مستشفى الشعب آخرها وجردة بالأرقام.. ماذا حقق السوداني بعد جملة "الله لا يوفقنا على هالخدمة هاي"؟
انفوبلس/ تقرير
قبل أيام من انتهاء العام الميلادي (2024)، أضاف رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني منجزاً جديداً طال انتظاره في العاصمة بغداد، إلى قائمة ما حققته الحكومة في عام الإنجازات، إذ افتتح مساء أمس مستشفى الشعب العام، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على كل ما تريد معرفته عن المستشفى الذي سيكون بإدارة تركية، وكذلك ما حققه السوداني بعد الجملة الشهيرة "الله لا يوفقنا على هالخدمة هاي" بالأرقام.
وأجبر تراجع النظام الصحي في السنوات التي أعقبت عام 2003 الكثير من المرضى العراقيين على التوجه نحو الخارج لتلقي العلاج وإجراء العمليات الجراحية، بسبب فقدان الثقة بمستشفيات العراق والأجهزة الطبية المتوفرة فيها، الأمر الذي يحمّلهم الكثير من الكلف المالية.
*الافتتاح الرسمي
افتتح رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس السبت، مستشفى الشعب العام سعة (246) سريراً، أحد المشاريع المتلكئة التي عملت الحكومة على إنجازها، كما أعلن اعتماد الإدارة المشتركة لتشغيله لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.
وأجرى السوداني جولة في ردهات وأقسام المستشفى الذي يتميز بسعة البناء، يرافقه وزير الصحة وعدد من أعضاء مجلس النواب ومحافظ بغداد، كما اطّلع على الأجهزة الطبية الحديثة والمستلزمات الخدمية المختلفة، ووجه السوداني، الشركة التركية التي ستقوم بتشغيل المستشفى، بضرورة أن يقترن هذا المبنى بأفضل الخدمات الطبية والصحية المقدمة للمواطنين، وأوضح أن معيار النجاح سيعتمد على مدى رضا المواطن عن الخدمة الطبية والصحية المقدمة داخل المستشفى.
والتقى رئيس مجلس الوزراء بعدد من ممثلي أهالي المنطقة، بحضور أعضاء مجلس النواب، حيث ثمّن سيادته جهود الحكومات المحلية في بغداد منذ عام 2013، وكذلك جهود الحكومة المحلية الحالية التي بذلت أقصى جهدها بمعيّة الجهات الرسمية من أجل إكمال هذا المشروع، كما أشاد بما قدمته وزارة الصحة في إكمال المشروع رغم الكثير من التعقيدات التي كانت تواجهه، وأيضاً ثمن جهود الشركة العراقية المنفذة للمشروع، وعدها محط فخر واعتزاز في أن يكون التنفيذ بهذا المستوى الكبير.
يُعد مستشفى الشعب، أول مستشفى عام يُشيّد في بغداد منذ نحو أربعة عقود، وفق السوداني الذي أشار إلى حرص الحكومة على استكمال كل المشاريع المتلكئة والمتوقفة في بغداد والمحافظات، إذ تمكنت من إنجاز أكثر من 50% من المشاريع المتلكئة.
وأوضح السوداني، أنّ الخدمة والرعاية الصحية لا يمكن أن تتأخرا، ويجب أن تتوفرا للمواطن في بلده بدلاً من السفر إلى خارج العراق، مؤكداً مضيّ الحكومة باتجاه إنجاز البنى التحتية للقطاع الصحي، وتحسين الخدمات الصحية من خلال الاعتماد على أسلوب التشغيل وإدارة المستشفيات بالتعاون مع القطاع الخاص، بالاعتماد على مؤسسات عالمية مختصة، مبيناً أنّ إنجاح تجربة الإدارة والتشغيل المشترك يقع على عاتق وزارة الصحة ومديريات الصحة في المحافظات.
وتبلغ المساحة الكلية لمستشفى الشعب العام (16) دونماً، ويتضمن أقساماً طبية متنوعة وعيادات استشارية بمختلف الاختصاصات، وأقساماً للجراحة العامة، ومختبراً ومصرفاً للدم، وسكناً للكوادر الطبية المقيمة يتكون من 75 شقة، بالإضافة إلى كافتيريا وأماكن جلوس للمراجعين وحدائق خارجية وداخلية، كما جُهزت بمختلف الأجهزة الطبية العلاجية المتطورة والحديثة.
تفاصيل مستشفى الشعب
أوضحت وزارة الصحة، اليوم الأحد، تفاصيل مستشفى الشعب الذي افتتحه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أمس، فيما أشارت إلى أن المستشفى سيكتمل تعقيمه خلال 3 إلى 4 أيام لاستقبال المرضى.
وقال مدير عام صحة بغداد الرصافة، باسم صباح، إن "مستشفى الشعب، هو مستشفى عام مكوّن من 200 سرير، إضافة إلى 24 سرير طوارئ و21 سرير إنعاش وحاضنات للأطفال الخدج، ليصل مجموع الأسرّة إلى 246 سريراً، كما يحتوي المستشفى على 8 صالات عمليات مجهزة بأحدث المعدات لكافة الاختصاصات مثل الجراحة والنسائية والعظام والعيون".
وأضاف، أن "المستشفى يتضمن نحو 50 غرفة منفردة و80 غرفة مزدوجة، وستتم إدارته من قبل شركة تركية، حيث ستشرف على الإدارة والصيانة والكوادر الطبية والفنية"، مؤكداً أن "المستشفى في مرحلة التعقيم حالياً، ومن المتوقع أن يستغرق الأمر 3 إلى 4 أيام لاستكمال عملية التعقيم قبل بدء استقبال المرضى".
وأوضح صباح، أن "المستشفى سيعمل بنظام صارم يتوافق مع معايير المستشفيات الأجنبية، وهو ما سيحسّن مستوى الخدمات المقدّمة للمرضى". وذكر، أن "بغداد لم تشهد افتتاح مستشفى كبير منذ عام 1986، حيث إن عدد المستشفيات في العاصمة لم يتغير منذ ذلك الحين رغم تضاعف عدد السكان في العاصمة الذي وصل إلى حوالي 9 ملايين نسمة".
ولفت إلى، أن "المنطقة التي يقع فيها مستشفى الشعب، كانت تعاني من نقص في المستشفيات، وكانت تحتوي فقط على مراكز صحية صغيرة، لذلك فإن افتتاح المستشفى سيُسهم في تخفيف الضغط على المستشفيات الأخرى في جانب الرصافة، ما سيؤدي إلى تحسين مستوى الخدمات الطبية في المنطقة".
*السوداني بعد الصرخة الشهيرة "الله لا يوفقنا على هالخدمة هاي"
طوال الـ24 ساعة الماضية، انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي والأوساط الشعبية بتناقل صور ومشاهد من مستشفى الشعب الذي افتتحه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يوم أمس، والمتلكئ منذ 10 أعوام، فيما لا تختفي الدهشة عن وجوه وحروف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حتى تحول المستشفى وتصميمه الى حكاية مستمرة التداول على أَلسن العراقيين في الواقع والمواقع.
المستشفى يضم 246 سريراً، بغرف مزدوجة، أي إنه لن يحتوي على "ردهات مفتوحة" كباقي المستشفيات العراقية القديمة التي تشهد اكتظاظا لعدة مرضى في مكان واحد ويمنع الخصوصية، كما سيضم 12 صالة عمليات مختلفة، فضلا عن إدارة المستشفى بطريقة الكترونية، بنظام الإدارة المشتركة مع شركة تركية.
لا يمثل هذا الإنجاز شيئا طارئا أو منفصلا عن سياقه، بل إنه مرتبط بشكل مباشر بإرادة حكومية للحكومة الحالية للاهتمام بالقطاع الصحي، فالسوداني بدأ أولى جولاته ومهام أعماله بعد أسبوعين فقط من التصويت عليه رئيسا للحكومة، بزيارة مستشفى الكاظمية وانزعاجه من الخدمات المقدمة هناك وشكّل المستشفى ليطلق الصرخة الشهيرة "الله لا يوفقنا على هالخدمة هاي"، والتي كانت كما يبدو دافعًا لثورة شاملة على القطاع الصحي في العراق طوال العامين الماضيين.
تم تأهيل مستشفى الكاظمية، وخرجت بصور ومشاهد مبهرة بعد ذلك لم يكد يصدّقها العراقيون، وانتقلت ثورة تأهيل وصيانة المستشفيات فيما بعد وتوسعتها الى العديد من المستشفيات التي لم تشهد عملية صيانة وتأهيل منذ عشرات السنين، أو منذ نصف قرن مثل مستشفى الكرامة، وكذلك مستشفى اليرموك وغيرها من المستشفيات التي كان العراقيون يعتبرونها "مجزرة" ويتشاءمون منها، وإن دخولها يعني الموت في النهاية.
في 2023، افتتحت حكومة السوداني أكثر من 80 مؤسسة صحية بين افتتاح جديد وتأهيل على صعيد المستشفيات والمراكز الصحية، وفي العام الحالي تم افتتاح 13 مستشفى و125 مركزا صحيا، فيما من المؤمل أن يتم افتتاح 15 مستشفى جديدة العام المقبل.
في الشهر الحالي لوحده، تم افتتاح مستشفى الشعب، والمستشفى الكويتي في البصرة وهو ثاني مستشفى يُفتتح بالبصرة في عهد الحكومة الحالية، فضلا عن توسعة وصيانة ردهات الباطنية والنسائية في مستشفى الكرامة التي لم تشهد صيانة منذ نصف قرن، بالإضافة الى توسعة مستشفى ابن البيطار ومضاعفة عمليات القلب فيه، حيث كانت هناك 8 صالات وانخفضت بعد 2003 الى 4 صالات وتم افتتاح بناية جديدة ورفع الصالات الى 13 صالة عمليات مما سيؤدي لمضاعفة عمليات القلب وزيادة عدد الكوادر الطبية المستقدمة من الخارج لإجراء العمليات وتقليل عمليات سفر العراقيين الى الخارج.
وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر الذي أكد انخفاض الحاجة للكثير من العمليات التي تُجرى بالخارج وأصبح المواطن يستطيع إجراء هذه العمليات في داخل العراق ومن بينها العمليات السرطانية، كما يتم العمل في الفترة المقبلة على استحداث إجراءات بعض التداخلات المعقدة التي تُجرى في الخارج واستحداثها في الداخل وصولاً الى الاستغناء عن عمليات السفر الى الخارج لأغراض العلاج، والاستغناء حتى عن الاستقدام الطبي.
وبالعودة إلى نظام "تشغيل الإدارة المشترك"، فيعد مستشفى الشعب هو سابع المستشفيات بعد 6 مستشفيات أخرى في عدة محافظات، المتمثلة بمستشفيي النجف والسياب بالبصرة التي تشغلهما شركة إيطالية، ومستشفيي ميسان والحلة من قبل شركة تركية، ومستشفيي كربلاء وذي قار تشغلهما شركة قطرية، حيث من المتوقع ان تكون هذه المستشفيات نماذج مثيرة فيما لو قورنت بالمستشفيات الأخرى، حيث إن إدارة المستشفيات والحرص على متابعة عمليات التأهيل والصيانة وتوفير المستلزمات جميعها ستنعكس على مدى جودة الخدمة الصحية المقدمة.
لم يقتصر اهتمام الحكومة على افتتاح وتأهيل المستشفيات التي بلغت حتى الآن حوالي أكثر من 250 مستشفى ومركز صحي ومستوصف خلال عامين فقط، بل ذهب الى تطوير عمليات الصنع الدوائي والقضاء على مسألة "تفاوت أسعار الأدوية وتهريبها"، حيث تم اعتماد نظام الملصق الالكتروني الذي يسعّر جميع الأدوية وحصرها بالدخول عبر المنافذ الرسمية وفحصها وملاحقة الأدوية المهربة غير المفحوصة، وتثبيت سعر موحد لجميع الأدوية المفحوصة.
كذلك تم الدفع بشدة تجاه توطين الصناعة الدوائية، فبينما كان هناك 24 مصنعا دوائيا فقط منذ تدشين أول مصنع عام 1956 وحتى نهاية 2022، أي خلال 66 عاما، يوجد الآن 31 مصنعا دوائيا، أي تم افتتاح 7 مصانع خلال فترة عامين فقط، مع وجود 20 مصنعا قيد الإنجاز، وأكثر من 70 طلبا لإنشاء مصانع جديدة، ونتيجة لذلك ارتفعت نسبة تغطية الأدوية العراقية للحاجة المحلية من 10% خلال السنوات الماضية الى 30% الآن.