مئات الآلاف من المتجاوزين على الرعاية الاجتماعية.. طلاق صوري ورجال يدَّعون أنهم نساء وتزوير بيانات موظفين ومتقاعدين كلها بهدف الحصول على راتب الرعاية
انفوبلس..
تعاني دائرة الرعاية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من كثرة المتجاوزين على رواتبها، الأمر الذي أعلن وزير العمل أحمد الأسدي بأن مكافحته والقضاء عليه هو أحد أولويات الوزارة، وبالفعل منذ تشكل الحكومة الأخيرة بدأت كوادر الوزارة بتدقيق بيانات المستفيدين من رواتب الرعاية لتكتشف وجود مئات الآلاف من غير المستحقين الذين يتقاضون رواتب الرعاية وهم موظفين أو متقاعدين أو نساء مطلقات صورياً فقط أو رجال تقدموا بطلبات على أنهم نساء.
موظفون متجاوزون
وفي مطلع العام الحالي، أعلنت وزارة العمل استرداد 225 مليار دينار من متجاوزين على شبكة الإعانة خلال عام، وفيما أشارت الى إيقاف أكثر من 25 ألف قيد خلال كانون الثاني الماضي واسترداد الأموال من المتجاوزين ، كما أكدت أن وزير العمل أحمد الأسدي وجه بتخصيصها لفئة الأيتام.
وقال مدير عام دائرة الحماية الاجتماعية في الوزارة عبد الرحمن المنصوري، إن "العام 2023 شهد استرجاع أكثر من 225 مليار دينار من متجاوزين غير مستحقين لرواتب وصل عددهم لأكثر من 220 ألف متجاوز".
وأضاف، إنه "تم استرجاع 80 مليار دينار نقدا والمبلغ المتبقي على المتجاوزين ألزموا بدفعه على شكل أقساط"، مشيرا الى أن "استمرار عملية الكشف عن المتجاوزين من خلال إجراء عمليات التقاطع مع كافة وزارات ومؤسسات الدولة، وتتم العملية عبر مقاطعة البيانات التي تصلنا من ديوان الرقابة مع قاعدة بياناتنا، والمتجاوزون قد يكونون ممن لديهم عقود أو أُجراء يوميين مستمرين أو موظفين، ويتم إيقاف الإعانة عنهم فورا وإبلاغ دائرته وتقوم الدائرة باستقطاع المبالغ التي تسلمها كإعانة من راتبه، وفي حالة رغبته بالدفع نقدا نحصل على المبلغ بشكل مباشر".
وبين أن "عملية الشمول بإعانة الحماية الاجتماعية تتم وفق بيانات يتم إرسالها الى وزارة التخطيط، والوزارة هي التي تحدد من هو دون خط الفقر أو فوق خط الفقر".
وعن مالكي المركبات وكيف يتم إيقاف الإعانة عنهم أوضح المنصوري "نقوم بإرسال أسماء المسجلين لدينا ونرسلها لمديرية المرور العامة وتأتينا بيانات عن كل من يمتلك سيارة وفي حال كانت حديثة يتم إيقاف الإعانة عنها فورا واعتباره متجاوزا".
ولفت إلى "أننا وجدنا قبل أشهر أشخاصاً يتسلمون راتب الإعانة يمتلك أحدهم سيارة مرسيدس نوع جي كلاس وتم إيقاف الإعانة وإبلاغه بتسديد المبالغ التي تسلمها، وهناك شعب قانونية في كل أقسام الحماية الاجتماعية تتابع المتجاوزين".
وذكر "أوقفنا في هذا الشهر أكثر من 25 ألف قيد، وتمت المباشرة باسترجاع الأموال إلى صندوق الحماية الاجتماعية".
وحول عمليات البحث، ذكر المنصوري أن "هناك أعداداً لم تستكمل عملية البحث معهم في بغداد والبصرة ونينوى"، لافتا الى "الاستمرار بعمليات المسح الميداني لإكمال جميع القيود المتقدمة، حيث تم منح فترة لمدة شهر لإكمالها".
وعن ملف الأيتام أوضح أنه "تم فتح رابط إلكتروني عام 2023 خصص لفئة الأرامل والمطلقات والأيتام"، مشيرا الى أن "هناك أكثر من 45 ألف يتيم مسجل في هذه القاعدة، حيث وجه وزير العمل بتخصيص الأموال التي تم استرجاعها الى فئة الأيتام باعتبارهم الأكثر هشاشة وأكثر فقرا".
وبين، أن "جميع عمليات الشمول التي أجريناها ونجريها مستقبلا تعتمد على التخصيصات المالية التي ستضاف في موازنة 2024، إضافة الى الأموال التي نحصل عليها باسترجاعها من المتجاوزين".
وفي حزيران من عام 2023، كشف رئيس هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق، أحمد خلف، عن وجود 175 ألف متجاوز على رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية، أغلبهم موظفون حكوميون وضباط ومنتسبون في السلك العسكري، مؤكداً أنهم كلفوا ميزانية الدولة أكثر من 220 مليار دينار.
ومنذ مطلع العام الماضي، بدأت وزارة العمل حملة لتقاطع بيانات المستفيدين مع مؤسسات الدولة المختلفة ومع المؤسسات غير الحكومية والقطاع الخاص، لإخراج غير المستحقين من شبكات الحماية الاجتماعية.
ووفقاً لرئيس هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، أحمد خلف، فإنه "منذ بداية العام الحالي حتى الآن جرى كشف 175 ألف متجاوز على رواتب شبكة الحماية الاجتماعية"، مبيّناً أنّ هناك دفعات أخرى من المتجاوزين نعمل على كشفها قريباً واستعادة الأموال من المخالفين".
وأكد، أنّ "المتجاوزين هم موظفون حكوميون في بغداد والمحافظات الأخرى، والبعض من هؤلاء موظفون برواتب عالية"، كاشفاً أنه "جرت استعادة 21 مليار دينار منهم (الدولار يعادل 1460 ديناراً)، وما زال في ذمتهم للدولة أكثر من 200 مليار دينار، يجري تقسيطها عليهم لمدة 10 سنوات حسب القانون".
وأشار إلى أنّ "عملية التدقيق مستمرة، ونجري عملية فلترة للسجلات لكشف المتجاوزين، وتحتاج إلى جهد كبير لفرز المستحقين من غيرهم"، مؤكداً أنّ "من بين المتجاوزين 1200 منتسب من وزارة الدفاع بينهم ضباط بعضهم برتب عالية، وقد اتُخذت الإجراءات الخاصة للاسترداد بحقهم".
وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، قد أكد، الأسبوع الماضي، قطع رواتب الإعانة عن 117,323 من العوائل المتجاوزة، حتى منتصف الشهر الجاري.
من جهته، قال مسؤول في وزارة العمل، إنّ "حجم الفساد كبير جداً في رواتب الإعانة الاجتماعية، ويحتاج الى سنوات لضبطه"، مضيفا أنّ "أغلب المتجاوزين على رواتب الإعانة الاجتماعية هم موظفون ويتقاضون رواتب حكومية بالإضافة إلى رواتب الإعانة الاجتماعية، وقد كلفوا ميزانية الدولة مليارات".
وأشار إلى أنّ "الوزارة تواجه صعوبة بكشف هؤلاء، وأنها تعمل مع وزارات أخرى لأجل كشف ملفات التقاطع الوظيفي"، مؤكداً أنّ "الأعداد التي جرى كشفها لا تمثل إلا نسباً بسيطة من أعداد المتجاوزين".
وشدد على "ضرورة أن تتعامل المؤسسات القضائية مع هذا الملف من خلال فرض عقوبات قضائية صارمة على المتجاوزين وغرامات مالية ليُمنعوا من التجاوز".
تحويل جنس
وفي منتصف شباط الماضي، كشفت هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عن وجود 150 ألف رجل قدموا للحصول على راتب الرعاية على أنهم نساء.
وقال رئيس الهيئة، أحمد خلف إنه "تم اكتشاف 35 ألف متجاوز على الرعاية خلال الفترة الماضية، وقد نصل إلى 300 ألف متجاوز خلال الأشهر المقبلة"، مبيناً أن "الرعاية أنهت شمول 900 ألف أُسرة بالرعاية الاجتماعية، فيما بلغ عدد المشمولين بالرعاية الاجتماعية 7 ملايين فرد".
وأضاف أن "رواتب الاعانة الاجتماعية تعادل راتب الموظف، حيث إن اجراءات الاعانة تهدف للحد من الفقر"، مشيراً إلى أن "90 بالمئة من المستولين لديهم رواتب رعاية الاجتماعية".
ولفت إلى أن "أغلب المنظمات التي تدَّعي مساعدة الفقراء هي عصابات منظمة، كما يوجد 150 ألف رجل قدموا للحصول على راتب الرعاية على أنهم نساء".
ارتفاع نسب الطلاق
وتسجل المحاكم العراقية ارتفاعا قياسيا في حالات الطلاق بأسباب مختلفة منها الزواج المبكر، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، والخيانة الزوجية، والعنف الأسري، وتدخل الأهل، لكن هناك سبب اخر جعل من هذه النسبة ترتفع بشكل مخيف وهي ظاهرة الطلاق الصوري.
المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق أعلن في بيان سابق، أن عدد حالات الطلاق في الربع الأول من عام 2023 بلغ 19 ألفا و19 حالة، وهو معدل يشير إلى تسع حالات طلاق بالساعة الواحدة، وفقا لإحصاءات مجلس القضاء الأعلى.
وتتزايد معدلات الطلاق الصوري في البلد او عدم توثيق المتزوجين لعقود الزواج مكتفين بعقود الزواج الشرعية لأسباب ترجع إلى الأزمات الاقتصادية.
ووفقاً لدائرة الرعاية الاجتماعية، فإن المبلغ المخصص للمطلقة، يتحدد حسب عدد أفراد الأسرة بين (125-375) ألف دينار عراقي، كما يختلف مقدار راتب الإعانة الاجتماعية بين المرأة والرجل، فالمرأة تتقاضى 325 ألف دينار لعائلة مكونة من 4 أفراد، أما الرجل فيحصل على 275 ألف دينار.
الخبير القانوني وائل منذر أوضح، أن "إحدى الظواهر السلبية التي انتشرت في العراق في السنوات الأخيرة نتيجة لاعتبار المطلقة إحدى الشرائح المشمولة برواتب الرعاية الاجتماعية التي تتكفل الدولة بإنفاقها لمستحقيها شهريا، وهذا أدى إلى قيام بعض الأُسر بالالتفاف على القانون من خلال الذهاب إلى المحاكم لغرض إيقاع الطلاق بصورة رسمية أمام محاكم الأحوال الشخصية، ومن ثم العمل على العودة إلى إبرام عقد زواج شرعي أو من خلال رجل دين بدون أن يتم تسجيله أو توثيقه في المحاكم المختصة. وبالتالي، فإن هذه الممارسة تتضمن عدة مخالفات من الجانب القانوني"، مشيرا الى، أن "مثل هكذا إجراء صوري لا يستهدف فيه القائمون عليه النية الأساسية، أي إن الزوجين أصلا لا ينويان، أو أن الزوج أصلا لا ينوي إيقاع الطلاق، لكنه يستهدف في ذلك التحايل على القانون، وبالتالي مثل هكذا إجراء فيه إشكالية من الجانب الشرعي".
وبحسب خبراء قانونيين فإن هذا التحايل يعتبر تزويرا، والأخير قد تصل عقوبته الى السجن لمدة 15 سنة بحسب المواد 289 و295 و298 من قانون العقوبات، فضلا عن دخوله جريمة التحايل من قانون العقوبات في المادة (456).
ويضيف الخبير القانوني وائل منذر، ان "هذه الظاهرة من الناحية القانونية تعتبر نوعا من أنواع التحايل على القانون من خلال قيام الشخص بالإدلاء بمعلومات أو بيانات غير صحيحة أمام الموظف المختص، حيث أن الشمول براتب الرعاية الاجتماعية يقتضي تقديم بيانات تؤيد أن الزوج أو أن الامرأة المشمولة هي مطلقة وليست بعصمة رجل وعلى هذا الأساس، فإن هذا يدخل في نطاق الجرائم ويعاقب عليها لوجود قانون العقوبات، على اعتبار أننا أمام ادلاء ببيانات غير صحيحة لمحاولة تزييف وتغيير حقيقي"، منوها على ان "العمل على معالجة هذه المسألة يحتاج إلى عدة إجراءات، بعضها في الجانب القانوني، وأخرى في الجانب الإداري، اذ ما يتعلق بالجانب القانوني، فينبغي العمل على تشديد العقوبة على الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على أموال الدولة بدون وجهها، من خلال اعتبار مثل هكذا أمور، ظرف مشدد، خصوصا، وإذا كانت بالاتفاق مع موظفين داخل الوزارات المختصة، كوزارة العمل والشؤون الاجتماعية".