فوضى إدارية وتناقض تشريعي.. تشدد يتبعه تراخٍ، وحملات مكررة رغم فشلها في تنظيم الملف.. ما قصة الدراجات النارية؟

انفوبلس..
خلال اليوم الأول للحملة الكبيرة التي أطلقتها وزارة الداخلية لمصادرة الدراجات النارية غير المسجلة، أقدم أحد المواطنين على إحراق دراجته وسط الشارع قبل مصادرتها، فيما قام آخر بتصوير فيديو يتحدى فيه الوزارة عبر تنفيذ حركات بهلوانية عكس السير في شارع عام، كما أقدم مجموعة على التظاهر ضد القرار ووصفوه بـ"الظالم"، بينما تفاعل المئات على مواقع التواصل الاجتماعي وسلطوا الضوء على فوضى الملف.
وبين هذا وذاك، تتصدر الدراجات النارية الـ"ترند" بين فترة وأخرى، فتارة يتم ربطها بعمليات الاغتيال فترتفع مطالبات تسجيلها أو مصادرتها أو منع استيرادها، وتارة أخرى تمثل مصدر دخل للشباب العاطل والعوائل الفقيرة، فتتم المطالبة بالتغاضي عنهم، وتارة ثالثة ترتبط بالحوادث والاستهتار على الطرق العامة فتعود المطالبات الأولى مرة أخرى، وحتى اللحظة لم يتم حل تلك الأزمة من قبل وزارة الداخلية التي تنفذ حملات بين الحين والآخر لكنها غير ذات جدوى في الواقع، ولا تتعدى كونها "محاولات مضايقة" من وجهة نظر أصحاب الدراجات.
بيان رقم 1
وباشرت مديرية المرور العامة في عموم المحافظات العراقية بتطبيق البيان رقم 1 لسنة 2025 الخاص بالدراجات النارية والذي تضمن أن القانون "لا يسمح بقيادة أي دراجة إلا بعد ارتداء واقية الرأس الخوذة، ولا يسمح لأي دراجة بحمل أكثر من شخص واحد فقط مع السائق وارتداء خوذة".
وتضمن القانون كذلك، بحسب البيان، مكان ووقت سير الدراجات، حيث "يكون سير الدراجات النارية على الجانب الأيمن من الطريق ويمنع لاجتياز، وتمنع حركة الدراجات من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ولغاية الساعة الخامسة صباحاً".
وتابع البيان: "لا يسمح لأي سائق بقيادة الدراجة النارية بدون رخصة قيادة وبخلافه يتم اتخاذ الإجراءات القانونية وفقاً لقانون المرور، وتسجيل الدراجات التي دخلت الى العراق بطريقة مشروعة ومرسمة جمركياً بعد توفر الشروط المنصوص عليها بقانون المرور قبل صدور قرار مجلس الوزراء رقم (23484) لسنة 2023 والمتضمن منع استيراد الدراجات لمدة خمسة سنوات ومنع تسجيل اي دراجة بعد صدوره"
ونص كذلك على "عدم السماح للدراجات النارية غير المرقمة والتي لا تحمل أوراق تسجيل بالسير على الطرق الرئيسية وداخل مركز المدينة وفي حال ضبطها يتم حجزها فوراً ومصادرتها كونها غير أصولية".
فرصة أخرى
وبعد اللغط، أصدرت مديرية المرور العامة، صباح اليوم، عدة تعليمات جديدة تتعلق بتسجيل الدراجات النارية أصولياً وعدم حجزها إلا بعد انقضاء مدة الأشهر الثلاثة الممنوحة لسائقي وسيلة النقل هذه.
ووجه مدير المرور العام اللواء عدي سمير حليم، بعدم حجز الدراجات النارية إلا بعد انتهاء مدة 90 يوماً الممنوحة للتسجيل على أن يلتزم أصحابها بالحصول على رخصة القيادة.
ومن ضمن الشروط أيضا، الالتزام بقانون المرور وتعليماته النافذة، وبالإشارات، وعدم السير عكس الاتجاه، أو استخدام الجانب الأيسر من الطريق، وعدم حمل أكثر من شخص واحد.
كما وجه اللواء حليم، بارتداء خوذة الرأس، وعدم السير في الطرق السريعة إلا من قبل الدراجات التي حجم محركها (125) سي سي فما فوق.
وكذلك شدد مدير المرور، على أنه "يُمنع سير الدراجات غير المرقمة بعد الضياء الأخير لحين تسجيلها".
ويُعاقب المخالف لما ورد في أعلاه بالعقوبات المقررة قانوناً لكل مخالف استنادا لأحكام قانون المرور رقم (8) لسنة 2019.
تظاهرات في الديوانية
ويوم أمس السبت، تظاهر العشرات من سائقي الدليفري في محافظة الديوانية، احتجاجاً على حملة حجز الدراجات النارية والستوتات التي تنفذها مديرية المرور في عموم البلاد، مطالبين بإيقاف الحملة ورفع الحجز عن دراجاتهم التي قالوا إنها تمثل مصدر رزقهم الوحيد، مناشدين وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بالتدخل العاجل، لحل الأزمة التي طالت سائقين يمتلكون أوراقاً رسمية، فيما اعترض آخرون على رسوم التسجيل التي تبلغ 400 ألف دينار، واصفين إياها بالعبء الثقيل.
سائقو دليفري، قالوا في تصريحات صحفية: "خرجنا اليوم في تظاهرة بمحافظة الديوانية احتجاجاً على مصادرة دراجاتنا من قبل مديرية المرور ضمن حملة حجز الدراجات النارية والستوتات".
وأضافوا: "نطالب وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بالتدخل العاجل ورفع الحجز عن دراجاتنا، فالبعض منا يملك أوراقاً رسمية، ومع ذلك تم حجز دراجاته".
وأكدوا إن "هذه الدراجات هي مصدر رزقنا الوحيد، وبدونها نعجز عن إعالة عوائلنا، نحن نعيش ظروفاً صعبة، ولا نملك القدرة على دفع رسوم تسجيل تصل إلى 400 ألف دينار، وهذا مبلغ كبير فوق طاقتنا".
وبينوا إن "هناك حملة واسعة في العراق تسببت بحجز مئات الدراجات، واليوم أقدم أحد السائقين على إحراق دراجته وسط المدينة، تعبيراً عن رفضه تسليمها للمرور".
بدورها، دعت قيادة شرطة الديوانية أصحاب الدراجات الى مراجعتها ابتداء من صباح اليوم الأحد.
وقالت في بيان، "إلى كافة أصحاب الدراجات النارية ذات المحرك 40 سي سي فما دون التوجه صباح يوم الأحد إلى مديرية مرور الديوانية مستصحبين معهم الخوذة لغرض توقيع التعهد الخاص بالالتزام بإجراءات السلامة المرورية، واستلام الدراجات التي تم حجزها".
موقف سابق
وكان مدير المرور العامة اللواء رعد مهدي عبد الصاحب، قد صرح في تشرين الثاني الماضي، إن "الوزارة أصدرت بداية عام 2024 توجيهاً بإيقاف تسجيل جميع الدراجات النارية، سواء كانت ذات عجلتين أو ثلاث عجلات (تكتك)، ومنع سيرها في الشوارع العامة والطرق لكونها لا تحمل لوحات مرورية".
وأضاف أن "المديرية قامت من خلال مفارزها بمصادرة الدراجات غير المسجلة، لكونها تعد مخالفة لقانون المرور"، معلناً قرب استئناف إصدار التراخيص بعد مناشدات عديدة من المواطنين، لاسيما من أصحاب الدخل المحدود ومراعاة لظروفهم، شريطة أن تحمل أوراقا أصولية".
وبين عبد الصاحب أن "الدراجات النارية التي حجزت ستجري إعادتها إلى أصحابها، لغرض تسجيلها، ومنحهم فرصة أخرى"، منوها بأن "جميع تلك الإجراءات تأتي خدمة للمواطنين، لكون الدراجة أو المركبة التي لا تحمل لوحات مرورية تشكل خطراً وتحمل صاحبها تبعات قانونية، لاسيما أن البعض استغل ذلك في تنفيذ جرائم ومخالفات قانونية".
من جانبه، أوضح المتحدث الرسمي للوزارة العميد مقداد ميري أن "جميع الإجراءات التي تفرضها الوزارة هي خدمة للصالح العام، وحرصا على استتباب الأمن والأمان"، عاداً "سير المركبات من دون أن تحمل لوحات مرورية، مخالفة قانونية تتم إحالتها بدعوى جمركية، كما أن هناك من يستخدم الدراجات النارية لتنفيذ عمليات إجرامية".
تفاعل مواقع التواصل
وتعليقاً على الحملة، كتب الناشط مصطفى بهجت:
"بحملة كما سمّتها المرور (شديدة) تمت المباشرة بمصادرة كل دراجة ما مسجلة
فالموضوع بسيط
تريد تسوق دراجة؟ لازم تتسجل ولازم عندك اجازة سوق ولازم تلبس خوذة والي يصعد وياك يلبس خوذة
وممنوع تسوق الدراجة من الساعة الواحدة بالليل لحد الساعة الخامسة الصبح
وقضية دراجات الدليفيري فهاي راح تتحدد بألوان وممنوع تعبر من الكرخ للرصافة وبالعكس يعني بعد ماكو دراجة دليفري تعبر جسر
ومنع استيراد الدراجات لمدة 5 سنوات
اوكي اكو هواي ناس فقرة وعلى باب الله وخطية بس النظام حلو ولحد يخلط المواضيع ويطب بمغالطة المقارنة ويكول لعد القانون بس عليهم
القانون اذا ما تنفذ بمكان فما يصير نلغيه من كل مكان
والقانون ضروري لتنظيم الدراجات والتكاتك والستوتات الي تارسة الشارع بدون اي مستمسك رسمي واهل السيارات يتجنبوهم لأن بس يطخوهم يبتلون
حسب ثاني قاعدة ذهبية في قاموس تعلم السياقة
(تدعمه! يدعمك! انت الغلطان)".
فعلق أحد المتفاعلين: " كل ما يحصل من فوضى ينتهي بقرار، واغلب اصحاب الدراجات مجبرين ومستعدين لتنفيذ ما يصدر، الحكومة تدخل الدراجات بدون اوراق اصولية والشباب بسبب الازدحامات ووضعه الاقتصادي يشتريها لإكمال سير حياته وأعماله اليومية، وبعدها، يصدرون قرار ظالم بعدم تسجيل الدراجات (المستخدمة) الداخلة بطرق غير شرعية والتي يبلغ عددها الملايين.! ومن بعدها يصدرون امر بحجز الدراجات"، مضيفاً: "كيف يتم تسجيل الدراجات إذا دائرة المرور ترفض ايجاد الحلول والتسجيل؟ الفوضى المستمرة لإدارة هذا البلد أوصلتنا لطرق لا نعرف نهايتها".
فيما كتب الناشط والمترجم المجتبى الوائلي تعليقه على الحملة وردود الفعل ضدها، وقال:
" تصير عملية اغتيال عبر دراجة غير مسجلة، يطلع الشعب كله يشتكي من الفَلَتان.
تقرر الدولة تلم الدراجات غير المسجلة، يسارع الشعب للتباكي على الفقير اللي "وين يروح"!
رحمة لوالديكم ما تعرفونا شتريدون!؟ أدري شعب هلگد عايش دراما آني مشايف!".
وكتب أحد المعلقين: "ومصادرة الدراجات راح يقضي ع الاغتيالات؟! ع اساس الي يريد يغتال راح يكضه رقم الدراجة والحياة تصير وردية
وهو انت فاهم وضعية التسجيل شبيهة؟.. الدولة تسمح بأستيراد دراجات بدون كمرك وماتقبل تسجلهن الا يتكمرگن وما تقبل تكمركهن وبالتالي مصير الدراجة تتصادر وترجع تنباع بالمزاد ومعارض الدراجات الغير قابلة للتسجيل بكل مكان والدولة عايفتهم وبالتالي 99% من الدراجات ونفسهم اهل المرور دراجات كلك وهذا الرقم 99% مو مبالغة، بالتالي هو قرار مال عربنجية بعثية ومابي ثانية تفكير".
وعلق آخر: " تعرف المصيبة وين؟ اكو دراجات دخلت ادوات او لعب اطفال حاليا يسموها حدايد صار سنين تدخل وبدون كمرك، بيوم ليلة طلعوا شرط لازم تكمرك طبعا فلوس الكمرك يعادل سعر الدراجة ضعفين او اكثر بشوية اكو رقموها دفعوا فلوس كمرك واكو لا ما عدهم مكدرو يدفعون فلوس كمرك وفلوس رقم انسدت بعد العيد طلعوا قرار يحجزوها العالم رزقها عليها والحدايد بدون رقم وكمرك العالم مشتريتها بذاك الوكت قبل ليطلعون قرار الكمرك سعرها كان من مليون فما فوق بارحة مقصروا كلها تصادرت هم حلالهم راح وهم رزقهم انكطع، وللعلم اكو ناس متخذة الحدايد وسيلة نقل يروح لشغلة لان ميكدر يأجر تكسي، حاليا مددوا الترقيم بس شنو فايده الحدايد ميكدر يرقم لان كمرك مسدود والعالم مالها ذنب لان مفروض دولة من اول مدخلت تخليها تتكمرك".
وقال ثالث: "ببساطة يفتحون التسجيل طول الوقت وليس شهر محدد واغلاقه وبمبالغ منطقية يعني ممعقولة الدراجة الي سعرها مليون وربع اسجلها بـ350 الف؟ اغلب الي يصعدون دراجات ناس بسطاء ثانيا ترا القتل مدايتم بالدراجة انما بالمسدس ومازال السلاح منفلت".