نقابات وقوانين "غائبة" و90% منهم "بلا ضمان".. انفوبلس تستعرض واقع العمال العراقيين في يومهم العالمي
انفوبلس/ تقرير
في عيد العمال العالمي والذي يصادف اليوم الأربعاء، 1 أيار/مايو، أصدر العديد من المسؤولين تهنئات بخصوص المناسبة، فضلاً عن إعلان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، زيادة راتب العمال المتقاعدين 100 ألف دينار، لكن هذا اليوم تحول خلال السنوات الماضية في العراق، الى مناسبة لاستذكار مشاكل العمال القائمة دون حلول جذرية، وباعتراف النقابات والمتخصصين.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، واقع العمال في العراق بذكرى عيدهم والتي تُعد من أكثر الشرائح التي تتعرض للظلم
تحتفل العديد من دول العالم اليوم الأربعاء بمناسبة "عيد العمّال"، وهو عيد حصل عليه العمّال بـ"دمائهم"، منذ نحو 140 عامًا، وبعد كل هذه السنوات، لايزال العمال في العراق يفتقرون غالبًا للحقوق التي خرج لأجلها نظرائهم قبل قرن ونصف وقُتلوا في الشوارع من أجلها.
تعود قصة عيد العمال الى الأول من أيار عام 1886، حيث نظم العمال إضرابًا عن العمل في مدينة شيكاغو الامريكية، ومن ثم تورنتو، وشارك فيه قرابة 400 ألف عامل احتجاجًا على ساعات العمل ويطالبون بتحديدها بـ8 ساعات فقط.
وتمكن الاضراب من تحقيق نجاح جيد وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة، قبل أن يتطور الامر الى أن تفتح الشرطة النار على المتظاهرين وتقتل عدداً منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصا بينهم 7 من رجال الشرطة واعتُقِلَ على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحُكم على 4 منهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة، قبل أن يتضح فيما بعد أن مَن ألقى القنبلة هو من الشرطة أنفسهم.
بعد وفاة عمال على أيدي الجيش الأميركي فيما عُرف بإضراب بولمان، سعى الرئيس الأميركي غروفر كليفلاند لمصالحة مع حزب العمل، تم على إثرها بستة أيام تشريع عيد العمال وإعلانه إجازة رسمية.
*مسؤولون عراقيون يهنئون
في تدوينة على منصة "إكس"، وتابعها "انفوبلس"، قال رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، إنه "نتقدّم بأطيب التهاني وأوفى التبريكات إلى العمال في العراق والعالم بذكرى يومهم الأغرّ".
وتحدث السوداني عن "التزام الحكومة تجاه كلّ العمال العراقيين، نساءً ورجالاً، بتوفير بيئة عمل تحفظ كرامتهم، وتكفل حقوقهم المادية والمعنوية"، مبينا إنّ "العمال يمثلون قيمة عليا في بلدنا الذي انطلقت فيه مشاريع الخدمات والإعمار والتنمية، ولن تتوقف، بعون البارئ عزّ وجلّ".
وفي السياق، دعا رئيس مجلس النواب بالإنابة، محسن المندلاوي، إلى "تفعيل القوانين الضامنة لشريحة العمال وخاصة قانون الضمان الاجتماعي وقانون التنمية الصناعية وقانون العمل الذي تضمن نصوصًا تعالج مشاكل العمال وإنصافهم، وإلزام الشركات الاستثمارية بنسب تشغيل العمالة المحلية".
وتحدث المندلاوي عن "حرص مجلس النواب على إقرار التشريعات التي تسهم في حماية الشرائح العاملة ورفع مستواها المعيشي".
وفي الأثناء، أصدرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بيانًا اطلع عليه "انفوبلس"، قالت فيه إنّ "وزير العمل والشؤون الاجتماعية، يزف بشرى بمناسبة عيد العمال العالمي، بزيادة راتب العمال المتقاعدين 100 ألف دينار". وبحسب البيان، فإنه "سيتم التصويت على قرار زيادة راتب العمال المتقاعدين في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل".
وفي عيد العمال، تستعرض شبكة "انفوبلس"، واقع العمال في العراق، حيث يحتوي العراق على 12 مليون شخص بسن العمل، من بينهم 4 ملايين موظف، و6 ملايين عامل في القطاع الخاص، ومليوني شخص عاطل عن العمل.
ومن بين 6 ملايين عامل، هناك فقط 600 ألف عامل مضمون، أي يستحقون راتب تقاعدي، ما يعني ان نسبته 10% فقط، وان الـ90% المتبقين بلا مستقبل أو ضمان، بحسب الإحصائيات التي أطلعت عليها شبكة "انفوبلس".
فضلا عن ذلك، هنالك نحو مليون عامل أجنبي يزاحم العمال والعاطلين العراقيين، فيما يعاني العمال العراقيون من عدم وجود اجازات واضحة او حقوق في ذلك، وعدم وجود حد ادنى للرواتب في المصانع والشركات والمؤسسات التي يعملون بها، وعدم وجود وقت محدد احيانًا تمتد ساعات عملهم لأكثر من 10 او 12 ساعة.
كذلك عدم وجود تدرج وظيفي وزيادات سنوية، كما لا توجد معايير واضحة تحدد حقوق العامل في حال تعرض لإصابة اثناء العمل تمنعه من العمل مجددًا، فضلا عن غياب الحقوق المفترضة لأبنائه وعائلته في حال توفي بشكل مفاجئ، على العكس من الموظف الحكومي الذي يرث أبنائه وعائلته راتبه بعد وفاته.
وهنالك العشرات او المئات من الحقوق والامتيازات الغائبة عن العمال والعاملين بالقطاع الخاص، بالمقابل يتمتع به الموظفون في القطاع العام الحكومي، على الرغم من وجود 8 اتحادات ونقابات للعمال في العراق.
كما تعد شريحة العمال في العراق، من أكثر الشرائح التي تتعرض للظلم، فغالبا ما يتعرض لإنهاء خدمة مفاجئ، لاسيما وأن القطاع الخاص ما يزال لغاية الآن دون ضوابط ومحددات على عكس الدول الأخرى التي ألزمت القطاع الخاص بقوانين محددة منها الحد الأدنى من الأجور والضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى الأهم وهو توقيع عقد مع العامل.
وصوّت البرلمان العراقي في منتصف شهر مايو/ أيار الماضي، على قانون الضمان الاجتماعي للعمال في القطاع الخاص، في خطوة عدتها الحكومة أساسية ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها، ولضمان حقوق العاملين في هذا القطاع ومحاولة جذب اليد العاملة إليه أكثر بعد الإقبال الكبير على القطاع الحكومي الذي شكّل ضغطا على مؤسسات الدولة وترهلا وظيفيا.
*مشكلة العمالة الأجنبية
ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة في العراق، وشملت كافة القطاعات، ولاسيما أن أغلب العمالة كانت من بنغلادش، فيما أصبحت مؤخرا من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والنوادي الليلية أيضا.
وبحسب الخبراء، فإن العدد الكبير من العمال الأجانب الذين يعملون بشكل غير قانوني في العراق، أصبح يشكل تهديدا للعديد من القطاعات، بما في ذلك: عدم وجود رؤية واضحة للسلطات العراقية لخلق فرص عمل للعمال المحليين وحرمان الشباب العراقي من فرص العمل بسبب ووجود هذا العدد هو أغلب العمال الأجانب.
وبحسب لجنة العمل في البرلمان العراقي، فإن أكثر من 4.2 مليار دولار تدفع سنويا للعمال الأجانب بالعملة الصعبة يتم تهريبها إلى الخارج، مما كان له تأثير سلبي على القطاع المالي والاقتصاد العراقي.
ونظراً لعدم وجود معلومات مسجلة عن مكان وجود وهوية العمال الأجانب الذين لا يحملون تصاريح عمل، فقد أصبحوا يشكلون تهديداً أمنياً كبيراً.
*8 اتحادات ونقابات للعمال في العراق
الى ذلك، أكد الباحث الاقتصادي علي العامري عدم وجود رؤية حكومية أو برلمانية لحل مشكلة الضمان الكامل للعمال في العراق بشكل يعينهم على مواجهة مصاعب الحياة وظروفها من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور وفرض حد التأمين والاستقطاعات التقاعدية، من خلال رفع مرتبات العاملين بما يتلاءم من ضمان إمكانية سداد مستحقات التأمين.
وأضاف العامري، أن هناك ثمانية اتحادات ونقابات تمثل شريحة العمال في العراق، وعلى الرغم من ذلك فالعامل العراقي يعاني من مشاكل عديدة متراكمة تتمثل بالتمييز وجشع أصحاب العمل، بالإضافة إلى ضعف القانون الذي ساهم في تهميش العمال وحرمانهم حقوقهم.
وأشار العامري إلى أهمية تفعيل دور النقابات العمالية وإبعادها عن السياسة، فضلاً عن رفع الحد الأدنى للأجور وإنصاف العاملين، بالإضافة إلى فتح مجالات الاستثمار وفرص العمل في القطاعات الإنتاجية الخاصة والمختلطة، من أجل تخفيف الضغط على القطاعات الحكومية وفتح آفاق التوظيف العمالي في المنشآت الإنتاجية.
*موظفو القطاع العام "يزاحمون" العمّال في يوم عيدهم
استغل موظفو القطاع العام الحكومي في العراق، عطلة يوم العمّال اليوم الأربعاء للتظاهر مطالبين بتعديل سلم الرواتب، في حالة وصفها مراقبون بأنها "مفارقة غريبة"، حيث ان فارق الامتيازات الكبير بين الموظفين الحكوميين والعاملين في القطاع الخاص، وصل الى ان يستغل الموظفون الحكوميون ويغطون على العمال حتى في يوم عيدهم ولفت الانتباه الى مطالباتهم، بينما لايزال العمال متأخرون في الحصول على حقوقهم.
ونظم موظفو وزارة الصحة ووزارة الصناعة والمعادن تظاهرات في ساحة الصدرين بمحافظة النجف الاشرف، مطالبين بتعديل سلم الرواتب، فيما جاءت تظاهراتهم متزامنة ومزاحمة لتظاهرات العمال المطالبين بحقوقهم.
وفي ساحة التحرير وسط بغداد، تظاهر العديد من موظفي القطاع العام مطالبين بتعديل سلم الرواتب، وكذلك في البصرة امام مصفى الشعيبة تظاهر مئات الموظفين وكذلك في محافظة الديوانية أيضا تظاهر الموظفون في القطاع الحكومي لتعديل سلم الرواتب.
ووصف مراقبون تظاهر الموظفين الحكوميين في يوم عيد العمّال للمطالبة بالحقوق، بأنها "مفارقة غريبة"، فبينما يمتلك الموظفون الحكوميون امتيازات عديدة أبرزها انهم يتمتعون بعطلة من الدوام في يوم عيد العمال، بينما لا يحصل العاملون على أي عطل او اجازات مدفوعة الرواتب كما يحصل الموظفون، فضلا عن الامتيازات من التدرج الوظيفي ورواتب التقاعد والعلاوات والزيادات المفروضة سنويًا واضافة الشهادات وتعطيل الدوام لأيام قد تصل لأكثر من 100 يوم بالسنة، فيما لا يمتلك العمال هذا الخيار.