عراقيون يستلهمون قيماً من الطف ويحشدون لرصّ الصفوف ومقاومة الاستكبار العالمي
انفوبلس/..
على طريق الزائرين الممتد بين بغداد وكربلاء، ثمّة خيام ومواكب عديدة، تجود بما تيسّر، خدمة لمن قصدوا “قبلة الأحرار”، فيما ظلّت الرايات، ترفرف على طول مسير الزائرين، ولم يخلُ البعض منها من شعارات، تُعبّر عن نهج حسيني لا يحيد عن طريق الحق.
وتوافد الملايين من داخل العراق وخارجه يوم الاثنين الماضي، على مدينة كربلاء المقدّسة، لإحياء زيارة العاشر من محرم ذكرى استشهاد الإمام الحسين “ع” وأهل بيته في ذكرى فاجعة الطف الأليمة.
وأعلنت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، قبل يومين، عن نجاح خطتها الخاصة بإحياء مراسم عاشوراء وبالخصوص مراسم عزاء (ركضة طويريج).
وقال الأمين العام للعتبة الحسينية، والمشرف على عزاء ركضة طويريج حسن رشيد العبايجي، إن العتبة الحسينية المقدسة أعدّت في هذا العام، خطة مُحكمة ودقيقة وشاملة، انطلقت من ليلة الأول من شهر محرم، مبينًا أن مرقد الإمام الحسين (ع) استقبل منذ اليوم الأول من المحرم وحتى اليوم العاشر، أعداداً كبيرة من الزائرين من داخل وخارج العراق، فضلاً عن المواكب الحسينية المعزية.
وأضاف العبايجي، أن دخول الزائرين والمعزين وخروجهم من المرقد الشريف، كان بانسيابية عالية خصوصاً في عزاء ركضة طويريج، بفضل التنظيم العالي وانجاز عدد من مشاريع التوسعة وبالخصوص توسعة الأبواب والمنطقة القريبة من المرقد الشريف الممتدة من باب القبلة وحتى باب الرجاء.
وبينما كان مراسل يرافق الزائرين الوافدين على كربلاء المقدّسة، رصد يافطات رُفعت على بعض المواكب الحسينية، وأخرى حملها زائرون عدّة، تضمّنت عبارات رافضة لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
واستطلع مراسلنا آراء أولئك الزائرين، الذين عبّروا عن شجبهم وإدانتهم لانزلاق دول عربية في منحدر التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأكدوا أن الجيل العراقي الواعد لم يتأثر بالحملات الإعلامية، كما حصل في بعض المجتمعات العربية التي تناست القضية الفلسطينية.
ويقول محمد الدراجي (34 عامًا)، الذي نصب موكبه منذ اليوم الأول من محرم الحرام، إنه وضع عبارة “كلا للتطبيع” على خيمته الصغيرة، لكي يُذكّر “كل العالم” بأن العراقيين لن يرضخوا لمحاولات تحريف الحقائق وتجميل الكيان الغاصب.
ولا يرى الدراجي نفسه استثناءً، فالشاب العراقي أخذ ينادي أصدقاءً له في مواكب مجاورة، ويسألهم عن موقفهم من التطبيع، ليرددوا بصوت عالٍ بين جموع الزائرين: “كلا للتطبيع .. الموت لإسرائيل”.
وليست هذه السنة الأولى التي تشهد فيها زيارة العاشر من محرم الحرام، رفع هكذا لافتات مُنددة بالتطبيع، بل سبقتها حالات مشابهة كثيرة، وفي مناسبات دينية أخرى أيضًا.
وبرغم التحسس الشعبي من الاحتلال الصهيوني، إلا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، خالفت البنود الواردة في قانون تجريم التطبيع، الذي أقرّه مجلس النواب بإجماع أعضائه الحاضرين في الجلسة الحاسمة التي عُقدت في السادس والعشرين من أيار الماضي.
وشارك الكاظمي مؤخرًا في قمّة جدّة التي احتضنتها السعودية، بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قَدِمَ إلى المملكة مباشرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد لقائه بمسؤولين في الكيان الصهيوني.
وجاءت القمّة في الوقت الذي تتصاعد فيه التحذيرات، من مساعٍ دولية لجر العراق نحو هاوية التطبيع مع العدو الصهيوني، إلا أن الكاظمي لم يأبه على ما يبدو لتلك التحذيرات. واتخذت كتل سياسية، مواقف متشددة من مشاركة الكاظمي في “القمّة التطبيعية”، متوعدة إياه بمحاسبة برلمانية وقانونية.
وعلى هامش اجتماع جدّة، أجرى الكاظمي وبايدن محادثات كان محورها الرئيسي، دفع العراق نحو تخندقات دولية، ووضعه أمام موجة التطبيع العاتية في المنطقة، وذلك برعاية سعودية وإماراتية مدعومة من مصر والأردن، حسبما يرى مراقبون للشأن السياسي.