كتائب حزب الله تُسقط سيناريو الفوضى في اللحظة الأخيرة وتمنع انفجارًا أمنياً مدفوعًا بتوجيه خارجي

انفوبلس/ تقارير
وسط أجواء مشحونة وقلق شعبي من انزلاق العاصمة إلى مواجهة داخلية، نجحت المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله في احتواء فتنة أمنية كادت أن تُشعل صِدامًا داميًا بين القوات الأمنية والحشد الشعبي، بعد حادثة مؤسفة وقعت في دائرة الزراعة ببغداد.
ففي الوقت الذي سعت فيه بعض الجهات إلى تضليل الرأي العام عبر اتهامات باطلة لفصائل المقاومة، خرجت الكتائب بموقف مسؤول، كشفت من خلاله خلفيات الاشتباك، والمتورطين الحقيقيين فيه، ووضعت النقاط على الحروف لتمنع انزلاق البلاد إلى صراع داخلي يخدم أعداء العراق.
حادثة الدورة.. خلاف إداري تحوّل إلى صِدام دموي
وبحسب بيان الكتائب، فإن أصل الحادث يعود إلى إجراء إداري داخلي تمثّل في تبديل مدير دائرة الزراعة في بغداد، وهو ما دفع المدير المُقال إلى الاستعانة بحمايته وبعض أقاربه للاعتراض على القرار، معتبرين أن ما جرى “انتهاك لاستحقاقهم الوظيفي”.
في هذا السياق، تدخلت إحدى الجهات الأمنية، لكنّ أحد ضباطها – ويدعى عمر العبيدي – قام بفتح النار بشكل مفاجئ ومتسرّع على أفراد حماية المدير المُقال ومن كانوا داخل الدائرة، ما تسبب بوقوع شهيدَين وعدد من الجرحى من دون أي مبرر قانوني أو أمني، بحسب بيان الكتائب.
الاستغاثة تتحول إلى مطاردة ومعسكر الصقر يتعرض لنيران عشوائية
ومع تدهور الوضع الأمني، استنجد بعض المحاصرين بذويهم القريبين من المنطقة، والذين سارعوا – دون تنسيق – إلى تقديم الإسعافات الأولية وتأمين انسحابهم من دائرة الزراعة، إلا أن ما كان يُفترض أن يكون تدخلاً إنسانيًا، تحوّل إلى مطاردة شرسة من قبل القوات الأمنية التي لاحقتهم حتى معسكر الصقر.
هناك، وبحسب الكتائب، قامت القوات بتطويق المعسكر ومحيطه، وأطلقت وابلاً من النيران العشوائية على منتسبي الحشد الشعبي المنتمين لعدة ألوية، في تصعيد وصفه البيان بـ”غير المبرر”، نتج عنه تفاقم في التوتر وسقوط ضحايا جدد.
اعتقالات غير قانونية واستهداف ممنهج للحشد الشعبي
ولم يقف الأمر عند حد إطلاق النار، بل شهدت الأحداث حملات اعتقال عشوائية طالت مراجعين وعاملين في دائرة الزراعة، غالبيتهم من منتسبي الحشد الشعبي، لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالحادثة.
وتم عرض صورهم عبر وسائل الإعلام، في محاولة واضحة لتشويه صورة الحشد وتقديمه للرأي العام وكأنه الجهة المسؤولة عن التصعيد، وهو ما اعتبرته كتائب حزب الله عملًا غير مسؤول وخرقًا فاضحًا للحقوق.
وأشار بيان الكتائب إلى أن إنهاء الأزمة لم يكن ليحدث لولا تدخل العقلاء من النواب وأعضاء لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، الذين عملوا على تهدئة الأوضاع واحتواء التصعيد، عبر التواصل مع الجهات ذات العلاقة، وتقديم رؤية وطنية تسهم في منع انزلاق البلاد إلى أتون فتنة داخلية.
تحذير من المخطط الخارجي وسفارة الشر
وفي موقف واضح لا لبسَ فيه، شددت كتائب حزب الله على أن هذا التصعيد يخدم أعداء العراق بشكل مباشر، ويقف خلفه مخطط خارجي مشبوه يستهدف ضرب وحدة المؤسسات الأمنية، وزعزعة العلاقة بين القوات النظامية وفصائل المقاومة.
وأكدت المقاومة الاسلامية، أن هذا المخطط هو مخطط مدعوم من بعض الشخصيات المتنفذة وأدوات إعلامية مدفوعة الأجر، فضلاً عمّا سمّاه البيان “سفارة الشر في بغداد”، في إشارة إلى الدور التخريبي الذي تلعبه السفارة الأمريكية في الداخل العراقي.
وأكدت الكتائب أنها مستمرة في نهجها المقاوم، ولن تتنازل عن موقفها الثابت بإخراج قوات الاحتلال من أرض العراق، مهما غلا الثمن وكبرت التضحيات، معتبرة أن مثل هذه المؤامرات لن تثني أبناء المقاومة عن هدفهم الأسمى.
وفي ختام البيان، أعربت كتائب حزب الله عن أسفها العميق لسقوط الضحايا، مؤكدة أن السبب الحقيقي لما جرى هو الارتباك الواضح في التنسيق بين الأجهزة الأمنية، والتأثير المباشر للقوات الأجنبية المتغلغلة في قيادة العمليات المشتركة، والتي دأبت على خلق الأزمات واستثمارها لتحقيق مآربها.
قراءة تحليلية: سلاح المقاومة ليس منفلتاً
وفي قراءة تحليلية لما جرى، أكّد عدد من المراقبين والمحللين السياسيين أن محاولة إقحام كتائب حزب الله في أحداث الدورة ليست سوى جزء من حملة منظمة تستهدف الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، عبر شيطنتها إعلاميًا، ووصم سلاحها بـ”الانفلات”، وهو توصيف يرفضه المتابعون للمشهد الأمني والسياسي في العراق.
وأكد المراقبون، أن “سلاح كتائب حزب الله وعموم فصائل المقاومة لا يمكن أن يُوصف بأنه سلاح منفلت، بل هو سلاح وطني مقاوم، موجّه فقط ضد أعداء العراق، وضد أي محاولة لخرق السيادة من قبل قوات الاحتلال أو عملائها”.
وأضافوا، أن “ما جرى في الدورة لا يمكن تحميله للفصائل، لأن الحادثة بدأت بمشادة إدارية وتطورت بفعل سلوك فردي متهور من ضابط أمني، ثم استُغلت من قبل بعض الجهات الإعلامية المشبوهة لتصفية الحساب مع المقاومة”.
وأشاروا إلى أن “كتائب حزب الله قدّمت تضحيات جسيمة في معركة تحرير العراق من داعش، وساهمت في تثبيت الأمن في أصعب المراحل، ومن غير المنطقي أن تُستهدف بهذا الشكل لمجرد وجود منتسبين لها في منطقة حصل فيها اشتباك لم تكن طرفًا فيه من الأساس”.
وبيّنوا، أن “هناك محاولات خارجية، بتنسيق مع أدوات محلية، لتقسيم المؤسسات الأمنية، وإحداث شرخ بين الحشد الشعبي والقوات النظامية، عبر افتعال أزمات وتسويقها إعلاميًا، وهو ما يجب التصدي له بحكمة ووطنية”.
كما شدّد الخبير القانوني علي عباس على أن “عرض صور منتسبين للحشد الشعبي عبر الإعلام، دون تحقيق أو حكم قضائي، يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان ومحاولة لتشويه صورة فصيل قانوني معترف به وفق قانون الحشد الشعبي المصوّت عليه في البرلمان”.
وقال عباس لشبكة انفوبلس، إن “مَن يسعى لتوصيف سلاح المقاومة بأنه خارج الدولة، عليه أن يعود إلى المرجعية الدستورية والقانونية التي نظّمت عمل الحشد، بدلًا من ترديد دعايات السفارات التي تستهدف قوة العراق الدفاعية والسيادية”.