أملاك العراق في الخارج ملف التدهور والضرائب الباهظة يطفو إلى السطح.. مليارات في مهب الريح وسط شبهات فساد ودعوات لمحاسبة المسؤولين

انفوبلس/..
تدهورَ حالها وضرائب كبيرة تُفرض عليها، مع وجود حالات بيع غير قانوني لها، هذا واقع حال الأملاك العراقية الموجودة في الخارج، والتي باتت عاملاً بارزاً لخسارة الدولة، خاصة تلك الموجودة في أوروبا، وسط دعوات لتشكيل لجنة رفيعة المستوى ومنحها صلاحيات واسعة لجرد الأملاك ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال.
*دعوة برلمانية عاجلة
دعت لجنة العلاقات الخارجية النيابية لإجراء جرد شامل ودقيق للأملاك العراقية خارج البلاد، مبينة أن هذه الممتلكات تُركت من دون صيانة أو استثمار، ما أدى إلى تدهورها وفرض ضرائب كبيرة عليها، خصوصاً في أوروبا، مع وجود حالات بيع غير قانوني أدت إلى خسائر للدولة.
وأكّد عضو اللجنة، النائب محمد صديق في تصريح للوكالة الرسمية، أن العديد من هذه الممتلكات تُركتْ من دون صيانة أو استثمار، ما أدّى إلى تدهورها وفرض ضرائب كبيرةٍ عليها، خصوصاً في أوروبا، مع وجود حالات بيع غير قانوني أدت إلى خسائر للدولة.
وأشار إلى صعوبة استرداد بعض الأملاك بسبب عدم تعاون الدول، رغم نجاح صندوق استرداد أموال العراق في استرجاع العديد منها سابقاً، داعياً إلى تشكيل لجنة رفيعة المستوى ومنحها صلاحيات واسعة لجرد الأملاك ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال، والعمل على استثمارها لدعم الاقتصاد الوطني.
يُعدّ العراق من الدول الغنية غير أن أكثر من ربع شعبه يرزح تحت خط الفقر، ومن المدهش عندما تعرف أن هناك عقارات ومزارع مملوكة للدولة العراقية في الخارج قُيّمت أصولها المالية بعشرات مليارات الدولارات.
وفي ظل التحديات السياسية والاقتصادية والمالية التي يمر بها العراق، فإن ملف العقارات العراقية في الخارج يظهر إلى السطح لمطالبة الحكومة بالتحرك للاستفادة منها إما ببيعها أو استثمارها لتكون رافدا للبلاد.
*باب من الفساد
يرى خبراء ومتخصصون أن إهمال ملف أملاك الدولة العراقية في دول العالم يعد بابا من أبواب الفساد، خصوصاً أن بعض هذه الأملاك لا تعرف الدولة العراقية أي شيء عنها، والبعض الآخر مستأجر من قبل أطراف لا تدفع أي شيء من استحقاقات مالية كبدلات للإيجار.
ويقول مصدر دبلوماسي في فرنسا، إن “هناك عقارات عديدة هي ملك للدولة العراقية في فرنسا، موزعة بين العاصمة باريس ومدينتي كان وغرايس، وهذه العقارات اشتراها العراق في مطلع سبعينيات القرن الماضي”.
ويضيف المصدر، إن “هذه العقارات تتوزع بين مبنى السفارة العراقية، ومبنى آخر قربها، كان مقر السفارة سابقا، وفي المنطقة ذاتها توجد بناية من 8 طبقات فيها 24 شقة، وهذه متروكة ومهملة منذ 30 عاما”.
ويستطرد، إن “من ضمن العقارات أيضا مبنى مكتب شبكة الإعلام العراقي، ومنزل السفير، كما أن هناك قصرين في مدينتي كان وغراس، كانا يعودان للمسؤولين في النظام السابق وهما طارق عزيز وبرزان التكريتي، وبعد 2003 تمت مصادرتهما وأصبحا ملكاً للدولة”.
ويبين، إن “القصرين مهملان حاليا وأصبحا موقعاً للمشردين والمدمنين، رغم أنهما لا يُقدران بثمن نظراً للموقع المتميز والفخامة”.
*مبنى للخطوط الجوية العراقية
ويلفت إلى أن “العراق كان يملك مبنى للخطوط الجوية العراقية، لكن تم بيعه بين عامي 2007 – 2009، عندما كانت الكويت تحاول الاستيلاء على العقارات العراقية في الخارج كجزء من التعويضات الواجب دفعها لها”.
ويمضي في حديثه قائلا، “كما أن هناك المدرسة العراقية التابعة لوزارة التربية، وهذه منح جزء منها استثمارا بطرق ملتوية، وبمبلغ بخس عبر صفقة أبرمت عندما كان محمد إقبال وزيرا للتربية قبل سنوات”.
يذكر أن النائبين احمد الموسوي وحسن سالم، وجها أسئلة نيابية لوزير الخارجية، بشأن مصير العقارات العراقية في فرنسا، مدرجين 4 عقارات فقط في الأسئلة.
*إهمال ملف أملاك الدولة العراقية في الخارج
إلى ذلك، ينتقد النائب عامر الفايز، الإهمال “الكبير لقضية أملاك الدولة العراقية في الخارج من قبل الحكومات السابقة، لاسيما أن العراق يحوز العديد من الملكيات في دول متفرقة، والكثير من هذه الأملاك في فرنسا”.
وبشأن الأملاك العراقية في فرنسا، يؤكد الفايز أن “العراق يمتلك عقارات كبيرة هناك، بينها قصر رئاسي في مدينة كان وقصر آخر في مدينة غراس، كما لديه مبنى للخطوط الجوية العراقية في شارع الشانزليزيه، إضافة إلى بناية شبكة الإعلام العراقي وغيرها الكثير من العقارات المهملة التي يجب معرفة مصيرها”.
ويكشف عن نية لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية “متابعة ملف أملاك الدولة العراقية في الخارج، خصوصاً مع وجود تقصير في هذا الملف من قبل الحكومات العراقية السابقة، وتحديداً وزارة الخارجية التي تمثلها”.
ويفيد بأن لجنته ستعمل على “استضافة المسؤولين عن هذا الملف في وزارة الخارجية وكذلك المسؤولين في عقارات الدولة العراقية، لمعرفة مصير أملاك العراق في الخارج”، لافتا إلى أن “الغموض يكتنف هذا الملف وشبهات كثيرة تدور حوله، سنعمل على كشفها قريباً”.
*محاصصة
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد الشريفي، أن “إهمال ملف أملاك الدولة العراقية في دول العالم يعد بابا من أبواب الفساد، خصوصاً أن بعض هذه الأملاك لا تعرف الدولة العراقية أي شيء عنها، والبعض الآخر مستأجر من قبل أطراف لا تدفع أي شيء من استحقاقات مالية كبدلات للإيجار”.
ولا يستبعد الشريفي أن تكون “أملاك الدولة العراقية في الخارج، خاضعة أيضا لعملية المحاصصة وتقاسم المغانم بين بعض القوى السياسية المتنفذة، وهذا يفسر الغموض والشكوك حول هذا الملف”، مؤكدا أن “العراق لديه أملاك كثيرة في معظم دول العالم، وهذه الأملاك تقدر بمليارات الدولارات، وخصوصاً في فرنسا التي يمتلك العراق فيها عقارات هي عبارة عن قصور، ولهذا فإن معرفة مصير هذه العقارات ومن يشغلها حالياً وكيف تدار ومن أي جهة أمر مهم وضروري”.
*أسعار خيالية
في 2021، كشفت لجنة النزاهة النيابية، عن تفاصيل أملاك العراق في الخارج، وفيما أشارت إلى أن بعضها بيعت بطرق غير قانونية، أكدت أن هناك دولاً غير متعاونة بهذا الملف.
وقال عضو اللجنة النائب طه الدفاعي (آنذاك)، إن "أملاك العراق في الخارج كبيرة وأسعارها عالية، وتتواجد في مختلف دول العالم بدءاً من بريطانيا وفرنسا وسويسرا وفي اغلب الدول الأوروبية والعربية، لكن من المؤسف أنها غير متابعة حيث إن هناك أملاكا عائدة الى وزارة المالية واخرى الى التجارة والتربية اضافة الى باقي الوزارات".
وأضاف، "كان من المفترض أن تتابع هذه الوزارات أملاكها خارج العراق إما أن تستثمرها أو تقوم ببيعها"، مشيراً الى أن "الكثير منها فُرضت عليها ضرائب كبيرة وأصبحت أكثر من سعرها وخاصة بالدول الأوروبية".
وتابع: "طلبنا في مرات عدة من لجنة النزاهة بجرد كل عقاراتنا في الخارج وعقارات الدولة، وطالبنا وزارة الخارجية باتخاذ اجراءات ومتابعة هذا الاملاك والحفاظ عليها او بيعها او استثمارها لكن من دون جدوى او اي عمل حقيقي يؤدي بالنتيجة الى الحفاظ على هذا الاملاك طيلة السنوات الماضية".
ودعا الدفاعي وزارة التجارة إلى "متابعة المزارع التي تمتلكها بالخارج كمزارع الشاي والتبغ والرز في دول العالم مثل فيتنام وسنغافورة"، كاشفا عن "معلومات تشيراً الى أن هذه المزارع استُغلت وتم بيعها بشكل غير قانوني".
وأكد عضو لجنة النزاهة أن "بعض الدول غير متعاونة مع العراق في هذا الملف"، لافتاً الى أن "قسماً من هذه الأملاك واضحة ومعروفة ومسجلة باسم وزارات".
وبين، أن "من بعض أملاك العراق في الخارج قصور في مدينة كان الفرنسية والتي تُعد من أجمل المناطق وأسعارها خيالية، إلا أنها متروكة ومهملة ولم تُستثمر"، موضحاً أن "الكثير من الأملاك تعرضت الى الدمار والاندثار لعدم صيانتها وإدامتها وعدم استغلالها".
وطالب الدفاعي بـ"متابعة أملاك العراق في الخارج واتخاذ كل الإجراءات واستثمارها وبيعها في المرحلة المقبلة".