عيد الأضحى في العراق.. غلاء يضرب الأسواق و 3 أسباب وراء الأزمة
انفوبلس/..
بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، بدأ ارتفاع الأسعار يضرب الأسواق في عموم المحافظات العراقية بشكل مبكّر، حيث لجأ التجّار إلى رفع أسعار المواد الاستهلاكية مع الزيادة الواضحة للتبضع الاعتيادي في هذه الأيام لشراء الملابس والمواد الغذائية ولوزام أخرى، بحسب عديدين.
يرجع التجار في العراق أسباب ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع في قيمة الشحن البحرية والتعرفة الجمركية
وفضلًا عن أيام العيد، فإنّ أسعار السلع والمواد الغذائية شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعًا عالميًا، متأثرة بعوامل عدة أبرزها تداعيات جائحة كورونا وارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن والمواد الأولية فضلًا عن التأثيرات المناخية وغيرها، وفقًا لوزير المالية، علي عبد الأمير علاوي.
ارتفاع جنوني
لكنّ التجار في العراق دائمًا ما يستغلون الأعياد والمناسبات لرفع الأسعار في الأسواق، وفقًا لمواطنين تحدثوا عن الأسعار خلال تبضعهم في الأيام القليلة السابقة، مطالبين بـ"تدخل الجهات الحكومية ومحاسبة هؤلاء التجار وفق القانون".
ويقول أحمد سمير، وهو من سكنة منطقة العامرية (غربي العاصمة بغداد)، والذي يملك محلًا تجاريًا، إنّ "الأسعار بدأت بالارتفاع وبشكل جنوني ومستمر وكذلك بصورة سريعة، خصوصًا أسعار الملابس، حيث ارتفعت بنسبة قاربت الـ 25% مقارنة بما كانت عليه الأسواق في الشهر الماضي".
ووفقًا لكلام سمير، فإنّ ارتفاع الأسعار جاء دون سابق إنذار ومن التجار العراقيين أنفسهم ،كون أنّ "أغلب البضائع هي موجودة في مخازنهم منذ أشهر تقريبًا، مشيرًا إلى أن "جميع التجار يتحججون بارتفاع قيمة الشحن البحري والتعرفة الجمركية في العراق".
في حين، تقول أم محمد، من سكنة شارع فلسطين (شرقي العاصمة بغداد)، وهي أم لثلاثة أولاد، إنّ "ارتفاع الأسعار قبيل أي مناسبة وبالأخص في الأعياد أصبح أمرًا طبيعيًا في العراق الذي يفتقر إلى المحاسبة القانونية للتجار الذين يستغلون الأوضاع ويمتصون دماء العراقيين".
وتضيف أنّ "الإقبال على شراء الملابس هذا العام يشهد تراجعًا كون أن العراقيين يمرون بأزمة حادة مع ارتفاع سابق للمواد بسبب خفض قيمة الدينار ورفع أسعار الدولار"، مستطردة بالقول إنّ "الأهالي يضطرون لشراء الملابس على وجه التحديد رغم ارتفاع أسعارها بشكل جنوني كونها تعتبر نكهة العيد بالنسبة للأطفال خصوصًا".
وفي 8 آذار/مارس أقر مجلس الوزراء جملة قرارات إضافية لمواجهة أزمة ارتفاع الأسعار العالمية واتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم الأمن الغذائي في البلاد، ومنها ما يتعلق بأسعار الحنطة ودعم البطاقة التموينية، لكنها لم تأتِ بنتائج ملحوظة على أرض الواقع حيث لا تزال الشكاوى من ارتفاع الأسعار مستمرة.
وفي آخر إحصائية نشرتها وزارة التخطيط، وكانت في آذار/مارس أيضًا، وصل معدل التضخم الشهري في الأسواق إلى 0.8 بالمئة مقارنة مع شهر شباط/فبراير الذي سبقه، بينما قال المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، إنّ "ارتفاع معدل التضخم خلال شهر آذار المنصرم جاء متأثرًا بارتفاع أسعار عدد من الأقسام من بينها قسم الأغذية والملابس والأحذية والذي شهد بدوره ارتفاعًا بقيمة 1.9 بالمئة".
أسباب الارتفاع
وفي ذات السياق، يقول الخبير الاقتصادي، أحمد صدام، إنّ "قضية ارتفاع الأسعار في العراق أصبحت من الأمور البديهية والتي تتكرر في كل عام خلال أيام الأعياد والمناسبات، ومع عدم وجود رقابة حكومية بات التجار يستغلون (الثقافة الاستهلاكية)، لدى المجتمع من خلال رفع أسعار بعض السلع".
ويرى صدام أنّ "الأسواق العراقية واقعة تحت تأثير الاضطرابات الخارجية بسبب الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد وعدم وجود جهاز إنتاجي كفوء في الداخل مما يجعل الاقتصاد متغيرًا وتابعًا لكل المتغيرات الاقتصادية الدولية".
ويمكن الحد من التلاعب في أسعار السلع من خلال سن قانون يحدّد هامش الربح للسلع الاستهلاكية لا سيما الغذائية وتطبيقه على أرض الواقع كي يكون رادعًا للمتلاعبين بالأسعار، بحسب حديث الخبير الاقتصادي، والذي دعا الجهات المعنية إلى "اتّباع السياسات التي من شأنها أن ترفع من مستوى عرض السلع في السوق العراقي وخلق المنافسة بين التجار بهدف تخفيض الأسعار".
لا يوجد منتج محلي ثابت في الأسواق العراقية
في المقابل، يقول أحد تجار الملابس في منطقة الشورجة إنّ "التجارة في العراق تتأثر بشكل مباشر بالأوضاع الدولية كون أن البلاد تعتمد اعتمادًا كليًا على الاستيراد، بالتالي أي صراع خارجي يكون له تماس مباشر مع الأسعار".
التاجر الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، يوضح خلال حديثه، أنّ "الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا كان لها آثار كبيرة جدًا على عمليات النقل البحري، وبالتالي من الطبيعي أن تتأثر أسعار جميع المواد في الأسواق العراقية".
3 أسباب وراء الأزمة
وتعرف الأسواق العراقية بـ"الهشة"، وفقًا للباحث في الشأن الاقتصادي مصطفى حنتوش، والذي تحدث عن 3 أساب وراء ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية وهي كالآتي:
أولًا: الأسواق لا ترتبط بخزين استراتيجي محلي والدولة ليست اللاعب الأول.
ثانيًا: عدم وجود منتج محلي ثابت في الأسواق والموجود هو منتج متعب.
ثالثًا: عدم وجود رؤية وتكاتف اجتماعي بين الشعب والتجار.
ورأى حنتوش أنّ "الاستيراد وعدم الاعتماد على المنتج المحلي سمح للتجار بالسيطرة على الأسواق في العراق كونهم أصبحوا المصدر الوحيد للمنتجات".
وفي غضون ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 9.5 بالمئة خلال العام الجاري ليكون الأعلى عربيًا.
ووفقًا لمجلة "فوربس الشرق الأوسط"، فقد احتل العراق المرتبة الخامسة بأعلى معدلات التضخم عربيًا خلال عام 2021، مؤكدة أنّ "العراق جاء في المرتبة الخامسة بترتيب أعلى معدلات التضخم في الدول العربية حيث سيرتفع التضخم إلى 6,4 بالمئة العام الجاري 2021 من 6,0 في 2020، في حين سينخفض التضخم لعام 2022 إلى 4,5 بالمئة".
أزمة في القطاع السياحي
ولم تكن الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار في العراق لها آثار على الأسواق فقط، وإنما شملت قطاع السياحة في البلاد والذي بات يعاني هو أيضًا من هذه التطورات.
وبحسب إحصائيات عيد الفطر للعام 2022، فإنّ أكثر من 138 ألف مواطن زار مدينة أربيل، في حين كشفت هيئة السياحة في إقليم كردستان عن دخول أكثر من مليوني سائح خلال الأربعة أشهر الأولى من هذا العام"، مرجحة في نفس الوقت أن "يدخل الإقليم خلال العام الحالي أكثر من 6 ملايين سائح".
وفي هذا الشأن، يقول أحد أصحاب شركات السياحة في منطقة المنصور، إنّ "العراقيين دائمًا ما يحبذون السفر الخارجي إلى (تركيا، لبنان، مصر، إيران) خلال أيام عيد الأضحى، لكن مع صعوبة الحصول على الفيزا التركية وتراجع الأوضاع في لبنان أجبرهم على التوجه صوب إقليم كردستان".
ويشير إلى أن "الشركات خلال الأيام القليلة الماضية في بغداد سجلت آلاف الحجوزات للسفر إلى إقليم كردستان (أربيل، السليمانية، دهوك)، من أجل قضاء عطلة عيد الأضحى هناك".
يختار الكثير من العراقيين قضاء عطلة عيد الأضحى في إقليم كردستان
وشهد السفر الخارجي تراجعًا طفيفًا خلال الفترة الماضية، رغم عودة نشاطه بشكل كبير جدًا مقارنة بعامي 2020، و2021، إلا أنّ العراقيين من ذوي الدخل المحدود يفضلون السفر محليًا لرخص تكلفة السفر مقارنة بالخارجي، وفقًا لحديث صاحب الشركة.