نحو 1000 معاملة مزورة .. إحصائية غير مسبوقة لعدد المتجاوزين على حقوق الشهداء والجرحى في الأنبار.. مَن يبتلع رواتب وأراضي هذه الشرائح؟
انفوبلس/ تقارير
منجم للفساد لكنها لا تضم عمّالا بل "هوامير" يتعاملون بالمليارات ولا يرضون بأقل من ذلك، فنظرة دقيقة إلى إحصائية هيئة النزاهة عن عدد مَن تم كشفهم متجاوزين على حقوق الشهداء والجرحى ـ سواء تجاوز على الرواتب أو الأراضي ـ كفيلة بأن تقود إلى ثورة في الأنبار التي باتت تتصدر المحافظات العراقية بنسب الهدر والتجاوز على المال العام. فكيف جاءت إحصائية النزاهة الأخيرة؟ وما عدد المتجاوزين على حقوق الشهداء والجرحى منذ تسنم رئيس هيئة النزاهة الحالي حيدر حنون المنصب في عام 2022؟
*983 معاملة مزورة
في آخر إحصائية لعمليات الضبط في الأنبار، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الثلاثاء، عن تمكُّن ملاكاتها من كشف 983 معاملةً مُزوَّرةً في الأنبار مُتعلّقة بتخصيص قطع أراضٍ لشريحة الجرحى.
وقالت الهيئة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إن "مكتب تحقيق الهيئة في الأنبار ألَّف فريقاً ميدانياً؛ للتحرّي عن معلوماتٍ تلقَّاها المكتب تفيد بوجود ترويج وإنجاز مُعاملات تسجيل قطع أراضٍ تمَّت؛ استناداً إلى مُستمسكاتٍ مُزوَّرةٍ".
*247 معاملة في طور الشبهات
وأضاف بيان هيئة النزاه، إن "الفريق انتقل إلى مُديريَّة بلديَّة عامريَّة الصمود وباشر بتدقيق أضابير1140 معاملة تسجيل قطع أراضٍ لشريحة الجرحى ضمن محضر التوزيع للعام 2021"، مشيراً إلى أنَّ "الفريق اكتشف بعد التدقيق والتقصّي والمُتابعة المُضنية وجود 983 معاملةً مُزوَّرةً".
وأكد "وجود 257 مُعاملةً أخرى يجري الفريق التحقيق فيها".
يذكر أن هيئة النزاهة قد أعلنت أواخر شباط الماضي عن تنفيذ أمر قبـض بحق مسـؤولين فـي بلـديـات الأنـبار، وكشف 127 معاملة قطع أرضٍ مُزوَّرة في مُديريَّة بلديَّة عامريَّة الصمود. كما سيتم توضيحها في قادم الأسطر.
*127 اضبارة مزورة
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، القبض على مسؤولين اثنين في بلديَّات مُحافظة الأنبار؛ على خلفيَّة إحداثهما عمداً ضرراً بأموال ومصالح الجهة التي يعملان فيها ويتَّصلان بها بحكم وظيفتهما.
وذكر بيان للنزاهة ورد لشبكة انفوبلس، أنَّ "فريقاً ميدانياً مُؤلَّفاً في مكتب تحقيق الأنبار انتقل إلى مُديريَّة بلديَّة عامريَّة الصمود؛ للتحرّي عن معلومات ترويج وإنجاز مُعاملات تسجيل قطع أراضٍ بموجب مُستمسكاتٍ مُزوَّرةٍ،" لافتاً إلى "قيام الفريق بتدقيق أضابير(1140) معاملة تسجيل قطع أراضٍ لشريحة الجرحى ضمن محضر التوزيع للعام 2021".
وأضاف، إنَّ "الفريق كشف عن (127) إضبارةً تضمَّنت وثائق مُزوَّرةً لأشخاصٍ وهميّين"، مشيرا الى "تنفيذ أمر القبض والتفتيش الذي أصدره قاضي محكمة تحقيق النزاهة في الرمادي بحقّ مُدير بلديَّة عامريَّة الصمود ومسؤول شعبة الأملاك فيها وفق أحكام المادة (340) من قانون العقوبات رقم (111 لسنة 1969)، وبدلالة موادّ الاشتراك 47 و48 و49".
*70 ألف إضبارة مخالفة للقانون في أراضي الوفاء
وفي زمن القاضي حنون أيضا، تمكنت ملاكات دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة من تنفيذ أمر القبض الصادر بحق أحد أبرز المتهمين في قضية أراضي ناحية الوفاء في محافظة الأنبار.
الدائرة، وفي معرض حديثها عن تفاصيل عمليَّـة القبض التي تمت بناء على مذكرة قضائيَّـة، أفادت بأن مديريَّـة تحقيق الهيئة في بغداد ألفت فريقاً؛ للتحري عن المعلومات التي وردتها حول مكان وجود أبرز المتهمين في قضيَّـة تمليك قطع أراضي ناحية الوفاء التي أطيح إثرها بمدير تسجيل عقاري محافظة الأنبار، والتحرُّزُ على ما يُقارِبُ سبعينَ ألفِ إضبارةِ عقارٍ تمَّ تمليكُها بصورةٍ مخالفةٍ للقانون.
وأردفت إن الفريق باشر أعمال التحري والتقصي، وبعد التأكد من من صحة المعلومة، تابع حركة المتهم الذي كان يشغل منصب مدير بلديَّـة ناحية الوفاء في الأنبار، ونصب له كميناً محكماً، وبعد التنسيق المباشر مع قوة إنفاذ القانون تمت الإطاحة به، وتنفيذ مذكرة القبض الصادرة بحقه عن محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّـة، وذلك في منزل عديله بحي البنوك في العاصمة بغداد.
*18 ألف شخص متجاوز على رواتب الشهداء
وفي شباط الماضي، كشفت هيئة النزاهة، عن شمول عدد كبير من الإرهابيين والمطلوبين أو ممن عليهم مؤشرات أمنية وتزوير في معاملاتهم من بين (54,000) ألف شخص مشمول بقانون مؤسسة الشهداء في محافظة الأنبار.
واشارت الهيئة في بيان الى "عدم مراجعة (18,000) ألف منهم لهيئة التقاعد؛ بالرغم من إيقاف رواتبهم؛ مما يدل على حصول مخالفات وتزوير في ملفاتهم"، منبهة إلى أن "أعضاء اللجان الفرعية في المحافظات هم من المحافظة نفسها، وأغلبهم موظفون منسبون للعمل في اللجان؛ الأمر الذي يجعلهم عرضة للضغوط".
*أرقام تفصيلية عن عدد المتجاوزين على حقوق الشهداء
وأوضحت هيئة النزاهة في السابع والعشرين من ضباط الماضي، أن "اللجان التدقيقية المؤلفة في مؤسسة الشهداء دققت (8127) معاملة في المحافظة تم الكشف خلالها عن وجود (736) شخصا لم يتم تدقيق معلوماتهم الأمنية، منهم (69) صدرت بحقهم مذكرة قبض، و (657) توجد ضدهم معلومات أمنية، و(1280) حالة تزوير شهادات وفاة وتقارير طبية ومعلومات، فضلا عن (3628) كتب صحة صدور بدون إجابات، أما تقارير ديوان الرقابة المالية بخصوص تدقيق (35,149) معاملة تقاعدية في المحافظة لغاية العام 2022، فقد أثبتت وجود (17,380) قرارا باطلا تم التلاعب فيه، و(17,088) قرارا مزورا تم إيقافه"، مشددة على "حدوث حالات تزوير جديدة خلال العام 2023، ووجود (5,694) معاملة مزورة، و(5,496) قيدا مزورا تم إدخالها بنظام الباركود عبر موظفي مؤسسة الشهداء المخولين".
ووفقا للبيان، حث التقرير على "تأليف لجنة طبية مركزية تتولى إعادة فحص جميع المصابين، تبدأ من المحافظة التي شهدت حالات تزوير كبيرة؛ لتصويب نسبة الإصابة (العجز) بصورة جدية وواقعية، وكشف التزوير في أعداد المصابين والمبالغة في منح نسبة العجز الطبي من قبل اللجان الطبية في بعض المحافظات؛ كونها ترتب التزاما ماليا كبيرا على الدولة، وتابع إنه تمت ملاحظة (1,339) تقريرا طبيا مزورا، و(175) تقريرا طبيا فيه اختلاف بالاسم في دائرة اللجان الطبية في صحة الأنبار، وسرقة ملفات تعويض وباركود أشخاص مصابين وإعطائها إلى أشخاص آخرين؛ لغرض شمولهم بقانون مؤسسة الشهداء"، مشيرا إلى "وجود شبهات فساد وراء ارتفاع أعداد المصابين في محافظة الأنبار وبنسبة عجز كبيرة جدا، الأمر الذي يترتب عليه صرف مبالغ فروقات كبيرة لكل مصاب".
*لجنة الغنام
بتاريخ 14 من نيسان/ أبريل عام 2021 تم تكليف قائد عمليات الأنبار السابق الفريق الركن ناصر الغنام، برئاسة لجنة تحقيقية لتدقيق معاملات مؤسسة الشهداء ودائرة التقاعد في الأنبار، ليخرج الغنام بعدها بشهرين في مؤتمر صحفي، مؤكدا أن التحقيقات الأولية قد كشفت عن استلام 363 شخصا مطلوبا للقضاء بتهمة الإرهاب أو مقتولين رواتب تقاعدية من مؤسسة الشهداء في المحافظة بعد تدقيق نحو 5 آلاف معاملة، مؤكدا رفعه تقريرا إلى مكتب رئيس الوزراء بهذا الشأن.
عدد الملفات التي تدقق فيها اللجنة يقارب 55 ألف ملف ومعاملة، بحسب الغنام، أُنجز منها 4 آلاف و509 معاملة، إضافة إلى 980 معاملة أخرى وردت من وكالات أمنية أو مواطنين، كما تم العثور على 363 معاملة لإرهابيين تم منحهم حقوقا تقاعدية ورواتب ومخصصات بينهم أشخاص صادرة بحقهم مذكرات قبض، وبعضهم وردت بشأنهم معلومات استخبارية تثبت تورطهم بتجاوزات في الأنبار.
*أراضي ناحية الوفاء
وفي شهر أيار/مايو الماضي، اكتُشف موظف خدمة، يعمل بصفة "جايجي" في دائرة بلدية ناحية الوفاء غربي مدينة الرمادي، أنه يتملك نحو 160 قطعة أرض سكنية في ناحية الوفاء بمحافظة الانبار، تمت بطريقة غير قانونية خلال عمليات استحواذ على الأراضي من قبل متنفّذين في الحكومة المحلية للمحافظة.
مصدر أمني في محافظة الأنبار، أفاد حينها باعتقال موظف خدمة في دائرة بلدية الوفاء بعد امتلاكه نحو 160 قطعة أرض مسجَّلة باسمه في الناحية.
وقال المصدر، إن " قوة أمنية اعتقلت عاملا يعمل بصفة "جايجي" في دائرة بلدية ناحية الوفاء غربي مدينة الرمادي، على خلفية معلومات توفرت لدى الجهات المعنية تفيد بأن المستهدف يملك نحو 160 قطعة أرض سكنية في ناحية الوفاء".
وأضاف المصدر، إن "عملية اعتقال المستهدَف جاءت بعد قيام قوة أمنية قادمة من بغداد باعتقال مدير دائرة بلدية الوفاء على خلفية توزيع أراضٍ تعود للدولة بطريقة غير قانونية فضلا على عمليات استحواذ على الأراضي من قبل متنفذين في الحكومة المحلية".