"مافيات الحنطة" تُفسد فرحة الاكتفاء الذاتي.. كيف يخسر العراق 400 مليار دينار سنويا؟
انفوبلس/ تقارير
رغم تحقيقه الاكتفاء الذاتي من المحصول بنحو 8 ملايين طن، لم تكتمل فرحة العراق بذلك بعد أن تم الكشف عن خسارته 400 مليار دينار سنويا بسبب "مافيات الحنطة" عبر ممارسات عدة للاحتيال على الدولة وبطرق مختلفة. انفوبلس سلطت الضوء على هذا الملف وفصلت تأثيره على السوق وطرق التهريب إلى الخارج وإعادة البيع على الدولة في الداخل، مع بيان حجم المساحات المزروعة وحاجات السوق لتحقيق الاكتفاء بالتفصيل.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
في 3 أيار مايو الماضي، أصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، 4 إجراءت فورية كان أبرزها تعفير حنطة البذور وبنسبة 100%، ومنع دخول حنطة الحايل والمصابة الى السايلو من أجل منع المتاجرة بها، وحجز الحنطة المعفرة والمصبوغة عند مسكها واعتبارها جريمة واستيلاءً على المال العام لمن يقوم بذلك ونقله الى المحاكم المختصة”.
وفي السادس من حزيران الجاري، أعلن وزير التجارة أثير الغريري، انتهاء الموسم التسويقي في (9) محافظات من الوسط والجنوب”، مؤكدا “تخطي العراق مرحلة الاكتفاء الذاتي بنحو 8 ملايين طن والعمل على زيادة الخزين الاستراتيجي من الحنطة".
خسارة بـ400 مليار دينار سنويا
تشير آخر التقديرات إلى أن شبهات الفساد الأخيرة في ملف محصول الحنطة كلفت العراق 400 مليار دينار سنويا، فيما تؤكد بذات الوقت أن تعليمات تعفير الحنطة بنسبة 100% بدلا من 20% سوف تسهم في كشف الفاسدين وقطع الطريق أمامهم، بحسب النائب أمير المعموري.
ويقول المعموري في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "الإجراءات الاستباقية خلال الموسم الحالي كانت ناجحة بنسب عالية وأوقفت محاولات تسويق الحنطة المعفرة".
ممارسات الاحتيال على الدولة
تتمثل ممارسات الاحتيال على الدولة في مواسم تسويق الحنطة بعدة أشكال، من بينها رفض حنطة الفلاحين لدفعهم إلى بيعها بأسعار بخسة أو إعادة تسويق حنطة المواسم السابقة او المخزونة، او تهريب الحنطة من خارج البلاد بأسعار مناسبة وإعادة بيعها على الدولة بالأسعار المدعومة التي تدفعها الحكومة للفلاحين مقابل طن الحنطة البالغ 850 الف دينار وهو سعر يفوق أسعار الحنطة في خارج العراق.
وبهذا الصدد، قال المعموري، إن “شبكات فاسدة هي أشبه بالمافيات كانت تستغل مواسم تسويق الحنطة بطرق مختلفة من اجل كسب الأموال الطائلة بطرق ملتوية عبر إعادة تسويق الحنطة المعفرة وكسب الفارق بالاسعار”.
انفوبلس تتقصى طرق الاحتيال
اما عن طرق الاحتيال التي تعصف بواردات هذا المحصول، فقد تسبب السعر المرتفع والمدعوم الذي تدفعه الدولة مقابل طن الحنطة، والذي يفوق الأسعار العالمية له، بنشاط عمليات الاحتيال على الدولة والفساد وطرقه، بسبب العائدات المالية الكبيرة التي توفرها أموال الدولة مقابل الحنطة.
حيث يقوم البعض بشراء الحنطة من الخارج بسعره البالغ 400 دولار أي لا يفوق الـ600 الف دينار، وبيعه إلى الدولة بواقع 850 الف دينار للطن، ما يعني وجود ربح بـ250 الف دينار لكل طن، في الوقت الذي من المتوقع أن تشتري الدولة هذا العام 7 ملايين طن من الحنطة من الفلاحين وبعضها “مشكوك بصحتها” أي انها تتسرب ضمنها حنطة مهربة من الخارج أو حنطة قديمة، بحسب مختصين.
ماذا تحتاج السوق لتحقيق الاكتفاء الذاتي؟
تحتاج السوق المحلية سنويا حوالي 4.2 مليون طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح ويضاف نحو مليون طن مستورد يخلط لأغراض الجودة مع القمح المحلي الذي لا تتوفر فيه مادة الجلوتين بالنسبة المطلوبة، وفق وزارة التجارة.
وبلغت كمية الحنطة المسوقة، خلال العام الماضي، 4.2 مليون طن بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من تركيا وأستراليا وامريكا، 2.1 مليون طن وبلغ معدل الطحين في السوق المحلية 1420 دينار للكيلو غرام الواحد.
وتسببت التحولات البيئية جراء الجفاف بتراجع المساحات المزروعة في العراق إلى النصف. وفي حين تبلغ المساحات الصالحة للزراعة حالياً 14 مليون دونم، لن يتمكن العراق من زراعة سوى أقل من ثلث هذه المساحة فقط ضمن الخطة الزراعية الشتوية، وفق ما تذكر تصريحات رسمية.
المساحات المزروعة
أما عن المساحات المزروعة، فقد أعلنت وزارة الموارد المائية في وقت سابق، عن اتفاقها على زراعة 5.5 ملايين دونم للموسم الشتوي 2023 – 2024، وهي تساوي المساحة المزروعة في الموسم الزراعي الشتوي الماضي 2022 – 2023.
وتشمل زراعة 1.5 مليون دونم على المياه السطحية و4 ملايين دونم على المياه الجوفية، إضافة إلى الاستمرار بتأمين المياه للاحتياجات الأخرى بالنسبة للاستخدامات المدنية والبيئية وسقي البساتين بمساحة 1.1 مليون دونم.