معالم جريمة بيجي تتكشف.. من قتل المواطن صفاء حميد شاكر الجنابي وأسرته بـ"وحشية"؟ ولماذا؟
انفوبلس/ تقرير
تكشّفت خلال الساعات الماضية، معالم وتفاصيل الجريمة "المروعة" التي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة في قضاء بيجي بمحافظة صلاح الدين يوم الأربعاء الماضي 28 آب/ أغسطس 2024، والتي جاءت بعد حادثة منطقة العباسية - قتل عائلة مؤلفة من خمسة أشخاص - في المحافظة ذاتها بأسبوع واحد.
*تفاصيل يوم الجريمة
صباح يوم الأربعاء 28 آب/ أغسطس 2024، قُتل ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة ومن ثم تم حرقهم في حي العصري بالقرب من مستشفى بيجي العام بمحافظة صلاح الدين، بحسب ما نقلت مصادر أمنية لشبكة "انفوبلس" وقتها.
وقالت المصادر حينها، إن مسلحين مجهولين أطلقوا النار على الضحايا في حي "العصري" بالقرب من مستشفى "بيجي" العام بمحافظة صلاح الدين، ثم قاموا بإحراق الجثث ولاذوا بالفرار دون معرفة الأسباب التي أدت الى ذلك.
شهود عيان أكدوا أن القتلى هم المواطن (صفاء حميد شاكر الجنابي مواليد 1976) وزوجته وابنه البالغ من العمر حوالي 15 عاماً، مشيرين إلى أن الجثث وُجدت محترقة بعد قتلهم. وبينوا كذلك أن هذه الحادثة مشابهة لمجزرة قضاء سامراء، حيث قُتل ستة أشخاص من أسرة واحدة بعد اقتحام مسلحين يرتدون زياً عسكرياً لمنزلهم في منطقة العباسية.
وكان قائمقام قضاء بيجي في صلاح الدين عادل أحمد علي، أعلن مؤخراً عن تفاصيل الجريمة" مبينا، أن "عائلة تتكون من رب الأسرة وزوجته وابنه مقيّدي الأيدي والأرجل تم قتلهم بالسكاكين والخنق ومن ثم حرق المنزل".
وبحسب التقارير الامنية فإن الحادث وقع مساء ليلة الثلاثاء (27 آب 2024) وذلك لوجود أواني الطعام قرب الجثث ولم يعلم أحد بالحادث إلا عمال البلدية الذين شاهدوا الدخان يخرج من المنزل صباحا (الأربعاء)، وفق حديث عادل الذي أكد حينها أن المجني عليه "صفاء شاكر حميد الجنابي" وابنه مصطفى وزوجته ليست لديهم أي مشاكل مع المنطقة وأصحاب سمعة طيبة منذ سنوات في بيجي ولديهم شهيد أثناء عمليات التحرير.
فيما أعلن محافظ صلاح الدين بدر الفحل في وقت سابق، إن "الجريمة المروعة في بيجي ذات طابع جنائي وليست إرهابية" منوها الى، أن "تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الجريمة وملاحقة الجناة" كاشفاً، عن "تغيير قائد شرطة بيجي وعقد اجتماع أمني رفيع".
في سياق متصل، وجه محافظ صلاح الدين بدر الفحل، بتكليف العميد نصر الله محمد خلف بمهام مدير شرطة قضاء بيجي، وذلك في بيان صدر عنه ورد الى شبكة "انفوبلس". وعزا المحافظ، سبب القرار لغرض "تعزيز الأمن والاستقرار في القضاء"، مؤكدا أن "العميد نصر الله يُعد من الضباط الأكفاء في المجال الأمني".
وجاءت الجريمة بعد أسبوع واحد فقط من مجزرة العباسية بمدينة سامراء، إذ اقتحم مسلحون مجهولون يرتدون زياً عسكرياً، منزلاً وقتلوا عائلة مكونة من ستة أفراد بينهم أطفال يوم الأربعاء 21 آب/ أغسطس 2024. وعلى إثر ذلك شكلت وزارة الداخلية العراقية والحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين، لجان تحقيق لمعرفة ملابسات الحادثتين.
وكان مجلس عشائر سامراء، فضلاً عن شيوخ ووجهاء في المحافظة، عبّروا عن قلقهم من تلك الحوادث، مطالبين رئيس الوزراء ووزير الداخلية بالكشف عن الجناة وإحالتهم إلى القضاء، ووضع خطط كفيلة بعدم تكرار مثل هذه الحوادث.
اعتقال منفذيّ "جريمة بيجي"
أعلن قائممقام قضاء بيجي في محافظة صلاح الدين، عادل أحمد علي، أمس الجمعة 30 آب/ أغسطس 2024، عن إلقاء القبض على منفذيّ جريمة قتل عائلة كاملة قبل يومين.
وقال علي في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، "بجهود قيادة شرطة صلاح الدين بصنوفها كافة، تم إلقاء القبض على المجرمين الذي ارتكبوا جريمة قتل المرحوم صفاء حميد شاكر الجنابي وعائلته، وتبين أن الحادث جنائي لأجل سرقة أموال ومصوغات ذهبية".
وبين، إن "أحد القتلة هو عديل الضحية وقريب زوجته المجنى عليها، ويعمل مع الضحية في محل عمله، والثاني صديق عديله وكلاهما يسكنان في حي القادسية بمدينة تكريت، وتم إلقاء القبض عليهما قرب قضاء بلد بسيارتهما التي ارتكبوا بها الجريمة واعترفوا بذلك".
*سبب ارتكاب الجريمة
كما أصدرت وزارة الداخلية أيضا، أمس الجمعة، بياناً أوضحت فيه معلومات جديدة حول جريمة بيجي. وقالت الوزارة في بيانها الذي تلقته "انفوبلس"، إنه "على خلفية حادث مقتل أسرة بالكامل والقيام بحرقها في قضاء بيجي، وجه وزير الداخلية بتشكيل فريق عمل مختص من شرطة صلاح الدين واستخبارات ومكافحة إرهاب المحافظة وخلية الصقور الاستخبارية لمعرفة ملابسات هذا الحادث".
وأضافت، إنه "بوقت قياسي وبعمل استخباري نوعي ومتابعة مستمرة تمكن فريق العمل الامني من الوصول إلى خيوط مهمة عنها وثم إلقاء القبض على متهمين اثنين أحدهما أقرباء المجني عليهم وكانت الدوافع من وراء هذه الجريمة الجنائية هو سرقة مخشلات ذهبية وقد اعترف الجناة بالجريمة وأُجري كشف الدلالة في محل الحادث"، مبينة أنه "تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهما لينالا جزاءهما العادل".
وقد حصلت شبكة "انفوبلس"، على صورة تظهر منفذي جريمة إحراق العائلة في قضاء بيجي بمحافظة صلاح الدين كما موضح أدناه:
وخلال الأيام الماضية أيضاً، حدثت في محافظة صلاح الدين، حوادث قتل، حيث في 21 آب الجاري، وُجِد عبد الرزاق عناد، شقيق وزير الدفاع الأسبق جمعة عناد، مقتولاً في سيارته برصاصة خرجت من مسدسه الشخصي. كما يوم الاثنين الماضي 27 آب، عثرت القوات الأمنية في محافظة صلاح الدين، على جثة شاب من أبناء المحافظة يدعى رائد لطيف الويسي وعليها آثار تعذيب.
مسلسل جرائم وحوادث القتل في محافظة صلاح الدين في الآونة الأخيرة أثار قلق سكان المحافظة وتساؤلاتهم عن سبب ارتفاع معدلات تلك الجرائم، وفي الوقت ذاته أبدوا مخاوفهم من وجود انهيار أمني يؤدي بدوره إلى غياب سلطة القانون وانتشار الجرائم، خصوصاً بعد حدوث جريمتين مروعتين بفترة وجيزة.
* الأوضاع الأمنية مستقرة
من جهته، قلل رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة صلاح الدين، سعد العبيد العلي، من خطورة الحادثتين على الوضع الأمني في المحافظة، مؤكداً أن "ما حصل في بيجي وقبلها في سامراء هي حوادث جنائية".
وأوضح العلي، أن "التحقيقات في جريمة سامراء وصلت إلى النهاية، وأن هناك معتقلين متورطين بالجريمة، وكذلك جريمة بيجي تم الوصول إلى خيوط مهمة"، مؤكدا أن "هناك تطوراً كبيراً في الأداء الأمني والاستخباراتي في متابعة الجريمة وكشف الجناة بشكل سريع، وهذا يساعد على الاستقرار ودعم الأمن".
وأضاف العلي، أن "ما حصل في صلاح الدين أخيراً لا يؤثر على استقرار الأمن في المحافظة، فالأوضاع مستقرة تماماً، والقوات الأمنية أمسكت زمام الأمور، ولا يوجد أي تراجع أمني أو تراخٍ، وما حصل من جرائم، هي جنائية بحتة، وليس فيها أي رسائل أمنية أو إرهابية".
في المقابل، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية كريم عليوي، إن "الوضع الأمني في عموم العراق مستقر وهناك سيطرة كاملة للقوات العراقية، ولا يوجد أي تراجع بالملف"، معتبراً أن "حصول بعض الجرائم لا يعني أن الوضع الأمني منفلت كما يريد البعض أن يصور ذلك".
وأضاف أن "هكذا جرائم وغيرها تحصل بأغلب دول العالم، خصوصاً أنها ذات طابع جنائي، ودائماً ما يتم الكشف عنها سريعاً، وهذا يعزز الاستقرار الأمني"، مشدداً على أن "هذه الجرائم لا تؤثر على الاستقرار المجتمعي، ونحن نتابع النتائج، وسيتم الكشف عنها أمام الرأي العام، حتى تنكشف أسباب تلك الجرائم ومن يقف خلفها".
ولفت إلى أنه "منذ تشكيل حكومة (محمد شياع) السوداني (في أكتوبر/تشرين الأول 2022) الوضع الأمني يشهد استقراراً كاملاً، وهناك دعم سياسي كبير لهذه الحكومة وهذا الاستقرار السياسي والحكومي ساهم بالاستقرار الأمني. ولا توجد أي مخاوف من أي تراجع بالملف الأمني في العراق إطلاقاً، خصوصاً أن السوداني وحكومته لديهم اهتمام كبير جداً في الملف الأمني وتعزيز الأمن والاستقرار، ولهذا نرى تغييرات دورية في المناصب الأمنية والعسكرية وكذلك إعادة تقييم الخطط وحتى القوة الممسكة بالأمن".
وكان رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، قد كشف في بيان تلقت "انفوبلس" نسخة منه، عن أن العراق يحتل المرتبة 80 من أصل 148 دولة، والمرتبة الثامنة عربيا بمؤشر الجريمة للعام الحالي، بعد كل من سوريا بنسبة 69.1 بالمئة، واليمن ثانيا بـ68.6 بالمئة، وليبيا ثالثا 60.4 بالمئة، والجزائر رابعا 52.2 بالمئة، ومصر خامسا 47.3 بالمئة، والمغرب سادسا 46.5 بالمئة، ولبنان سابعا 46.4 بالمئة، والعراق ثامناً بنسبة 44.7 بالمئة.