مقبرة جماعية وسط الحلة .. شهود يروون فضائع البعث بالدفن .. وانفوبلس تتقصى أسباب التأخر بالفتح
انفوبلس/ تقارير
بعد أكثر من ثلاثة عقود، افتتحت هيئة المساءلة والعدالة مقبرة جماعية وسط مدينة الحلة بمحافظة بابل، تعود لمدنيين أعدمهم الطاغية صدام غالبيتهم من الأطفال، واختار لهم مكانا قرب مستشفى للولادة والأطفال ليدفنهم ويكمل طريقه نحو مقابر أخرى. شهود عيان تحدثوا عن المأساة وروَوا المشاهد التي حدثت أمامهم، فيما انتقدوا تأخر فتح هذه المقبرة رغم التبليغ عنها سابقا. انفوبلس تتبعت ما حدث وتقصت عن أسباب ذلك التأخر وعدد الرفات داخل المقبرة، فضلا عن تاريخ المقابر الجماعية في العراق.
*بلاغ بوجود مقبرة جماعية
يوم أمس، تلقت مؤسسة الشهداء في بابل بلاغا بوجود مقبرة جماعية بمنطقة باب المشهد وسط مدينة الحلة، رافقته أنباء عن عودة تلك المقبرة إلى أكثر من 30 عاما حيث الانتفاضة الشعبانية عام 1991.
بعد ذلك، بدأت مؤسسة الشهداء بالحفر، إلى أن توصلت بالفعل إلى المقبرة لكن دون تفاصيل في بادئ الأمر.
*شرطة بابل تنضم لأعمال الحفر
بدورها، انضمت شرطة بابل إلى أعمال الحفر، وأعلنت قيادة الشرطة، عن بدئها بالحفر في محيط مستشفى النسائية والأطفال في منطقة باب المشهد وسط مدينة الحلة في محافظة بابل.
وذكرت القيادة في بيان تلقته شبكة انفوبلس، أن "سبب الحفريات جاء بعد انتشار أنباء عن وجود جثث مدفونة منذ سنة 1991 ".
وأضاف البيان، أنه “تم غلق تقاطع باب المشهد بمدينة الحلة مركز محافظة بابل وشؤون المقابر تقوم بعمليات حفر للاشتباه بوجود مقبرة جماعية قديمة في المكان“.
كما أجرى فريق من مكتب رئاسة الوزراء ومؤسسة الشهداء، أعمال حفر وسط محافظة بابل للبحث عن ذات المقبرة.
وقال مصدر مطلع لشبكة انفوبلس، إنه "بعد ورود أنباء عن وجود مقبرة جماعية تعود لسنوات النظام السابق في محافظة بابل، أجرى فريق من مكتب رئاسة الوزراء ومؤسسة الشهداء أعمال حفر للبحث عن المقبرة".
*المساءلة والعدالة تفتتح المقبرة
توالى الاهتمام "المتأخر جدا" بما تم كشفه، وبعد مشاركة عدة جهات بأعمال الحفر، أعلنت الهيئة العليا للمساءلة والعدالة اليوم الاثنين، المباشرة بفتح مقبرة جماعية قرب جدار مستشفى الولادة والأطفال وسط مدينة الحلة".
ونقلت الهيئة عن شهود عيان أخبروا السلطات، بأنهم شاهدوا لحظات الدفن الجماعي لشباب يُقدر عددهم بأكثر من 50 شخصًا وذلك عام 1991 في الانتفاضة الشعبانية المباركة.
*العثور على رفات شهيد
بعد ذلك، أفاد مصدر أمني، اليوم الاثنين (13 أيار 2024)، بالعثور على رفات شهيد بالمقبرة الجماعية التي فُتحت في محافظة بابل .
وقال المصدر لشبكة انفوبلس، إنه "تم العثور على رفات أحد الشهداء في المقبرة الجماعية التي فُتحت في مدينة الحلة مركز محافظة بابل".
وأشار إلى، أن "البحث مستمر عن جثامين أخرى للشهداء".
*ماذا قال شهود العيان؟
عقب ذلك، تواصلت انفوبلس مع شهود العيان من داخل محافظة بابل، وأكدوا لها أنهم شاهدوا عدداً من الجثث تعود لضحايا النظام المباد محمّلة بآليات أحضرتها قوات من الحرس الجمهوري آنذاك وقامت بدفنهم في منطقة باب المشهد وسط مدينة الحلة.
وبيّن الشهود، أن "الجثث كانت تعود لمدنيين يرتدون ملابس متنوعة ومعصوبي الأعين ومقيدي الأيدي وعليهم آثار إطلاقات نارية في منطقة الرأس".
وطالب عدد من ذوي الضحايا، بـ"ضرورة أن تكون عمليات الحفر جدّية ودقيقة للعثور على الضحايا وإجراء عمليات الفحص بغية التعرف عليهم".
*مناشدات منذ سنوات
تؤكد مصادر من داخل بابل، أن البلاغ عن هذه المقبرة لم يُقدَّم يوم أمس مطلقا، بل إنه يعود لفترة طويلة لامست السنتين.
وأكدت المصادر، أن شهود العيان الذين شهدوا على الحادثة قبل أكثر من ثلاثة عقود، قدموا بلاغا إلى السلطات، لكن الحكومة المحلية السابقة، والمحكمة، وقد تأخرا كثيرا في الاستجابة ولم يتعاملا مع الموضوع بجدية.
بالمقابل، قال أحد ذوي الشهداء، إنهم قدموا العديد من الشكاوى السابقة إلى الجهات المعنية، لكن تمت تلبية النداء الآن، وعصب المسؤولون السابقون في المحافظة أعينهم عن كل البلاغات.
*أكثر من 50 شخصا
ووفق المعلومات المتاحة، فقد تم العثور على المقبرة في منطقة باب المشهد وسط مدينة الحلة، وعُثر داخلها على رفات وعظام بشرية، في حين أفصح شاهد عيان عن رؤيته جثامين عليها آثار رصاص في عام 1991 وتم دفنهم في المكان المذكور.
ويؤكد شهود العيان، أنهم شهدوا على دفن أكثر من 50 شخصا عام 1991 غالبيتهم من الأطفال، بل ومعظمهم دُفنوا وهم أحياء.
بالمقابل، توقع شهود العيان بوجود مقابر جماعية أخرى في منطقة باب المشهد وسط الحلة، كون النظام البعثي المجرم كان يتمتع بقتل المدنيين وزيادة أعداد المقابر الجماعية.
*مئات الآلاف من العراقيين في المقابر الجماعية
تقدر منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن ما يصل إلى 290 ألفا من العراقيين اختفوا على أيدي النظام البعثي المجرم (التقديرات الحقيقية تشير لضعف هذا العدد)، وأن كثيرين من هؤلاء المختفين هم من بين الذين يُكشف عن رفاتهم الآن في المقابر الجماعية في شتى أنحاء العراق.
ويحاول تقرير شبكة انفوبلس أن يحكي قصة المقابر الجماعية الواقعة حول الحلة، ويحدد هوية الضحايا وظروف القبض عليهم وإعدامهم في آخر الأمر ودفنهم في المقابر الجماعية.
ويخلص التقرير إلى حقيقة لا مفر منها، وهي أن الرفات التي استُخرجت من هذه المقابر الجماعية هي لضحايا حملة منسقة من القمع والقبض على الأشخاص وإعدامهم قام بها النظام البعثي المجرم في أعقاب الانتفاضة الشعبانية عام 1991.
*تاريخ المقابر الجماعية في العراق
وحرصاً منها على إثراء القارئ بمعلومات وافية، تضع شبكة انفوبلس بين أيديكم لائحة بأبرز المقابر الجماعية المكتشفة في العراق، والتي ارتكبها النظام البعثي المجرم في مختلف المحافظات وكما الآتي:
ـ تم الكشف عن مقبرة جماعية جنوب بغداد يُعتقد أنها تحتوي على 60 ألفاً من ضحايا الانتفاضة الشعبية عام1991 التي قمعها الحرس الجمهوري للمقبور صدام بوحشية.
ـ تم العثور على رفات 113 كرديا معظمهم من النساء والأطفال والمراهقين بالقرب من السماوة.
ـ تم العثور على 3115 جثة في المحاويل، وهي واحدة من أكبر المقابر التي تحتوي على شيعة عراقيين.
ـ العثور على 2000 جثة في مدينة الحلة.
ـ في عام 2004، ذكرت بي بي سي العثور على أطفال في مقابر جماعية تعود إلى عهد المقبور صدام. وقال المحققون "تم اكتشاف الهياكل العظمية لأطفال لم يولدوا بعد والأطفال الصغار الذين يمسكون بالألعاب".
ـ في أبريل 2011، تم العثور على مقبرة جماعية تحتوي على 800 جثة في الأنبار (غرب العراق)، تعود لأشخاص شاركوا في انتفاضة عام 1991.