عقبات أمام الطيران العراقي.. إخفاقات إدارية تؤجل استعادة الأجواء الدولية.. الحظر الأوروبي على الطائر الأخضر قد يستمر حتى عام 2027
انفوبلس/..
على مدى حوالي عشر سنوات، يستمر حظر الطيران الأوروبي المفروض على الخطوط الجوية العراقية منذ عام 2015، ما شكّل تحديًا كبيرًا للقطاع الجوي العراقي وألقى بظلاله السلبية على الاقتصاد الوطني. يعود الحظر إلى عدم استيفاء معايير المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO)، مما دفع العراق لبذل جهود متواصلة لمعالجة هذه الإشكاليات واستعادة دوره في الأجواء الدولية.
رغم المحاولات العراقية المستمرة لتحقيق الشروط الدولية، لم تحقق الخطوط الجوية العراقية حتى الآن التقدم المطلوب لإلغاء الحظر، ففي منتصف عام 2022، أكدت وكالة سلامة الطيران الأوروبية مجددًا على استمرار الحظر، مشيرة إلى أن رفعه مشروط بالامتثال لمتطلبات التشغيل الآمن وفقًا لشهادة مشغل البلد الثالث (TCO).
وفي ظل هذه التحديات، تتزايد التساؤلات حول قدرة العراق على تجاوز هذه العقبات وتحقيق معايير الطيران الدولية، إذ يبقى الحظر الأوروبي عقبة استراتيجية أمام تطور قطاع الطيران في البلاد وانفتاحه على الأسواق العالمية.
الحظر مستمر حتى 2027
وفي هذا الشأن، أكد رئيس "تحالف المعارضة النيابية" عامر عبد الجبار، اليوم السبت، أن الحظر الجوي مستمر على الطيران العراقي في الأجواء الأوروبية حتى بداية 2027.
وقال عبد الجبار في حديث صحفي تابعته INFOPLUS، إنه "على الرغم من المناشدات والحلول والمقترحات والمطالبات الكثيرة التي تقدمنا بها ولسنوات عديدة خلَت بما يخص قطاع الطيران وإدارة المطارات، وتحذيراتنا المستمرة من استمرار حظر الطيران المدني في الأجواء الأوروبية ومديات تأثيره على سُمعة العراق دولياً وتداعياته المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد الوطني، مازالت وزارة النقل تدور في فلك خاطئ بالكامل وليس مجرد تقليدي".
وأضاف، إن "آخر ما تم تقديمه من قبل سلطة الطيران المدني بموجب كتابها الرسمي المرقم 10222 في 26/11/2024 والموجه إلى وزارة النقل لغرض معالجة المخالفات الفنية والعمل على إجراء معالجات سريعة لمطاري بغداد والبصرة الدوليين، وعدم وضع المطارات العراقية أمام حالة عدم تجديد الترخيص جراء استمرار المخالفات التي تؤثر بشكل مباشر على سلامة المسافرين والطائرات وتشغيل المطارات".
وتابع: "وزارة النقل مهتمة في تنظيف الحمامات وترتيب الحدائق المحيطة بالمطار ومسح أرضية صالة المطار وأمور شكلية أخرى والغريب أنها تفتخر بهذه الأعمال ويتم تداولها في الإعلام دون التركيز على تحقيق متطلبات السلامة الجوية ودون السعي الجاد للحصول على ترخيص لجميع العاملين في المطار".
وأكمل: "لا ننسى كثرة حوادث الطائرات وكلف أضرارها بسبب هذا الإهمال وآخر حادث وقع في تشرين الثاني المنصرم وهو اصطدام طائرة الماكس التابعة إلى شركة الخطوط الجوية العراقية علماً بأن مرشد الحركة غير مرخص والترخيص يتطلب دورات تدريبية"، مشيرا الى أن "إهمال متطلب السلامة يعد تفريطا بأرواح المسافرين والممتلكات العامة".
ولفت الى أن "مدير المطار يتطلب أن يكون اختصاصه مهندسا مدنيا ولديه خدمة كبيرة في هذا المجال وفقا لمتطلبات المنظمة الدولية للطيران المدني فكيف يتم تعيين طيارا شاباً لإدارة المطار"، مؤكداً على "مطالبه السابقة والخاصة بتحسين جودة الأداء لإدارة قطاع النقل الجوي والمخاطبات رسمية للجهات ذات العلاقة ولاسيما الى رئيس مجلس الوزراء".
وأشار الى أنه "صرحت سابقاً بأن الحظر الجوي الأوروبي على الطيران العراقي لن يُرفع خلال حكومة السوداني واليوم أُضيف على ذلك"، مؤكداً بأن "الحظر الجوي لا يمكن رفعه قبل عام 2027 في أحسن الأحوال، علما بأن العراق طلب تأجيل زيارة المفتشين الأوروبيين الى شهر أيلول 2025 بعد أن كانت مقررة في الربع الأول من 2024 وتم تأجيلها الى الربع الأخير 2024".
وبين، أنه "بسبب عدم جاهزية وزارة النقل وسلطة الطيران لاستقبال المفتشين الأوروبيين تم تأجيلها الى أيلول 2025"، مختتماً قوله بأن "الحظر الجوي مستمر على الطيران العراقي ليس في عهد حكومة السوداني فحسب بل سيستمر حتى بداية 2027 وذلك على أقل التقديرات".
تاريخ الحظر الجوي
وفي تعليق سابق على ملف حظر الطيران العراقي، أوضح النائب الحالي والوزير الأسبق عامر عبد الجبار أن تاريخ هذا الحظر يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حينما مُنع الطيران العراقي من التحليق دوليًا حتى عام 2009، عندما تمكنت السلطات من إزالة المخالفات المسجلة آنذاك واستعادة تشغيل الطائر الأخضر.
ومع ذلك، يشير عبد الجبار إلى أن المخالفات بدأت بالظهور مجددًا منذ عام 2012، وصولاً إلى قرار الحظر الرسمي الذي فُرض على الخطوط الجوية العراقية في عام 2015. ووفقًا لتأكيداته، فإن المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) وعدة منظمات دولية أخرى مثل (IATA) و(EASA) سجلت عدم التزام العراق بمعايير السلامة وإجراءات التشغيل الدولية، ما أسفر عن تسجيل أكثر من 230 مخالفة على الطيران العراقي.
ويضيف الوزير الأسبق، أن العراق لم يتمكن على مدى السنوات الثماني الماضية، من تحقيق التقدم المطلوب لرفع الحظر. وأشار إلى أن قرار الحكومة في عام 2018 بفصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل كان له أثر سلبي كبير، حيث أدى إلى ضعف التنسيق بين الجهتين، ما أعاق الجهود المبذولة لمعالجة هذه القضية الحساسة.
السوداني يضع أولوية للملف
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد اطّلع في حزيران الماضي، على الإجراءات التي اتخذتها اللجنة المختصة ضمن جهود إنهاء الحظر ومتطلباته، وفي مجال تطوير عمل شركة الخطوط الجوية وأتمتة مفاصلها كافة، وكذلك في مجال إصلاح الطائرات وإدامتها، واستمرار جهود تطوير قدرات كوادر الشركة ومنشآتها، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدّمة للمسافرين، بما يتناسب مع مكانة ودور الخطوط الجوية، بوصفها واجهة حضارية للعراق، وذلك خلال ترؤسه اجتماعاً للّجنة المكلفة بإنهاء ملفّ الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية.
وشدد السوداني، على ضرورة الإيفاء بمتطلبات منظّمة الطيران المدني الدولي واتحاد النقل الجوي بأسرع وقت ممكن، ومواكبة التطوّر العالمي في مجال النقل الجوي للمسافرين والبضائع، وكذلك العمل على وفق توقيتات زمنية محددة لتحديد المستهدفات وإنجازها.
كما أكد رئيس الوزراء أن رفع الحظر عن الخطوط الجوية العراقية من الملفات التي تحظى باهتمام كبير من قبل الحكومة، وهو ملفّ لا يمكن التهاون إزاءه، وبين أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقّ المقصرين تجاه الإيفاء بمتطلبات ومتابعة هذا الملف.