عملية "المخلب - القفل" مُكلِفة للأتراك.. حزب العمال الكردستاني يرهق ثاني أكبر جيوش الناتو
انفوبلس/ تقرير
شهدت الأيام القليلة الماضية تنفيذ الجيش التركي هجمات عدة ضد حزب العمال الكردستاني، شمالي العراق، بينما تعرض هو لهجمات أدت إلى مقتل 6 جنود أتراك في منطقة عملية "المخلب - القفل"، وذلك وفق ما أكدته وزارة الدفاع التركية.
الاشتباك بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني وقع في منطقة الزاب، حيث تنفذ تركيا عملية عبر الحدود أطلقت عليها اسم "المخلب-القفل".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، عن مقتل 6 جنود أتراك في هجوم نفذه أفراد "حزب العمال الكردستاني" شمالي العراق، مؤكدة استمرار العمليات العسكرية الواسعة في منطقة "المخلب - القفل" شمالي العراق.
وقالت الوزارة في بيان أطلعت عليه "انفوبلس"، إن "6 جنود قُتِلوا في هجوم نفذه أفراد "حزب العمال الكردستاني" شمالي العراق"، مبينة أن "العمليات العسكرية واسعة النطاق تتواصل في منطقة "المخلب - القفل" شمالي العراق حتى تطهير المنطقة من مسلحي الحزب".
كما قال مسؤول بالوزارة، إن الجنود الستة قُتلوا في الجولة الأولى من إطلاق النار من مسلحي حزب العمال الكردستاني أثناء قيامهم بأعمال بحث وتفتيش ميدانية. وأضاف المسؤول إن حزب العمال الكردستاني لديه تحصينات كبيرة حول المنطقة حيث "التضاريس وعرة للغاية" لكن المنطقة "سيتم تطهيرها من الإرهابيين" على الرغم من الهجمات.
وتزامن ذلك مع إعلان جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، مقتل اثنين من أعضاء حزب العمال الكردستاني في هجومين تركيين منفصلين بطائرتين مُسيّرتين في محافظة السليمانية.
وقال جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان العراق، إن الهجوم التركي الأول استهدف بطائرة مسيّرة مركبة في منطقة جبلية قرب السليمانية، ما أسفر عن مقتل "مسؤول استخبارات في حزب العمال الكردستاني"، وإصابة اثنين من مقاتلي "بي كي كي" بجروح خطيرة في ضربة الطائرة المسيرة.
وأفاد بيان الجهاز، بأن ضربة تركية أخرى بطائرة مسيرة استهدفت مركبة أيضا، أودت بحياة أحد أعضاء حزب العمال وإصابة اثنين في منطقة تبعد 10 كيلومترات فقط عن منتجع دوكان الجبلي.
وبحسب خبراء أمنيين، فإن عملية "المخلب - القفل" كلّفت الأتراك كثيراً وخاصة جيشها والذي يُعد ثاني أقوى جيوش الناتو بعد الجيش الأمريكي"، وقالوا أيضاً إن "حزب العمال الكردستاني أرهق ثاني أكبر جيوش الناتو بهجماته المباغتة".
وفي 17 أبريل/ نيسان 2022، أطلقت تركيا عملية "المخلب ـ القفل" ضد معاقل "بي كي كي" في مناطق متينا والزاب وأفشين ـ باسيان شمالي العراق والتي تأتي بعد عمليتي "مخلب النمر" و"مخلب النسر" اللتين أطلقهما الجيش التركي في شمالي العراق عام 2020.
وزعمت وزارة الدفاع التركية أيضا أنه في إطار "عملية المخلب-القفل" التي بدأت في أبريل/نيسان 2022 تم "تحييد" 586 مسلحا حتى الآن. ويستخدم الجيش التركي كلمة "تحييد" عادةً بمعنى القتل.
وتشهد مناطق عدة في إقليم كردستان العراق، قصفا تركيا متكررا، وتبرر أنقرة ذلك بضرورة مكافحة حزب العمال الكردستاني. بينما تبرر تركيا عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية، ترفض بغداد ذلك وتعتبره انتهاكا للسيادة العراقية.
وتواصل القوات التركية سلسلة من العمليات العسكرية "المنتهكة للسيادة العراقية" في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، تتركز خصوصاً في سنجار وقنديل وسيدكان وسوران والزاب وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طالت قيادات بارزة في حزب "العمال الكردستاني" المعارض.
وتستهدف العمليات التركية منذ منتصف عام 2021 مقارّ وتحركات عناصر "الكردستاني" في عدة مناطق ضمن إقليم كردستان العراق، يقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا. وأدت تلك العمليات خلال الفترة الماضية إلى قتل المئات من مسلحي "الكردستاني" وتدمير مقار ومخازن سلاح ضخمة تابعة للحزب، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية.
وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني، الذي له قواعد في شمال العراق، "جماعة إرهابية". وحمل الحزب السلاح في جنوب شرق تركيا منذ عام 1984 وهو صراع أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألفا.
تركيا تتعرض لانتقادات واسعة من داخل العراق وخارجه بسبب التدخلات العسكرية واستهداف قرى في جبال دهوك والسليمانية، فضلا عن الانتهاكات الجسيمة.
وتتوالى التقارير عن الانتهاكات التركية لشمال العراق. فبشكل شبه يومي يقوم الجيش التركي بشن هجمات جوية وبرية على مناطق وقرى حدودية في إقليم كردستان العراق، مستخدماً أسلحة متنوّعة.
وتدّعي أنقرة أن السبب الرئيسي وراء قصفها لتلك المناطق هو تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي تنفيه قيادات كردية. وعديد من المسؤولين المحليين في مدن إقليم كردستان.
وتتواصل الانتهاكات التركية لشمال العراق منذ نحو عشرين عاماً، وسط صمت من قبل حكومتي بغداد وأربيل، اللتين لم تتخذا إجراءات رادعة لإيقاف تلك العمليات، التي ألقت بظلالها على حياة المدنيين، وأدت لسقوط مئات الضحايا، فضلاً عن الخسائر المادية.
*صمت حكومي على الانتهاكات التركية
ويمكن تحديد تلك العمليات بوصفها انتهاكات تركية للسيادة العراقية، كونها تتم في عمق الأراضي العراقية، إذ يقتحم الجيش التركي الحدود، ويتوغّل مئات الكيلومترات، وهذا ما تؤكده "يسرى رجب"، النائب السابق في البرلمان العراقي.
وذكرت "رجب"، أن "الانتهاكات التركية لشمال العراق تجري وسط صمت معيب من قبل بغداد وأربيل، يشير لحالة ضعف كبيرة، تستغلّها أنقرة لتنفيذ عملياتها المستمرة".
وتمكّنت تركيا من توسيع تواجدها، ومدّ نفوذها إلى مواقع مهمة واستراتيجية داخل أراضي إقليم كردستان العراق، مخالفةً بذلك الاتفاقية الموقَّعة بينها وبين النظام العراقي السابق عام 1982، والتي نصّت على السماح لكل من الجيشين العراقي والتركي بالتوغّل لحوالي عشرين كيلو متراً في البلدين، لتأمين الحدود.
وبحسب مختصين في القانون العراقي فإن الاتفاقية الموقَّعة بين الطرفين أصبحت ملغيةً، بحكم أن الدستور الجديد للعراق نصّ على إلغاء جميع القوانين والاتفاقات التي وقَّعها نظام صدام حسين.
"شادي نوزاد"، العضو في برلمان إقليم كردستان العراق، اتهمت أنقرة بـ"استخدام الأسلحة المحرّمة دولياً، ومنها الأسلحة الكيمياوية، التي سقطت صواريخ منها على قرى كردية واقعة في محافظة دهوك شمالي العراق". لافتةً، إلى أن "السكوت على الانتهاكات التركية لشمال العراق، ومنها استخدام الأسلحة الكيمياوية، يعبّر عن عدم اكتراث بحياة سكان القرى المختلفة في إقليم كردستان".
وتابعت، أن "البرلمان العراقي يجب أن يقف بصلابة ضد هذه الانتهاكات، التي تندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية، التي يحاسب عليها القانون الدولي".
وتعتبر محافظة دهوك، التابعة لإقليم كردستان، أكثر المناطق التي تتعرّض بشكل شبه يومي للقصف التركي، كونها محافظة مجاورة للحدود التركية، فضلاً عن أن تركيا تعتبرها منطقة استراتيجية، للتمدد نحو محافظتي نينوى وكركوك.
ودعا نواب وقيادات في الاتحاد الوطني الكردستاني الحكومة العراقية وبعثة الأمم المتحدة في العراق لإرسال فريق تحقيق، للكشف عن حال القرى والمناطق التي تعرّضت للانتهاكات التركية في شمال العراق، وخاصة التي تم قصفها بأسلحة محرّمة، وتقديم شكوى رسمية لدى المحاكم الدولية ضد أنقرة.
ويتسبب القصف التركي على المناطق والمدن في إقليم كردستان سنوياً بحرق آلاف الهيكتارات من الأراضي الزراعية والبساتين، التي تعود ملكيتها لأهالي مناطق شمال العراق.
فيما تشير آخر الأرقام الرسمية والتي صدرت العام الماضي 2022، إلى أن العراق سجل منذ عام 2018 أكثر من 22 ألفا و700 انتهاك تركي للأراضي العراقية، وأنه تقدم بـ296 مذكرة احتجاج على التدخلات التركية.
وينتظر كثير من المواطنين العراقيين، وتحديداً سكان إقليم كردستان، من الحكومة الجديدة في البلاد اتخاذ إجراءات مختلفة، دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً، لإيقاف الانتهاكات التركية لشمالي العراق، وإنهاء معاناة المواطنين في المناطق الحدودية.