محطات الكهرباء الاستثمارية في العراق.. قصة "هيمنة" أحمد نانگلي وشركته ماس القابضة
انفوبلس/ تقرير
يبدو أن مسلسل الفساد في وزارة الكهرباء التي استنزفت موازنات العراق طيلة 20 عاما الماضية لن ينتهي، إذ كشف ديوان الرقابة المالية، عن هدر العراق قرابة مليار دولار على طاقة لم يتسلمها ومحطات لا يمتلكها خلال الخمس سنوات الماضية، يأتي هذا في وقت تؤكد فيه لجنة الطاقة النيابية أن العراق مقبل على إدخال الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة.
العراق يهدر قرابة مليار دولار على طاقة لم يتسلمها ومحطات لا يمتلكها
وبحسب معلومات من ديوان الرقابة، فإن "تقرير الديوان خلال حزيران الماضي، والذي يختص بالتدقيق التخصصي على أنشطة دائرة الاستثمارات والعقود في الكهرباء، أكد أن وزارة الكهرباء تتحمل مبالغ مالية كبيرة نتيجة الشراء بطريقة (Take or pay) "تأخذ أو تدفع" التي تلزم الوزارة بدفع مبالغ عن طاقة غير مستلمة بغض النظر عن أي ظرف طارئ سواء نقص الوقود أم عدم تحمل خطوط النقل"، مشيرا إلى أن "ما تم إنفاقه على طاقة غير مستلَمة فعليا يقارب 937 مليون دولار للسنوات (2017 – 2022)".
وذكر تقرير الديوان، أنه "كان يمكن الاستفادة من المبالغ المهدورة في إنشاء محطات توليد بخارية جديدة بسعة تصل الى ألف ميكا واط على وفق السعر التخميني لها"، لافتا الى أنه "لم يتم تضمين معظم عقود الشراء نصاً يقضي بإعادة ملكية المحطات الاستثمارية للوزارة بعد انتهاء مدة العقد واسترداد مبالغ إنشائها".
وزارة الكهرباء منحت كفالات سيادية لعقود استثمارية بمبالغ مالية "طائلة" تفوق كُلف إنشاء المحطات الاستثمارية
وأضاف، أن "وزارة الكهرباء منحت كفالات سيادية لعقود استثمارية بمبالغ مالية طائلة تفوق كُلف إنشاء المحطات الاستثمارية، إذ بلغت قيم الكفالات السيادية للشركات الاستثمارية ما يعادل 33 ملياراً و508 ملايين دولار، في الوقت الذي كان على وزارة الكهرباء ودائرة العقود والاستثمارات إبداء الرأي بتلك الكفالات قبل إصدارها، وتعديل مبالغها بما يتوافق ومصلحة الوزارة، ثم إلغائها بعد استرداد الشركات الاستثمارية لمبالغ إنشاء تلك المحطات"، موضحاً أن "قلة التخصيصات المالية والتمويل من أهم المشكلات التي تقف حائلا دون قيام دائرة الاستثمارات والعقود في وزارة الكهرباء بمهماتها، كما وتتحمل التأثيرات السلبية الطارئة على معدات المشروع كالتقادم أو تغيير التقنية، نتيجة إيقاف المشاريع الكبيرة كمحطات الإنتاج والنقل الأمر الذي يؤدي الى تغيير المعدات أو المخططات وبالتالي تحميلها تكاليف ووقتاً إضافيين، فضلا عن زيادة المديونية، إذ تتحمل الوزارة مبالغ إضافية عن فوائد تلك الديون، وعدم تسديد مستحقات الشركات ما يضطرها الى إنهاء العقود وتكبد الوزارة التكاليف".
وتطرق التقرير إلى معوقات عمل دائرة الاستثمارات، "إذ تتمثل في تداخل عمل الوزارات وعدم التنسيق مع وزارة الكهرباء، منها تأثير شح المياه على عمل المحطات البخارية والكهرومائية ما يتطلب من وزارة الموارد المائية إلغاء مشاريع أو تغيير أولويات مشاريع أخرى، فضلا عن عدم التزام وزارة النفط بالخطة الوقودية في تجهيز الكهرباء، كذلك مبالغ فتح وتعزيز الاعتمادات المستندية والتي تصل الى 636 مليون دولار لم يتم تعويضها من قبل وزارة المالية للسنوات (2012 – 2019)".
العراق دفع مبلغ (145772806) دولارات لشركة الماس القابضة دون أن يستلم الطاقة الكهربائية
قال عضو مجلس النواب عن لجنة الطاقة، جمال المحمداوي سابقاً، إن عقود وزارة الكهرباء التي أبرمتها مع شركات استثمارية بصيغة "تأخذ أو تدفع" (Take-or-pay) تقضي بأن يدفع العراق مبالغ مالية ضخمة دون أن يستلم الطاقة الكهربائية، وأشار إلى أنه "بسبب هذه الصيغة في محطة بسماية دفع العراق مبلغ (145772806) دولار (مائة وخمسة وأربعين مليون وسبعمائة واثنين وسبعين ألف وثلاثمائة وستة دولارات) إلى شركة الماس القابضة دون أن يستلم الطاقة الكهربائية من حزيران /2017 ولغاية آذار /2019"
يأتي هذا في وقت يستعد فيه العراق لطرح استثمار الطاقة المتجددة بعد إنهاء البرلمان القراءة الأولى لمشروع قانون تنظيم الطاقة المتجددة، في مسعى لإنتاج الكهرباء وإدخالها الى المنظومة الكهربائية من أجل تقليل الاعتماد على المحطات التي تعمل على الغاز.
عضو لجنة الكهرباء ورئيس اللجنة الفرعية للطاقة المتجددة امان شركي قال، إن "الحكومة وقعت عقوداً مع شركات عالمية فرنسية وهي شركة توتال والصينية ABC، ما يعني أنه تم تخصيص الأراضي ولم يتبق الا تحديد الوقت لمجيئ هذه الشركات للاستثمار"، مضيفاً أن "اللجنة طلبت من الحكومة معلومات كاملة عن عقود الطاقة المتجددة لمراقبة العمل، إذ منها ما ستدخل حيز التنفيذ خلال شهرين أما العقد مع الشركة الصينية وشركة البلال فينص على أن كل شركة يجب ان تقدم 75 ميكاوط لكل شركة خلال سنة بعد التنفيذ بحسب الشروط".
وتابع النائب أن "هذه المشاريع سوف تنتج 7700 ميكاواط"، منوها بأن "بعض الشركات ستباشر وهنالك شركات لاتزال تعاني مشكلات بينها تخصيص الأرض أو مشكلات مع وزارات أخرى ونتوقع إدخال 1500 ميكاواط هذا العام والعام المقبل من المستثمرين المحليين فقط"، مبيناً أن "جميع هذه المشاريع إن تم تنفيذها فقد ترفع الشبكة بنحو 9300 ميكاواط سيتم ربطها بالمنظومة الوطنية عبر شركة مختصة بالتعاون مع وزارة الكهرباء".
*هيمنة احمد اسماعيل نانگلي وشركته ماس القابضة على غالبية موازنة وزارة الكهرباء
يعتبر رجل الأعمال الكردي احمد اسماعيل نانگلي (المقرب جدا من برهم صالح)، المهمين الأكبر على عقود محطات الكهرباء الاستثمارية في العراق، منذ سنوات طويلة، حيث حصل على قرابة 145 مليون دولار من عقد محطة بسماية وحدها، وفقا لما ذكره نواب.
كما ان احمد اسماعيل نانگلي (مالك شركة ماس القابضة)، واحد من اغنى 10 رجال اعمال في العراق خلال العام الماضي 2022، والذي أكد بالقول، "نقوم بإنتاج 95% من كهرباء بغداد".
يشار الى ان نانكلي يمتلك شركة ماس القابضة، التي تضم سلسلة شركات مملوكة له ايضا، وهي (كار) و(ايكسلاري بور)، ولديه مشاريع في مجال الطاقة بأغلب مدن كردستان.
مجموعة ماس القابضة ھي شركة خاصة تأسست عام .1994 تعمل في ثلاث قطاعات مختلفة؛ تولید الكھرباء، وإنتاج الإسمنت، وصناعة الحدید والصلب.
أقاموا أول محطة للطاقة في إقلیم كردستان في عام .2006 وتشمل محطات الطاقة التي تعمل بالغاز محطة كھرباء أربیل ومحطة كھرباء السلیمانیة بطاقة إنتاجیة مقدرة تبلغ 1500 میكا واط لكل منھما. بالإضافة إلى محطة كھرباء دھوك التي تبلغ طاقتھا الإنتاجیة 1000 میكا واط. كما قاموا ببناء محطة كھرباء بسمایة في بغداد. تم تجھیز محطة تولید الكھرباء ذات الدورة المركبة بـ 8 وحدات من نوع توربینات الغاز (FA9 (والتوربینات البخاریة من نوع (C7 (المجھزة من قبل جنرال إلكتریك. تبلغ السعة الأولیة للمحطة 3000 میكا واط وستتم زیادتھا إلى 4500 میكا واط.
*تفاصيل فساد عقد محطة بسماية
قالت النائب عالية نصيف في 28 حزيران/يونيو 2019، ان "هناك معلومات عن فضيحة في وزارة الكهرباء تتضمن مخالفة للقانون ارتكبها الوزير (لؤي الخطيب)، إذ قام رجل الاعمال احمد اسماعيل صاحب شركة (كار) بتقديم طلب الى رئيس الوزراء بالموافقة على انشاء محطة كهرباء بطاقة ١٥٠٠ ميغاواط على طريقة الاستثمار في منطقة بسماية، وقد همش رئيس الوزراء على طلبه بـ (اجراء اللازم وفق الاصول)، وعند وصول الطلب الى الوزارة عرض الوزير هامش رئيس الوزراء على مسؤولي الوزارة فأعلموه ان هذا الهامش ليس موافقة وإنما هو احالة على الصلاحيات القانونية الاصولية، لكن الوزير أصر بشكل عجيب على أن هذا الهامش هو موافقة رئيس الوزراء رغم عدم قناعة المدراء العامين بتفسير الوزير الذي قام بتذييل هامش رئيس الوزراء بتوقيعه بعد ان همش على الطلب بكلمة (موافق) ثم احاله الى مديرية كهرباء الوسط طالباً منهم تنظيم عقد بذلك".
وتابعت نصيف في بيانها آنذاك ان الطريقة التي سلكها الوزير غير قانونية اطلاقا لأنها لم تمر على مدير الاستثمار ولا على الدائرة القانونية ولا على دائرة العقود المختصة ولا على المفتش العام، ورغم ان قيمة العقد هي قرابة ملياري دولار امريكي وهذا المبلغ ليس من صلاحيات مدير عام كهرباء الوسط وكالة ولا من صلاحيات الوزير ولا وكلائه ولا حتى من صلاحيات رئيس الوزراء، وإنما من صلاحيات مجلس الوزراء بعد ان تمضيه لجنة الطاقة الوزارية وقبلها غرفة عمليات الوزارة وقبلها القانونية والاستثمار، رغم ان الغاز الذي تشتغل عليه المحطة هو غاز مستورد وليس غازا مصاحبا عراقياً، ورغم كل هذه المخالفات وبسرية تامة وقع مدير عام كهرباء الوسط الذي تم تثبيته يوم امس (٢٥ حزيران يونيو ٢٠١٩)، عقدا مهلهلا ليس له غطاء قانوني ولا اي اعتبار مع شركة (كار) بناءً على موافقة الوزير وهي ليست من صلاحياته، وهو ما لم يحصل سابقاً في عمل الوزارة اطلاقاً ورغم علم المدير العام بأن ذلك ليس من صلاحيات الوزير، وكل ذلك حصل وجميع دوائر الوزارة لا تعلم بالعقد ولا بتنظيمه ولا بتوقيعه السري، ولم تعلم الوزارة الا بعد ان طلب مدير شركة كار كتاب تسهيل امر للمباشرة بالعمل مشيرا الى توقيعه العقد مع شركة كهرباء الوسط، الامر الذي اثار استغراب مسؤولي الوزارة وعدم موافقتهم على سير العقد السري غير القانوني.
ومن فساد احمد اسماعيل نانگلي، فقد كشف وسائل اعلام في 2021، عن اتفق محمد ريكان الحلبوسي رئيس مجلس النواب مع احمد نانكلي بحضور برهم صالح على موافقة الحلبوسي ومن يمثله على تولي احمد نانكلي إستثمار ملف الكهرباء في بسماية والأنبار. وذكرت الوسائل، ان الإتفاق كان على أساس حصرية ترميم وتقديم المواد اللوجستية من شركات تابعة للحلبوسي مقرها في الأردن واخرى في السعودية".
وأضافت، أن المشاريع التي قام الحلبوسي بتسليمها لأحمد نانكلي تضمنت انتاج 1500 ميغاواط وكل 1 ميغاواط تكلف بحسب العقد مليون دولار، بمعنى آخر أن الدولة ملزمة بإعطاء الحلبوسي برهم صالح 1,5 مليار دولار سنويا".