عبد الوهاب الساعدي خارج أسوار جهاز مكافحة الإرهاب.. ترحيب شعبي و"حسرة" على التعاطف السابق
انفوبلس/ تقارير
لم تخلّف إقالته ضجيجاً داخل جهاز مكافحة الإرهاب كما في المرة الأولى، لطالما أبصر القاصي والداني بشخصيته المعتمدة على وسائل الإعلام، وسمعته المتردية التي صنعتها الميديا وشاشات التلفاز، لكن استقبال العراقيين للإقالة هذه المرة كان لافتاً، ففضيحة تلو الأخرى كانت كفيلة بزجّ عبد الوهاب الساعدي خارج أسوار الجهاز الذي هيمن وسيطر عليه بطرق عدة ستفصّلها انفوبلس في سياق التقرير.
*قرار الإقالة
في مطلع نوفمبر الجاري، قرر القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، إقالة عبد الوهاب الساعدي من رئاسة جهاز مكافحة الارهاب وأحمد سليم من قيادة عمليات بغداد.
وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في بيان، إن "السوداني أجرى تغييرات لعدد من القادة في مواقع عسكرية عليا، وكلف سيادته بدلاء عنهم لإكمال مسيرتهم في العمل العسكري".
وشملت التغييرات تعيين الفريق الركن كريم عبود محمد رئيساً لجهاز مكافحة الإرهاب، بدلاً عن الفريق الأول ركن عبد الوهاب عبد الزهرة زبون الساعدي، كما تمّ نقل الفريق الركن أحمد سليم بهجت من منصبه كقائد عمليات بغداد إلى إمرة وزارة الدفاع، وتعيين اللواء الركن وليد خليفة مجيد بدلاً عنه.
ولفت رسول إلى أن "هذه الخطوة تأتي لمقتضيات العمل العسكري للمرحلة الحالية، وإعطاء فرصة للاستفادة من الطاقات العسكرية، لكي تأخذ فرصتها لخدمة وطننا العزيز".
*سبب إقالة الساعدي
لم يكن قرار إقالة الساعدي هو الأول، ففي عام 2019 أقدم رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي على إقالة الساعدي أيضا ونقله إلى أمرة وزارة الدفاع، لكن قرار عبد المهدي سرعان ما جوبه برفض شديد رغم ارتكاب الساعدي لمخالفة عسكرية بعد ارتياده سفارات أجنبية في البلاد.
وبعد تسنّم مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء، سرعان ما أعادَ الساعدي إلى السلك وبمنصب أعلى وهو رئيس الجهاز بعد أن كان قائده، ليكسب الكاظمي بذلك تعاطف الجماهير التي ترى في الساعدي أيقونة للانتصارات المتحققة قبل أن تكتشف عكس ذلك وتهب لاستقبال قرار الإقالة الثانية بحرارة شديدة.
أما عن سبب إقالة الساعدي وهو موضوع الحديث، فيؤكد النائب مصطفى سند أن عبد الوهاب أساء استخدام منصبه وعبث بالجهاز بعد أن جعل زوجته تتسلط على الضباط وأوعز لها بصلاحية منح الترقيات وحتى توزيع البدلات والطعام وعقوده.
*فضائح متتالية.. من زوجته إلى اختطاف العقيد صادق نمر
ولعل من أبرز الفضائح التي اشتُهر بها الساعدي وتسببت في كشف شخصيته المزيفة ومن ثم قادت إلى إقالته، هو قضية اختطافه لسكرتير مكتبه العقيد صادق نمر بسبب كشفه ملفات فساد تخصّه وتقديمها للنزاهة.
وبحسب ما متداول، فإن زوجة الساعدي الثانية التي تحمل رتبة نائب ضابط في جهاز مكافحة الإرهاب استولت على عقود الطعام داخل الجهاز والبالغ خمسة عقود، وقدّمتها لأخيها، ليُقدم بعدها العقيد صادق نمر على أخذ العقود دون علمها وتقديمها لهيئة النزاهة وبالتالي تسببه في فتح باب التحقيق على الساعدي وزوجته.
وفي ذات الليلة التي ذهب بها العقيد إلى النزاهة، أصدر الساعدي أمراً باعتقاله، وبالفعل داهمت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب منزل العقيد واستولت على جميع الأموال ومن ثم قادت العقيد إلى أحد سجون الجهاز السرية في بغداد.
*واشنطن ترحب بإعادته من قبل الكاظمي
وفي تطور ساهم أيضاً في فضح ما يدور وراء الكواليس، وأضعفت من شعبية الساعدي التي بُنيت من خلال الجيوش الإلكترونية ووسائل الإعلام، رحّبت واشنطن بقرار الكاظمي القاضي بتعيين الساعدي رئيساً لجهاز مكافحة الإرهاب بعد الإقالة الأولى عام 2019.
وذكرت صحيفة "تاسك اند بيربس" الأميركية المتخصصة بالشؤون العسكرية، أن تعيين الفريق عبد الوهاب الساعدي رئيساً لجهاز مكافحة الإرهاب يُعد "انتصاراً" للولايات المتحدة في حربها بالوكالة ضد إيران في العراق.
*ترحيب سياسي بإقالة الساعدي
وعلى صعيد ردود الفعل السياسية إزاء إقالة الساعدي من قبل القائد العام للقوات المسلحة، قال الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، إن استبدال عبد الوهاب الساعدي لم يخلف أي ضجة في جهاز مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن تغيير القادة الأمنيين كان حسب الدستور ووفق صلاحيات رئيس الوزراء.
وبيّن التميمي، بأن السوداني لم يجلب شخصاً من خارج جهاز مكافحة الإرهاب بديلاً عن عبد الوهاب الساعدي، مؤكدا أن التغييرات الأمنية مقبولة حتى هذه اللحظة.
*ترحيب شعبي بالإقالة وحسرة لـ"المخدوعين"
لقد عرف العراقيون بحقيقة عبد الوهاب بعد كل ما كُشف، ولهذا جرى استقبال قرار الإقالة بفرحة تتخللها غِصّة في قلوب من كانوا منخدعين فيه طيلة الفترة الماضية، لاسيما المتظاهرين الذين هتفوا لأجله عام 2019 وخذلهم بعد ذلك بعد استنجادهم به ورفضه الرد عليهم.
يقول أحد المدونين، "الإنجاز الوهمي سرعان ما يندثر، فالوسيلة التي تحققه هي نفسها من تُعرّيه".
في حين قال مدون آخر، "لقد كنّا مخدوعين حقا بك، لماذا استغفلتنا يا عبد الوهاب؟".