مقياس معدل الإصابات، أكثر دقة ويعطي تصورا أكثر وضوحا من مقياس عدد الإصابات، لأنه يراعي عدد السكان في كل محافظة.
فيما يخص عدد الإصابات، تتصدر العاصمة بغداد جميع المحافظات العراقية بعدد الإصابات بالسرطان سنويًا، ويعود ذلك الى أن بغداد تضم أكبر عدد من السكان مقارنةً بباقي المحافظات، ويبلغ عدد الإصابات في بغداد سنويا بين 8 الى 9 آلاف إصابة بالسرطان سنويًا.
أما البصرة، فتأتي غالباً بين المركز الثاني والثالث بعدد إصابات يتراوح بين 2 إلى 3 آلاف إصابة سنويًا بالسرطان، وكذلك تتعاقب نينوى بين المراتب الرابعة والثالثة باعتبار أن البصرة ونينوى تضمان عددا كبيرا من السكان بعد بغداد.
لكن المقياس الأكثر وضوحا، هو معدل الإصابات مقارنةً بعدد السكان، وهو المقياس الذي يوحي الى مدى انتشار السرطان في محافظة معينة مقارنةً بغيرها.
وفي معدل الإصابات، جاءت البصرة طوال السنوات الماضية في المراتب الرابعة والسادسة والعاشرة والتاسعة، أما المحافظات التي تأتي في المرتبة الأولى بمعدل إصابات السرطان طوال السنوات الماضية، فهي كربلاء وأربيل والسليمانية والنجف.
وتتصدر محافظات كربلاء وأربيل غالبًا قائمة أعلى معدل إصابات بالسرطان طوال السنوات العشرة الماضية، بالرغم من أن كربلاء ليست محافظة نفطية، في مؤشر واضحة ينسف الاعتقاد الشائع.
في عام 2022 على سبيل المثال، جاءت النجف بالمرتبة الأولى بمعدل الإصابة بالسرطان حيث بلغ نحو 124 إصابة لكل 100 ألف نسمة، وبلغ في كربلاء 112 إصابة لكل 100 ألف نسمة، وبغداد 104 إصابات لكل 100 ألف نسمة، أما البصرة فيبلغ 99 إصابة لكل 100 ألف نسمة فقط.
وطوال السنوات الماضية، يجري اعتقاد شائع بشكل كبير في العراق سواء في الأوساط الشعبية او السياسية والإعلامية، بأن محافظة البصرة هي الأكثر تضررا من السرطان في العراق لكونها تحتوي على آبار منتجة للنفط وبصفتها "عاصمة النفط" في العراق، بعد ذلك خرج وزير الصحة قبل أيام ليقول إن محافظة نينوى هي الأولى بالسرطان وليست البصرة، إلا أن كلا المعلومتين "خاطئتان"، بحسب الأرقام التي ذكرتها شبكة "انفوبلس".