فساد صندوق الإعمار.. الحلبوسي المستفيد الأكبر
انفوبلس/..
منذ 2017 ـ عام إعلان النصر على تنظيم داعش الإرهابي الذي عاث في أرض العراق ودمر أجزاء شاسعة منه ـ لم تشهد المناطق المتضررة تحركات فعلية لإعادة الروح التي فقدتها، فمشاهد الخراب ما زالت هي التي تتسيد الموقف، فتلك المناطق دخلت بعد تحريرها أزمة جديدة تتمثل في السرقات وشبهات الفساد التي تمت في المشاريع التي بدأت بها الجهات المسؤولة عنها بمبالغ ضخمة جداً مقارنة بنسب الإنجاز فيها، حيث سيطرت بعض الشخصيات والجهات أبرزهم رئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي، على المشاريع التي تُعطى نسبة من قيمة العقد.
أُسِّس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة والمحافظات المحررة من العمليات الإرهابية وفقا للمادة (28) من قانون الموازنة الاتحادية رقم 2 لسنة (2015)، وذلك ليكون جهازاً ينسّق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات الإعمار السريعة وينفذ عمليات إعادة الإعمار متوسطة وطويلة الأجل في المناطق التي يتم تحريرها من سيطرة (داعش).
وتم تحديد مناطق عمله في محافظات (الأنبار، ديالى، صلاح الدين، نينوى، شمال بابل، حزام بغداد "أبو غريب"، وبعض المناطق الجنوبيـة في كركوك).
*وعود في مهب الريح
وفيما تجاوز دمار مدن عراقية محررة 80 في المائة، لم تُخصّص السلطات أموالاً كافية لها أو خططاً لإعادة إعمارها، أمّا الدول المانحة فلم تفِ بوعودها وتخصّص أموالاً لتلك المدن.
تلقى العراق وعوداً بالحصول على قروض ومساعدات تُقدّر بنحو 30 مليار دولار أمريكي في مؤتمر الكويت الذي عُقد عام 2018، لكنّه لم يحصل على أيّ دفعة من ذلك المبلغ الذي تعهدت بتقديمه نحو 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية ومحلية.
*مصدر تمويل للحلبوسي
يتخذ رئيس البرلمان العراقي من صندوق إعمار المناطق المحررة رافداً مالياً مهماً لتنمية ثروته، إذ يكشف مصدر سياسي إلى أن هناك جهتين مهمتين في داخل البلاد يعتمدهما الحلبوسي في مضاعفة أرصدته.
يقول المصدر في حديث صحفي، إن "المورد الأول يتمثل برئيس هيئة التقاعد العامة، والذي تمت إقالته مؤخراً من قبل رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني".
أما المورد الثاني، بحسب المصدر، يتمثل "بالاستحواذ والسيطرة على أموال صندوق إعمار المناطق المحررة".
*النزاهة بالمرصاد
سجلات مفقودة تتعلق بأكثر من 1.25 مليار دولار في صندوق إعمار المناطق المحررة، هذا ما كشفته هيئة النزاهة الاتحادية نهاية العام المنصرم، التي أوصت بإعادة النظر في النظام الداخلي للصندوق "في ظل شبهات فساد كبيرة".
واستندت التوصية، إلى تقرير دائرة الوقاية في الهيئة عن الزيارات التي قام بها فريقها إلى الصندوق للاطلاع على آليات عمله ورصد معوقاته ووضع المقترحات التي من شأنها الارتقاء بالإداء.
ودعا التقرير، وفق بيان للهيئة، إلى "مسك السجلات الرسميَّة المُعتمدة وإجراء التدقيق المستمر"، لافتًا إلى "فقدان سجل التوحيد الخاص بالصندوق للأعوام (2015 و2016 و2017)، وقيام الصندوق بتنظيم سجل جديد يخلو من تواقيع الموظفين والمدققين السابقين، فضلاً عن حصول العديد من حالات الشطب في السجلات ووجود أوراق فارغة في بعضها".
وشدّد، على "تزويد ديوان الرقابة المالية الاتحادي ببيانات الصندوق، من أجل الإسراع في تدقيقها حيث تمت المصادقة على الحسابات الختامية لعام 2016، والعمل جار على استيفاء الملاحظات المؤشرة بشأن البيانات المالية للعام 2017، فيما لم تصدر تقارير الديوان الخاصة بنتائج أعمال الصندوق للمدّة من (2018-2021)"، مشيرا إلى "عدم مسك بعض السجلات المعتمدة في قسم الشؤون الإدارية والقانونية والمالية، بالنسبة للمصروفات التشغيلية التي توزَّعت بين سجل مراقبة المصروفات للأعوام (2015 – 2020) وسجل الأمانات لعامي (2017 و2018) وسجل الدائنين للأعوام (2015 و2016 و2017 و2020)، أما بالنسبة لسجلات المصروفات الاستثماريـة فكانت سجل الأمانات للأعوام (2017 و2018 و2020) وسجل الدائنين (2017-2020) وسجل التوحيد للأعوام من (2019 -2021)".
وأكد، "عدم تزويد فريق العمل بكشوفات المبالغ المخصصة للصندوق وفق موازناته المالية والمبالغ المصروفة منها في كل سنة مالية"، واقترح في النسخة المُرسلة نسخة منه إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء، والأمانة العامَّة لمجلس الوزراء، ورئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المُتضرِّرة من العمليات الإرهابية، ومحافظ البنك المركزي العراقي، عدم اللجوء إلى "أسلوب الدعوات المباشرة لما يشوبه من حالات فساد وهدرٍ بالمال العام، إلا عند الضرورة وللحالات المنصوص عليها في تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (22 لسنة 2014)".
وأشار التقرير، إلى "رصد عدَّة تعاقدات بأسلوب الدعوة المُباشرة، دون أن تكون هناك حاجة لذلك"، فيما حثَّ على "قيام الصندوق بتكثيف الجهود والمساعي لجلب الهِبات والمِنح والمساعدات والتبرُّعات والقروض لتعزيز تمويل الصندوق، حيث بلغت المِنح (558,421,020) مليون دولارٍ و(24,000,000) مليون يورو، فيما بلغ مجموع القروض (750,000,000) مليون دولار، ولاحظ عدم وجود شفافيةٍ من ناحية بيان المبالغ المُخصَّصة أو الواردة للصندوق ونسبة كل محافظةٍ منها، وعدد المشاريع المُنجزة والمُتلكِّئة والمُتوقِّفة ونِسب إنجازها"، لافتًا إلى "مِنحةٍ عينيَّةٍ من الصين للقطاع البلدي عبارة عن (118) آلية تخصُّصية مع أدواتٍ احتياطيَّةٍ وصلت إلى ميناء أم قصر، لكن لم يتبيَّن لفريق العمل طريقة تقسيمها بين المُحافظات المشمولة، وعدم وجود ما يُؤيِّد تسلُّمها من قبل مُديريَّات البلديَّات فيها".
وأوصى التقرير، بـ "مراعاة الصندوق لوضع معايير أو شروط ملائمة للجهات المُستفيدة عند إدراج المشاريع لإعادة إعمار البنى التحتيَّة الضروريَّة والطارئة المُتضرِّرة من العمليَّات الإرهابيَّة، إلا إنَّ الصندوق تعاقد على مشاريع لا تُعَدُّ طارئةً، فضلاً عن أنَّ بعضها لم يتناول البنى التحتيَّة الضروريَّة المُتضرِّرة".
*مخالفة "سيادية"
وفيما أوصت النزاهة، بذات التقرير "بمراعاة التعاقد مع شركاتٍ معروفةٍ ورصينةٍ لديها أعمال مماثلة ومقدِرة مالية جيدة؛ لتجنُّب التلكُّؤ في تنفيذ المشاريع الخاصَّة بصندوق الإعمار مستقبلاً". يستحوذ أبرز أقطاب تحالف السيادة (خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي) على صندوق إعمار المناطق المتضررة بالكامل كون رئيس الصندوق (محمد العاني) تابع لهما ولا يمكن لأي طرف الحصول على مشروع إلا من خلالهما.
ويستحوذ الحلبوسي على جميع صفقات الفساد في المحافظات المحررة بالتعاون مع نوابه فضلاً عن نواب من مختلف الكتل السياسية شرط الحصول على الولاء، بحسب عضو مجلس النواب باسم خشان.
*استثناء الأنبار
وتشير معلومات إلى أن الحلبوسي أنفق أموال صندوق إعمار الموصل وصلاح الدين وديالى وجرف النصر على الأنبار فقط.
يقول النائب السابق حامد الموسوي، في 16 نيسان 2022، إن صندوق إعمار المحافظات الغربية يخضع لإملاءات الحلبوسي فقط، لافتاً إلى أن هناك أموالا طائلة رُصِدت للصندوق من خلال الموازنة والتبرعات الدولية ولكنها لم توظَّف على واقع المحافظات، داعياً الجهات المعنية بفرض الرقابة ومتابعة أموال الصندوق ومحاسبة الأيدي التي طالت أموال هذه المناطق.
*فيلم هندي
من جهته، أكد رئيس مجلس إنقاذ العراق حميد الهايس، أن "رئيس مجلس النواب يبثّ فيلماً هندياً لأهالي الأنبار تحت عنوان الخدمات".
وأضاف الهايس، أن "جميع المشاريع الخاصة بمخصصات صندوق إعمار المحافظات المحررة تتجاوز الـ3 أضعاف ميزانية المحافظة تذهب لصالح المقرّبين من الحلبوسي".
وأوضح، أن "إحالة المشاريع الخاصة بالصندوق تأتي عبارة عن قصقوصة ورقية من رئيس البرلمان حصرياً ومن ثم تتم الإحالة".