نصيف تكشف حقائق "مرعبة" عن الاتجار بالبشر.. فتيات يتم اختطافهن وبيعهن للملاهي في أربيل
انفوبلس/ تقرير
عناوين شتى وتسميات كثيرة للاتجار بالبشر في العراق، فتيات وأطفال يُستعبدون ويُستغلون ويُباعون ويُشترون، وكأن الزمان يعود بالإنسان إلى العصر السحيق للاستعباد والرِّق، وآخرها ما كشفته النائبة عالية نصيف والتي وجهت رسالة لأُسر الضحايا.
تُعَدّ جريمة الاتجار بالبشر إحدى أبرز الجرائم التي نشطت في العراق خلال السنوات الأخيرة، وتسجل السلطات وقائع شبه يومية يجري فيها استغلال فئات مثل المعوقين والمشردين والفقراء في العمل تحت ظروف صعبة، أو في مجالات بعضها مجرم في القانون، مثل الدعارة أو التسول أو تهريب الممنوعات.
*عالية نصيف تكشف
وتقول نصيف في تغريدة على منصة (أكس) تابعتها "انفوبلس": "في الوقت الذي نشكر فيه أبطال الأمن الوطني على تنفيذ عملية نوعية شرق قناة الجيش وتحرير (8-12) فتاة قاصر من سيارة كيا، ندعو الجهات الأمنية إلى تحرير الفتيات اللواتي اختُطفن في وقت سابق، فبحسب ما أعلنت الجهات الأمنية، هناك جرائم منظمة في خطف القاصرات واغتصابهن و(ترحيلهن) للعمل في الملاهي".
وتضيف، "نقول لأُسر الضحايا: بناتكم تعرضن للخطف من الشوارع ولم يهربنَ بمحض إرادتهن، وتم (ترحيلهن) قسراً، وتلك الملاهي محمية من قبل جهات مهمة (هناك)"، في إشارة الى أربيل.
يعرّف القانون العراقي جريمة الاتجار بالبشر بأنها: أي تجنيد، أو نقل، أو إيواء، أو استقبال لأشخاص من خلال التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر بهدف البيع، أو الاستغلال، أو العمل القسري، أو الاسترقاق، أو التسول، أو المتاجرة بالأعضاء. ويفرض القانون عقوبات مشددة بالسجن والغرامة المالية على المتاجرين بالبشر.
ويقول ضابط في مديرية مكافحة الاتجار بالبشر التابعة لوزارة الداخلية، إن "جرائم الاتجار بالبشر تُعد الأخطر حالياً بعد ملف تهريب وتجارة المخدرات، والجريمة تساهم في انتشار المخدرات من خلال تخصيص أفراد لعمليات توزيع المخدرات في الأحياء والمدن، وخلال الأشهر الماضية سجلت السلطات ارتفاعاً كبيراً في حالات الاتجار بالبشر، وأكثرها كان في بغداد وأربيل".
*محاولات حماية الشرائح الفقيرة
وتعمل بعض منظمات المجتمع المدني العراقية في الدفاع عن حقوق الفئات الفقيرة التي عادةً ما تكون ضحية لعصابات المتاجرة بالبشر، وتتواصل عدد منها مع المؤسسات والدوائر الرسمية في مجالات رسم الخطط واتخاذ الإجراءات للحد من تفاقم تلك الجريمة، لكن بعضها تتعرض إلى تهديدات من قبل مجهولين ينتمون إلى تلك العصابات لثنيهم عن أنشطتهم في مكافحة استغلال الفئات الفقيرة والضعيفة.
*الملاهي الليلة ودور كردستان
بالتعمق في قضية الاتجار بالبشر واستغلال الفتيات للعمل في النوادي الليلية، تبين أن تفعيل قانون الجرائم المعلوماتية كفيل بإحباط 90% من تلك الحالات. مدير قسم مكافحة الاتجار بالبشر في بغداد/ الكرخ العميد وسام الزبيدي يؤكد أن "أكثر حالات الاتجار بالبشر تكون عبر التسوّل، فيما أصبحت النوادي والملاهي الليلية مهنة لدى بعض الأشخاص".
ويضيف، إن "المادة 10 من قانون رقم 28 لسنة 2021 تمنع عمل القاصر في الملاهي والنوادي الليلية وهنا تسمى القاصر ضحية".
ويتابع، إن "السبب الرئيسي في كثرة وجود القاصرات في الملاهي الليلية وتنامي تلك الحالة، هو عدم تشريع قانون جرائم المعلوماتية الذي لو تم تطبيقه لقضى على 90% من حالات الاتجار بالبشر، حيث ليست لدينا رقابة على المواقع الإلكترونية خاصة وأن هناك ممنوعات تُباع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك هناك إيقاع بضحايا، واستدراج لقاصرات ومن ثم تحويلهن إلى ضحايا للأسف".
ويبيّن، إن "أغلب قصص استغلال القاصرات والإيقاع بالضحية تبدأ عن طريق (شركة وهمية) يتم الترويج لها عن طريق شخص يقول إن تلك الشركة تابعة له، وعلى أنه يعيش بترف، في المقابل هناك فتاة تعاني من مشاكل داخل منزلها بسبب قلّة الوعي الثقافي لدى ذويها، ويظهر لها صاحب تلك الشركة أثناء التصفح في الفيسبوك لتقع في حبّه بعد تواصل لعدة أيام، ليغويها بالزواج، وتقوم الأخيرة بالهروب من أهلها في ساعة متأخرة من الليل للتوجه إلى ذلك الشخص، وعند وصول الفتاة إلى موقع الجاني ترى أن المكان المتفق عليه فيه أكثر من شخص ينهالون عليها بالضرب ويطلبون منها طلبات دنيئة، لتظهر مؤخراً امرأة تعرض على الفتاة إيواءها وإنقاذها من هؤلاء المجهولين، وتتظاهر بأنها القلب الحنون ولكنها في الحقيقة (سمسار المجموعة)".
ويضيف العميد، ثم بعد ذلك تقوم (السمسارة) بنقل الفتاة إلى أربيل أو السليمانية أو بغداد أو مكان آخر، وإجبارها بشتى الطرق على العمل كراقصة في النوادي الليلية أو ممارسة الدعارة، وهنا تصبح الفتاة بين نارين، الأولى العودة إلى ذويها بمصير مجهول، والثانية البقاء مع تلك المجموعة، لذا تصبح تلك الفتاة (القاصر) ضحية تلك الشبكة وتصبح أما راقصة في نادٍ ليلي أو تعمل في الدعارة أو التسوّل".
وأضاف، "مقارنةً بالأعوام الماضية هناك تراجع في أعداد حالات الاتجار بالبشر سواء على مستوى الدعارة أو التسوّل، خاصة وأن الأحكام الصادرة بحق الجُناة في هذه القضايا تصل إلى 15 عاماً أو المؤبد". مبيناً، "نطمح إلى تقديم محاضرات في الجامعات والمدارس لتعريف وسائل الجُناة ومخاطر هذه الجريمة والأساليب المتبعة فيها".
وبين، "لدينا تواصل مع سلطات إقليم كردستان على أعلى مستوى، ولدينا فرق عمل مشتركة لضبط بعض حالات الاتجار بالبشر والضحايا القاصرات اللاتي يتم نقلهن إلى إقليم كردستان لأغراض الاتجار بهن". ويضيف الزبيدي، "من أبرز قصص الاتجار بالبشر التي صادفتنا في إطار التعاون مع إقليم كردستان، قمنا بإعادة طفل كان بحوزة والدته المريضة نفسيا والهاربة من العاصمة بغداد نحو أربيل وكانت تروم بيع طفلها لشخص معين".
ومن ضمن قصص استغلال الفتيات، روى العميد قصة (فتاة قاصر) "كان شخص قد استغلها وتوجه بها إلى إقليم كردستان، وقد ولدت طفلا وتم تسجيله باسم شخص يدير شبكة اتجار بالفتيات، وترك الطفل في أربيل دون التفكير بمصيره، وتم العثور عليه ونقله إلى بغداد إضافة لوالدته الفتاة القاصر (الضحية)".
وبالتوجه إلى إقليم كردستان، للتعرف على ضوابط عمل النوادي الليلية والملاهي، توضح هيئة السياحة هناك، أن "تواجد القاصرات والأحداث بغض النظر عما إذا كان لدواعي العمل أو الارتياد، أمر يمنعه قانون عمل تلك النوادي".
إبراهيم عبد المجيد مدير إعلام هيئة السياحة في إقليم كردستان يقول إن "هيئته والجهات المعنية الأخرى في الإقليم تعمل على إعادة صياغة بعض القوانين، فضلاً عن إجراء تعديلات بشأن عمل النوادي الليلية"، موضحا إن "القانون لا يسمح بافتتاح تلك الأماكن دون وجود إجازة رسمية".
ويزعم، "عند ضبط مواقع ليلية تمارَس فيها الدعارة أو مخالفة قانونية في هذا الإطار، يتم تشكيل لجنة متخصصة من القوات الأمنية وهيئة السياحة ويتم غلق المكان واعتقال المسؤولين عنه".
ويذكر، "عمل القاصرة في النوادي الليلية سواء كراقصة أو نادلة أمر ممنوع ضمن قوانين عمل النوادي الليلية، بغض النظر عن جنسية تلك القاصر سواء أكانت من إقليم كردستان أم من مناطق وسط وجنوبي العراق، أو حتى إن كانت من جنسية عربية أو أجنبية. ومن ضمن قوانين عمل تلك النوادي والملاهي الليلية هو أن تكون بعيدة عن المنازل".
ويشير عبد المجيد، إلى أن "الأحداث والقاصرات ممنوعون من الدخول إلى المقاهي أيضاً، سواء أكان كارتياد أم عمل، وعند وصول إخبار لنا يتم التوجه إلى المكان، وفي حال إثبات وجود فتاة قاصر أو حدث في المكان تتم محاسبة صاحب المكان".
وتعج مواقع التواصل الاجتماعي، بصور ومقاطع مصورة، لحفلات بملاهٍ في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، تظهر فيها فتيات ترقص، على الرغم من أنّهن دون 18 عاماً.
الناشطة في مجال حقوق الإنسان، سهاد الكاتب، تقول إنّ "صور الفتيات الصغيرات القاصرات في الملاهي والنوادي الليلية مؤلمة وتُدمي القلب. أين حقوق الإنسان في العراق؟ ما ردّ فعل الحكومة على الاتجار بالفتيات القاصرات والنساء؟".
الى ذلك، يكشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان فاضل الغراوي، أن "ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق هي جريمة منظمة دولية تقودها عصابات تدرُّ عليهم المليارات وقد تطورت أساليبها بشكل يومي حتى وصل الى الاتجار الإلكتروني وخطرها الأكبر أنها تستهدف الأطفال والفتيات في محافظات العراق كافة".
ونقلت صحيفة "الصباح"، عن مديرة منظمة "المصير"، المعنية بالملف الحقوقي في العراق، إيمان السيلاوي، قولها إن البلاد سجلت 300 حالة اتجار بالبشر خلال عام 2021.