مناهج حلبجة الدراسية بعد التحوّل إلى محافظة.. بين مطالب التغيير وتأكيدات عدم الضرورة

انفوبلس/ تقارير
تواجه محافظة حلبجة ـ التي أصبحت رسميًا المحافظة العراقية التاسعة عشرة بعد تصويت البرلمان عليها ـ أزمة تتعلق بعدم تحديث المناهج الدراسية لتعكس وضعها الإداري الجديد وتاريخها المأساوي، فما بين المطالبة بالتغيير والرد بعدم ضرورية ذلك، أوضحت وزارة التربية موقفها النهائي من ذلك، فيما تتبعت انفوبلس ردود الفعل الكردية في تقرير مفصّل تقرأونه عبر الرابط التالي.
لا إشعار حكوميا
وحول هذا الأمر، قال المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن “الوزارة لم تتلقَّ أي إشعار رسمي من الحكومة بشأن تعديل المناهج الدراسية لإضافة معلومة تخص حلبجة المحافظة رقم 19 في العراق”.
وأضاف السيد، إن “أي مراجعة أو تعديل في المناهج الدراسية يتم بناءً على مستجدات رسمية أو إشعارات من الجهات المعنية”، “مشيرا إلى أن “الوزارة لم تخاطب بشكل رسمي حيال قضية استحداث محافظة حلبجة حتى الآن من أجل إدراجها في المناهج الدراسية”.
وصوت مجلس النواب في نيسان أبريل الماضي، على قانون استحداث محافظة حلبجة، لتصبح بذلك المحافظة رقم 19 في البلاد، ثم صادقت رئاسة الجمهورية على القانون، ويُعد هذا التصويت بعد أن أعلنت حكومة الإقليم في عام 2013، إنشاء المحافظة، دون أن تحظى حينها باعتراف اتحادي رسمي.
وأوضح، إن “مثل هذه التعديلات تُعد طفيفة وبسيطة، وغالباً ما تُدرج ضمن المراجعة السنوية الروتينية التي تقوم بها اللجان المختصة في الوزارة”، لافتا إلى أن “جميع عمليات الطباعة تتم داخل العراق بالكامل، حيث تستعد الوزارة حاليا لطباعة المناهج الدراسية الخاصة بالعام الدراسي المقبل".
ويُعد ملف طباعة الكتب الدراسية في العراق من أكثر الملفات إثارة للجدل، إذ لطالما رافقته اتهامات بالهدر والفساد، كما كشفت تقارير صحفية في سنوات سابقة عن أن كلفة الطباعة تجاوزت حاجز الـ200 مليار دينار، (نحو 160 مليون دولار حينها)، وغالبا ما كانت تُحال إلى مطابع خارجية بأسعار باهظة، ومن دون آليات رقابية واضحة أو متابعة حكومية دقيقة.
ويتضمن عدد من المناهج الدراسية في العراق فصولاً تعريفية عن محافظات البلاد، تشمل معلومات أساسية حول الموقع الجغرافي، والحدود الإدارية، والموارد الطبيعية، فضلاً عن لمحات تاريخية واقتصادية، وهذه تبدأ من مرحلة الدراسة الإبتدائية وصولا إلى المراحل المنتهية.
وخلال السنوات الماضية، تصاعدت الدعوات المطالبة بتضمين حلبجة في المناهج الدراسية، ليس فقط باعتبارها، وحدة إدارة قبل أن تتحول إلى محافظة، بل أيضا كقضية إنسانية وتاريخية تعكس واحدة من أبشع جرائم الإبادة التي ارتكبها النظام السابق.
"ظلم"
إلى ذلك، قالت عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، ريزان شيخ دلير، إن “الكثير من أبناء الجنوب ومناطق مختلفة من العراق لا يعرفون مدينة حلبجة، ولا يدركون حجم المظلومية والجرائم التي تعرضت لها خلال فترة حكم النظام السابق”.
وشددت شيخ دلير، على “أهمية الإسراع في إنجاز جميع المتطلبات القانونية والإدارية، بما في ذلك إدراج حلبجة في المناهج الدراسية”، مطالبة الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة التربية، بـ”إدراج حلبجة في المناهج الدراسية، بوصفها قضية وطنية لا ينبغي تجاوزها”.
وأكملت، إن “تجاهل قرار مجلس النواب بخصوص استحداث المحافظة، يُعد تقصيرا واضحا، خاصة وأن القوانين النافذة والمقررات التشريعية تلزم المؤسسات التنفيذية من خلال ترجمتها إلى إجراءات ملموسة، على الصعيد الإداري”.
وأكدت، إن “إبقاء حلبجة خارج إطار المحافظات العراقية المكتملة يشكل ظلما إضافيا لسكانها، الذين ما زالوا ينتظرون اعترافا رسميا كاملا بمكانة مدينتهم وتاريخ معاناتها”.
لا توجُّه لتعديل المناهج – "أمر لا يستوجب"
من جانبه، يبين عضو لجنة التربية النيابية، زيتون الدليمي، أن “الوزارة ستكتفي بإجراء تعديل بسيط على مستوى عبارة واحدة في المناهج الدراسية، من خلال تعميم رسمي على إدارات المدارس، أما الحديث عن إعادة الطباعة الكاملة للكتب غير وارد حاليا”.
وتلفت الدليمي، إلى أن “عملية الطباعة تحتاج إلى مبالغ مالية ضخمة وتخصيصات خاصة، وهو أمر لا يستوجب ذلك في الوقت الراهن، خاصة وأن التعديل ليس جوهريا، بل يتعلق فقط بتغيير عدد المحافظات”، مشيرة إلى أن “المعلومة الخاصة بمحافظة حلبجة ستُدمج في المناهج بشكل تدريجي ضمن خطة التحديث المستقبلي للكتب الدراسية”.
وتقع مدينة حلبجة عند سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد على الحدود الإيرانية العراقية، يحدها من الغرب نهر سيروان، ومن الشمال الشرقي سلاسل هورامان وشنروه، ومن الجنوب سلسلة بالامبو.
ووقعت المجزرة الشهيرة فيها في 16 آذار مارس 1988، عندما قصف نظام صدام حسين المجرم المدينة بالأسلحة الكيمياوية، ما أسفر عن استشهاد أكثر من خمسة آلاف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة آلاف آخرين بجروح خطيرة، لا يزال العديد منهم يعانون من تبعاتها الصحية حتى اليوم.
ليست الأزمة الأولى
لم تكن أزمة المناهج الدراسية بعد تحويل حلبجة إلى محافظة هي الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، إذ تسبب تصويت البرلمان على تحويل حلبجة إلى محافظة بجملة من الأزمات لعل أبرزها فتح الباب أمام باقي المناطق والأقضية لتحويلها إلى محافظة كالزبير مثلا.
إذ عقد مجلس النواب بتاريخ (14 نيسان 2025) جلسته السادسة من فصله التشريعي الأول، السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، برئاسة محسن المندلاوي النائب الأول لرئيس المجلس وحضور 178 نائباً، وصوّتوا خلالها على تحويل حلبجة إلى محافظة، في جلسة شهدت اضطرابات ومشادات بين النواب.
وحسب القرار البرلماني، فإن القانون النيابي الأخير ينتظر مصادقة رئاسة الجمهورية والنشر في الجريدة الرسمية، قبل أن يصبح نافذاً.
ولوّح النائب المستقل، أمير المعموري، باللجوء إلى القضاء للطعن في الجلسة.
وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع مجموعة من النواب المستقلين المعترضين على مخرجات الجلسة "نحن لا نعترض على استحداث محافظة حلبجة وفق الطرق القانونية والدستورية، وحلبجة ضحت وقدمت الشهداء، لكن في الوقت نفسه هناك طلبات قُدمت لرفض استحداثها".
وأضاف: "نحن نستغرب أن مجلس النواب استحدث محافظة حلبجة دون محافظات أخرى، ولا نعرف ما هي المعايير التي اعتمدها مجلس النواب في استحداث المحافظات، وفي الوقت نفسه ذهب البرلمان بإعطاء صلاحية لمجلس الوزراء بهذا الشأن، ما يعني أننا أمام سابقة خطيرة جداً وقد تنقسم المحافظة إلى أربع أو خمس محافظات".
واعتبر أن ما حدث في الجلسة يدفعهم إلى "الذهاب للمحكمة الاتحادية وفق الطرق القانونية، ولدينا ما يثبت أن عدد النواب في الجلسة غير مكتمل والجلسة كانت غير متحققة النصاب القانوني".
وعلى غرار الموقف البرلماني تجاه حلبجة، طالب نواب ينحدرون من مناطق عراقية متنازع عليها بين بغداد وأربيل، بتحويل أقضية في محافظات صلاح الدين وكركوك ونينوى إلى محافظات.
وأعلنت كتلة «بدر» النيابية، الممثل السياسي لحركة «بدر» بزعامة هادي العامري في البرلمان، تأييد تحويل حلبجة إلى محافظة، غير أنها دعت إلى استحداث محافظة جديدة تضم أقضية «تلعفر وسنجار وسهل نينوى»، بهدف «إنقاذ المكونات العراقية من التهميش».
وقال النائب عن الكتلة، وعد القدو، خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان بمشاركة عدد من نواب الكتلة، إن "هناك ظلماً كبيراً تعرضت له مناطق تلعفر وسنجار وسهل نينوى من قبل الإدارات المحلية والمحافظين السابقين، ما يحتم ضرورة استحداث محافظة جديدة تُنصف المكونات التي تعيش هناك".
وأضاف، إن "كتلة بدر النيابية تدعم مطلب الكتل الكردية في استحداث محافظة حلبجة، باعتباره حقاً دستورياً وقانونياً"، مشدداً على ضرورة "المضي باستحداث محافظة أخرى تضم المناطق المذكورة، تعزيزاً للعدالة الإدارية وإنصافاً لجميع المكونات العراقية".
كذلك طالب رئيس «الجبهة التركمانية العراقية»، محمد سمعان، الحكومة العراقية ومجلس النواب، بتحويل قضاءَي «تلعفر» في نينوى و«طوز خورماتو» في صلاح الدين، إلى محافظتين، مؤكداً أن هذا المطلب محور أساسي في البرنامج السياسي لقائمة «جبهة تركمان العراق الموحد».