مثال عن رِفعة أهل الجنوب وسعة قلوبهم.. بني "سكين" في البصرة يتنازلون عن فصل وفاة ابنتهم نرجس بفاجعة الهارثة بسبب ظروف السائق الصعبة
انفوبلس..
تنازلت قبيلة بني سكين في محافظة البصرة، عن حقها في حادثة دهس تلاميذ بمنطقة الهارثة شمالي المحافظة مطلع الشهر الجاري، في لفتة إنسانية ومثال رائع عن رِفعة أهل الجنوب وسعة قلوبهم، كما يدحض محاولات العديد من الجهات لشيطنة المجتمعَين الجنوبي والعشائري.
وقال مصدر بصري في منشور على صفحته في الفيسبوك، إن "قبيلة بني سكين في البصرة، تترجم مكارم الأخلاق على أرض الواقع، وتتنازل عن الدية (الفصل) العشائري للطفلة (نرجس) إحدى ضحايا فاجعة الهارثة، وتُهدي مبلغاً مالياً لصاحب الشاحنة الذي دهس التلاميذ كونه يمر بظرف مالي صعب".
وأرجع لطيف السكيني جد الطفلة “نرجس”، التي توفيت ضمن فاجعة مدرسة الهارثة في البصرة، سبب تنازلهم عن سائق الشاحنة المتسبب بالحادث، وإسقاط الدعوى القانونية المقامة ضده، إلى الحالة المادية للسائق، كونه يعمل بأجرة في السيارة، وأن الحادث “قضاء وقدر”، متمنياً أن يكون تصرفهم هذا سنة حسنة لباقي عوائل الضحايا.
وقال السكيني: لإيماننا بأن الحادث قضاء وقدر، تنازلنا عن الدعوة القضائية المقامة ضد سائق الشاحنة الذي تسبب بموت حفيدتي وآخرين معها في حادثة الهارثة، كما قمنا بالتنازل عن دية المتوفية، بعد أن عرفنا أن السائق من ذوي الدخل المحدود ويعمل سائقاً بأجر يومي، لتكون سنة حسنة لباقي العوائل.
وأضاف: بعد سؤال المرجعية تبين أن ديّة الذكر تبلغ 5250 غراماً من فضة أي ما يعادل 33,760,000 دينار، والأنثى نصف ذلك أي ما يعادل 16,850,000 دينار.
وإن ولي الدم هو الوحيد القادر على التصرف بأموال الدية، والمسؤول عن التنازل عنها أو قبولها، وأنا بصفتي جدها لم أقم بالتنازل إلا بعد استشارة والدي الطفلة.
وبيّن الكسيني: قد أعطانا أحد ذوي السائق مبلغ مليوني دينار للمشاركة في مجلس العزاء وهو ما يسمى “الكسوة أو واجب الفاتحة”، ولان الله متفضل علينا ووضعنا المالي جيد، قمنا بالتبرع بالمبلغ لوالد السائق.
تفاصيل الفاجعة
وفي الثاني من نيسان الجاري، وبحادث مأساوي في مكان متوقع حدوث الكوارث فيه، لقي عدة تلاميذ مصرعهم بعد أن دهستهم شاحنة نقل بضائع بعد خروجهم من مدرستهم المُطلّة على شارع رئيسي بمنطقة الهارثة في محافظة البصرة.
وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن ستة تلاميذ بالمرحلة الابتدائية لقوا مصرعهم وأُصيب 14 آخرون بعدما دهست شاحنة تبريد مجموعة من الأطفال في مدينة البصرة جنوب العراق.
الشرطة وشهود قالوا، إن سائق الشاحنة فقد السيطرة على مركبته بعد عطل في المكابح، مما أدى إلى اصطدامه بمجموعة من تلاميذ إحدى المدارس الابتدائية القريبة، الذين كانوا يسيرون على جانب الطريق في بلدة الهارثة على الضواحي الشمالية للبصرة.
المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري قال في بيان، إن "شرطة محافظة البصرة ألقت القبض على سائق عجلة نوع شاحنة براد دهس 6 من طلاب المدارس، مما أدى إلى وفاتهم وإصابة 14 آخرين بإصابات مختلفة في منطقة الهارثة شمال محافظة البصرة.
وبحسب الاعترافات الأولية فإن سائق العجلة فقد السيطرة عليها بسبب عطل في المكابح مما تسبب في حادث الدهس أثناء انتهاء الدوام الرسمي للمدرسة.
ووقع الحادث في منطقة الهارثة قرب سيطرة القادسية على بعد 15 كم عن مركز البصرة، أثناء خروج التلاميذ من مدرسة زينب الابتدائية.
والطلاب المصابون تم نقلهم إلى مستشفى الفيحاء، وهم بحالة حرجة.
وذكرت مصادر طبية، أن بعض الأطفال المصابين في حالة حرجة ويعانون من إصابات خطيرة في الرأس.
وذكرت الحكومة المحلية أن الحادث وقع بسبب السرعة وعدم الانتباه من قبل سائق المركبة نوع ميستوبيشي الحمل وعدم سيطرته على المركبة مما أدى إلى انحرافها باتجاه الجانب الأيمن من الطريق ونزولها باتجاه المنطقة السكنية واصطدامها بمركبة نوع دايو كانت متوقفة قرب إحدى الدور.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في بيان، إنه أمر بإجراء تحقيق فوري في حادث دهس التلاميذ.
وأضاف المكتب، في بيان: "أجرى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مساء الثلاثاء، اتصالا هاتفيا مع محافظ البصرة للوقوف على تداعيات حادثة دهس التلاميذ الأليمة، التي وقعت في قضاء الهارثة شمالي المحافظة".
وجاء في البيان: "قدم رئيس مجلس الوزراء خلال الاتصال التعزية لذوي الضحايا، معبّراً عن عميق مواساته لهم، ومتمنياً للمصابين سرعة الشفاء، وموجهاً بمتابعة تفاصيل الحادثة والتحقيق فيها للوقوف على جميع الملابسات، كما وجه بسرعة إغاثة الجرحى وإسعافهم".
كما عبَّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" عن حزنها الشديد إزاء "الحادث المأساوي الذي وقع في منطقة الهارثة في البصرة. تعازينا العميقة لجميع المتضررين من هذه الخسارة المفجعة".
ووجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وزير التربية بالذهاب إلى البصرة ومتابعة تداعيات حادثة الهارثة، وبالفعل كشف نائب رئيس مجلس البصرة أسامة السعد، اليوم الأربعاء، عن عقد المجلس جلسة طارئة اليوم لمناقشة تداعيات حادث الدهس في منطقة الهارثة شمال المحافظة.
وقال السعد، إن "مجلس محافظة البصرة سيعقد بعد ظهر اليوم جلسة طارئة لمناقشة تداعيات حادث الدهس في الهارثة"، مبينا أن "الجلسة سيحضرها محافظ البصرة ووزير التربية الذي سيصل المحافظة اليوم".
وأضاف السعد، إن "هناك من يطالب بجسور المشاة للعبور وهناك جسور أُنشِئت في عدد من المناطق لم يتم استخدامها من المواطن"، لافتا الى أن "مجلس البصرة يأسف لحادث الأمس وهناك عدة دوائر تتحمل المسؤولية وستكون تحت طائلة المسؤولية وتتم استضافتها".
وأكد، إن "لدينا سوء تخطيط في كثير من الأمور"، مشددا على "ضرورة إعادة النظر فيها ومنها توسعة الشارع بين منطقة الكرمة وقضاء القرنة".
وأعلن محافظ البصرة أسعد العيداني، الحداد 3 أيام على فاجعة تلاميذ المدرسة الابتدائية، والتي راح ضحيتها أكثر من 15 تلميذاً بين ضحية ومصاب.
بدورها، أعلنت وزارة التربية، في بيان الحداد على أرواح تلاميذ محافظة البصرة الذين تعرضوا الى حادثة دهس أودت بحياة ستة منهم وجرح 10 آخرين إصابات البعض منهم بليغة.
وأكد المكتب الإعلامي للوزارة، أن الوزارة خاطبت في وقت سابق الجهات ذات العلاقة مطالبةً إياهم بتوفير مجسّرات للمشاة أو أسوار حماية حفاظا على سلامة التلاميذ إضافة الى إصدار توجيه عاجل لإدارات المدارس المحاذية للشوارع والطرق الخارجية بمتابعة انصرافهم من أجل تأمين عبور التلاميذ الى الجانب الآخر بأمان .
من جانبه قال مدير تربية البصرة عبد الحسين سلمان عبد الحسن، إنه يتابع الحادث واتصل بمدير المدرسة لمتابعة تطوراته.
وأشار الى، أنه "تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري قدَّم فيه تعازيه الخالصة لأُسر الأطفال الضحايا وللأُسرة التربوية عموما".
وقبل أيام عديدة من الكارثة التي حلَّت على مدينة البصرة، وأدت إلى مقتل 6 طلاب وجرح 14 آخرين على الأقل، طالب العديد من سكان منطقة الهارثة بوضع رجال شرطة ومرور أمام إحدى المدارس التي يتطلب الوصول إليها قطع شارع عام بشكل خطر.
إلا أنهم لم يسمعوا إلا الوعود، بحسب ما أكد أحد المواطنين الذي خرج بفيديو قبل أيام من حادث دهس الطلاب، ليوثق كيف يقطع هؤلاء الصغار الطريق بما يهدد حياتهم.
كما أكد الرجل الذي انتشر له فيديو بشكل واسع على مواقع التواصل خلال الساعات الماضية إثر فاجعة الهارثة، أنه اتصل بمديرية المرور، فما كان منها إلا وَعْدُهُ بإرسال عناصر إلى عين المكان، لكن شيئاً من هذا لم يحصل، فوقعت المأساة.
يشار إلى أنه في 2022 قضى أكثر من 4900 شخص بحوادث سير في العراق، أي ما معدّله 13 حالة وفاة في اليوم، وفق بيانات وزارة الصحة.
ويعاني العراق من قِدَم الطرق والجسور، جراء النزاعات والإهمال والفساد المستشري.
وغالبا ما تُحمّل السلطات مسؤولية حوادث السير لتجاهل السائقين الحد الأقصى للسرعة واستخدامهم هواتفهم المحمولة خلال القيادة وأيضا استهلاك المخدرات والكحول.
وفي أواخر العام الماضي، كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان فاضل الغراوي، عن تسجيل 7000 حادث مروري خلال 2023، فيما بيّن أن نحو 80% من هذه الحوادث كانت بسبب السائقين.
وقال الغراوي في بيان، إن "الحوادث المرورية حصدت آلاف الضحايا خلال الخمس سنوات الماضية".
وأضاف الغراوي، إن "عام 2021 سجل 8286 حادثا مرورياً، توفيّ على إثرها 2152 شخصا".
وتابع، إن "عام 2022 شهد تسجيل 11 ألفاً و523 حادثاً مرورياً وأن من بين الحوادث، 3079 حادثاً مميتاً بنسبة 26.7%، و 8444 حادثاً غير مميت بنسبة (73.3%) عدا إقليم كوردستان، مقابل 10 آلاف و 659 حادثاً في سنة 2021، بارتفاع بلغت نسبته 8.1%".
وأوضح الغراوي، إن "عدد ضحايا الحوادث المرورية ارتفع خلال 2022 بنسبة (6.8%)، وسُجّل ارتفاع في عدد الجرحى بنسبة (12.9%)، عن سنة 2021".
وأشار إلى، أن عدد الوفيات الناتجة عن تلك الحوادث "بلغ (3021) متوفىً، منهم (2474) متوفىً من الذكور وبنسبة (81.9%) والإناث (547) متوفاة بنسبة (18.1%) من المجموع الكلي للوفيات مسجلاً نسبة ارتفاع مقدارها (6.8%) مقارنة بعام 2021".
ولفت الغراوي الى، أن حوادث الاصطدام سجلت أعلى نسبة حيث بلغت (6493) حادثا بنسبة (56.3%) من مجموع الحوادث تليها حوادث الدهس (3724) حادثا بنسبة (32.3%)، ثم حوادث الانقلاب (1098) حادثا بنسبة (9.5%)، أما الحوادث الأخرى فبلغت (208) حوادث بنسبة (1.8%)".
وبيّن، أن "عام 2023 شهد تسجيل 7000 حادث مروري"، مبينا أن "السائق كان سبباً في تسجيل أعلى نسبة من الحوادث المرورية، وبنسبة مقدارها (79.2%)، أما الحوادث بسبب السيارة فكانت نسبتها (8.1%)، وبسبب الطريق بنسبة (6.2%)، أما بقية الأسباب فقد بلغت نسبتها (6.5%) من المجموع الكلي للحوادث".
وأوضح الغراوي، إن "أسباب ارتفاع الحوادث المرورية يُعزى الى قِدَم الطرق وعدم تأهيلها وعدم وجود العلامات والدلالات فيها وعدم وجود متطلبات السلامة والسياج الأمني والكاميرات إضافة الى عدم التزام السائق بالنظام المروري وقواعد السير، والسرعة المُفرطة والاجتياز الخاطئ من جهة اليمين، بالإضافة لاستخدام الهاتف النقال، عدم وضع حزام الأمان، وعدم الامتثال للإشارات المرورية، كما أن العديد من السيارات لا تتوفر فيها متطلبات السلامة والأمان إضافة الى سياقة السيارات من قبل أحداث وبسرعة مفرطة".
وأكد، إن "العراق يحتاج إلى 2000 كيلومتر من الطرق السريعة، فضلاً عن توسعة الطرق الحالية وتحسين مستوى الأمن فيها، وتأهيل وتبليط أكثر من 1000 كيلومتر منها"، مطالبا الحكومة بـ"إنشاء طرق سريعة تنفذها كبرى الشركات العالمية عن طريق الاستثمار" كما دعا مديرية المرور العامة إلى "تطبيق معايير السلامة في الطرق السريعة والرابطة بين المدن الرئيسية".
كما طالب الغراوي، أمانة بغداد ووزارة الإسكان والإعمار والبلديات العامة والمحافظات كافة، بـ"تأثيث الطرق الخارجية والداخلية وتأمين متطلبات السلامة فيها، بما يحافظ على حياة المواطنين ويقلل الحوادث المرورية".
حادثة مشابهة
وفي قصة حزينة وسعيدة في آن واحد حدثت في 13 آذار الماضي، في محافظة واسط وتصدرت "ترندات" مواقع التواصل الاجتماعية حيث كانت تخص فصلا عشائريا أُقيم بين عشيرتي "عبودة" و"زبيد"، وذلك بسبب إعطاء رجل دهس طفلا مبلغا ماليا لشراء سيارة خاصه به من قبل والد الطفل نفسه.
وفي تفاصيل القصة، فإن المواطن "ماجد الزبيدي" والذي يعمل سائق تكسي عند أحد الأشخاص ويعاني من الناحية المادية، قام بدهس طفل من عشيرة "عبودة" عند خروجه في الصباح الباكر دون قصد ما أدى الى وفاته، حسبما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي التفاصيل.
وعند إقامة "الفصل العشائري"، طالبت عشيرة الطفل "أيهم" بمبلغ مالي قدره 18 مليون دينار عراقي، فقامت عشيرة السائق "ماجد " بدفع المبلغ وذلك تعويضاً على وفاة الطفل نتيجة الدهس.
لكن وقبل نهاية "الفصل العشائري"، تنازل والد الطفل "أيهم" عن المبلغ المالي الذي دفعته عشيرة السائق "ماجد"، كما شرط أن تذهب هذه الأموال إلى ماجد من أجل شراء سيارة خاصة به وذلك بسبب أوضاعه المالية الصعبة وكذلك بسبب أنهم جيران منذ وقت طويل.