طلبة صفوف التربية الخاصة يعانون.. شحة في الكوادر المتخصصة تقابلها نُدرة في المراكز والمعاهد.. ماذا عن الخطوات الحكومية؟
انفوبلس/..
أكثر من 16 ألف طالب وتلميذ يدخلون صفوف التربية الخاصة في العراق، من المصابين بالتوحد ومتلازمة داون وغيرها، لكن ثمة معاناة تواجه هذه الفئة تبدأ من شحة الكوادر التعليمية ولا تنتهي بندرة المعاهد الحكومية المتخصصة بتعليم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتشير التقارير الخاصة بالدراسات التربوية والنفسية في العراق، الى الزيادة الملحوظة في أعداد الأطفال الذين يعانون من العوق النفسي والبدني في الآونة الأخيرة، نتيجة الحروب والظروف الاستثنائية التي شهدتها البلاد والتلوث البيئي وتدني الخدمات الصحية، ما خلّف أعدادا كبيرة من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
*إحصائية
في وقت سابق، أعلنت وزارة التربية، تسجيل أكثر من 16 ألفاً و104 أطفال في الصفوف الخاصة من المصابين بالتوحد ومتلازمة داون وغيرها، فيما طالبت بضرورة تخصيص ملاكٍ تعليمي خاص بالتعامل معهم لتقديم العلاج والتعليم.
وقالت مديرة قسم التربية الخاصة في الوزارة سليمة عبد ياسر الوحيلي في بيان، إن "الوزارة تتعامل بشكلٍ جاد مع هذه الفئة من الأطفال"، مشيرة الى "وجود صفوف خاصة بكل مدرسة تهتم بهم بشكل منفرد خاصةً الحالات البسيطة التي لا تحتاج الى جهود في تعليمهم".
وطالبت الوحيلي "الجهات العليا والمختصة بتأسيس مراكز حكومية خاصة بعلاجهم بواقع واحد في كل من جانبي الكرخ والرصافة، فضلاً عن المحافظات، مشددةً على ضرورة أن يتم رفد المراكز بملاك تعليمي متخصص بالتعامل معهم لتقديم العلاج والتعليم لهذه الشريحة في آن واحد لكونهم يحتاجون الى جهد استثنائي وشاق في التعامل معهم".
*الالتحاق والفئات المشمولة
مديرة قسم التربية الخاصة في وزارة التربية سليمة ياسر الوحيلي، تقول "يتمَّ استقبال تلاميذ الصف الأول وفق آلية التعليم الإلزامي، فإن كانوا يعانون من ضعف في السمع او البصر او طيف التوحد ومتلازمة داون، او ممن يعانون مشكلات نفسية تحول دون استجابتهم للتعلم أسوة بالأطفال الاعتياديين".
وأوضحت الوحيلي بشأن الآلية المتبعة في الالتحاق بالصف الخاص والفئات المشمولة بهذا النظام، حيث "يتمُّ الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات المعلم لوضع التلاميذ، تقوم إدارة المدرسة بإحالتهم على اللجان الطبية المختصة، للحصول على تقرير يثبت حاجتهم الى صفوف التربية الخاصة"، وبحسب الوحيلي "فإن الأطفال يُصنَّفون حسب المراحل العمرية من (6 - 9) سنوات أول ابتدائي، ومَن يتجاوز التسعة أعوام يُحوَّل الى مدارس اليافعين والتعليم المُسرّع".
ونتيجة لعدم وجود معاهد حكومية متخصصة بتعليم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، تبنّت وزارة التربية في العراق مهمة فتح صفوف خاصة في بعض المدارس الابتدائية، بعد توفر عدة أمور منها وجود معلم اختصاص نفسي، وشرط أن يتراوح عدد التلاميذ المستفيدين من (6- 14).
*لمحة عن صفوف التربية الخاصة
تغيب في العراق بشكل عام المراكز والمعاهد والمدارس المتخصصة التي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديدًا الإعاقات الذهنية والنفسية، ولكن ما زالت توجد في المدارس العراقية ما يُعرف بصفوف التربية الخاصة، ولكن بشكل نادر لا تُلبّي حاجة الناس وحجم الأشخاص المصابين بهذه الأمراض جراء الحروب المتعاقبة والأزمات المتكررة منذ ما يقرب عقدين من الزمن.
يشخص المعلم المختص الحالات التي تستوجب تحويل التلاميذ إلى صفوف التربية الخاصة، حيث يتم نقلهم بعد فترة معينة من الصفوف الاعتيادية إلى الصفوف الخاصة، ويعتمد تشخيص التلميذ على معايير تتعلق بحركته داخل الصف وتقبله أو استيعابه للمادة.
وصفوف التربية الخاصة تستقبل الأطفال الذين يعانون من بطء التعلم أو صعوبة النطق أو الخجل الاجتماعي، وكذلك ضعف السمع أو حالات زرع القوقعة أو ضعف البصر وكذلك الطفل البطيء الحركة، إلى جانب حالات التوحد البسيطة وحالات خاصة من العوق الفيزيائي، وهذا أيضًا يعتمد على طلب الأهل وموافقتهم، وكذلك الأطفال الذين لديهم انخفاض في مستوى الذكاء أو التخلف العقلي البسيط.
*شحة المتخصصين
ويتم فتح صفوف التربية الخاصة في المدارس إذا توافر وجود معلمة للتربية الخاصة وطلاب يتراوح عددهم من 6 إلى 14 طالبًا وهذا ما يجعل مديرية التربية توافق على فتح صف خاص في مدرسة معينة، فليست كل المدارس مشمولة بنظام التربية الخاصة.
يشخص المعلم المختص الحالات التي تستوجب تحويل التلاميذ إلى صفوف التربية الخاصة، حيث يتم نقلهم بعد فترة معينة من الصفوف الاعتيادية إلى الصفوف الخاصة، ويعتمد تشخيص التلميذ على معايير تتعلق بحركته داخل الصف وتقبله أو استيعابه للمادة، أو يتم نقل البعض منهم بعد تكرار رسوبهم في صف معين، ويتعرف المشخص على الحالة النفسية للطفل معتمدًا على دراسة الحالة الاجتماعية والأُسرية له، كما يتم التعرف على حالته الصحية أو إذا كان يعاني من مرض معين مثل مرض القلب أو غيره، بعد ذلك تستمر كتابة الملاحظات اليومية التي يقوم بها معلم الصف المختص، وكذلك التقارير الشهرية والتقارير التي يقدمها المعلم المسؤول عن التشخيص وتحديد مَن هم بحاجة لضمهم بالصفوف الخاصة.
كل ذلك بدوره يساعد كثيرًا اللجان الطبية التي تأتي فيما بعد للكشف على التلاميذ ليتم تحويلهم وبشكل نهائي بعد قرار اللجنة الطبية إلى صفوف التربية الخاصة.
*مشكلات تواجه صفوف التربية الخاصة
رغم أن العاصمة بغداد شهدت في السنوات الأخيرة افتتاح مدارس للتربية الخاصة لكنها تبقى بصورة قليلة ومخجلة، وفضلًا عن أن بعض المحافظات يوجد بها صفوف للتربية الخاصة، لكنها تعاني من مشاكل عديدة، منها نقص الأدوات التعليمية والوسائل التوضيحية، بالإضافة لعدد الصفوف القليلة في أبنية المدرسة، وكذلك نقص كبير في المقاعد ووسائل الراحة من تدفئة وتبريد وغيرها، وتخوف الأهالي من نظرة المجتمع إلى أبنائهم التي قد تستمر إلى ما بعد هذه المرحلة.
*الخطوات الحكومية
في 19 تشرين الأول 2022، أصدرت وزارة التربية، توجيهات لمديرياتها في المحافظات كافة. وذكر بيان للوزارة، أنها "وجهت بمنع استغلال صفوف التربية الخاصة التزاماً منها بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة"، مؤكدةً "حرصها على "توفير البيئة الدراسية الجاذبة لجميع التلاميذ والطلبة بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة".
وأشار البيان، الى "التزام الوزارة يأتي تماشياً مع النظم الدولية في الحماية الاجتماعية، وإنجاح البرنامج الإنساني الذي من شأنه توفير الرعاية المطلوبة لشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق".
وأضاف، إن "الوزارة، وجهت المديريات العامة للتربية في المحافظات كافة، بمنع استغلال صفوف التربية الخاصة بحجة التوسع في المدارس المشمولة بصفوف التربية الخاصة والدمج التربوي على حساب صفوف التربية الخاصة وغرف المصادر، كونها حقا قانونيا في توفير الرعاية للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة وما تقدمه من خدمات (تربوية وصحية واجتماعية) لهذه الشريحة المهمة".
وأشادت الوزارة في بيانها، "بجهود الملاكات التعليمية للتربية الخاصة والقائمين على متابعة تلك الصفوف ورعايتها وعملهم الدؤوب في توفير بيئة دراسية مستقرة لهذه الشريحة المهمة من المجتمع".
وفي 22 كانون الأول 2023، جاء في وثيقة صادرة عن التربية، ما نصه "توجيه التربية/ المديرية العامة للتعليم العام والأهلي والأجنبي المديريات العامة للتربية كافة بإنشاء صفوف خاصة للتعليم الابتدائي والثانوي لمصابي متلازمة التوحد (من القابلين للتعلُّم) في المدارس الابتدائية".
وأكدت الوزارة، بحسب الوثيقة على "توفير الملاكات اللازمة لهم مع التركيز على الدمج التربوي".
وفي 25 كانون الأول 2023، كشفت وزارة التربية، عن تفاصيل افتتاح صفوف خاصة للتعليم الابتدائي والثانوي لمصابي متلازمة التوحد في المدارس.
وقال المتحدث باسم الوزارة كريم السيد، إنه "مؤخرا أصدرت وزارة التربية إعماما على مديريات التربية بضرورة الاهتمام بفتح صفوف خاصة بمصابي متلازمة التوحد، باعتبار أن هذه الشريحة بدأت تتصاعد وهناك جهود كبيرة من أجل تقليل الضغط على الأُسر العراقية".
وبين السيد، إن "هناك قسماً في وزارة التربية بعنوان (التربية الخاصة)، وهو يتابع المدارس التي فيها صفوف وعمليات الدمج التربوي وغيرها، خصوصاً أن الصفوف بها اشتراطات، منها أن هذه الصفوف يجب أن تكون بعيدة عن الصفوف الأساسية ويكون فيها مراقب، حتى لا يكون اختلاطهم يتسبب بضرر لهم أو لباقي الطلبة".
وأضاف، إنه "لدينا مشكلة في الأبنية المدرسية لفتح هكذا صفوف، خصوصاً في المناطق البعيدة والنائية"، مبينا إن "توجه الوزارة نحو التضامن مع هذه الشريحة، التي لها الحق في التعليم، خصوصاً إنها شريحة قادرة على التعلُّم، كما أن هناك مدارس خاصة تتبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لكن هذا جانب تربوي، وفيه جزء من المسؤوليات لوزارة التربية، من أجل تقليل من حدة معاناة الأهالي والطلبة".
*نظرة قانونية
من الناحية التشريعية تضمَّن قانون رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة رقم (38) لسنة 2013 جملة من الحقوق والضمانات للفئات المشمولة به ومن هذه الحقوق الحق في التعليم سواء على مستوى التعليم الابتدائي والثانوي أو على مستوى التعليم العالي في المادة (15/ ثانياً/ ثالثاً) من القانون المذكور وألزمَ وزارة التربية بتامين التعليم الابتدائي والثانوي بأنواعه لذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة حسب قدراتهم وإعداد برامج التربية الخاصة والدمج التربوي الشامل والتعليم الموازي والإشراف على المؤسسات التعليمية التي تُعنى بالتربية الخاصة وإعداد المناهج وتوفير الكوادر والتجهيزات الأساسية والملاكات التعليمية والفنية المتخصصة، ووفقاً لهذا النص فإن وزارة التربية ملزمة بتعليم أطفال التوحد على مختلف مستوياتهم ولا يقتصر الأمر على الأطفال القابلين للتعلم كما ورد بإعمامهم سابق الذكر.
يُضاف إلى أن قانون ذوي رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة رقم (38) لسنة 2013 قد خصَّ هذه الفئات بامتيازات كتسهيل النقل في وسائل النقل العام وتخفيض أسعار التذاكر بنسبة (50 بالمئة) لتذكرة النقل الجوي ولمرتين في السنة والإعفاء من ضريبة الدخل بنسبة (10بالمئة) من مدخولاتهم وتوفير القروض والإعانات النقدية وغير ذلك.
كذلك نصت المادة (32) من الدستور العراقي على أن "ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتكفل تأهيلهم بغية دمجهم في المجتمع".