مؤتمر بغداد الدولي للمياه يخرج بجملة توصيات.. ما الذي تحقق منه منذ دورته الأولى وصولاً إلى الرابعة؟
نتائج لم ترَ النور
مؤتمر بغداد الدولي للمياه يخرج بجملة توصيات.. ما الذي تحقق منه منذ دورته الأولى وصولاً إلى الرابعة؟
انفوبلس/..
لم يحقق مؤتمر بغداد الدولي للمياه ـ منذ أول دورة له في عام 2021 وصولاً إلى الدورة الرابعة التي اختُتمت أعمالها يوم أمس الإثنين وخرجت بـ18 توصية (كان من أبرزها تأسيس مركز تنسيقي للدول المتشاطئة، وإدامة التفاوض لتقاسم منصف للمياه) ـ لم يحقق أي تقدم يُذكر في المجال المائي العراقي، فما يُغيث بلاد الرافدين هي الأمطار لا غيرها، أما الدول المشتركة معه بهذا الملف فهي دائماً ما كانت محلَّ ضرر لا نفع، ونخص بالذكر هنا الجانب التركي على اعتبار أن تركيا هي بلد المنبع.
*توصيات الدورة الرابعة
جاءت توصيات مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه، وفق التالي:
1. تعزيز التعاون الدولي في أحواض الأنهار المشتركة على وفق مبادئ القانون الدولي، واحترام حقوق ومصالح الدول المتشاطئة في النهر الدولي وتأمين احتياجاتها المائية المنصفة في مياه تلك الأنهار لخدمة الشعوب المنتفعة منها، وإدامة التفاوض للوصول إلى اتفاقيات منصفة لتقاسم المياه.
2. نُدين ما يحدث في غزة من قصف واستهداف المدنيين العُزل ومنشئات البنى التحتية ومجمعات المياه، ويعتبر هذا القصف والاستهداف انتهاكاً خطيراً لأحكام القانون الدولي والإنساني وجريمة من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، ونطالب المجتمع الدولي بوقف هذه الجرائم التي يتعرض لها شعبنا في فلسطين وتوفير الحماية العاجلة لهم.
3. تطوير قدرات الفرق الفنية والقانونية العاملة في مجال التعاون الدولي ذي الصلة بالمياه المشتركة.
4. تأسيس مركز تنسيق مشترك بين الدول المتشاطئة في أحواض الأنهار المشتركة يأخذ على عاتقه تبادل المعرفة والمعلومات، فضلاً عن إعداد البحوث العلمية المشتركة ذات الصلة.
5. صياغة وإنفاذ السياسات واللوائح والقوانين ذات الصلة باستدامة موارد المياه سيما الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، تتضمن سياسات مائية ترسم أهداف استخدام المياه وحمايتها والحفاظ عليها، إلى جانب تكوين إطار تنظيمي يتضمن الترتيبات المؤسسية ووظائف كلٍ منها، فضلاً عن فهم الموارد والاحتياجات.
6. التأكيد على الحفاظ على النظم الطبيعية والبيئية ومواقع التراث العالمي ذات الصلة وتطوير مجتمعاتها، بوصفها واحدةً من الحلول المستمدة من الطبيعة للمساهمة في تقليل آثار التغيّر المناخي، وتأمين المياه اللازمة لضمان ديمومتها باعتبارها من حقوق السكان والبيئة المنتفعة منها والتنوع الأحيائي المرتبط بها.
7. ترسيخ القيمة الفريدة للمياه لتكون حافزاً في حث الجمهور من مستخدمي المياه لدعم قدرات أنظمة إدارات المياه والزراعة والطاقة والبيئة والتمويل في درء تداعيات التغيّر المناخي باستخدام نهج شامل مالياً يراعي المناخ، ويقوم بتعبئة رؤوس الأموال البشرية بضمنها شرائح النساء والشباب.
8. التأكيد على الاستخدام المستدام للمياه الجوفية وضمان عدم استنزافها وأن تكون لمياه الشرب الأولوية في استخدام هذا المورد.
9. استخدام المياه بكفاءة في المناطق الجافة وشبه الجافة لتحقيق أعلى انتفاع ممكن من كمية المياه التي يتم توفيرها لغرض استخدامها في ري المزيد من الأراضي الزراعية.
10. إذكاء دور التوجيه والتوعية المائية عبر المؤسسات التربوية لترشيد استخدام المياه وتفعيل مشاركة الشباب ودورهم البناء في مساهماتهم الطوعية في الحفاظ على البيئة ووضع برنامج رسمي للتوعية والإعلام العام بشأن قيمة المياه والكلف الفعلية التي تتحملها المجتمعات من جرّاء هدرها.
11. التوسّع في استخدام تقنيات حصاد المياه، واستخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه، والتوسّع في الاستخدام الآمن لمياه البزل الزراعي بعد المعالجة في الزراعة ومراقبة نوعية المياه السطحية والجوفية، وتسليط الضوء على حلول الجفاف من خلال المرونة في قطاع المياه وربطه بمشاكل هجرة السكان نتيجة تغيّر المناخ والأمن الوطني فضلاً عن تعزيز أنظمة الزراعة والتمويل والحوكمة.
12. التوسّع في استخدام تقنيات التحسس النائي والذكاء الاصطناعي في تطوير مراقبة الموارد المائية وإدارتها ورصد التجاوزات.
13. إجراء تقييمات شاملة للمخاطر لتحديد المناطق الضعيفة والسكان المعرضين للأخطار ذات الصلة بالمياه، وإنشاء أنظمة إنذار مبكر لضمان توفير التنبيهات في الوقت المناسب وضمان الاستجابة السريعة
14. إرساء البيئة المُمَّكِنة لتكوين الشركات التقنية الناشئة التي من شأنها جذب الاستثمار وخلق فرص العمل في مجالات تعظيم موارد المياه.
15. تهيئة الظروف الملائمة للابتكار الاجتماعي والمشاركة المجتمعية وبضمنها إشراك المجتمعات المحلية في تصميم وتنفيذ مشاريع تعظيم موارد المياه بغية تعزيز الحلول المستدامة من الداخل.
16. استخدام تقنيات فعالة للري مثل الري بالتنقيط والمرشات ذات الكفاءة العالية وتقديم الدعم المالي والتسهيلات المصرفية لها وتطوير صناعتها، وتعزيز التوعية بأهمية استخدام المياه بشكل مستدام في المجتمع بهدف تقليل البصمة المائية.
17. تعزيز التعاون والشراكة لمعالجة تحديات ترابط الطاقة والمياه والبيئة والأمن الغذائي من خلال التنسيق والشراكات العابرة للحدود، الاستدامة، التكنولوجيا النظيفة، الوعي والتثقيف، الاستثمار، العدالة والمساواة، الحوكمة، الابتكار، التكامل الإقليمي.
18. استمرار متابعة تنفيذ توصيات مؤتمر بغداد الدولي الثالث والرابع للمياه من خلال سكرتارية المؤتمر والخروج برؤيا عن المحاور والأهداف للمؤتمر بنسخته الخامسة.
*ردود الفعل
مراقبون ونواب في البرلمان العراقي، صوبوا نحو هذا المؤتمر، مؤكدين أن الفائدة منه "شبه معدومة" كما كانت المؤتمرات الثلاثة التي سبقته، لاسيما إذا ما نظرنا أنه جاء بعد أيام من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق والدور غير الفاعل للمحاور العراقي مع تركيا لحسم هذا الملف الحيوي.
وفي هذا السياق، يقول عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية، ثائر مخيف، إن "أزمة المياه باقية ولا يمكن حلها بمثل هذه المؤتمرات وهذا الخطاب الخجول من قبل الحكومة العراقية، فهذه المؤتمرات ما هي إلا تسجيل كلمات وعرض عضلات بين العراقيين".
ويضيف مخيف، إن "هذا المؤتمر يأتي بعد أيام من زيارة الرئيس التركي أردوغان للعراق، والذي كان المحاور العراقي غير فاعل مع الجانب التركي، حيث إن الأخير لم يتطلع إلى التعاون مع العراق لذلك لم يوقع على أي وثيقة، بل كانت الزيارة مجرد كلام بالنسبة للعراق، لكن تركيا حصلت على مكاسب دون أي تعطي مقابلها أي شيء للعراق".
من جانبه، يقول الخبير في مجال المياه، عادل المختار، إن "المؤتمر الرابع علمي، ولا فائدة مرجوة منه كما كانت المؤتمرات الثلاثة التي سبقته، في وقت لا تزال أزمة المياه مستمرة في العراق".
ويؤكد المختار، أن “البلاد تمر مرحلة حرجة في ظل الشح المائي، خاصة وأن الحر بدأ مبكراً، حيث إن درجة الحرارة تقارب الأربعين مئوية رغم أننا لا نزال في الشهر الرابع، فيما وصل الخزين المائي إلى حدود 17 بالمائة من مجمل الفضاء الخزني، أي الفراغ الخزني الحالي يبلغ 83 بالمائة”.
وعن الاتفاق الأخير مع تركيا، يوضح أنه "كان مخيباً للآمال، فلم يتضمن حصة رقمية وأمور أخرى كانت مطلوبة، وكنا نأمل من المفاوض العراقي مع تركيا المطالبة بإلغاء سد الجزرة، وكذلك المطالبة بالتحكيم الدولي لحسم الملف بالكامل، لكن لم يتم المطالبة بذلك".
*الأمطار تُحسّن الموقف المائي
بدورها، تؤكد نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، زوزان كوجر، أن "الموقف المائي في العراق يشهد تحسناً نتيجة الهطول الجيد للأمطار والذي أدى إلى زيادة الخزين ليبلغ 10 مليارات متر مكعب، كما عزز المياه في دجلة والفرات، وهذا جيد في الوقت الحالي خاصة لموسم الصيف المقبل".
وتضيف كوجر، أن "السنة الحالية تعتبر رطبة، وأن احتياجات العراق تصل إلى 70 مليار متر مكعب، أي أكثر من الخزين المائي، فاقم ذلك تعرض العراق خلال السنوات السابقة للجفاف والتصحر وكان له تأثير على القطاعين الزراعي والحيواني والقطاعات الأخرى، ما شكل خطراً وتهديداً للأمن الغذائي والأمن البيئي بشكل عام".
وتشير إلى أن "التغيرات المناخية وقلّة الإيرادات المائية مع زيارة الطلب على المياه وعدم استخدام الطرق الحديثة بالري والزراعة أدى هذا جميعه إلى حدوث أزمة المياه".
وتدعو كوجر إلى ضرورة "وضع خطط استراتيجية للاستفادة من مياه الأمطار من خلال إنشاء سدود لحصاد المياه، لكي نستطيع الاستفادة منها خاصة في المواسم التي تكون فيها شحة مياه، أو الحاجة إليها عند الجفاف خاصة في فصل الصيف".
*انحسار المياه
ويعود سبب انحسار مياه دجلة والفرات إلى "سياسات دول المنبع" وبالأخص تركيا التي قامت ببناء العديد من مشاريع السدود والاستصلاح الكبرى، دون التنسيق مع العراق الذي يعد دولة مصب، وذلك ما أثر على استحقاقاته التاريخية في النهرين اللذين تراجعت الإيرادات الواصلة لهما إلى أقل من 30% من معدلاتها الطبيعية، حسب تأكيد خالد شمال الذي بيّن أن العراق عانى فضلا عن ذلك في السنوات الثلاث الماضية من جفاف قاسٍ أدى إلى استنزاف الجزء الأكبر من المخزون المائي.
في غضون ذلك، يسعى العراق للتوصل إلى اتفاق مع تركيا لرفع الإطلاقات المائية بواقع 400 متر مكعب في الثانية من نهر دجلة، و500 متر مكعب في الثانية من نهر الفرات.