كتابة العبارات على السيارات.. سخرية أم خدش للحياء؟

انفوبلس/ تقارير
من "نعرف نطبخ شعدنا متزوجين" إلى "تكبر وتصير همر" مروراً بـ"أفول باستكان على عناد ابو البهبهان" وصولا إلى "عضة أسد ولا نظرة حسد"، تتنوع العبارات على السيارات في العراق والتي قد تحمل دلالات شخصية أو اجتماعية أو سياسية أو حتى دينية، ووسط أنقسام الآراء بشأن من يرى ذلك مجرد تسلية وآخرين يرون فيها "خدشاً للحياء" سلّطت انفوبلس الضوء على هذه الظاهرة واستعرضت جميع ردود الفعل مع بيان الموقف القانوني لكتابة تلك العبارات.
عبارات متنوعة تشمل حتى السياسة
تتنوع العبارات على السيارات، فمنها فكاهية للعلاقة بين الرجل والمراة مثل "الزواج كتال صاحبه" و"وراء كل رجل مديون امرأة" و"نعرف نطبخ شعدنا متزوجين" و"عذاب الكية ولا عشك البنية" و"خلي راسك مرتاح ولا تتزوج".
ولم تغب السياسة عن تلك العبارات، فمثلاً هناك عبارات "مثل نجوع ويعيش الساسة" وأخرى تعبّر عن هموم الخريجين مثل "من زرع حصد ومن تخرج قعد"، ولكن ما يُثير الفكاهة فعلاً هي تلك التي تُكتب على السيارات لإبعاد العين عن السيارة فمثل تلك العبارات دائما تُكتب على السيارات ذات الجودة المتوسطة مثل "لا تطلع يا لوح شاريها بطلوع الروع" و"أفول باستكان على عناد ابو البهبهان" و"تكبر وتصير همر".
سخرية أم خدش للحياء؟
انقسمت الآراء بشأن تلك العبارات، فهناك من يعدّها مخلّة بالذوق العام ولها آثار سيئة فضلاً عن أنها تخالف القانون والذوق العام، وهناك من يراها طبيعية وغايتها الوحيدة هي الترفيه والسخرية.
شبكة انفوبلس تقصت تلك الآراء، إذ تساءل أحد سائقي المركبات بالقول: "لماذا تزعلون من هذه العبارات وهي للسخرية والمزاح ليس إلا؟ مثلا ألصق عبارات (المحبوبة أو المحروسة والتايهة) ولا أعتقد أنها تخلّ بالذوق العام!".
ويضيف آخر، "نحن نعيش في مجتمع يعاني الكثير من المشاكل لذلك نجد أن في كتابة العبارات نوعاًمن الحرية والتعبير عن الذات بشكل ساخر، وإذا جاز التعبير بكتابة تلك العبارات فهي نابعة من تصوراتنا وميولنا في التغيرات التي تحصل في البلد فأنا على سبيل المثال كتبت عبارة (يمضون ونبقى) لتوضيح ما في داخلي لكل من يرى سيارتي وليس بالضرورة أن أكون شخصا فضّاً يؤثر على الذوق العام".
اختلفت الآراء ووجهات النظر، إذ قالت إحدى الموظفات، "هل وجدنا مثل هذه العبارات في أية دولة بالعالم؟ قد تكون هناك عبارات بريئة اعتيادية ولكن بصراحة فإن أغلب العبارات التي تُكتب على السيارات مخلّة بالذوق العام لأن مجرد كتابتها تشوّه منظر السيارة فما بالك بأن بعضها يخدش الحياء، حتى إنني أخجل عندما أقرأها ويجلس بجانبي الركاب إذ أشعر بشيء يدور داخل كل واحد منهم وكأنني أنا من كتبتها وليس هم!!".
وتضيف، "على الجهات المعنية محاسبة مروّجي تلك العبارات قانونياً لاسيما أنها انتقلت من الحسد والأدعية إلى مصطلحات (سوقية) وغير لائقة وهذا ما يدعو إلى الخجل لما وصلت إليه بعض الأذواق التي لا تراعي أذواق الآخرين وليعبّر من يريد التعبير عن ذاته بكتابة تلك العبارات في بيته وليس في الشارع".
إلى ذلك يقول مواطن آخر، إن "هناك الكثير من العبارات الاعتيادية ولكن البعض يحاول الإساءة للآخرين من خلالها وقد يكون فيها لغزا لا يعرفه إلا من يكتب تلك العبارات وقد لا تعني شيئا".
بدوره يقول أحد سواق الشاحنات، "أنا أعمل منذ 37 سنة كسائق تريلة في الطرق الخارجية وكنا بالسابق نضع عليها عبارات تمنع الحسد أو آيات قرانية تحفظنا من شر الطريق والحوادث وغيرها من العبارات التي لا تُسيء ولا تخلّ بالذوق العام ورغم هذا كانت هناك رقابة مرورية علينا وكنا نُحاسب من قبل أجهزة المرور، لكننا مع الأسف الشديد في يومنا هذا قد أصبحت مودّة والكل يمشي علىالمودة ولا نجد من يخشى العقاب أو احترام الذوق العام".
في نهاية الآراء، يؤكد أحد أصحاب المحال في السنك، أن "معظم اللواصق التي تحمل العبارات المختلفة لا يمكن أن تؤثر أو تُسيء للذوق العام لأني شخصيا لا أتعامل معها أو أروّج لها في محلي إلا ما تكون فيها الدعابات أو تعليقاً للفرق الرياضية الأجنبية والمحلية والعربية أو تعليقات ذات طابع اجتماعي، ولكن السوق قد غرق بالكثير من تلك اللواصق التي تنمّ عن سوء الأدب من قبل أصحابها".
وأضاف، "كانت هناك في السابق ضوابط للحد منها أو متابعتها من قبل الجهات المعنية ولكن الآن ممكن أية مطبعة أن تطبع تلك اللواصق وتروّج لها بكل بساطة وأعتقد أن الرقابة لابد أن تكون صارمة للحد منها".
موقف قانوني
ظاهرة الكتابة على السيارات هي عادة متوارثة كثيرا، ولكن هناك من ينتقد بعض العبارات الخادشة للأدب والذوق، ولذلك قررت مديرية المرور العامة في وقت سابق فرض غرامات مالية على السيارات المكتوب عليها عبارات خادشة.
وقال مدير المرور العامة حينها اللواء طارق إسماعيل في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "هناك فقرة في قانون المرور، تنص على معاقبة المركبات التي تضع عبارات مسيئة للأدب وتخلّبالذوق العام".
وأضاف إسماعيل، إن "المديرية ستُفعّل الأسبوع القادم مفارز قوية لتوجيه غرامة مقدارها 30 ألف دينار عراقي، على كل تكتك أو مركبة تحمل عبارات لا تناسب الذوق العام"، لاقتاً إلى أن "المفارز سوف تقوم بحجز المركبات لحين رفع العبارات المسيئة".
رغبة للتميز حتى في الطرق الخارجية
يقول الباحث الاجتماعي حليم رياض، إن هناك رغبة لدى الناس في تسمية الأشياء الخاصة بهم ووضع علامات أو كتابات لتمييزها عن غيرها، يشترك في ذلك الشعور بالاعتزاز أو التعوّذ بقوى الغيب من الأخطار والشرور، أو للتعبير عن حالة معينة أو مكنونات خاصة أو لمجرد العبث وبحسب الأعمار ودرجة الوعي.
ويضيف في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، أن الكثير من عربات النقل تحمل كتابات أو أيقونات، وهناك سائقون يلجأون إلى خطاطين محترفين، أو عبر استخدام حروف جاهزة أو عن طريق طلاء الرش، فالسواق يلتقون في مواقف السيارات وتنتقل عدوى الكتابات بينهم، وتبلغ أحياناً درجة المنافسة دون الأخذ بعين الاعتبار إن كانت تلك العبارات تُسيء للذوق العام.
ويكمل رياض، "يلاحظ أن عربات الطرق الخارجية تغلب عليها عبارات الأدعية والتبرّك وآيات قرآنية ضد مخاطر الطريق أو شعارات وطنية، أو عبارة خفيفة مثل “لا تتبعني مخطوبة” أو “هيهات منّا الذلّة” للتعبير عن وضع عقائدي، ويلجأ بعض السائقين في الفترة الأخيرة إلى تمييز عربتهم ببوستر خاص كتفاحة مقضومة أو شخص مشنوق أو آخر يتبول، حتى يسهل الاستدلال عليها في حال تعرضت للسرقة، لأنه وأقاربه سيقطعون الطرق بحثا عنها".
خلاصة
تتباين آراء المواطنين بشأن موضوع الكتابات المدونة على السيارات، فمنهم من اعتبرها ظاهرة سيئة وغير حضارية، ومنهم من قال إنها جزء من الحرية الشخصية للفرد وليس لها تأثير على المجتمع، في حين وصفها البعض الآخر بأنها ظاهرة جيدة لو اقتصرت على كتابة الإرشادات والحكم النافعة.