edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. الأخبار
  3. محليات
  4. "مواقف الوهم" في قلب بغداد.. اقتصاد الظل الذي يبتلع الأرصفة ويبتزّ السيارات تحت أنظار الدولة

"مواقف الوهم" في قلب بغداد.. اقتصاد الظل الذي يبتلع الأرصفة ويبتزّ السيارات تحت أنظار الدولة

  • 6 تشرين اول
"مواقف الوهم" في قلب بغداد.. اقتصاد الظل الذي يبتلع الأرصفة ويبتزّ السيارات تحت أنظار الدولة

انفوبلس/..

في صباحٍ بغداديّ مزدحم، يترجّل أبو علي من سيارته أمام إحدى الدوائر الحكومية في الكرادة، فيسارع إليه شاب نحيل يحمل بيده كرسيًّا بلاستيكيًّا صدئًا، يلوّح به كأنه تصريح رسميّ، ويقول بثقة: “هنا موقفنا.. خمس آلاف دينار”.

يضحك أبو علي بمرارة: “موقفكم؟ هذا شارع عام!”

لكن الشاب لا يتراجع، يضع الكرسي في منتصف الطريق، ويضيف بنبرة حازمة: “إما تدفع، أو تدور على غيره”.

بهذه الجملة البسيطة تختصر بغداد واحدة من أكثر ظواهرها الحضرية استفحالًا وغرابة: “مواقف السيارات الوهمية” التي تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى اقتصاد ظلٍّ منظم، يديره أفراد أو مجموعات تستولي على الأرصفة والساحات العامة والجزرات الوسطية لتأجيرها مقابل مبالغ مالية لا تصل فلسًا واحدًا إلى خزينة الدولة.

في شوارع الباب الشرقي والكرادة والمنصور والكاظمية، يتكرر المشهد ذاته يوميًا.

رجالٌ بملابس عادية، بعضهم يحمل “صفّارة”، وآخرون “عصيًّا قصيرة” أو “دُفوعات” لافتة مكتوب عليها بخط اليد “موقف رسمي”. خلف هذا المظهر البسيط تقف شبكةٌ معقدة من الفوضى والربح، تتغذى على ضعف القانون وتواطؤ بعض الجهات المحلية، لتتحول الأرصفة العامة إلى ملكيات خاصة تباع وتُؤجّر كأنها عقارات مسجّلة بأسماء المتنفذين.

ورغم أن المبلغ المطلوب من السائق لا يتجاوز غالبًا (3 إلى 5 آلاف دينار)، فإن عدد السيارات في بغداد، الذي يتجاوز ثلاثة ملايين مركبة بحسب وزارة الداخلية، يجعل من هذه “الجباية اليومية” مصدر دخلٍ ضخمٍ قد يصل إلى مليارات الدنانير شهريًا بالمجمل.

لكن الأخطر من المال، هو الشعور المتزايد لدى المواطن بأن المدينة تُدار خارج القانون، وأن النظام العام أصبح خاضعًا لمن يفرض الأمر الواقع لا لمن يحمل صفة رسمية.

الخبير الاقتصادي عبد السلام حسن يرى أن ما يجري ليس مجرد فوضى عابرة، بل “مؤشرٌ على انهيار مبدأ الإدارة الحضرية في العاصمة”، موضحًا أن “الكثير من هذه المواقف تُدار من قبل أشخاص لهم ارتباطات بموظفين في البلديات أو المجالس المحلية، ويتم تقاسم الأرباح مقابل التغاضي عن المخالفة، ما يجعل مكافحة الظاهرة شبه مستحيلة ما لم تُعالج جذور الفساد الإداري المصاحب لها”.

ويضيف حسن أن “المشكلة الحقيقية ليست فقط في المبالغ التي تُجبى من المواطنين، بل في أن الشوارع والساحات التي تُفترض أن تكون فضاءات عامة أصبحت محتلة بالقوة، فيما يقف المواطن عاجزًا بين دفع الإتاوة أو الدخول في مشادات قد تنتهي بالاعتداء عليه أو تهشيم سيارته”.

في أحد التقاطعات قرب مستشفى اليرموك، يصف سائق التاكسي “أبو كرار” ما يحدث يوميًا بأنه “احتلال مدني”، يقول بغضب: “أجي أوقف دقيقة لأنزل مريض أو أشيله، يجي واحد يحط حجر ويفتح إيده، وإذا ما تدفع، يضرب المراية أو يهددك”. ثم يضحك ساخرًا: “صاروا أقوى من الشرطة.. والموقف إلهم مو للدولة”.

وتعترف مصادر أمنية بأن الظاهرة استعصت على الحلّ رغم عشرات الحملات التي تنفذها الأجهزة البلدية والشرطة لإزالة التجاوزات ومصادرة الكراسي والحواجز الحديدية التي يستخدمها أصحاب المواقف غير المرخصة. غير أن هذه الحملات غالبًا ما تكون مؤقتة، إذ “تختفي الظاهرة أيامًا ثم تعود بشكل أوسع”، بحسب ضابط في مديرية نجدة بغداد، مضيفًا أن “بعض أصحاب المواقف لديهم دعم من جهات محلية أو عشائرية، تجعلهم فوق القانون، وهذا ما يضع رجال الأمن في موقف حرج”.

المشكلة، كما يرى مختصون، لا تقتصر على الاستحواذ على الشوارع، بل تمتد إلى مشاريع الدولة نفسها.

فالكثير من الأبنية الحديثة – من مولات ومستشفيات وفنادق – لا تتضمن مواقف سيارات كافية، بل تُنشأ كراجات صغيرة “شكلية” فقط للحصول على الموافقات الأصولية، وغالبًا ما تمر هذه الموافقات عبر “سماسرة” وعمولات، ما يجعل الفوضى تمتد حتى إلى المشاريع المرخّصة رسميًا.

وبحسب الخبير حسن، فإن “هذه الفوضى جزء من حلقة فساد متكاملة تبدأ من ضعف التخطيط وتنتهي ببيع الأرصفة للمواطنين”.

ومع أن أمانة بغداد أعلنت أكثر من مرة عن خطط لإطلاق منظومة رقمية لمواقف السيارات بالتعاون مع القطاع الخاص، إلا أن تلك المشاريع غالبًا ما تتعثر أو تُجمّد بسبب الخلافات الإدارية والبيروقراطية، فيما تستمر الفوضى بالاتساع، لتتحول الأرصفة إلى خطوط تماس بين القانون واللا قانون.

في شارع فلسطين، تقف سيدة خمسينية تحاول ركن سيارتها الصغيرة قرب مركز تجاري، لكن شابًا يلوّح لها من بعيد: “هنا ممنوع توقفين، هذا مكاننا”. تردّ عليه بغضب: “مكانكم؟ هذا شارع حكومي!”. فيضحك ويقول: “أي حكومي.. بس إحنا نحميه!”.

جملة تكفي لتلخّص ما يعيشه البغداديون يوميًا من شعورٍ بالاغتراب في مدينتهم، حيث تحوّل النظام العام إلى سلعة تُشترى بالتهديد أو بالعرف.

ويحذّر مراقبون من أن استمرار هذه الفوضى “سيؤدي إلى تصاعد حالات الاحتكاك والعنف بين المواطنين وأصحاب المواقف، فضلًا عن تفاقم أزمة المرور”، خصوصًا في المناطق التجارية والسياحية التي تشهد ازدحامًا شديدًا مثل المنصور والكرادة والكاظمية، إذ تتشابك حركة المركبات مع الأرصفة المحتلة والممرات المغلقة، ما يجعل المدينة تبدو وكأنها بلا إدارة حضرية فعلية.

ويتساءل الصحفيون المحليون عن دور البلديات التي تغض الطرف، وعن مصير الإيرادات الهائلة التي يمكن أن تدخل خزينة الدولة لو أُعيد تنظيم هذه المواقف بشكل قانوني وشفاف. فبينما تُقدَّر رسوم المواقف الرسمية في كثير من الدول المجاورة بدينار واحد لكل عشر دقائق، يدفع المواطن العراقي اليوم أضعاف ذلك دون إيصال رسمي، ودون أن يحصل على خدمة أو أمان حقيقي لمركبته.

ولعلّ الأخطر، كما يقول أحد ضباط المرور، أن بعض أصحاب المواقف “يُديرون مناطق كاملة بالتفاهم مع عناصر منحرفة في أجهزة الأمن”، مؤكدًا أن “أي حملة تُنفذ صباحًا لإزالة التجاوزات، تُفشلها مساءً اتصالات من أطراف نافذة تطلب إيقافها”.

ويختم قائلاً: “ما لم تكن هناك إرادة حقيقية لكسر هذه الدوائر الصغيرة من الفساد، فإن الشارع سيبقى ملكًا لمن يفرضه لا لمن ينظمه”.

ومع حلول الليل، تختفي ازدحامات النهار، لكن “الكرسي البلاستيكي” يبقى في مكانه وسط الرصيف، كرمزٍ للفوضى التي استقرت في قلب العاصمة.

ربما لا يثير هذا المشهد انتباه العابرين بعد اليوم، لكنه في جوهره مرآة لعجز الدولة عن حماية أبسط حقوق المواطن: حقه في مكانٍ عام لا يُؤجّر عليه تحت تهديد الصمت.

أخبار مشابهة

جميع
بين البخار والدموع.. امرأة جنوبية تحوّل ستة أمتار من المساحة إلى معركة كرامة واقتصاد.. إليك قصة أم منتظر

بين البخار والدموع.. امرأة جنوبية تحوّل ستة أمتار من المساحة إلى معركة كرامة واقتصاد.....

  • 7 كانون الأول
نجم الجبوري والملفات المتراكمة.. كيف تحوّل جنرال واشنطن في الموصل إلى مرشح مُستبعد ومحافظ مستقيل تطارده المساءلة والعدالة؟

نجم الجبوري والملفات المتراكمة.. كيف تحوّل جنرال واشنطن في الموصل إلى مرشح مُستبعد...

  • 7 كانون الأول
أكبر مفارقات العراق: حكومة تبحث عن الإعمار بلا سيولة ومقاولون يبنون المشاريع من جيوبهم.. أين تبخرت الترليونات؟

أكبر مفارقات العراق: حكومة تبحث عن الإعمار بلا سيولة ومقاولون يبنون المشاريع من...

  • 7 كانون الأول

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة