مدرس تحفيظ قرآن يغتصب تلاميذه في الأنبار.. يعتدي على أكثر من 100 طفل سنوياً!
انفوبلس/ تقرير
ازدادت ظاهرة "اغتصاب الأطفال" مؤخرًا في العراق، على الرغم من الإجراءات والملاحقات التي تُعلَن سواء من قبل الأجهزة الأمنية أو القضائية، إلا أنها مستمرة في الانتشار وكان آخرها في الأنبار والتي كان بطلها مؤذِّن وموظف الوقف السُنّي الرمادي.
حكمٌ مؤبَّد مدى الحياة مرتين على المدان "حكمت رجب" لارتكابه جريمة الاغتصاب بحق الأطفال من خلال دورات تحفيظ القرآن
أصدرت محكمة جنايات الأنبار، اليوم الثلاثاء 12 أيلول/ سبتمبر 2023، الحكم المؤبد مدى الحياة مرتين على المجرم (حكمت رجب – مؤذن وموظف الوقف السُني الرمادي – جامع حي المعلمين) لارتكابه جريمة الاغتصاب بحق الأطفال من خلال دورات تحفيظ القرآن.
وجاء في وثيقة صادرة من مجلس القضاء الأعلى وحصلت عليها "انفوبلس"، أنه "تشكلت محكمة جنايات الأنبار الهيئة الأولى بتاريخ ۲۰۲۳/۹/۱۲ برئاسة القاضي غانم مجيد خلف وعضوية القاضيَين السيدَين طلال محمد عبد المجيد وسعد محمود عبيد المأذونَين بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها التالي:
*حكمت المحكمة على المجرم حكمت رجب عبد الله محمد العاني بالسجن مدى الحياة وفقاً لأحكام المادة ۳۹۳/ ۱ و۲ / أ و ج من قانون العقوبات رقم ۱۱۱ لسنة ۱۹۶۹ المعدلة بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم ۳۱ لسنة ۲۰۰۳ القسم ۳ ف ا منه واحتساب مدة موقوفيته للفترة من ۲۰۲۳/۸/۱٥ لغاية ۲۰۲۳/۹/۱۱ وذلك عن جريمة اللواط بالمجني عليه الطفل عبد الله يحيى عادل.
*حكمت المحكمة على المجرم حكمت رجب عبد الله محمد العاني بالسجن مدى الحياة وفقاً لأحكام الماد ۳۹۳/ ۱ و۲ / أ و ج من قانون العقوبات رقم ۱۱۱ لسنة ۱۹۹۹ المعدلة بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم ٣١ لسنـة ۲۰۰۳ القسم ۳ ف ا منه وذلك عن جريمة اللواط بالمجني عليه الطفل أكرم عادل غضى.
كما أن تنفيذ إحدى العقوبتين أعلاه يحول دون تنفيذ العقوبة الأخرى، وفق ما جاء في وثيقة القضاء.
وبحسب الوثيقة، فإن المحكمة أفهمت المحكوم عليه أعلاه بأن إضبارة الدعوى ستُرسل إلى محكمة التمييز الاتحادية لإجراء التدقيقات التمييزية عليها خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الحكم وبإمكانه الطعن تمييزاً أمام المحكمة المذكورة خلال ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم التالي لإصدار الحكم وفقاً لأحكام المادة ٢٢٤/ د الأصولية.
والاحتفاظ للمدعين بالحق الشخصي بحق المطالبة بالتعويض أمام المحاكم المدنية بعد اكتساب القرار الدرجات القطعية، كما أن القرار صدر وجاهياً وبالاتفاق استناداً لأحكام المادة ۱/۱۸۲ الأصولية قابلاً للتمييز والتمييز التلقائي وأُفهم في 2023/9/12، وفقا للوثيقة.
وبحسب مصادر خاصة لـ "انفوبلس"، فإن الحادثة حصلت في الـ 15 شهر آب/ أغسطس الماضي 2023، حيث أهالي الأطفال قدموا دعوى قضائية بعد هذه الحادثة"، مشيرة الى أن "المجرم يقدم 12 دورة لحفظ القرآن الكريم خاصة للأطفال سنوياً على مدار الـ 7 سنوات الماضية، ودخول ما لا يقل عن 50 طفلاً في كل دورة".
وذكرت المصادر، أنه "تم إلقاء القبض عليه واعترف أنه يقوم باغتصاب ما لا يقل عن عشرة أطفال في كل دورة". كما تدل هذه الأرقام على قيامه بالاعتداء على أكثر من 100 طفل سنوياً.
وبعض المدونين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقوا مصطلح "مُغتصِب القَرن في العراق" على المجرم حكمت رجب وذلك بعد الأرقام التي تحدث بها المصادر المقرّبة من مجلس القضاء الأعلى.
ويأتي ذلك بعد مدة من ضجة واسعة في العراق، بعد جريمة اغتصاب طفلة وقتلها في محافظة البصرة جنوبي العراق، من قبل شخص يسكن على مقربة من منزل الضحية، وأصدر الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بياناً ندّد فيه بالجريمة، فيما نظّم ناشطون وقفات للمطالبة بإعدام المعتدي الذي تم اعتقاله بعد ساعات من الجريمة، بعد التقاط كاميرا مراقبة صورا له بصحبة الطفلة وهو يدخلها إلى منزل مهجور قريب من بيتها.
مسؤول أمني في وزارة الداخلية ببغداد، كشف مؤخراً، عن وجود أكثر من 20 قضية مماثلة ينظر فيها القضاء العراقي بعد انتهاء التحقيقات بها، وكلها تتعلق بجرائم اعتداء على أطفال وقاصرين.
ويضيف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "ما نسبته 95 بالمائة من جرائم الاعتداء على الأطفال والقُصّر، يرتكبها أشخاص متعاطون للمواد المخدرة، مثل الكبتاغون والكريستال وغيرها".
ووفقا للمسؤول ذاته، فإن "غالبية حالات جرائم الاغتصاب في القانون العراقي النافذ عقوبتها الإعدام شنقا حتى الموت، خاصة إذا أفضت لقتل الضحية، وفقا لقانون رقم 111 لسنة 1969، المعروف بقانون العقوبات".
*العديد من العائلات تتحاشى الإبلاغ عن هذه الحالات خوفاً من الفضائح الاجتماعية
ويُقرّ ضابط برتبة لواء في وزارة الداخلية، بـ"زيادة واضحة في حالات اغتصاب الأطفال في عموم محافظات العراق، أغلبها غير مُعلن للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي"، مبينًا أنّ "العديد من العائلات تتحاشى الإبلاغ عن هذه الحالات خوفاً من الفضائح الاجتماعية".
الضابط الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بوظيفته، قال إنّ "العراق سجل أكثر من 3 حالات لاغتصاب الأطفال ثم قتلهم خلال العام الماضي، في حين لا توجد إحصائية للعام الحالي إلى الآن بشأن هذا الملف"، موضحًا أنّ "الشذوذ الجنسي يعتبر السبب الرئيسي وراء انتشار هذه الظاهرة في عموم العراق".
ولا يعتقد الضابط أن المخدرات مؤثرة بهذا الملف، قائلًا، إنّ وزارته "لم تسجل وجود متعاطين للمخدرات ضمن المعتقلين بهكذا تُهم، إلا عدد قليل جدًا ولا يتجاوز أصابع اليد الواحدة"، مؤكدًا أنّ "الحديث عن أن أغلب هؤلاء (الذين يغتصبون الأطفال)، يتعاطون المخدرات والكحول عار عن الصحة".
بشرى العبيدي، وهي ناشطة مدنية مهتمة بحقوق المرأة والطفل، تقول من جانبها، إنّ "قضية الاعتداء على الأطفال أصبحت ظاهرة حقيقية تهدد المجتمع العراقي"، معتقدةً أنّ أبرز الأسباب التي تقف وراء الظاهرة هي "انتشار المخدرات والمشروبات الكحولية بشكل عشوائي دون رقابة".
وتختلف العبيدي، مع حديث الضابط في وزارة الداخلية، بإرجاع انتشار الظاهرة إلى المخدرات، حيث إنها "تُفقِد الإنسان سيطرته وتحول غريزته إلى (غريزة حيوانية)"، مؤكدة أنّ "إفلات الأشخاص من العقوبة يدخل أيضًا من الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة، كون أن العادات والتقاليد تمنع العديد من العائلات تقديم شكوى في القضاء بحق المعتدين على أطفالهم".
وتوضح العبيدي، أن "الأمراض النفسية للمعتدين تعتبر أيضًا أحد الأسباب الرئيسية، وضعف الملاحقة القضائية لهم أسفرت عن تشجيع البعض على القيام بهكذا أعمال"، محمّلةً الجهات الحكومية "مسؤولية انتشار هذه الظاهرة، خصوصًا وأنها لم تتخذ إجراءات رادعة للحد منها".
ويسعى مجلس النواب العراقي منذ العام الماضي إلى تمرير مشروع قانون حماية الطفل بعد تعثره خلال الدورات السابقة، حيث إنّ القانون يهدف للحد من العنف ضدّ الأطفال، حيث يزعم العديد من أعضاء مجلس النواب أن "المشروع الحالي يفتقر إلى التوازن بين الحماية والعادات والتقاليد والقيم والأعراف المجتمعية".
وترى الباحثة الاجتماعية، نادية جعفر، أنّ الاعتداء الجنسي على الأطفال، هو "أحد أنواع العنف الجنسي والذي يشخَّص بالمرض النفسي".
وتقول جعفر، إنّ "هذا النوع من العنف يحدث في المجتمعات والأُسر المفككة، والتي تعاني من أمراض اجتماعية وأهمها الفقر والجهل والحرمان العاطفي وخصوصًا في المناطق النائية التي تحكم تلك المجتمعات العادات والتقاليد والجهل بالحقوق وكيفية الدفاع عنها".
والأطفال، بحسب جعفر، هم الفئة "الأكثر عرضة لهذا النوع من الاعتداء، فيحدث أحيانًا في المدارس أو المتنزهات والحدائق العامة التي تكثر فيها الأماكن المنعزلة، حيث يقوم المعتدي باستدراج ضحيته أما عن طريق الإقناع، أي إن الطفل يعرف المعتدي ويثق به، أو التهديد أو الخطف".
ويرى خبراء ومراقبون أن ما يُعلن عنه من جرائم اغتصاب الأطفال أقل بكثير مما يُخفى
وختمت الباحثة الاجتماعية حديثها بالقول، إنّ "المعتدي أحيانًا هو نفسه ضحية اعتداء جنسي سابق"، معتبرة أنّ "هذه القضية معقدة وتحتاج إلى دراسة مختصة من قبل اختصاصيين نفسيين تحدد الحالة وطريقة العلاج، للتخلص من هذه الظاهرة المرضية التي تؤدي بتدمير أكثر حيوات ومستقبل الأطفال الذين يمرون بهذه التجربة الأليمة".
*عقوبات القانون العراقي
وعلى الصعيد القانوني، يرى الخبير في هذا الشأن علي التميمي، أنّ "جريمة الاغتصاب أو كما تسمى في علم النفس الجنائي (البيدوفيليا)، أي اشتهاء الصغار لا يقتصر أثرها على الصغير مرحليًا، بل يمتد إلى العمر البعيد وهي جريمة سرّية قد تكون أو تُرتَكَب من أشخاص يعملون بالقرب من الأطفال، وأسبابها نفسية فيسيولوجية على الجناة".
ووفقًا لحديث الخبير القانوني، فإنّ المادة 393 من قانون العقوبات، عاقبت في الفقرة 2 بالظروف المشددة فوق المؤبد أي "الإعدام على اغتصاب الأطفال المقترن بالقتل".
ويضيف التميمي، أنّ "كثرة جرائم اغتصاب الأطفال مرض ويحتاج إلى تسليط إعلامي مكثف لأن ما يُكشف ويُعلن عنه أقل كثيرًا مما هو مخفي ومستور من هذا النوع من الجرائم".
وعاقبت المادة أعلاه على جريمة الموقعة (الحادث) بالسجن المؤبد أو المؤقت، وبذلك تُعد جريمة اغتصاب جناية، كما يعتبر ظرفًا مشددًا، إذا وقع الفعل في إحدى الحالات التالية:
*أولاً: إذا كان مَن وقعت عليه الجريمة لم يبلغ 18 سنة كاملة.
*ثانياً: إذا كان الجاني من أقارب المجني عليه إلى الدرجة الثالثة أو كان من المتولّين تربيته أو ملاحظته، أو ممن له سلطة عليه أو كان خادماً عنده أو عند أحد ممن تقدَّم ذكرهم.
*ثالثاً: إذا كان الفاعل من الموظفين أو المكلّفين بخدمة عامة أو من رجال الدين والأطباء واستغلَّ مركزه أو مهنته أو الثقة به.
*رابعاً: إذا ساهم في ارتكاب الفعل شخصان، فأكثر وتعاونوا في التغلّب على مقاومة المجني عليه أو تعاقبوا على ارتكاب الفعل.
*خامساً: إذا أُصيب المجني عليه بمرض تناسلي نتيجة ارتكاب الفعل.
*سادساً: إذا حملت المجني عليها أو أُزيلت بكارتها نتيجة الفعل.
*سابعاً: إذا أفضى الفعل إلى موت المجني عليه كانت العقوبة السجن المؤبد.
*ثامناً: إذا كانت المجني عليها بكرًا، فعلى المحكمة أن تحكم لها بتعويض مناسب.
وفي منتصف أيار/ مايو الماضي 2023، أصدر القضاء العراقي أحكام الإعدام والسجن، بحق عدد من مغتصبي الأطفال، فيما كُشف وقتها عن تأكيدات بوجود العشرات من القضايا الخاصة بهذا النوع من الجرائم.