"طريق التنمية" خارج الحدود الإدارية لقضاء سفوان بعد احتجاجات "قوية".. محافظ البصرة يُجبَر على تغيير المسار: هل تجرّع العيداني الفشل في الاختبار الأول؟
انفوبلس/ تقرير
تعالَت أصوات أهالي ومسؤولي قضاء سفوان بمحافظة البصرة منذ فترة، ضد "طريق التنمية" بعد ملاحظة أنه سيدمر نصف القضاء ويضرب التصميم الأساسي لواحد من أكبر أقضية العراق ويشرد نحو 4 آلاف عائلة، الأمر الذي وضع محافظ البصرة أسعد العيداني في "مأزق"، فكيف انتهت هذه القضية؟
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على أضرار "طريق التنمية" على قضاء سفوان وكيف تمت حلحلة الأمور
*اعتراضات رسمية
قال قائم مقام قضاء سفوان طالب الحصونة مؤخراً، إن طريق التنمية المقترح عبر القضاء يتعارض مع منشئات حكومية والمنفذ الحالي مع الكويت، والمنفذ المقترح، وكذلك يتعارض مع وحدات المعالجة ودور عبادة ودور سكنية ومزارع وأملاك خاصة وعامة، ويسبب أضرارا كبيرة للأهالي.
وأضاف الحصونة، إنه وجه كتابا بهذا الخصوص إلى ديوان المحافظة لغرض رفعه إلى السكك، باعتبار أن مدير السكك هو المشرف للتنسيق بين الجهات ذات العلاقة، لافتا إلى أن الطريق المزمع إنشاؤه قرب الدعامة الحدودية مع الكويت اعترضت عليه مديرية حرس الحدود لأنه يتعارض مع المخافر الحدودية، لذلك فإن اللجنة المعنية قررت "تزحيف" الطريق نحو مركز القضاء بـ 650 م، مشيرا الى أنه من غير المعقول أن يدخل هذا المشروع الحيوي الى المركز الحضري للمدينة.
وأفاد الحصونة، إن هناك بدائل للحد من الأضرار التي يسببها هذا المشروع، ومنها أن يكون الطريق موازيا للطريق السريع، أو أن يبتعد عن سفوان بخمسة كيلوات، ثم يعود الى مساره المقترح، مبينا أن تقسيم الحدود مع الكويت عام 1993 قد جعل من التصميم الأساسي لسفوان ملاصقا للدعامات الحدودية بالتالي لا توجد أرض حرام بين القضاء والكويت الأمر الذي يصعب إنشاء طريق مهم مثل طريق التنمية قرب سفوان.
وأشار إلى أن الأهالي عقدوا اجتماعا قبل أيام ورفضوا فيه مسار الطريق الحالي، مؤكدا أن محافظ البصرة أبدى تفهمه للموضوع، وأن نائب المحافظ للشؤون الفنية يعد حاليا تقريرا حوله، وسيتم رفعه الى الجهات المعنية في بغداد بعد عطلة العيد.
* سيدمر نصف قضاء سفوان!
إلى ذلك كشف عضو مجلس محافظة البصرة علي عدنان عن أن طريق التنمية سيدمر نصف قضاء سفوان ويضرب التصميم الأساسي لواحد من أكبر أقضية العراق وسيشرد نحو 4 آلاف عائلة لديهم سند (طابو) رسمي ما بين سكني وزراعي.
ووجه عدنان رسالة إلى رئيس الوزراء محمد السوداني لإعادة النظر بمخططات ذلك الطريق مستذكراً إياه بحديث سابق للسوداني بأنه "لا يمكن تنفيذ أي شي فيه ضرر على المواطن". كما تمنى عدنان تدارك الأمر ومعالجته قبل تفاقمه وإلحاق الضرر بواحد من أكبر قضية العراق.
أهالي سفوان في محافظة البصرة يبعثون برسائل إلى رئيس الوزراء لتغيير مسار طريق التنمية
بينما بين النائب عن محافظة البصرة رفيق الصالحي، أن أكثر من 2000 وحدة سكنية مهدد بالإزالة فضلا عن مدارس وبنى تحتية بسبب طريق التنمية. وقال الصالحي إن "أهالي سفوان يبعثون برسائل إلى رئيس الوزراء لتغيير مسار طريق التنمية الذي يهدد أكثر من 2000 وحدة سكنية بالإزالة".
وأضاف النائب، إن "قضاء سفوان في محافظة البصرة خط أحمر لن نسمح بإزالة الدور السكنية أو المدارس أو الدوائر الحكومية"، موضحا أن "الأهالي لم يكونوا يوما ضد المشروعات القومية وخطط التنمية، وإنما هناك حلول مقترحة يمكن تنفيذها دون التعدي على مصلحة قضاء سفوان حيث إن الواقع يقرر أن هناك إزالة لمنازل آهلة بالسكان".
وتابع، إن "مشروع طريق التنمية الاستراتيجي يتعارض مع منشئات سكنية وحكومية وحدات كهرباء ومدارس ودوائر مجارٍ ودور عبادة وغيرها وجميعها مهددة بالإزالة".
"طريق التنمية" خارج الحدود الإدارية لقضاء سفوان.
واليوم السبت 13 نيسان 2024، أعلن قائممقام قضاء سفوان طالب الحصونة، حسم موضوع مسار طريق التنمية بإخراجه خارج المدينة. وذكر الحصونة أنه التقى في ساعة متأخرة الليلة الماضية مع محافظ البصرة أسعد العيداني، لحسم موضوع مسار طريق التنمية بإخراج مسارة خارج مدينة سفوان تماماً محاذيا لسكة الحديد المقترحة حسب رؤية رئيس الوزراء.
وأضاف، "جاء ذلك بطلب قدمناه إلى المحافظ لإبعاد مدينة سفوان عن تعارضات المشروع والأضرار المترتبة وإرجاعه الى سكة الحديد بمساره المقترح في نهاية العام الماضي خارج الحدود الإدارية لقضاء سفوان".
و"طريق التنمية" مشروع اقتصادي يهدف لربط العراق بتركيا عبر طرق برية وسكك حديدية بهدف نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.
ينظر رجال الأعمال وصناع القرار في العراق إلى مشروع "طريق التنمية"، الذي من المقرر أن يربط الخليج بأوروبا عبر تركيا، باعتباره فرصة واعدة لتعزيز وشائج التاريخ والثقافة المشتركة مع تركيا، وكذلك دعم المصالح المشتركة والمناطق النائية اقتصاديًا.
ويهدف العراق، من خلال المشروع الذي يضم مجموعة طرقات وسكك حديد وموانئ ومدن جديدة، إلى اختصار مدة السفر بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، والتحول إلى مركز للعبور من خلال ميناء الفاو الذي يُعد المحطة الأولى في المشروع.
ويهدف المشروع المعروف باسم "طريق الحرير العراقي" أيضا إلى تسهيل إجراء الأنشطة التجارية بشكل أسرع وأكثر كفاءة عبر إنشاء طريق منافس لقناة السويس المصرية. ومن المتوقع أن يبلغ طول السكك الحديد والطرقات السريعة التي ستربط ميناء الفاو بالحدود التركية ألفا و200 كيلومتر بكلفة 17 مليار دولار، ومن المقرر أن يكون الميناء المذكور أكبر ميناء في الشرق الأوسط وأن تكتمل أعمال البناء فيه عام 2025.
ومن المزمع أن يربط المشروع، الذي تكون نقطة نهاية الخط فيه هي تركيا، منطقة اقتصادية واسعة من أوروبا إلى دول الخليج. وفي هذا الإطار أشاد السوداني بدور الشركات التركية في أعمال البنية التحتية في العراق، وذكر أن هذه الشركات تستحوذ على إمكانات وخبرات مهمة تخولها العمل في تطوير مشروع "طريق التنمية".
وتتواصل أعمال إنشاء ميناء الفاو الكبير بمدينة البصرة جنوب العراق، والذي يعتبر المحطة الأولى من مشروع "طريق التنمية"، ويقع الميناء عند شط العرب حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات قبل أن يصبا في الخليج العربي. والمشروع المشتمل على خطوط سكك حديد وطرقات برية تبدأ من منطقة الميناء، مروراً بالديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل إلى الحدود التركية، من المتوقع أن يوفر إمكانية الوصول إلى ميناء مرسين التركي.
ويعد مشروع "طريق التنمية" أحد الخيارات البديلة في حالة نشوب صراعات أو حروب محتملة، حيث أن "طريق الحرير الصيني" لا يمر عبر العراق بشكل مباشر. ومن المتوقع أن يختصر المشروع الوقت والتكاليف من خلال اختصاره المسافة بين الصين وأوروبا مقارنة بالطريق البحري الذي يمر عبر قناة السويس.
وبالمقابل، فالمشروع الذي يهدف إلى أن يكون "طريق حرير جديدا" بين تركيا والعراق، يعتبر من المشاريع ذات الكلفة الباهظة التي لا تستطيع الحكومة العراقية تحملها بمفردها، لذلك من المتوقع أن تساهم تركيا ودول الخليج والصين في تمويل المشروع واستكماله.